قال الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن اسم الله "الخبير" قد ثبت بالنصوص القرآنية والسنة النبوية وإجماع العلماء، ومعناه "العالم ببواطن الأمور"، موضحا أن الفرق بين "الخبير"، و"العالم"، هو أن العالم يعلم الشيء لكن الخبير يعلم باطن هذا الشيء، ومن ذلك استخدامه في توصيف أصحاب المهن كالهندسة مثلا بـ "الخبير"، فنقول هذا "مهندس خبير" بمعنى أنه تعمق في مهنته وعلمها بعمق لا يعرفه غيره بعد إخباره واستخباره، إلا أن ذلك لا يصح مع الذات الإلهية، ولا نستطيع أن نقول أن "الخبير" للذات الإلهية هو العليم ببواطن الأمور بعد إخباره أو بعد استخباره ففي ذلك علم بعد جهل كما هو للبشر، وهو نقص يستحيل على الله تعالى.

وأوضح شيخ الأزهر، خلال الحلقة التاسعة من برنامج "الإمام الطيب"، أن كل علوم البشر ناقصة لأنها تتغير وتتبدل، تكون جهلا أو تكون خطئا، على خلاف ما عليه المعلوم، وكل هذه نواقص علم الله تعالى منزه عنها، فعلمه تعالى أزلي وفيما لا يزال، يعلم ما كان وما يكون وما سيكون كيف سيكون، قبل أن يوجد كل هذا، فهذا هو العلم الإلهي وهم يصفونه بالشمول وبالامتداد والاسترسال، ويصفونه بأنه الأزلي وعلمه في الأزل وفيما لا يزال، مبينا أن بعض المفكرين قد ضلو الطريق في تفسير "علم الله"، حين قالو "إذا كان الله علم كل شيء، فمثلا إذا علم أن زيدا سيأتي في زمان ما وسيشرب الخمر وسيعاقب مثلا، فما ذنب زيد هنا"، ونرد عليهم بأن "العلم" هنا ليس ليس صفة تأثير ولكنه صفة انكشاف، بمعنى أنها تكشف الأشياء والموجودات لكنها لا تؤثر فيها ولا في خلقها.

وحول "القدرة" و"الإرادة"، بين أنهما صفتا تأثير، افلقدرة صفة لها تأثير، والإرادة أيضا صفة تأثير وتعلق وهو الاختيار، فمثلا الله سبحانه وتعالى علم أن "طفلا سيولد في يوم كذا"، فهذا علم كاشف، ثم تأتي "القدرة" لتظهر أو تخرج هذا الطفل من العدم إلى الوجود، فهذه هي القدرة، التأثير بإخراج العدم من الوجود، ثم تأتي الإرادة، لتخصص أنه سيأتي في يوم كذا، وليس في اليوم السابق ولا اللاحق، وسيأتي في شكل كذا وليس في الشكل الآخر، وفي طول كذا، وهكذا، لأن الإرادة تختار لكل مخلوق أشياء من بين أشياء عديدة جدا يمكن أن تكون له، لكن اختار له هذا دون ذاك، موضحا أن في ذلك لطف كبير من الله بعباده، بل بجميع المخلوقات، فجميع المخلوقات تأخذ نصيبها من اللطف حتى الجمادات، حيث أن لها شعور وحس ومن ذلك قوله "ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه"، فأمر الجبال بأن تسبح معه، والأمر لا يصدر لميت.
وردا على سؤال "كيف يتجلى إيمان العبد باسم الله "الخبير" في أفعاله وحياته؟"، أكد الإمام الأكبر أن يكون ذلك بتعهد العبد لباطنه وخفايا قلبه، ويقصد هنا الأمراض القلبية كالحقد والحسد والغضب، وهذه معروفة بأنها آفات القلب، وهي عديدة جدا، فعلى العبد أن يتعهدها ويحاربها ويكون بها خبيرا، لأنه لو غفل عن هذا لا يصح أن يأخذ من اسم الله "الخبير" أي نصيب، فهو محروم تماما، والذي يأخذ بنصيبه هو الذي يتعهد نفسه وأمراض قلبه باستمرار، بمعنى أن يكون خبيرا بها، وألا ينشغل بالحياة ومظاهرها ولا يلتفت إلى ما في قلبه من آفات وأمراض وذنوب وآثام، فنستفيد من اسم الله "الخبير" في محاربة آفات القلب، وما أكثرها الآن، بل الناس يندر أن تجد شخصا يتوقف ولو قليلا ليحاسب نفسه على هذه الآفات أو هذه الأمراض.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: شيخ الأزهر الامام الاكبر الذات الالهية الخبير

إقرأ أيضاً:

كالجهاد وغفران للذنوب.. تعرف على فضل حج بيت الله الحرام

قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وقد رغب الشرع الحنيف في أداء فريضة الحج ترغيبًا أكيدًا،  أوجبه على من استطاعه، فهو من أفضل الأعمال التي يُتقرب بها إلى الله.

ماذا تفعل المرأة إذا جاءها العذر الشرعي أثناء الحج؟.. الإفتاء ترُدشوقي علام يشرح كيفية التحلل من الإحرام في الحج وأحكام المبيت في منى

واستشهد مركز الأزهر، بما روي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الْإِيمَانُ بِاللَّهِ»، قَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «ثُمَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»، قَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «ثُمَّ حَجٌّ مَبْرُورٌ أَوْ عُمْرَةٌ» [أخرجه النسائي]، والحج المبرور: هو الحج الذي لا يخالطه إثم.

كما أن الحج سبب لغفران الذنوب: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ». [أخرجه البخاري ومسلم].

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ؛ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالْفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجِّ الْمَبْرُورِ ثَوَابٌ إِلَّا الْجَنَّةُ». [أخرجه الترمذي].

وأكد مركز الأزهر، أن الحج كالجهاد فعن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ، فَقَالَ: إِنِّي جَبَانٌ، وَإِنِّي ضَعِيفٌ. قَالَ: «هَلُمَّ إِلَى جِهَادٍ لَا شَوْكَةَ فِيهِ، الْحَجُّ». [أخرجه عبد الرزاق، والطبراني].

وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُرَى الجِهَادَ أَفْضَلَ العَمَلِ، أَفَلاَ نُجَاهِدُ؟ قَالَ: «لَكِنَّ أَفْضَلَ الجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ» [أخرجه البخاري].

طباعة شارك الأزهر الحج أركان الإسلام الحج كالجهاد العمرة الإحرام

مقالات مشابهة

  • هل يجوز إعطاء الجزار من الأضحية؟.. الأزهر يجيب
  • الخبير العسكري الفلسطيني أبوزيد: القرار اليمني بفتح جبهة جديدة على إسرائيل أربك العدو أمنيا وعسكريا
  • علي جمعة: الحج فريضة على الفور وشعيرة عظيمة تطهر النفس وتقرب العبد إلى ربه
  • فضل الحج في الإسلام .. يُنقّي العبد من الذنوب والآثام
  • ما حكم الصلاة في النعل؟.. الأزهر للفتوى يجيب
  • رئاسة الحكومة.. البرلمان يستدعي المرشحين لجلسة الاثنين المقبل
  • ملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة يناقش تأثير المخدرات على الشباب
  • فضل حج بيت الله الحرام.. الأزهر للفتوى يوضح
  • كالجهاد وغفران للذنوب.. تعرف على فضل حج بيت الله الحرام
  • عاجل | الناطق العسكري باسم أنصار الله: قررنا بدء العمل على حظر بحري على ميناء حيفا