شاهد.. ملف الشهر يبحث تاريخ النزاعات والحروب في السودان
تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT
بثت الجزيرة نت على منصاتها بمواقع التواصل الاجتماعي الحلقة الثانية من "ملف الشهر" الذي يتطرق لموضوعات الساعة من ملفات مهمة، وفي حلقته الثانية يستعرض تاريخ النزاعات والحروب في السودان وعوامل تغذيتها.
ويعيش السودان منذ أبريل/نيسان 2023 على وقع حرب مأساوية بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وتسببت الحرب في سقوط آلاف القتلى ونزوح الملايين بالإضافة إلى الاعتداءات والانتهاكات التي وصف بالفظيعة بحق المدنيين، حسب ما وثقته تقارير وشهادات عدد من المنظمات الحقوقية والأممية.
وإلى جانب كل الضحايا من المدنيين، كان للنساء نصيب من تلك الانتهاكات خلال الحرب، حيث راجت في مواقع التواصل شهادات سودانيات بشأن حالات اغتصاب واعتداءات بحقهن، وهو ما أعربت الأمم المتحدة عن القلق بشأنه بعد تلك التقارير المتعلقة بـ"أعمال عنف جنسي" مرتبطة بالنزاع.
كما انتقد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "الهجمات العشوائية" ضد المدنيين، قائلا "ما زلنا نشهد عمليات نهب واسعة النطاق، واعتقالات تعسفية، وحالات اختفاء قسري، وتعذيبا، وتجنيدا واحتجازا للأطفال" وسط دعوات وقرار من مجلس الأمن لوقف إطلاق النار بالسودان خلال شهر رمضان.
ومنذ 15 أبريل/نيسان الماضي، تستمر المعارك بين الجيش بقيادة البرهان والدعم السريع بقيادة "حميدتي" مخلفة أكثر من 13 ألف قتيل، ونحو 26 ألف مصاب، إلى جانب فرار نحو 7.6 ملايين وفقا للأمم المتحدة، حيث نزح 6.1 ملايين مواطن داخل البلاد، في حين عبر نحو 1.5 مليون شخص إلى البلدان المجاورة.
وسبق للسودان أن شهد حروبا مماثلة بين السلطات المركزية وحركات مسلحة منذ لحظات الاستقلال الأولى، وترى تقارير أن السودانيين حصدوا بذور فتنة زرعها الاستعمار البريطاني بالجنوب نتج عنها ظهور حركات تمرد، تسببت لاحقا في حروب ونزاعات دموية ضمن مسار أحداث طويل، انتهى آخر فصوله بانفصال جنوب السودان عام 2011.
كما عرف إقليم دارفور أيضا منذ 2003 نزاعا كان وراء ملاحقة الرئيس السوداني حينها عمر البشير بتهم ارتكاب جرائم حرب في الإقليم، بينما اتهم الرئيس إسرائيلَ بتدريب ودعم ومساندة المتمردين وإشعال فتنة الحرب.
وسنة 2010 اعترف الرئيس السابق للاستخبارات الإسرائيلية "عاموس بادلين" بأن عناصره "نقلوا أسلحة إلى السودان ودربوا الانفصاليين وساعدوهم على إنشاء جهازي أمن واستخبارات ونشر شبكات إسرائيلية، في كل من الجنوب ودارفور، قادرة على العمل باستمرار".
وعلى غرار تلك الحروب السابقة وجوانب الصراع المختلفة فيها، تشير تقارير إلى أن هناك أيادي خارجية طامعة في خيرات السودان مازالت تعمل على النفخ في كير الحرب المشتعلة الآن.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات
إقرأ أيضاً:
الزيارة الإثيوبية إلى بورتسودان: قراءة في تحولات الإقليم وهواجس التوازن
م. فؤاد عثمان عبدالرحمن
شكّلت زيارة الوفد الإثيوبي الرفيع إلى بورتسودان، برئاسة مدير الاستخبارات رضوان حسين، وعضوية القيادي السابق في جبهة تحرير تيغراي قيتاشو ردا، خطوة لافتة في سياق التفاعلات الإقليمية المتسارعة. وبعيدًا عن المجاملات الدبلوماسية، توحي هذه الزيارة برسائل تتصل بمستجدات الخرائط السياسية في المنطقة، وبمخاوف معلنة وغير معلنة في محيط السودان المضطرب.
تيغراي وإثيوبيا: العودة من الهامش
ظهور قيتاشو ردا ضمن الوفد الإثيوبي، بعد خروجه من قيادة الحكومة المؤقتة في تيغراي ومن عضوية الجبهة الشعبية لتحرير الإقليم، يعكس محاولة إثيوبية لاحتواء الملف التيغراوي ضمن ترتيبات مركزية أكثر تحكمًا. من المرجّح أن يكون ضمّه للوفد مقصودًا كرسالة بأن أديس أبابا ما تزال قادرة على مخاطبة الملفات الشائكة في الداخل من موقع سيطرة.
غير أن ذلك لم يمنع بعض المراقبين من ربط هذه الخطوة بمحاولات استباقية لاحتواء تحولات إقليمية محتملة، وسط تسريبات غير مؤكدة عن تقارب آخذ في التبلور بين قيادات من تيغراي والحكومة الإريترية، بدفع أو تنسيق سوداني غير معلن.
تقارب محتمل: إعادة خلط الأوراق أم تسوية جديدة؟
يشير محللون إلى أن الأشهر الأخيرة حملت إشارات خافتة عن إمكانية فتح قنوات حوار بين تيغراي وإريتريا، رغم ما بينهما من ماضٍ دموي خلال الحرب الإثيوبية الأخيرة. وإذا ما صحت هذه المؤشرات، فإنها قد تنبئ بتحولات إقليمية جذرية، خصوصًا إذا تمّت برعاية طرف ثالث مثل السودان، أو بدافع الحاجة لإعادة تموضع جميع القوى الإقليمية في ضوء الحرب السودانية المشتعلة.
من المبكر الجزم بطبيعة هذا الانفتاح أو مدى استدامته، لكنه، على أي حال، يعكس سيولة التحالفات في منطقة القرن الأفريقي، واستعداد الفاعلين لتجاوز الخطوط الحمراء القديمة حين تفرض الوقائع الجديدة حسابات مختلفة.
السودان في قلب التفاعلات: لاعب أم ساحة؟
رغم الحرب، يجد السودان نفسه اليوم في موقع لا يمكن تجاوزه في حسابات الإقليم. فالتقارير المتداولة (غير المؤكدة رسميًا) عن دعم إثيوبي سياسي أو لوجستي لأحد أطراف الصراع السوداني، تقابلها مواقف معلنة من جانب إريتريا تؤيد المؤسسة العسكرية السودانية، ما يطرح تساؤلات مشروعة حول ما إذا كانت المنطقة تشهد اصطفافات غير مباشرة حول الصراع السوداني.
إلا أن من المهم، في خضم هذا، عدم الانزلاق إلى تفسير كل تحرك باعتباره جزءًا من حرب محاور مكتملة الأركان. فبعض التحركات قد تُقرأ أيضًا كمساعٍ لاحتواء التصعيد، أو لتحييد انعكاسات الحرب السودانية على الداخل الإثيوبي، الذي يواجه بدوره تحديات أمنية واقتصادية متزايدة، في تيغراي وأمهرا وغيرهما.
تحولات بلا ثوابت
الزيارة الإثيوبية لبورتسودان – والتي سبقتها وتلتها تحركات إقليمية هادئة – تؤشر إلى أن القرن الأفريقي يعيش لحظة تغيّر لا تحكمها ثنائيات صلبة. لم تعد العلاقة بين الأطراف الإقليمية خاضعة فقط لمنطق الحلفاء والخصوم، بل لمنطق المصلحة المتغيرة، والتهدئة المؤقتة، وإعادة التموضع.
وسط هذه التحولات، يبقى السودان طرفًا محوريًا لا مجرد ساحة نفوذ، إذا ما أحسن إدارة انفتاحه الإقليمي من موقع متماسك، يسعى لبناء السلام، لا تعميق الانقسام.
خاتمة
من المهم قراءة هذه التحركات المتبادلة من زاوية الفرصة، لا فقط من زاوية القلق. فربما، وسط تناقض المصالح وتشابك الحسابات، يجد الإقليم طريقًا نحو تهدئة أوسع، إذا ما التقت إرادة الداخل السوداني مع تحرك إقليمي عقلاني، يتجاوز الرهانات القصيرة نحو استقرار طويل المدى.
الوسومفؤاد عثمان عبدالرحمن