#قصور #أداء #كليات_الإعلام لدينا
أ.د رشيد عبّاس
كنا نتوقع وما زلنا أن كليات الإعلام في جامعاتنا الحكومية والخاصة سوف تُنتج لنا إعلاميين يتبوؤوا مواقع إعلامية في مؤسساتنا الإعلامية على امتداد الوطن ويضيفوا لنا بعداً جديداً في الإعلام, ولكن للأسف الشديد هناك قصور واضح في أداء هذه الكليات, والسؤال المهم هنا: كيف يمكن تغيير منهجية وهيكلية هذه الكليات لإنتاج إعلاميين يتبنوا تفاصيل قضايا الوطن بلغة الإعلام الرقمي المعاصر لتتشابك مثل هذه القضايا مع قضايا الإقليم الساخنة؟
مقالات ذات صلة هل تختلف الديموقراطية عن الديكتاتورية؟ 2024/03/13أعتقد جازماً أن تسويق قضايا الوطن بلغة الإعلام الرقمي يحتاج منا اليوم إلى كليات إعلام ذكية تُدرك كيف تتشابك قضايا الوطن مع قضايا الإقليم ككل, وكيف تُأثر وتتأثر قضايا الوطن مع قضايا الإقليم, فالمسألة ليست إعطاء مساقات صماء للطلبة في كليات الإعلام كما هو حاصل اليوم في جامعاتنا الحكومية والخاصة, إنما المسألة تكمن في القدرة على طرح مساقات تهدف إلى تحليل قضايا الوطن وقضايا الإقليم المتشابكة, ومن ثم صناعة مادة إعلامية تجعل قضايا الإقليم خادمة لقضايا الوطن.
ما زال حديثي عن (الأداء) وليس الأشخاص, ففي أحد اللقاءات الاجتماعية ومن فترة ليست ببعيدة التقيتُ ببعض العاملين في كليات الإعلام في جامعاتنا المحلية, لأجد أن هؤلاء مع احترامي الشديد لشخوصهم لا يمتلكوا بأي شكل من الأشكال مهارات الاتصال والتواصل مع الآخرين مع أنهم يدرّسوا أو درّسوا مثل هذه المساقات في كليات الإعلام العاملين فيها, وقد تبيّن لي أيضاً أنه لا يمكن لهم في يوم من الأيام صناعة مادة إعلامية, كيف لا وفاقد الشيء لا يمكن أن يعطيه.
حتى اللحظة لم يطرح احد مادة إعلامية أردنية قوية تدعم مواقف جلالة الملك وولي عهده الميمون وجلالة الملك رانيا العبد الله (الإنسانية) تجاه الحرب على غزة, وإن كان هناك بعض المحاولات الخجولة حول هذا الموضوع من بعض الكتّاب التقليديين, وكم كنتُ أتوقع أن يخرج علينا أساتذة من كليات الإعلام في جامعاتنا المحلية ويصنعوا لنا مادة إعلامية تُبرز لنا وللعالم دور النظام الأردني الإنساني الكبير تجاه الحرب على غزة.
وأتساءل هنا: هل الإعلام لدينا مطبوع أم مصنوع؟ إذا كان مطبوع فلا داعي لوجود كليات إعلام في جامعاتنا المحلية, وإذا كان مصنوع, فعلينا تغيير منهجية وهيكلية هذه الكليات, والعمل على ضخ خبرات جديد مؤهلة لتقوم بدورها الوطني اتجاه قضايا الوطن.., كيف لا ومن حولنا نجد أن هناك بعض الدول لديها إعلاميين قادرين على (صناعة مادة إعلامية) تنطلق منها لتتشابك مع قضايا بعض الدول المحيطة في الإقليم ككل, وأعتقد أن هذا مردهُ يعود إلى وجود كليات إعلام تعمل على تأهيل خريجين من كلياتها ليكونوا ذراعاً إعلامياً قوياً للدولة لحمل وتبني قضايا الدولة.
نعم, كما أن للدولة الأردنية سلاح جوّ وسلاح بر وسلاح بحر نعتز به, فإنه يجب أن يكون لها أيضاً سلاح (إعلام) يعمل على صناعة مادة إعلامية داعمة للقضايا الأردنية المُلّحة, وذلك من خلال إعادة النظر في كليات الإعلام الحالية, والتأسيس الحقيقي لها من جديد.
أعرف وكما يعرف غيري أن هناك مئات بل آلاف الخريجين من كليات الإعلام الحكومية والخاصة الوطنية لدينا وعلى رأسهم عشرات الدكاترة برتبة أستاذ, وأستاذ مشارك, وأستاذ مساعد والذي نحترمهم كأشخاص, لم يخرج احد من هؤلاء علينا بخطاب إعلامي يُوثّق لمساعي جلالة الملك عبد الله الثاني المستمرة منذُ الحرب على غزة وحتى تاريخه.
والحال هكذا فإن هناك للأسف الشديد فراغاً كبيراً ستخلفه كليات الإعلام لدينا, وسيتم تعبئة مثل هذا الفراغ بالإعلام الرقمي/ الإلكتروني والمتمثل في قادم الأيام بإعلام (الذكاء الاصطناعي), ومن هذا المنطبق ادعوا شباب الإعلام إلى تطوير وتحسين معلوماتهم الإعلامية من خلال قراءة كتاب بعنوان (تأثيرات الإعلام الرقمي) الطبعة الأولى 2021م, للأكاديمي والباحث الأميركي وليام جيمس بوتر قبل أن ينفذ من الأسواق, والذي أشار فيه إلى أن من أسباب ظهور الإعلام الرقمي/ الإلكتروني هو قصور في أداء الإعلام التقليدي.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: أداء كليات الإعلام فی کلیات الإعلام الإعلام الرقمی الإعلام لدینا قضایا الوطن مع قضایا
إقرأ أيضاً:
عندما كان لدينا نخوة..
عندما كان لدينا #نخوة..
كتب .. #عيسى_الشبول ابو حمزة
جميعُ من في جيلنا يذكر أنه كان يخيّم على القرية حِداد عام عندما يموت أحد السكان، لا فرْقَ من أي عشيرة، ولا فْرقَ كان رجلا أو امرأة، كانت تُلغى الأعراس وما يرافقها من أفراح، يُلغى كل شيء ويذهب الجميع الى دفن الميت وبيت العزاء، فالموت له هيبة والميّت له حُرمة، .
في ذلك اليوم كان ينتشر الحُزن في كل البيوت، ونحن الصِغار لا نفكّر حتى بتشغيل التلفاز يومين أو ثلاثة وإذا ما تمَّ تشغيله ينادي أحدهم” يُمّا فلان شغّل التلفزيون”.
مقالات ذات صلةكُنّا نتقبّل فكرة عدم متابعة المسلسل البدوي في تلك الأيام لأنَّ جارنا أو الحج فُلان من الحارة الشرقيّة قد توفي، كُنّا نحزن بالفِطرة ونستحيي ونغار بالفِطرة، كان النّاس بوصلتهم واحدة اتجاهها معروف، كان جبر الخاطر هو القاسم المشترك بينهم.
كانت سمّاعة الجامع هي الوسيلة الاعلامية المُتاحة، وإعلاناً بسيطاً بواسطة هذه السمّاعة كفيلاً بتجمع أهل البلد رجالا ونساء عند دار المتوفى وفي المقبرة .
الآن تغيّرت الأحوال وتبدّلت العقول وتبلّدت المشاعر، فلم يعد الناس ناساً ولم يعد العيب عيباً الا ما رحم ربي.
أهلنا في غزة يُذبحون صباح مساء وتصل صورهم لنا تِباعاً والحفلات الرسمية وغير الرسمية على قدمٍ وساق، القتل مباشر والفرح المُصطنع عندنا كذلك مباشر، أي آدميّين نحن؟!.
شعبٌ بأكمله يُباد، عائلات بأكملها تُمحى من سجلات الأحوال، كل المعادلات في غزة متوفرة، الأب استشهد وترك أسرته، الأم استشهدت وتركت أطفالها، محمود قُطعت أطرافه وبقي بين الحياة والموت، سناء تشوّه وجهها وانطفأ بصرها فلم تعد ترى ما تبقّى من أسرتها، الموت في غزة يبطش بالجميع. انه ليس موتاً طبيعياً، انه قتل مروّع، انه خراب ودمار، يحصل كل هذا ونحن نوزّع بطاقات أفراحنا على المعازيم، يا لبؤسنا وخوَرنا، أي لعنةٍ أصابتنا حتى وصلنا الى الحضيض…