الكشف عن تسوية “سرية” لتقاسم السلطة بين الجيش والدعم السريع وحركات مسلحة وتحركات لتأسيس جبهة مدنية مناهضة
تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT
متابعات – تاق برس – كشفت احزاب الامة القومي والحزب الشيوعي السوداني والبعث العربي الاشتراكي عن تسريبات و معلومات (غير منشورة ) تدور في الخفاء الأيام الماضية عن إعداد يتم لمشروع تسوية سياسية “سرية” تؤسس لشمولية يتم فيها تقاسم للسلطة لمدة عشر سنوات بين الجيش و الدعم السريع وأرتال من الحركات المسلحة و بعض المسميات لتنظيمات مدنية.
وقالت تلك الاحزاب في بيان مشترك إطلع عليه (تاق برس) انها “تفاهمات” مرفوضه موضوعاً وشكلاً. وستقوم باستعراضها وعمل تبيين لخطورة التماهي معها أو الصمت عليها.
وحذرت الاحزاب السياسية الثلاث في البيان عقب اجتماع مشترك بالقاهرة، من ما اسمته” التدخلات الخارجية التي تعمل على فرض الشراكة مع العسكر وإعادة تجربة الشراكة السابقة”.
وقالت ان الخطوة تحتم عليهم كقوى سياسية وطنية العمل على تسريع بناء الكتلة السياسية الوطنية بالعمل مع القوى الرافضة للتسوية وللحرب و باولوية وقف الحرب و تدارك آثارها الكارثية، و إستعادة المسار المدنى الديمقراطي وقيام السلطة المدنية الديمقراطية.
وشددت على إدانة ومحاسبة طرفي الحرب -الجيش والدعم السريع- باعتبار انهما مجرمي حرب ومرتكبي جرائم إبادة وجرائم ضد الانسانية وعدم السماح لهم بالافلات من العقاب.
واعلنت احزاب (الامة،الشيوعي والبعث) في البيان العمل سويا لتقديم رؤية سياسية لبناء أكبر جبهة مدنية جماهيرية لوقف الحرب مع مختلف القوى السياسية الوطنية و القوى الحية.
وشددت الاحزاب في البيان على إن السلوك العملي لطرفي الحرب الممنهجة بحق الشعب الأعزل و إمتهان كرامته و إستباحة حياته و مقدراته، يجعلهما شركاء فى جريمة الحرب،-في اشارة الى الدعم السريع ووالجيش- التي قالت انها التى لن تسقط بالتقادم أو بالتسوية السياسية.
ولفتت الى انه ثبت بالتجربة العملية أنهما في اشارة الى (الجيش والدعم السريع) غير مؤهلين أخلاقيا و قانونياً أن يكونا جزءاً من أى مشروع سياسى قادم.
ينشر تاق برس بيان أحزاب (الأمة القومى و الحزب الشيوعى السودانى و حزب البعث العربى الإشتراكى الأصل) ..
بسم الله الرحمن الرحيم بيان مشترك إمتدادا للقاءات السابقة، إلتقى أمس الخميس ١٤ مارس ٢٠٢٤ الموافق الرابع من رمضان، حزب الأمة القومى و الحزب الشيوعى السودانى و حزب البعث العربى الإشتراكى الأصل لمتابعة تطورات الأوضاع فى السودان على صعيد الحرب العبثية الدائرة لما يقارب العام. و إنعكاساتها الإنسانية الكارثية على عموم بنات و أبناء شعبنا، إضافة إلى الأزمة السياسية و فرص بناء كتلة مدنية حية قادرة على إستعدال المشهد السياسى فى بلادنا برمته ،وقد خلص الإجتماع للآتى: أولا: نهنئ الشعب السوداني داخل وخارج السودان و في معسكرات النزوح واللجؤ و في المهاجر بحلول شهر رمضان المبارك اعاده الله علينا بالخير واليمن والبركات وكل عام وانتم بخير، ونترحم على ارواح الشهداء والضحايا. ثانيا: إن الحرب العبثية التى إندلعت بين الجيش و الدعم السريع فى العاصمة الخرطوم، فى ١٥ أبريل من العام الماضى، و إمتد خرابها ليعم أرجاء السودان قاطبة، هى أكبر جريمة ترتكب بحق شعبنا و يتحمل مسؤولية التهيئة لها و إشعالها و إستمرارها، طرفيها اللذين لا يعيران أدنى إعتبار لما ترتب و يترتب على بلادنا و مستقبلها من هذه الفوضى الكارثية. ثالثا: إن السلوك العملى لطرفى الحرب الممنهجة بحق الشعب الأعزل و إمتهان كرامته و إستباحة حياته و مقدراته، إنما يجعلهما شركاء فى جريمة الحرب التى لن تسقط بالتقادم أو بالتسوية السياسية التى ثبت بالتجربة العملية أنهما غير مؤهلين أخلاقيا و قانونياً أن يكونا جزءاً من أى مشروع سياسى قادم، بل تستوجب ادانتهما ومحاستبهما باعتبار انهما مجرمي حرب ومرتكبي جرائم إبادة وجرائم ضد الانسانية وعدم السماح لهم بالافلات من العقاب. رابعا : الأولوية الآن لتخفيف المعاناة الإنسانية الناجمة عن الحرب، بالتواصل مع الجهات الرسمية فى الدول المضيفة للاجئين السودانيين وتسليط الضوء على مشاكلهم و معاناتهم. و التواصل مع المؤسسات الإنسانية الدولية لإغاثة شعبنا الذى يهدده شبح المجاعة داخل السودان بشكل مخيف. خامسا : تكثيف جهودنا عبر العمل الجماهيرى الميداني وسط القواعد بالداخل ومع أبناء شعبنا بالخارج من أجل محاصرة دعاة الحرب والضغط علي أطرافها وداعميها لإيقاف الحرب وفتح المسارات للمساعدات الانسانية. سادسا : إن التدخلات الخارجية التي تعمل على فرض الشراكة مع العسكر وإعادة تجربة الشراكة السابقة تحتم علينا كقوي سياسية وطنية العمل علي تسريع بناء الكتلة السياسية الوطنية بالعمل مع القوى الرافضة للتسوية وللحرب و لممارسات أطرافها و قواها، بأولوية وقف الحرب و تدارك آثارها الكارثية، و إستعادة المسار المدنى الديمقراطي وقيام السلطة المدنية الديمقراطية وفى هذا الصدد فإننا سنعمل سويا لتقديم رؤية سياسية لبناء أكبر جبهة مدنية جماهيرية لوقف الحرب مع مختلف القوى السياسية الوطنية و القوى الحية. سابعا : نما الي علمنا تسريبات و معلومات (غير منشورة ) تدور في الخفاء الأيام الماضية عن إعداد يتم لمشروع تسوية سياسية تؤسس لشمولية يتم فيها تقاسم للسلطة لمدة عشرة سنوات بين الجيش و الدعم السريع وأرتال من الحركات المسلحة و بعض المسميات لتنظيمات مدنية .. وهي “تفاهمات” مرفوضه موضوعاً وشكلاً. وسنقوم باستعراضها وعمل تبيين لخطورة التماهي معها أو الصمت عليها. ثامنا : أكد الإجتماع على أهمية ومحورية الأحزاب السياسية وتكامل دورها مع أدوار منظمات المجتمع المدني والتنظيمات النقابية للحوكمة الرشيدة، والتصدي لاستبدال دور أي منها بالأخري لما له من آثار وخيمة ويؤسس لتشوهات تعيق العمل الديمقراطي. حزب الأمة القومي الحزب الشيوعي السوداني حزب البعث العربي الإشتراكي الأصل البعث العربيالجيشالدعم السريعالمصدر: تاق برس
كلمات دلالية: البعث العربي الجيش الدعم السريع السیاسیة الوطنیة الدعم السریع بین الجیش
إقرأ أيضاً:
الفزعة البدوية والحق في المشاركة السياسية
الهجري وجبهة الممانعة وإسرائيل كلهم في جبهة واحدة يتهمون الشرع بالتطبيع. هذا ائتلاف مهزومين وينكرون بالخصوص هزيمتهم الأخلاقية. لقد رُفع علم الكيان على أرض سورية، فلم يعد الحديث ممكنا فالخيانة ليست وجهة نظر. للشرع أن يمضي قدما في تهيئة أوضاع سوريا لغد أسلم وأفضل، فالذباب لا يقتل وإن كان يفسد المزاج بطنينه. لنتحدث في موضوع جدي نرى عليه علامات، موضوع طوفان البدو وقد سارت بالعبارة الركبان.
الدرس الخلدوني الدائم
ننصح أحمد الشرع وحكومته بالدرس الخلدوني ولا نعلمهم إياه، فهو يساعد على فهم العلاقة الإشكالية بين البداوة والمدينة عبر التاريخ العربي الطويل، وعسى أن يجدوا في التاريخ عبرة فلا يقعوا في ما وقع فيه حكام تونس في مرات كثيرة من التعامل بانتهازية مع الفزعة البدوية ذات النفس التحريري. فما وقع في تونس في أربع وقائع متشابهة يعتبر دروسا مكررة تقيم حججا إضافية على صواب رأي ابن خلدون حتى بعد أن غيّبه القدر. هذه مقدمة خلدونية ثانية حية.
ثوره الربيع العربي كانت فزعة بدوية وريفية (رابعة) انتهت إلى نفس المصير، التفت عليها نخب العاصمة من التجار والصنائعية الذين صار اسمهم البرجوازية واستعانوا عليها بفرنسا، فإذا الثورة تفشل وإذا الحاضرة تحكم ولكن في فراغ من الشعب والمبادئ
في النصف الثاني من القرن الخامس عشر (بعيد موت ابن خلدون) فزع "العربان" ضد آخر ملوك الحفصيين (مولاي أبو الحسن الحفصي) احتجاجا عل سوء سياساته الضريبية فيهم. و"العربان" وصم تحقيري خرج من الحاضرة ضد البدو وسكان الأرياف عامة. لم يُصغِ الأمير الحفصى الفاسد لصوت العقل، فاستعان على قومه بملك إسبانيا بطل الاستعادة (الروكنكيستا) ومحاكم التفتيش، شارل الخامس، فجاءه في أسطول نجدة لكنه احتل عاصمته وربط خيوله في جامع الزيتونة نكاية في البلد (الذي صدر إليه الإسلام) ودينه وعربانه. نصف قرن من الاحتلال الإسباني لتونس لم تنهه إلا فزعة تركية فيها من بداوة الترك (عصبية في أول صعودها)، وإن ركبت البحر دون الإبل.
في النصف الثاني من القرن التاسع عشر (1864) فزع البدو في ثورة ضد باي تونس (والي عثماني يتمتع باستقلال ذاتي) نتيجة لنفس الأسباب السياسات الضريبية الفاسدة في زمن قحط وفقر قاتل. لم يُصغ الباي إلى العربان (شعبه)، فاستعان بالفرنسيين يقرضونه ليتمتع حتى سقط البلد تحت الاحتلال.
ثورة التحرير التونسية المشابهة في شكلها ومنطلقاتها لثورة عبد القادر الجزائري ولثورة عمر المختار ولثورة عبد الكريم الخطابي؛ كانت كلها فزعات/ثورات الأرياف والبادية تخرج ضد السلطة المركزية أو الغازية الفاسدة والفاشلة فيستعان عليها بعدو مشترك، فيفشل الجميع ويتمكن الاحتلال الغربي
ثوره الربيع العربي كانت فزعة بدوية وريفية (رابعة) انتهت إلى نفس المصير، التفت عليها نخب العاصمة من التجار والصنائعية الذين صار اسمهم البرجوازية واستعانوا عليها بفرنسا، فإذا الثورة تفشل وإذا الحاضرة تحكم ولكن في فراغ من الشعب والمبادئ.
فزعة سوريا
جوهرها الظاهر البدو ضد الخونة وضد عدو مشترك؛ هبت فجأة وانتصرت بتحجيم الخيانة وإرباك خطط العدو، ولكنها أعيدت إلى مواطنها في ما يشبه الطرد، رغم أننا سمعنا قبولا بالمناورة مع السلطة المركزية. ونراقب استعدادات بدت لنا مفاجأة في ما تعودنا من وصم البوادي بالركود؛ استعدادات تتجاوز الحدود القُطرية لسايكس بيكو، قوة فعالة يمكن و-هنا نختار اللفظ بدقة- إشراكها لا توظيفها. إذا تم توظيفها (التعامل معها كقوة وظيفية أو جنود احتياط أو لحم مدافع)، فقد وقع الشرع وحكومته في ما وقع فيه حكام تونس من خطأ في حق الفزعات البدوية، وإذا تم إشراكها فسيكون الشرع قد فهم الدرس الخلدوني؛ شراكة السلطة مع أصحاب الحق الحقيقيين في السلطة الذين يثورون من أجلها ومعها في إطار مشروع وطني استقلالي.
أما سبب التخوف من التوظيف دون الإشراك فهو ما قرّ لدينا من قناعة من أن الحواضر العربية ودمشق منها في القلب؛ قد تعاملت بعقل انتهازي دوما مع البادية وسكانها. فهي مصدر الجند للمعارك، وهي مصدر العمالة للمصانع، وتنزل أحيانا بالبدو إلى منزلة التندر والسخرية وتسلية المجالس، وذلك منذ حكاية أبي عبيد وأبي زيد في بغداد العباسية على ما رواه الجاحظ.
صورة دمشق عن نفسها هي الشام كل الشام وصورة القاهرة عن نفسها هي مصر كل مصر، لذلك يصير الصعيدي موضوعا للتندر وهو في أفضل حالاته بواب عمارة أو مكوجي أو عربجي؛ الدراما المصرية منذ نشأتها لم ترحم الصعيدي ولا السوادني المحسوب عندها في بدو مصر. وصورة تونس (الحاضرة) عن نفسها هي أن كلها تونس والناس مقسمون فيها من في داخل الأسوار (Intra-muros) ومن خارجها (Extra-muros)؛ لا حق لمن يقيم خارج الأسوار إلا في خدمة من بداخلها، ونعدد على بغداد وطرابلس وحواضر المغرب.
ينادى البدو في الملمات ليقوموا بالمهمات العسيرة ثم يعادون إلى مواطنهم وأحيانا دون شكرهم على المجهود، بينما تستقل مدن التجار والصنائعية (الحضر) أو البرجوازيات الناشئة بالسلطة وخيراتها. باختصار، يثور البدو ويقطف الحضر الغنيمة.
هذا الوضع التاريخي كان مؤهلا لنهاية بفعل دولة وطنية ناشئة وتتحدث حديث الوحدة الوطنية، لكن على الأرض لم تفلح دولة عربية واحدة في توحيد مجالها وإشراك كل سكانها في السلطة والخيرات. بل عملت على العكس، قسمت عامدة (كما فعل المحتل) المجال السكاني والثقافي والاقتصادي، مبقية على البدو (الأرياف) كاحتياط يد عاملة رخيصة. (في تونس توجد قرى مفقرة مهمتها إنتاج خادمات المنازل لسكان العاصمة والساحل، وربما نجد قرى مماثلة في مصر والشام). الفشل في توحيد المجال هو ليس سمة غالبة فحسب، بل سياسة متبعة. (فرق تسد القديمة في دول حداثية).
شام التجار والصنائعية أمام اختبار قاس
سيكون هذا سبقا تاريخيا للسوريين يؤسسون عليه حكم العرب لدولهم لقرون طويلة، وإذا كان يطيب للسوريين المنتصرين استذكار بني أمية فالديمقراطية ليست ضد بني أمية، بل لعلها وسيلتهم الجديدة
وضعت فزعة البدو الأخيرة ضد الخونة الدولةَ السورية الجديدة أمام اختبار قاس، فإما أن تأخذ بعين الاعتبار قوة هؤلاء البدو (أصحاب الفزعة) فيكون لهم نصيب من السلطة وخيرات الحكم، أو أن تكتفي على جاري عادة الأنظمة السابقة باستعمالهم (استعمال كلينكس).
في الاحتمال الأول ستكون النتيجة قريبة من اليد، أي توسيع قاعدة الحكم الشعبية وتثبيت أركان السلطة بقوة بشرية نشطة ولو أنها تحتاج إلى تدريب، والاستعمال العسكري ليس الاستعمال الوحيد. فإذا اندمجت هذه القوى في عملية سياسية (وليس من وسيلة إلا الانتخابات)، فإن الدولة تكون قد وحدت جزءا مهما من مجالها الجغرافي والسياسي، فيتبع ذلك المجال الاقتصادي بإعادة توزيع التنمية على قاعدة التوزيع الديموغرافي.
في الاحتمال الانتهازي الذي خبرناه ستعيد حكومة سوريا إنتاج المظالم نفسها، أي الميز السلبي تجاه البدو (الأرياف)، وهو سبب حقيقي لعدم الاستقرار بل الفشل الذي نعرفه في سوريا البعث وفي بقية الأقطار العربية أو الدول الفاشلة رغم خطاب الوطنية.
في الدرس الخلدوني لا بد من وجود هذا التناقض بين بدو حضر لتكون حركة في التاريخ (دورات العصبية)، لكن ماذا لو فكرت سوريا الثورة في كسر القانوني بفكر جديد يتأسس على الحق لا على الموقع؟ لقد كتب ابن خلدون قبل اكتشاف الصندوق الانتخابي وهو آلية تعديل سياسي واجتماعي متاحة، بل يمكن إسنادها بالنص الديني السابق على الجميع. لا بأس من تسميتها شورى، فليس للشورى شكل محدد مسبقا. سيكون هذا سبقا تاريخيا للسوريين يؤسسون عليه حكم العرب لدولهم لقرون طويلة، وإذا كان يطيب للسوريين المنتصرين استذكار بني أمية فالديمقراطية ليست ضد بني أمية، بل لعلها وسيلتهم الجديدة.