بعد إنكار استمر لسنوات، أقرت جماعة الحوثي رسمياً بمواجهتها لأزمة خانقة بالسيولة المالية جراء استمرار تلف العملة المحلية من الطبعة القديمة بمناطق سيطرتها.

وجاء الاعتراف على لسان قيادة البنك المركزي التابع للجماعة في صنعاء، في اجتماع لها الخميس، قالت فيه بأنها تعمل على "حل مشكلة تقادم وتلف العملة الوطنية الورقية".

قيادة البنك الحوثية وفي الخبر الرسمي الذي نشره موقع البنك أقرت بأن هذه المشكلة "نتج عنها مشاكل اجتماعية واقتصادية"، إلا أنها بررت ذلك بمزاعم أنها "حرب شرسة لاستهداف العملة الوطنية" من قبل التحالف العربي.

وفي حين أشارت إلى وجود "جهود مستمرة ومثمرة في سبيل إنهاء معاناة المواطنين من تفاقم حالة التلف التي تعرضت لها العملة"، قالت قيادة البنك الحوثي بأنها ركزت في اجتماع "وضع حد لتلك المشاكل وما ترتب عليها".

ولم تفصح قيادة البنك في صنعاء عن كيفية حل مشكلة تلف العملة بمناطق سيطرتها، زعمت تقارير لوسائل إعلام مقربة من جماعة الحوثي بأنها تعتزم طباعة كميات من العملة المحلية، إلا أن الجماعة قد تواجه صعوبة في تنفيذ ذلك.

 فطباعة العملة بالمواصفات الفنية المطلوبة، تقوم بها شركات أجنبية خارج اليمن، وسبق وأن فشلت جماعة الحوثي في الترتيب لعملية من هذا النوع في الصين منتصف العام الماضي، بحسب ما كشفه تقرير فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن الدولي.

حيث أورد التقرير تفاصيل تلقي السفارة اليمنية في الصين رسالة من شركة أوراق نقدية هناك تستفسر فيها عن مواطن يمني طلب منهم طباعة أوراق نقدية، وطوابع مالية وجوازات سفر، بموجب جواز سفر يمني ورسالة يحملها من "وزارة الداخلية اليمنية".

السفارة من جانبها سارعت إلى نفي علاقة الحكومة الشرعية بالأمر وطلبت من الشركة عدم التعامل مع الموضوع، وهو ما أدى لفشل العملية، وأشار تقرير الخبراء إلى أن جواز السفر لمقدم الطلب للشركة الصينية لم يصدر عن الحكومة، بل رجح أن يكون صادراً عن سلطة الحوثيين، وهو ما يؤكد وقوفهم خلف العملية الفاشلة.

وأدى منع جماعة الحوثي التعامل بالعملة المحلية الجديدة والتي طُبعت من قبل الشرعية عام 2017م، إلى حصر التعامل بمناطق سيطرتها بالعملة القديمة المطبوعة قبل الحرب، والتي لم تكن يتجاوز المعروض منها 800 مليار ريال بحسب تصريح سابق لمحافظ البنك المركزي في عدن والذي أكد تعرض جزء كبير منها للتلف.

ويعاني السكان بمناطق سيطرة المليشيات من تلف كبير بالعملة المحلية القديمة، وخاصة في فئات الـ50، 100، 200، 250، ريالاً والتي لم تعد موجودة، وهي فئات تمت طباعتها قبل أكثر من 10 سنوات.

في حين أن ما تبقى من عملة ينحصر في فئتي الـ500 ريال بدرجة أقل والـ1000 ريال بدرجة أكبر، وبحسب مصادر مصرفية فإن الكميات التي طبعتها الشرعية عام 2016م من فئة الـ1000 ريال بنحو 200 مليار، وتم سحبها لمناطق سيطرة المليشيات ولم تدخل ضمن قرارها بمنع التداول، باتت اليوم تشكل النسبة الأكبر من السيولة المالية هناك.

وتشير المصادر إلى التعميم الأخير الذي أصدره البنك المركزي في صنعاء الخاضع لسيطرة المليشيات إلى وكلاء الحوالات الخارجية بحصر تسليم الحوالات بالريال السعودي، في أحدث خطوة تكشف حجم أزمة السيولة المالية من العملة المحلية بمناطق المليشيات.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: العملة المحلیة جماعة الحوثی قیادة البنک

إقرأ أيضاً:

أنشأ مقر قيادة في اليمن وجنَّد المرتزقة.. فيلق القدس يشرف على عمليات الحوثي في البحر الأحمر

باتت الصورة واضحة من خلال التقارير والمعلومات الاستخباراتية التي يتم الكشف عنها تباعاً بشأن تورط فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في الإشراف والمتابعة للعمليات الإرهابية التي تقوم بها مليشيا الحوثي، ضد السفن التجارية وخطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر والمنطقة المجاورة له.

طرق الدعم الإيراني المقدمة عبر فيلق القدس للحوثيين متعددة، فهناك وحدات وفرقة متعددة للإشراف على تجنيد وتدريب عناصر حوثية للقيام بالمهام لضرب واستهداف السفن والأهداف البحرية، ووحدات متخصصة بتهريب الأسلحة والطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية وصواريخ كروز المضادة لدروع السفن، إضافة إلى الألغام البحرية العائمة.

التقرير الأخير الصادر عن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، كشف أن فيلق القدس التابع للحرس الثوري، قام بتجنيد وحدات مرتزقة حوثية إرهابية بعد تدريبها في إيران لأجل تنفيذ مخطط استهداف السفن والملاحة في باب المندب، الممر الاستراتيجي الهام الذي يربط قارات العالم. 

وحدات إرهابية

وفقاً لتقرير مجلس المقاومة الإيرانية، فإن الوحدة الإرهابية الحوثية تلقت تدريبيات عسكرية بحرية مكثفة، وهي وحدات جديدة المنشأ يتم إعطاؤها الكثير المهارات على كيفية مهاجمة السفن والقرصنة وعمليات التفجير وغيرها من الأعمال التي باتت تمارسها المليشيا الحوثية بشكل علني لعرقلة خطوط التجارة العالمية ليس فقط في البحر الأحمر بل امتدت إلى باب المندب وخليج عدن والمحيط الهندي.

ويؤكد التقرير أنه بعد الضربة الأمريكية التي قتلت قائد فيلق القدس قاسم سليماني في عام 2020، تضررت قدرة إيران على التأثير على الدول المجاورة، بما في ذلك العراق ولبنان وسوريا. وجاء في التقرير: "للتعويض عن هذا الفشل، لجأ الحرس إلى التدخل في اليمن، لا سيما الأنشطة الإرهابية البحرية المتصاعدة وتهديد الملاحة الدولية على شواطئه".

وبحسب الكاتبة والمحللة السياسية، رولا القط، فإن الخلايا الإرهابية التي شكلها فيلق القدس الإرهابي التابع للنظام الإيراني لشن هجمات إرهابية ضد السفن والأهداف البحرية الأخرى في الشرق الأوسط تلقت تدريبات مكثفة ومسلحة بشكل كامل من قبل إيران لتنفيذ أهدافها وأجندتها المحددة لها. 

إشراف إيران مباشر 

في يناير من العام 2020، جرى الإعلان عن تخرج نحو 200 من عناصر مليشيا الحوثي، من دورات عسكرية بحرية تلقوها داخل ما تسمى أكاديمية خامنئ للعلوم والتكنولوجيا البحرية. وتلت هذه الدفعة دفعات أخرى جرى تدريبها عبر وحدات بحرية بالوكالة تقوم بالتدريبات لهذه الخلايا الحوثية.

موقع أكاديمية خامنئي، الواقعة في مدينة زيبا كنار على ساحل بحر قزوين في محافظة جيلان شمال إيران، ساهم بشكل كبير في تدريب الخلايا الإرهابية الحوثية التي عادت لليمن لتنفيذ المخطط المحدد في ضربة الملاحة البحرية تحت مبرر شماعة "نصرة غزة ودعم الشعب الفلسطيني".

وأشارت الكاتبة إلى أن فيلق القدس التابع لقوات الحرس أنشأ مقرًا للقيادة في اليمن، وهذا المقر مشغول بتجنيد قوات مليشيا الحوثي الذين يتم إرسالهم إلى إيران لتلقي التدريب، حيث يوفر فيلق القدس التدريب في دورات بحرية متخصصة لقائمة طويلة من القوات العميلة التي لا تأتي من اليمن فحسب، بل من العراق وسوريا ولبنان ودول إفريقية أيضًا. ثم يتم إرسال هؤلاء المرتزقة إلى بلدانهم الأصلية لتشكيل خلايا إرهابية بحرية وتنفيذ هجمات بناءً على أوامر من فيلق القدس.

مراكب للتهريب

تقارير متعددة آخرها تقرير للمعارضة الإيرانية "مجاهدي خلق" كشفت عن امتلاك فيلق القدس شبكة تهريب واسعة مشغولة بتوفير الأسلحة والمعدات لوكلائه المكلفين بتنفيذ هجمات بحرية. ولعل أبرز ما تم التنبه له هو استغلال فيلق القدس للدول الإفريقية المطلة على البحر الأحمر، خصوصا الصومال لأجل تهريب الأسلحة والدعم العسكري الإيراني إلى ذراعهم في اليمن.

وفقاً للمعلومات تعد الصومال نقطة رئيسة في محور عمليات تهريب الأسلحة الإيرانية صوب اليمن، حيث يستغل فيلق القدس المراكب الصغيرة والزعائم التي تنطلق من الصومال إلى موانئ الحديدة الواقعة تحت سيطرة الميليشيا الحوثية بحجة التبادل التجاري، لأجل عمليات التهريب. 

كما أن القيادة المشتركة لقوات التحالف الدولي، كشفت عن ضبط عدد من المراكب الشراعية والسفن الصغيرة في خليج عُمان، وهي تحمل كميات كبيرة من الأسلحة والمخدرات التي كانت في طريقها لصالح مليشيا الحوثي في اليمن. 

وبحسب تقارير المعارضة الإيرانية يعتبر ميناء جاسك أحد أهم موانئ إيران المستخدمة لنقل الشحنات المحددة على المراكب الشراعية وإرسالها إلى وجهاتها. تلقى الحوثيون في اليمن زوارق سريعة وصواريخ وألغامًا وأسلحة أخرى من فيلق القدس التابع لقوات الحرس.

تصعيد مدروس

ما يجري اليوم من تصعيد حوثي في البحر الأحمر، بعيد كل البعد عن شماعة "نصرة غزة"، فالكثير من الدلائل والحقائق والمؤشرات تؤكد أن المليشيا الحوثية ماضية في تهديد الملاحة الدولية في مضيق باب المندب الاستراتيجي، خدمة لأهداف إيران وأجندتها الواضحة في الحصول على مكاسب لصالح ملفها النووي.

وقالت الكاتبة والمحللة السياسية رولا القط، إن هذا السلوك المزعزع للاستقرار قد تصاعد منذ صعود المتشدد إبراهيم رئيسي إلى الرئاسة، حيث اشتد التدخل المدمر لفيلق القدس في المنطقة، وكذلك الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار التي تشنها طهران، موضحة أن تصعيد النظام الإيراني للعنف البحري يتماشى مع تصعيده لهجمات الطائرات بدون طيار في دول الخليج، فضلاً عن تحدياته النووية.


مقالات مشابهة

  • معركة البنوك.. كيف هُزمت ذراع إيران في أول مواجهة بلا غطاء من الغرب؟
  • تقرير دولي: واردات الوقود لليمن مستقرة رغم أزمة البحر الأحمر ومخاوف من نفاد احتياط الدولار بمناطق سيطرة الحوثي
  • على خطى داعش.. ذراع إيران في اليمن تؤسس شرطة المجاهدين لتعزيز قبضتها التسلطية
  • ردا على قرارات البنك المركزي بعدن..جماعة الحوثي تحذر البنوك الخاصة بصنعاء !
  • خبير اقتصادي يوضح أهداف قرارات البنك المركزي الجديدة وتأثيرها على سعر العملة
  • بنك الحوثيين يعلن استعداده تعويض المواطنين بمناطق الشرعية عن مدخراتهم النقدية من العملة القديمة
  • لأهداف طائفية.. ذراع إيران تبدأ بـحوثنة الوظائف العامة
  • القفز نحو الرياض.. مأزق ذراع إيران أمام قرارات مركزي عدن
  • أنشأ مقر قيادة في اليمن وجنَّد المرتزقة.. فيلق القدس يشرف على عمليات الحوثي في البحر الأحمر
  • اقتصادي يمني: نجاح قرارات البنك يعتمد على استمرار الدعم وخفض التصعيد بيد الحوثي