في محاولة للدفاع عن معاهدة حظر الانتشار النووي، دعت الجزائر الدول التي تمتلك الأسلحة النووية إلى "الالتزام بشكل بناء" بالحفاظ على سلامة نظام معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية تجنبًا لاندلاع المزيد من الحروب.

جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة السفير عمار بن جامع، في نيويورك، خلال اجتماع مجلس الأمن حول نزع السلاح ومنع انتشار الأسلحة النووية.

وعبر بن جامع عن قلق بلاده العميق تجاه تضاعف التوترات الدولية والتهديد الوشيك الذي يلوح في الأفق باندلاع حرب نووية، مشيرا إلى أن نزع السلاح النووي ليس مجرد التزام قانوني، ولكنه ضرورة أخلاقية لأن الأسلحة النووية لا تزال تمثل أخطر تهديد للبشرية وبقائها.

وأكد السفير الجزائري أن بلاده، باعتبارها مدافعا دائما عن معاهدة حظر الانتشار النووي، تدعو الدول الحائزة للأسلحة النووية إلى احترام التزاماتها بموجب المادة السادسة واتخاذ تدابير ملموسة لنزع السلاح النووي.

وتابع أن الجزائر تدعو أيضًا الأطراف غير الموقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي إلى الانضمام دون تأخير ودون شروط إلى المعاهدة كأطراف غير حائزة للأسلحة النووية.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الأسلحة النووية انتشار الأسلحة النووية الجزائر الحروب الأمم المتحدة مجلس الأمن نزع السلاح نزع السلاح النووي حظر الانتشار النووي النووي الأسلحة النوویة

إقرأ أيضاً:

هكذا قضى الإنسان العاقل على أسلافه وحكم العالم

ترجمة: أحمد شافعي -

قبل أقل من عقد، وصف عالم الأنثروبولوجيا الأمريكي جيمس سي سكوت الأمراض المعدية بأنها «أصخب الصمت» في المدونة الأثرية لما قبل التاريخ. فقد أتت الأوبئة على المجتمعات البشرية في الماضي السحيق وغيرت مسار التاريخ، لكن الآثار المتخلفة عنها لا تكشف شيئا عنها، وهو أمر يرثي له سكوت.

لكن، على مدار السنوات القليلة الماضية، تبدد الصمت بفعل بحث رائد يحلل الحمض النووي الميكروبي المستخرج من هياكل عظمية بشرية بالغة القدم. وأحدث مثال لتلك البحوث يتمثل في دراسة تأسيسية تعرَّفت على ثلاثة فيروسات في عظام إنسان نياندرتال ترجع إلى ما قبل خمسين ألف سنة. ولا تزال هذه المسببات المرضية تؤثر على البشر: إذ تتسبب الفيروسات الغدية، والفيروسات الهربسية، وفيروس الورم الحليمي في نزلات البرد وقرحة الزكام، والثآليل التناسلية، والسرطان، على الترتيب. وقد يساعدنا هذا الاكتشاف في حل أعظم لغز في العصر الحجري القديم، وهو: ما الذي تسبب في انقراض إنسان نياندرتال؟ لقد وفرت لنا التطورات الحديثة في التكنولوجيا المستخدمة لاستخراج وتحليل الحمض النووي القديم رؤى مذهلة للعالم القديم. وباستثناء السفر عبر الزمن، يصعب أن نتصور تكنولوجيا قادرة على إحداث تغيير عميق في فهمنا لعصور ما قبل التاريخ.

جاءت التطورات الرئيسية الأولى في ثورة الحمض النووي القديم من مادة وراثية بشرية. إذ كشفت دراسة قامت بتحليل الحمض النووي من مواقع دفن في أنحاء بريطانيا أن الذين أقاموا ستونهنج هم مزارعون ذوو شعر داكن وبشرة زيتونية ينحدرون من الموقع الذي تحتله حاليا تركيا الحديثة، وأن أحفادهم ماتوا بعد بضعة قرون من ظهور حجر المغليث.

عندما قام فريق بقيادة سفانتي بابو الحائز على جائزة نوبل بتسلسل جينوم إنسان نياندرتال، أدركوا أن البشر المحدثين ذوي الأصول الأوروبية أو الآسيوية أو الأمريكية الأصلية ورثوا حوالي 2% من جيناتهم من إنسان نياندرتال. ثم تبين في أثناء الوباء أن العديد من متغيرات جينات النياندرتال الشائعة بشكل خاص بين سكان جنوب آسيا قد أثَّرت على الاستجابة المناعية لفيروس كورونا الجديد جاعلة حاملي الفيروس أكثر عرضة للإصابة بالمرض الشديد والموت. وإنه لمن الجموح في التفكير أن نعتقد بأن لقاءات حدثت منذ عشرات الآلاف من السنين بين سلالات مختلفة لا تزال تؤثر على صحة الأشخاص الذين يعيشون اليوم.

عندما يستخرج العلماء الحمض النووي البشري من الهياكل العظمية البشرية، فإنهم يلتقطون أيضا آثارا للميكروبات التي كانت موجودة في مجرى الدم في وقت الوفاة. وتركز بعض الأبحاث الأكثر إثارة للاهتمام في هذا المجال على بكتيريا يرسينيا بيستيس، وهي البكتيريا المسؤولة عن الطاعون. وقبل وقت غير بعيد، جاء أقدم دليل على بكتيريا واي بيستيس [Y pestis] من منتصف القرن الرابع عشر، عندما قتل الموت الأسود قرابة 60٪ من سكان أوروبا.

ونحن نعلم الآن أن الطاعون يرجع إلى أبعد من ذلك بكثير. فمنذ ما بين أربعة آلاف وخمسة آلاف عام، كان الطاعون منتشرا على نطاق واسع في جميع أنحاء أوروبا وآسيا، ومن ذلك سومرست وكومبريا ـ مثلما أظهرت دراسة حديثة. وفي ذلك الوقت تقريبا، انخفض عدد سكان شمال غرب أوروبا بنسبة تصل إلى 60%. ومن المرجح أن يكون «الموت الأسود في العصر الحجري الحديث» قد أسهم في ذلك الانهيار الديموجرافي الذي تزامن مع اختفاء المزارعين الذين بنوا ستونهنج من بريطانيا ووصول مجموعة أخرى تسهم أكثر من أي مجموعة أخرى في الحمض النووي لبريطانيا الحديثة.

ويقدم الحمض النووي الميكروبي القديم أيضا رؤى محيرة للحياة الخاصة التي عاشها أسلافنا الموغلون في البعد. فقد اكتشف العلماء الميثانوبريفيبكتر [Methanobrevibacter oralis]، وهي كائن شبيه بالبكتيريا المسؤولة عن أمراض اللثة لدى البشر المعاصرين، وقد اكتشفوها في لويح متكلس على أسنان إنسان نياندرتال يبلغ عمره خمسين ألف عام. وبمقارنة سلالة ما قبل التاريخ مع السلالة المعاصرة، قدَّر الباحثون أن آخر سلف مشترك لهم قد عاش قبل حوالي مئة وعشرين ألف سنة. وبما أن هذا حدث بعد عدة مئات آلاف السنين من تباعد إنسان نياندرتال والإنسان العاقل -الهوموسابينز-، فلا بد أن الجرثومة انتقلت بين السلالتين. والطريقة الأكثر احتمالا لحدوث ذلك هي العلاقات الجنسية بين السلالتين.

من الصعب تقنيا استخراج وتحليل الحمض النووي الفيروسي من العظام القديمة. فبما أن الفيروسات أصغر كثيرا من البكتيريا، فإنها تحتوي على قدر أقل من المادة الوراثية، ولأنها أقل قوة، فإنها تتحلل بسرعة أكبر. ومن هنا إثارة الأخبار الحديثة الخاصة بقيام العلماء بسَلْسلة حمض نووي فيروسي عمره خمسون ألف عام.

وفي حين أن اكتشاف إصابة إنسان نياندرتال بالفيروسات الغدانية، والفيروسات الهربسية، وفيروس الورم الحليمي، لن يغير في حد ذاته فهمنا للماضي البعيد، فإنه يلمح إلى حل للغز العظيم في العصر الحجري القديم.

حتى قرابة سبعين ألف سنة مضت، عاش الإنسان العاقل في أفريقيا بينما كان بشر نياندرتال يسكنون في غرب أوراسيا. ثم تغير كل شيء. فهاجر أسلافنا شمالا، وانتشروا بسرعة في معظم أنحاء العالم. ولم يمض وقت طويل حتى اختفى إنسان النياندرتال.

منذ أواخر القرن التاسع عشر، عندما اقترح عالم الحيوان الألماني إرنست هيكل تسمية إنسان نياندرتال بـ»الإنسان الجاهل» لتمييزه عن «الإنسان العاقل» (الهوموسابينز)، ظل التفسير السائد لهذا التحول هو أن أسلافنا تفوقوا على السلالات البشرية الأخرى باستخدام قدراتهم المعرفية الأرقى. غير أن هذا القول بات أقل قبولا بمرور الزمن، وذلك بفضل تزايد الأدلة على أن بشر نياندرتال كانوا قادرين على القيام بجميع أنواع السلوكيات المتطورة، ومنها دفن موتاهم، وطلاء جدران الكهوف، واستخدام النباتات الطبية، والإبحار بين جزر البحر الأبيض المتوسط. ويشير اكتشاف الفيروسات البالغة من العمر خمسين ألف عام إلى تفسير بديل لزوال إنسان نياندرتال: وهو الأمراض المعدية القاتلة التي حملها الإنسان العاقل. فبعد انفصال بين السلالتين لأكثر من نصف مليون عام، يحتمل أن كل سلالة قد نشأت فيها مناعة لأمراض معدية مختلفة. ثم لما التقت السلالتان إثر هجرة الإنسان العاقل من أفريقيا، فإن مسببات الأمراض التي كانت تتسبب في أعراض غير ضارة لدى إحدى السلالتين كانت هي نفسها مميتة للسلالة الأخرى، والعكس صحيح. فلماذا إذن بقيت سلالتنا واختفت سلالة بشر نياندرتال؟ السبب بسيط. لقد كان أسلافنا نحن يعيشون بالقرب من خط الاستواء. ولأن المزيد من طاقة الشمس كان يصل إلى الأرض هناك، فقد كانت الحياة النباتية أوفر. وهذا يوفر موطنا لحياة حيوانية أكثر كثافة وتنوعا، تدعم بدورها المزيد من الميكروبات القادرة على القفز على حاجز السلالات وإصابة البشر بالعدوى. ويترتب على ذلك أن الإنسان العاقل في العصر الحجري القديم كان يحمل مسببات أمراض أكثر فتكا من إنسان نياندرتال.

ولا تقتصر ثورة الحمض النووي القديمة على تغيير فهمنا لعصور ما قبل التاريخ فحسب، ولكن لها أيضا آثارا مهمة على الحاضر. فلو كانت الأمراض المعدية قد لعبت مثل هذا الدور الحاسم في اختفاء إنسان النياندرتال وصعود الإنسان العاقل إلى السيطرة على العالم، فإن مسببات الأمراض أقوى بكثير مما كنا نتصور في أي وقت مضى. لقد كانت الجراثيم في صف أسلافنا قبل خمسين ألف سنة، أما نحن فقد لا يحالفنا مثل ذلك الحظ في المستقبل.

جوناثان كينيدي يعمل في تدريس السياسة والصحة العالمية في جامعة كوين ماري بلندن، وهو مؤلف كتاب «النشوء المرضي: كيف صنعت الجراثيم التاريخ».

عن الجارديان البريطانية

مقالات مشابهة

  • الجيش البيلاروسي يكمل دورة تدريب على استخدام الأسلحة النووية
  • مكتب الأسلحة والمواد الخطرة يختتم أعمال الورشة الإقليمية
  • هكذا قضى الإنسان العاقل على أسلافه وحكم العالم
  • قليلاً من التعقل… احذروا اللعب بمصير العالم
  • باحث في الشأن الروسي: يوضح متى تستخدم روسيا السلاح النووي
  • وزير دفاع فرنسا: "الأصدقاء من روسيا والصين" يدركون مسؤولية الدول النووية عن عدم الانتشار
  • ميدفيديف يحذر الغرب من الاستخفاف بقدرة موسكو على استخدام الأسلحة النووية
  • روسيا: نطالب أمريكا بالكشف عن خطط الانتشار النووي في منطقة آسيا والمحيط الهادي
  • "قائمة الصقور".. ما هي الدول الغربية الـ14 المؤيدة لاستخدام أوكرانيا أسلحتها ضد روسيا؟
  • نقطة محورية للعالم الإسلامي.. ماذا نعرف عن جامع الأميرة الجوهرة الثقافي بالبوسنة؟