ما حكم الفطر للمسافر إذا قدم بلده صائمًا ونوى الإقامة؟.. الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT
أجابت دار الافتاء المصرية عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"هل يجوز للمسافر الذي قدم بلده صائمًا أن يفطر في هذا اليوم؟ فهناك رجلٌ سافر في رمضان قبل الفجر، ثم وصل إلى بلده بعد الظهر ناويًا الإقامة فيه، فهل له أن يترخص برخصة السفر فيفطر في هذا اليوم؟.
وردت دار الافتاء موضحة؛ ان مَن سافر سفرًا تُقصر فيه الصلاة، فإنه لا تَنْقَطِعُ عنه أحكامُ السَّفرِ ورُخَصُهُ ما دام مسافرًا، فإن قَدِمَ بلده ونوى الإقامة انقَطَعَت عنه رُخصةُ السفر، وصار مقيمًا تجري عليه أحكام المقيم، مِن إتمام الصلاة ووجوب صيام رمضان ونحو ذلك.
وعليه: فليس للرَّجلِ المذكُور أن يترخص بالفطر، وعليه أن يتم صيام يومه، ما لم يطرأ عليه عذرٌ آخَر يُبيح له الفطر.
المسافة التي تبيح للمسافر الترخص بالفطر في رمضان
مِن المقرَّر شرعًا أنَّ مَن بلغ سَفَرُه مسافةً تُقصَر فيها الصلاة، فإنَّ له أن يَتَرَخَّص بِرُخَصِ السَّفر ويَعمَل فيه بأحكامِه، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]، وقال تعالى: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾ [النساء: 101].
وأجمع الفقهاء على مشروعية التَرَخُّصِ بالفطر في رمضان لمَن بلغ سَفَرُه في غير معصيةٍ مسافةً تُقصَر فيها الصلاة، كما في "مراتب الإجماع" للإمام ابن حَزْم (ص: 40، ط. دار الكتب العلمية)، و"الإقناع في مسائل الإجماع" للإمام ابن القَطَّان (1/ 229، ط. الفاروق الحديثة)، وذلك على تفصيلٍ بينهم في تقدير هذه المسافة، والمفتى به أنَّها لا تَقِلُّ عن مرحلتَيْن، وتُقَدَّران بنحو ثلاثةٍ وثمانين كيلومترًا ونصف الكيلومتر.
ومن المعلوم أنَّ الرُّخصَة منوطةٌ بأسبابها، فلا تثبُت إلا بتحقُّقِها، ولا تُرفَعُ إلا بزوالها، وما دام السبب قائمًا يَبْقَى الترخُّصُ مباحًا، فإذا انقطع السببُ بثبوت الإقامة في حق المكلَّف يَنقطع تبعًا لذلك الترخُّصُ الذي كان مِن أجْله.
قال الإمام الشَّاطِبِي في "الموافقات" (1/ 468، ط. دار ابن عفان): [إن شرعيَّة الرُّخص جزئيَّة يُقتَصَرُ فيها على مَوضِعِ الحاجَة، فإن المصلِّي إذا انقطع سَفَرُه وَجَبَ عليه الرجوع إلى الأصل مِن إتمام الصلاةِ وإلزام الصومِ] اهـ.
هل يجوز للمسافر الذي قدم بلده صائما أن يفطر في هذا اليوم؟
لأجل ذلك، فإنَّ مَن وافَق سفرُه شهرَ رمضان المبارك، ولَم يترخَّص في أثناء سفره بالفطر -بشروطه التي نص عليها الفقهاء على اختلاف بينهم فيها- حتى عاد إلى بلده وأقام فيه، فلا يُرخَّص له بالفطر للسفر، وهذا ما نص عليه جمهور الفقهاء مِن الحنفية والمالكية، والشافعية في الصحيح، والحنابلة.
قال الإمام أبو بكر الحَدَّادِي الحنفي في "الجوهرة النيرة" (1/ 144، ط. المطبعة الخيرية): [قوله: (وإذا قدم المسافر أو طَهُرت الحائضُ في بعض النهار أَمْسَكَا بقية يَوْمِهِمَا) هذا إذا قَدِم المسافرُ بعد الزوال أو قَبْله بعد الأكل، أما إذا كان قبل الزوال والأكل فعليه الصوم، فإنْ أفطر بعدما نَوَى لا يلزمه الكفارة؛ للشبهة] اهـ.
وقال الإمام شمس الدين الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (2/ 447، ط. دار الفكر): [مَن بَيَّت الصوم في السفر، ثم دخل الحَضَر، فأفطر بعد دخوله، فلا يجوز له الفطر بلا خلاف] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (6/ 262، ط. دار الفكر): [إذا قَدِمَ المسافرُ وهو صائمٌ، هل له الفطر فيه؟ وجهان مشهوران ذكرهما المصنف بدليلهما، (وأصحُّهُما) عند القاضي أبي الطيب وجمهور الأصحاب: لا يجوز، وهو قول أبي إسحاق، وهكذا الحكم لو نوى المسافر الإقامة في بلد بحيث تنقطع رُخَصُهُ] اهـ.
وقال الإمام ابن قُدَامَة الحنبلي في "الكافي" (1/ 436، ط. دار الكتب العلمية): [وإذا قَدِمَ المسافرُ وبرئ المريض وهما صائمان لَم يُبَحْ لهما الفطر؛ لأنه زال عُذرُهما قبل الترخُّص، أشبه القصر] اهـ.
وقال العلامة شمس الدين ابن مُفْلِح الحنبلي في "الفروع" (4/ 432، ط. مؤسسة الرسالة): [وإنْ برئ مريضٌ صائمًا، أو قَدِمَ مسافرٌ أو أقام صائمًا، لزمه الإتمام] اهـ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: فی رمضان اهـ وقال صائم ا
إقرأ أيضاً:
هل يجوز للمرأة أداء فريضة الحج عن زوجها؟.. الإفتاء تجيب
كشفت وسام الخولي، أمينة الفتوى في دار الإفتاء المصرية، عن حكم توكيل المرأة في أداء فريضة الحج عن زوجها أو شقيقها سواء كان حيًا أو متوفى، مؤكدة أنه في حالات معينة يجوز ذلك، ولكن بشروط وضوابط دقيقة.
وقالت أمينة الفتوى في دار الإفتاء المصرية، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الإثنين: "إذا كان الشخص المتوفى، يجوز للمرأة أن تؤدي عنه فريضة الحج بشرط أن تكون قد أدت الفريضة عن نفسها أولًا.. أما في حالة الشخص الحي، يجب أن يكون لديه عذر مستمر لنهاية العمر يمنعه من أداء مناسك الحج، مثل مرض مزمن أو عجز جسدي، وأن يكون قد أذن لها مسبقًا بذلك. وفي هذه الحالة، يجوز لها أداء الفريضة نيابة عنه".
وأضافت أمينة الفتوى في دار الإفتاء المصرية "إذا كان العذر ماديًا فقط، مثل عدم القدرة على دفع تكاليف الحج، فلا يجوز للمرأة توكيل نفسها أو غيرها لأداء الحج عن الشخص المتعذر عليه ماليًا، ففي هذه الحالة، إذا كان الشخص لا يمتلك القدرة المادية ولكنه قد يتمكن لاحقًا من أداء الحج عندما تتحسن ظروفه المالية، فهذا لا يعتبر عذرًا يبيح التوكيل، وبالتالي، لا يجوز أن توكل المرأة للقيام بالحج نيابة عنه في مثل هذه الظروف".
هل يجوز توكيل شخص آخر لأداء بعض مناسك الحج عني؟.. الإفتاء تجيب
هل يجوز الحج عن المريض غير القادر على السفر؟.. الإفتاء تجيب
هل الرجل ملزم بدفع تكاليف أداء زوجته لفريضة الحج؟.. الإفتاء تجيب
هل يجوز الحج لمن عليه ديون مؤجلة؟.. الإفتاء تجيب
وتابعت أمينة الفتوى في دار الإفتاء المصرية "أما إذا كان الشخص يعاني من مرض مستمر أو عجز يمنعه تمامًا من أداء مناسك الحج أو العمرة، فيجوز في هذه الحالة توكيل المرأة لأداء مناسك الحج أو العمرة نيابة عنه، بشرط أن تكون قد أدت الفريضة عن نفسها أولًا".
وأشارت أمينة الفتوى في دار الإفتاء المصرية إلى أنه في حالة وجود أبناء أو بنات، يجوز للمرأة أن توكل أحدهم في أداء مناسك الحج نيابة عن شخص آخر، طالما توافرت الشروط، من أهمها أن يكون الشخص الذي توكلته قد أدى الفريضة عن نفسه أولًا، ولا فرق بين الرجل والمرأة في هذا الأمر، حيث يجوز لكلاهما توكيل الآخر لأداء مناسك الحج أو العمرة في حالة تعذر ذلك عنه.
وأكدت أمينة الفتوى في دار الإفتاء المصرية أنه بالنسبة إلى المرأة التي تعاني من عذر مادي أو جسدي، فلا يمكنها توكيل أحد لأداء مناسك الحج أو العمرة نيابة عنها إلا إذا كان العذر مستمرًا لغاية نهاية العمر، مشددة على أنه إذا كانت قادرة جسديًا ولكن غير قادرة ماديًا، فإنها لا يجوز لها أن توكل شخصًا لأداء المناسك.
وتابعت أمينة الفتوى في دار الإفتاء المصرية "أما في حالة العمرة، فإن نفس القواعد تطبق كما في الحج. لا يجوز للمرأة توكيل شخص لأداء العمرة نيابة عنها إذا كان الشخص الحي لديه عذر مادي فقط، ولكن إذا كان العذر مستمرًا جسديًا كما في الحج، فيجوز لها توكيل شخص لأداء العمرة نيابة عنه".