عِبر الحياة والتاريخ فيما نحن فيه من الكرب العظيم!
تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT
من فوائد علم التاريخ فهم المرتكزات التي قامت عليها كل حضارة لترسم خطاها في محاكاتها بتبصر يستلهم ما أنجزت ونجحت فيه وتفادي الوقوع في زلاتها ومخازيها التي عجلت بزوالها.
كذلك ففي جوف التاريخ معاني التأسي للفرد العادي من الناس وعدم قتل النفس بالحسرات الممضة وعض الأنامل جراء ذلك حزنا علي خير عام، عم الناس كان رمز السؤدد والمنعة للأمة أو لشعب من شعوبها ثم انهار الصرح وتفرق الجمع وعم الهرج فالتاريخ يدلك أن مثل ذلك حدث مصاحباً لزوال كل نعمة أصابها الناس ثم ذهبت وزالت معها دول وتساقطت إمبراطوريات لأن دوام الحال من المحال.
يواسي الفرد المتفجع أنه إن كان في موقع نصح قبل السقوط، نصح ولم يبخل حتي لو أذهب نصحه نعمة كان يرفل في ثمراتها أو منصباً جلب تلك الثمرات عليه.
كان حال دريد بن الصمة سيد وحكيم هوازن مع أخيه عبدالله وقومه فقد محضهم النصح بمنعرج اللوي فعصوه ولو أطاعوه لنجوا :
فلما عَصَوْني كنت منهم وقد أرَى … غَــــــــوَايتَــــــهم أَو أنَّــنِي غيرُ مهتدِي
أَمــــــرتُهم أَمــــــرِي بِمُنْعرَجِ اللِّــــوىَ … فلمْ يَسْتَبِينُوا الرُّشْدَ إلا ضُحى الغَدِ
وهــــل أنَا إلاَّ من غُزَيَّةَ إِنْ غَوتْ … غَـــــــــــويْتُ وإِن تَـــرشُدْ غُـــــــــــزَيَّــةُ أرْشُدِ
وكذلك قالت الانثربولجية الًرقم مارقريت مييد تجادل الأديب مواطنها الأسود جيمس بولدن تبرأ من جريرة إلقاء بلدها أمريكا القنبلة الذرية علي اليابان بالقول إنها قد تظاهرت وشجبت ذلك الفعل القبيح وذاك قصاري مافي جعبتها من سهام وقوة لمنعه كيف و إن هي إلا مواطنة واحدة بين ملايين!
ذاك حسب المرء من الإمكان فلا يبخل به القادر عليه وهو أضعف الإيمان أما الجلد الجذع فميدانه فعل آخر.
ومن الحسرات غير الضرورية وغير النافعة حسرات علي خذلان من تجمعك بهم جوامع كاللغة والدين والثقافة المشتركة ففي التاريخ عزاؤك: ما اقتتل قوم كاقتتال من تجمعهم المشتركات ! فالأوروبيون تقاتلوا السنين الطوال: حرب المائة عام وحرب الثلاثين والحروب التي نعتت بالدولية الاولي والثانية وبينهم من المشتركات ما تعلم. والمسلمون لهم حظوظ من ذلك فذراري أمية والعباس تعمدوا إفناء بعضهم بعضاً وبينهم من الدم والدين ما نعلم وعللوا ذلك بأضاليل بأن ( الملك عقيم!). وفي الأندلس تقاتلت القيسية واليمانية قتالا قل مثله في التاريخ حتي دال سلطانهم رغم أن ملكهم طال حتي أوشك أن يبلغ ألف عام!
الذي يعرف ذلك من التاريخ عليه ألا يعلق كثيراً في عهد القطرية المجزئة، علي عون وعطف ونجدة تلقاها ممن يشاركك اللسان والإعتقاد ذلك جائز في غرف الدرس وفي حصص التعبير والإنشاء وعبر النفخ في مكبرات الصوت نفاقاً أو تجملاً يتخفي فيه الكذب والنفاق وفي المعاريض مندوحة من الكذب. أبذل كل ما تملك ومن رباط الخيل تذب عن أهلك وعرضك وبلدك ولا تعول علي غير الواحد الأحد الذي لم يلد ولم يولد وإن كان مصير ذلك أن تفني، أحفر قبرك بأظافرك حتي تدمي أو كن طعاماً في حواصل الطير وبطون السباع وذاك المصير تمناه نبي الرحمة قبورا لعمّه الحبيب لكنه أشفق عليكم من تحمله.واعلم أنه (لا عيش إلا عيش الآخرة).
ومع ذلك ان شد حنين النوع والجنس واللغة والدين والجوار بعضهم فانتفضوا لنصرتك فهو زيادة خير وبركة غير مستبعدة فتلك قلة خير باقية أبد الدهر في الناس وما أكثر الناس بخيرين!
دكتور الخضر هارون
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
في كأس العرب.. «الأبيض» يُغيّر التاريخ!
عمرو عبيد (القاهرة)
قبل خوض مباراة نصف النهائي في بطولة كأس العرب، نجح منتخبنا في تغيير وإعادة صياغة التاريخ، على طريقته الخاصة، وكانت البداية في مرحلة المجموعات، بعدما عبر من المجموعة الثالثة إلى رُبع النهائي، وفرضت «تركيبة» منتخبات تلك المجموعة، هذا النجاح بالنسبة لـ«الأبيض».
لأن منتخبنا اقتنص بطاقة التأهل الثانية في تلك المجموعة، التي ضمت الأردن والكويت، ومعهما مصر، ويذكر التاريخ أن المرة الرسمية الوحيدة التي جمعت «الأبيض» بـ«النشامى» و«الأزرق» في مجموعة واحدة، لم تشهد مثل هذا النجاح، حيث لعبت المنتخبات الثلاثة معاً في المجموعة الثانية ببطولة كأس آسيا، 2004، ووقتها حلّ «الأبيض» رابعاً في المجموعة.
وقبل ما يزيد على عقدين زمنيين، خسر منتخبنا 1-3 أمام شقيقه الكويتي، في افتتاح مباريات المجموعة الآسيوية، ثم خسر مرة أخرى 0-2 من كوريا الجنوبية، قبل أن يتعادل في النهاية مع الأردن، الذي لحق بـ«الشمشون» إلى رُبع النهائي، وخرج «الأبيض» و«الأزرق» مبكراً، في واقع مُختلف تماماً عما تحقق حتى الآن في بطولة كأس العرب، من جانب منتخبنا الوطني.
وفي سياق مختلف، نجح منتخبنا في الخروج بنتيجة إيجابية أمام نظيره المصري، للمرة الأولى في القرن الحالي، إذ خسر «الأبيض» مرتين سابقتين أمام «الفراعنة»، في 2001 و2002، خلال مباريات ودية رسمية مُصنفة لدى الاتحاد الدولي لكرة القدم، بنفس النتيجة (1-2)، إلا أنه أعاد صياغة التاريخ هذه المرة أيضاً، بالتعادل 1-1 مع المنتخب المصري، بل كان منتخبنا المُبادر بالتسجيل، للمرة الأولى أمام «الفراعنة» منذ 24 عاماً.
على النهج نفسه، أقصى منتخبنا المنتخب الجزائري، في مرحلة رُبع النهائي العربي، ليتفوّق «الأبيض» على محاربي الصحراء، للمرة الأولى أيضاً في هذا القرن، بعدما خسر آخر 3 مباريات جمعته بمنتخب الجزائر، بين عامي 2008 و2010، التي أتت جميعها بنفس النتيجة، 0-1، في حين تعادل «الأبيض» مع «الخُضر» هذه المرة، قبل الانتصار عليه عبر ركلات الترجيح.
ويُعد تفوّق «الأبيض» على منتخب الجزائر أفضل نتائج منتخبنا أمام منافسيه من القارة الأفريقية، خلال القرن الحالي أيضاً، إذ خسر كثير من المباريات الودية، أمام تونس والجزائر وتوجو والجابون، وغيرها من منتخبات «القارة السمراء»، كما أن المنتخب الأول لم يُشارك بقوامه الأساسي في بعض البطولات العربية غير الرسمية، خلال تلك الحقبة، وبالتالي لا يُعتد بتلك النتائج.