عمل جديد من صناع لعبة العروش.. هل يحصد النجاح نفسه؟
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
يقترب أخيرا موعد عرض مسلسل "مشكلة الأجسام الثلاثة" (Body Problem 3)، وهو العمل الذي طال انتظاره من المخرجين ديفيد بينيوف ودي بي وايس، وذلك بعد النجاح الكبير الذي حققه عملهما الأشهر "لعبة العروش" (Game Of thrones)، إذ ينتظر أن يبدأ عرض عملهما الجديد على شبكة نتفليكس يوم 21 مارس /آذار الجاري.
كان المخرجان قد سبق أن أعلنا خلال السنوات الماضية بدء الاتفاق على عدد من المشاريع، لكن أيا منها لم يكتمل، حتى استقرا أخيرا على التعاون مع نتفليكس بصفقة تتراوح بين 250 و300 مليون دولار.
وتأتي باكورة هذا التعاون في مسلسل "مشكلة الأجسام الثلاثة"، وهو العمل المستوحى من رواية تحمل الاسم نفسه، من أشهر أعمال الخيال العلمي في الأدب الصيني، للكاتب ليو سيشين. ونشرت للمرة الأولى عام 2008، وترجمت إلى الإنجليزية عام 2014 لتحقق نجاحا استثنائيا، وتحصل على جائزة هوغو لأفضل رواية مترجمة في عام 2015. وقد سبق أن صُور عمل آخر مستوحى من الرواية منذ عامين للمخرج الصيني فانفان تشانغ.
يتكون الموسم الأول من 8 حلقات بميزانية إنتاج ضخمة تقارب 160 مليون دولار، أي ما يعادل 20 مليون دولار للحلقة الواحدة، وهو رقم قياسي في تاريخ حلقات الموسم الأول لأي عرض من عروض نتفليكس السابقة.
ولا يقتصر فريق العمل على بينيوف ووايس فقط، لكنه يمتد ليشمل المخرج ريان جونسون وشريكه المنتج رام بيرغمان، اللذين سبق أن عملا على فيلم "أخرجوا السكاكين" (Knives Out) وكذلك ألكسندر مخرج فيلم "دم حقيقي" (True blood).
تعد الرواية جزءا من ثلاثية من أكثر سلاسل الخيال العلمي طموحا على المستوى الزمني، إذ تمتد أحداثها منذ الثورة الثقافية في الصين في ستينيات القرن الماضي. نتابع عالمة شابة، تشهد مقتل والدها في أثناء أحداث الثورة الثقافية، وتنفى للعمل في منشأة بحثية نائية ومعزولة، في أثناء قيامها بأبحاثها تتمكن من الاتصال مع كائنات فضائية معادية تُعرف باسم "تريسولارانز" تعيش في عالم قاس يدور حول 3 نجوم في نمط لا يمكن التنبؤ به، وتخطط للاستيلاء على كوكب الأرض.
يحذرها أحد سكان هذا العالم من تسبب رسائلها في تمكنهم من تحديد موقع الأرض بدقة، لكنها تتخذ قرارها، يأسا من الجنس البشري بعد كل ما واجهته، وهو قرار يتردد صداه حتى اليوم.
تستغرق رحلة وصول "التريسولارانز" لكوكب الأرض نحو 450 عاما، وعلى الأرض تتشكل معسكرات مختلفة التوجهات بين الترحيب بالكائنات الفضائية ومساعدتها على القضاء على العالم الفاسد، أو محاربتها، أو حتى مساعدتها والتضحية في مقابل حياة أحفادها.
وفي المقابل، يجتمع 5 من العلماء البارزين لمواجهة هذا التهديد تحت قيادة ضابط مخابرات غامض، وتنتقل الرواية في السرد زمنيا بين الماضي والحاضر والمستقبل.
كما تستكشف الرواية بعض الحقائق المرعبة حول تأثيرات الثورة الثقافية الصينية سواء المباشرة أو طويلة الأجل على المستقبل وكيف يمكن أن تساعد على تشكيل قرارات البشر في مواجهة غزو فضائي.
تبدو فكرة اقتباس الرواية مقلقة، خاصة أنها ليست مجرد رواية خيال علمي بسيطة البنية، لكنها من الروايات المعقدة والمتجذرة في الهوية الصينية، لكن في المقابل ينقل المسلسل الأحداث إلى مستوى دولي، بين كل من المملكة المتحدة والصين وبنما والولايات المتحدة، كما يغير في الترتيب الزمني للنص الأصلي.
وهو ما دفع محبي الرواية للإعراب عن قلقهم بشأن هذا الاقتباس، إلا أن مؤلف الرواية عقد اجتماعا عبر منصة زوم مع فريق عمل المسلسل لمناقشة التغييرات التي قاموا بها على النص الأصلي، معلنا عن ارتياحه لها وإعجابه بعملهما السابق (لعبة العروش)، حيث يحاول فريق المسلسل نقل التجربة من الرواية إلى الشاشة وهو ما لا يعني بالضرورة نقل تفاصيلها الدقيقة.
وبعيدا عن حبكة الرواية سيسعد محبو ملحمة "لعبة العروش" بوجود عديد من الوجوه المألوفة لهم، مثل جون برادلي (سامويل تارلي في لعبة العروش) وليام كانينغهام (سير دافوس في لعبة العروش) وكذلك جوناثان برايس (هاي سبارو في لعبة العروش) بالإضافة إلى جيس هونغ، وبينيديكت وونغ، وإيزا غونزاليس، وجوفان أديبو، وأليكس شارب. أما الموسيقى فيقدمها الملحن رامين جوادي الحائز جائزة إيمي، الذي عرفناه أيضا عبر الموسيقى الملحمية لمسلسل لعبة العروش. ويطرح المسلسل على مشاهديه أسئلة صعبة حول مستقبل الجنس البشري، ماذا لو أتيحت الفرصة للقضاء على هذا العالم الفاسد؟ أي قرار نتخذه؟ أسئلة صعبة، فهل يتمكن فريق العمل من إيجاد إجابات لها؟
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات ملیون دولار
إقرأ أيضاً:
وثائقي غزة: أطباء تحت النار.. القناة 4 تكسر احتكار الرواية الإسرائيلية ببريطانيا
لندن- توجهت الأنظار في المملكة المتحدة صوب القناة الرابعة البريطانية التي امتلكت جرأة عرض فيلم ينقل معاناة الأطباء في غزة بعد أن قررت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" وبعد طول تردد الامتناع عن عرضه، وهو الذي أعد باتفاق بينها وبين منتجيه، وانشغلت بمناقشة سياسات الحكومة التقشفية والصراعات الداخلية لحزب العمال البريطاني.
كما علا السجال داخل "بي بي سي" بعد أن سلم ما يزيد عن 300 من موظفيها رسالة احتجاج مفتوحة لإدارتها، اتهموا فيها المؤسسة بالانحياز ضد الشأن الفلسطيني وتنفيذ أجندة سياسية، كما انتقد الغاضبون داخل المؤسسة الإعلامية البريطانية امتناعها عن بث الفيلم الوثائقي، وعجز الهيئة عن الحفاظ على الحياد والسماح بعرض عمل صحفي دون خوف أو محاباة لأي جهة.
ويتتبع الفيلم الظروف القاسية التي يعمل في ظلها الأطباء الفلسطينيون، وهم يحاولون إنقاذ حياة أهالي قطاع غزة الذين يتعرضون للإبادة الجماعية، والتي يتكبد الأطباء والمسعفون بمشقة عناءها، دون أن يستثنيهم جيش الاحتلال الإسرائيلي من التنكيل والاعتقال والقتل.
ويسرد الفيلم -الذي يفتتح بتحذير من مشاهد مروعة قادمة من مشافي غزة قد تزعج كثيرا من المشاهدين- تعرض الأطباء لاستهداف الجيش الإسرائيلي المتعمد، لمنعهم من إسعاف الضحايا الذي يتقاطرون على المشافي في القطاع دون توقف، في ظل حرب متواصلة على مدى ما يقرب من عامين.
ضغط سياسيتنقل صحيفة الإندبندت عن مصادر مقربة من صناع الفيلم، استغرابهم تراجع الهيئة عن عرضه بعد تماطلها في اتخاذ القرار أشهرا، تخللها مفاوضات حادة وأعذار متواترة، بينما كان فريق التحرير في "بي بي سي" متحمسا منذ البداية لإنجاز الفيلم وعرضه.
وأفادت المصادر التي لم تكشف الصحيفة هويتها، أن صناع الفيلم كانوا يعتقدون أن الهيئة تنتظر بت هيئة الاتصالات البريطانية "أوفكوم" في حياديته، قبل أن يفاجؤوا بتأييد الهيئة الحكومية المستقلة مهنية الفيلم من الناحية الصحفية ونزاهته، بينما قررت المؤسسة الصحفية البريطانية التخلي كاملا عن بثه لأسباب وصفوها بـ "الغامضة".
إعلانويرى الصحفي البريطاني بيتر أزبورن، أن هيئة الإذاعة البريطانية ترضخ لضغوط شديدة من الحكومة البريطانية ولوبيات الضغط الإسرائيلية، التي تعمل على التأثير على سياساتها التحريرية والتحكم في ما يعرض على شاشاتها.
وحذر أوزبورن، في حديث للجزيرة نت، من أن التدخل في استقلالية هذه المؤسسة الصحفية العريقة "باعث على القلق، في وقت يبدو أن إدارتها لا تملك جرأة تحدي تلك الضغوط ورفض تحكم اللوبي الإسرائيلي في تغطيتها الصحفية للأحداث في الشرق الأوسط".
وكانت "بي بي سي" قد حذفت قبل أشهر فيلما عرضته سابقا يروي مأساة الأطفال الفلسطينيين، ويؤكد تعرضهم لانتهاكات غير مسبوقة على أيدي قوات الاحتلال، بعد أن أثار عرضه غضب السفارة الإسرائيلية في بريطانيا ووجهت شخصيات مؤيدة لإسرائيل انتقادات حادة له.
بدورها قالت الهيئة، إنها تشكك في نزاهة راوي الأحداث في الفيلم بعد أن تبين أنه على صلة بحركة حماس، بالمقابل وقعت أكثر من ألف شخصية إعلامية بريطانية ودولية عريضة تطالب "بي بي سي" بإعادة نشر الفيلم المحذوف، واصفين الخطوة بحملة تحريض عنصرية واستخفافا بمعاناة الفلسطينيين.
واندلع خلاف حاد بين شركة الإنتاج المستقلة المنتجة للفيلم وهيئة الإذاعة البريطانية، التي قالت، إن أحد أعضاء فريق الإنتاج علّق على محتواه في أحد المهرجانات السنيمائية، واصفا إسرائيل بـ"دولة مارقة تمارس تطهيرا عرقيا ضد الفلسطينيين".
بدوره قال مؤسس شركة الإنتاج بن دي بير، في وقت سابق إن هيئة الإذاعة البريطانية "فشلت تماما" وإن الصحفيين "يتعرضون للحصار والإسكات".
غير أن القناة الرابعة البريطانية، كان لها رأي وموقف آخر، حيث أكدت مديرة الأخبار والتحرير في القناة لويز كومبتون، أنه بعد تدقيق شامل في محتوى الفيلم وفحص لحياديته، قررت عرضه لما يحتويه من حقائق، يجب أن يطلع عليها الرأي العام البريطاني.
من جهته قال الطبيب البريطاني غريم غروم الذي عمل داخل مستشفيات غزة على مدى أشهر وعاد من القطاع قبل أسابيع إن "وطأة المعاناة الشديدة للعاملين في القطاع الصحي داخل غزة لا يمكن أن تكون مثار جدل سياسي أو إعلامي، بل هي حقيقة واضحة لا يجب تجاوزها، وتفرض على الإعلام البريطاني تسليط الضوء عليها".
ويصف غروم في حديثه للجزيرة نت، الأطباء الأجانب الذين دخلوا المستشفيات في قطاع غزة في إطار جهود إغاثية فردية، بأنهم غطوا مكان الصحفيين الدوليين الذين أصرت إسرائيل على منع دخولهم إلى القطاع لتغطية الأحداث، حيث ساهموا في نقل تلك المأساة ولفت انتباه الرأي العام الدولي.
"الموت، الموت للجيش الإسرائيلي".. هتافات من منصة أكبر مهرجان موسيقي في #بريطانيا تضع حكومة ستارمر وهيئة البث البريطانية (البي بي سي) في حرج#حرب_غزة pic.twitter.com/jTuNaPzi5e
— قناة الجزيرة (@AJArabic) June 30, 2025
تغطية مثيرة للجدلوفي هذه الأيام، يبدو أن بي بي سي واقعة في قلب السجال الدائر في بريطانيا بشأن حرية الرأي والتعبير، واندفاع يراه بعضهم "غير مسبوق" للحكومة البريطانية بقيادة حزب العمال، لمحاصرة حركة الاحتجاج الفلسطينية بعد اتساع القاعدة المؤيدة لها.
إعلانوبقيت تغطية هيئة الإذاعة البريطانية مثار جدل واسع منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، حيث يتهمها المؤيدون للقضية الفلسطينية بالانحياز للرواية الإسرائيلية وطمس هوية الضحايا وعدم إتاحة هامش كاف لهم لسرد روايتهم للأحداث، مقابل تبرير السياسات الإسرائيلية.
لكن الهيئة تعرضت أيضا لهجوم مواز من بعض المؤيدين للسياسات الإسرائيلية، حيث رفضت إدارتها في وقت سابق تعليقات للإدارة الأميركية اتهمتها بتبني رواية حركة حماس للأحداث في غزة، بينما واجهت أيضا مظاهرات احتجاجية للداعمين لإسرائيل تتهمها بالتشجيع على معاداة السامية ودعم خطاب كراهية اليهود.
وكانت الهيئة قد اعتذرت قبل أيام عن بثها عبارات معادية للجيش الإسرائيلي، بعد أن أطلقت فرقة بوب فيلان البريطانية هتافات ضد جيش الاحتلال في حفل غنائي بمهرجان "غلاستنبري" في بريطانيا، بينما انبرى المؤيدون لإسرائيل باتهامها من جديد بمعاداة السامية وبث خطاب كراهية ضد اليهود.
وفي هذا السياق، يشير رئيس رابطة الجالية الفلسطينية في بريطانيا نهاد خنفر، إلى أن هناك تصعيدا غير مسبوق على المتضامنين مع القضية الفلسطينية، وتزايدا للتضييق على حرية الرأي والتعبير، في سياق حملة ممنهجة لمحاصرة الرواية الفلسطينية للأحداث ومحاولة إسكات المتضامنين معها.
ويرى خنفر، وهو أستاذ في القانون الدولي، في حديثه للجزيرة نت، أن الاعتذار الذي قدمته هيئة الإذاعة البريطانية للجيش الإسرائيلي بعد الهتافات التي أطلقتها فرقة بوب فيلان ضده يقفز على حقيقة أنه جيش متهم من محكمة الجنايات الدولية بارتكاب جرائم حرب، وأن الفرقة لها الحق في التعبير عن موقف سياسي سلمي.
ويرى خنفر أن جزءا من الإعلام البريطاني يتواطأ مع السياسات الرسمية، التي يبدو أنها اتخذت القرار بقمع حركة التضامن مع القضية الفلسطينية في بريطانيا، بعد أن بدأت تحقق نتائج غير متوقعة وتضغط بفعالية على الحكومة لتغيير سياساتها نحو الفلسطينيين.