???? جدل إنقلاب -ابريل 2019 م (سناء حمد تهدم أسوار الصمت )(١)
تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT
– (نستاذنكم في أن الإجتماع سوف ياأخر لنصف ساعة عن موعده . ننتظر مشاركة بعض الخبرات والخريجين ؛ علي عبدالفتاح -طارق سرالختم-إيمان فتح الرحمن-وسناء حمد العوض .) هكذا تحدّث بلطف *دمحمد الفاضل الأمين السياسي* لحركة الطلاب الإسلاميين الوطنيين بجامعة الخرطوم حينها (صيف العام ٩٦م) وأستاذ الفيزياء الشهير بثانويات الخرطوم لاحقًا .
– هكذا التقيت وتعرّفت علي الاخت المسلمة دسناء حمد . وامتدّ الوصل حتي بعد حوارها الضّاج بالأسرار عبر (الواتس) واحتفظنا بالود رغم الخلاف البيّن في تفسيرنا وتعريفنا لما حدث في ابريل ٠١٩م . إنقلاب الخيانة والتآمر الذي قادة الجنرال بن عوف ومجموعته علي الرئيس المشير عمر البشير ليلقوا به في السجن لخمس اعوام حتي كتابة المقال وليهنأ قائد الجريمة بحياته مختبئ وزُمرته خلف أسوار حصينة بقاهرة المُعز تطاردهم جرائم الحرب القائمة بكل بشاعتها نتيجة حتميّة لجريمة الانقلاب المشؤوم.
♦️
– كشف الحوار (الخبطة) الذي اداره الإعلامي اللامع (الطاهر التوم) وبذكاء !! في هذا الميقات القاتل عالي الحساسيّة شديد الوعورة والبلاد تتجّه بكليّاتها نحو قضيّة مركزيّة تتحد فيها الطاقات الوطنيّة من شتّي المشارب الفكريّة والمجتمعيّة والشعبيّة والسياسيّة للاصطفاف خلف *الجيش السوداني* في معركة الكرامة لهزيمة ودحر العدوان والغزو الأجنبي والذي تقوده دول ومنظمات وملايش تحت إمرة عصابة دقلو . كشف (الحوار) والذي خاض في (منحني من مساره) في المسكوت عنه (والمحظور) المِحنة التي تعيشها الحركة الاسلامية السودانية علي مستوي المؤسسات ومنهج القيادة في إدارة شؤونها. كما شرع الأبواب لسؤالات مُلِحّة ظلت خلف أقبِية الصمت مظنّة ترجيح المصلحة العامة وحدة للصف من التفرّق وجمعًا للشمل من التشتُّت وإلتزاما للإمرة والطاعة من إنفراط العقد والتنازُع .فغُلِّقت أبواب الحديث حول (إنقلاب أبريل ٢٠١٩م) بالتقرير المُعدِّ من لجنة -تقصّي الحقائق- المُوكّلة بالامر برئاسة عالم موثوق مؤتمن إنتهت مهمّتها برفع تقريرها لمؤسسة (مجلس شوري الحركة) المُنعَقِد في الربع الأول من العام ٢٠٢٢م مكتفيًا بتوجيه الإتهام لِمَن طاله الأمر حسب ما توفّر لها من بيّنات وشهود ووقائع.
– وهُنا لا أود الخوض في جدل صِدقيّة التكليف الممنوح والوارد بشهادة (دسناء حمد) علي العصر كمُحقّق مع (قادة الإنقلاب) ولا في شرعيّة التفويض الصادر دون إذن المؤسسات (المكتب التنفيذي / مؤسسة الشوري) والتي يحكمها دستور ولوائح الحركة حينما يتعلّق الامر بأمهات القضايا في قضيّة جليلة هي قضيّة الساعة التي قضت علي مشروع حُكم وطني بمشاركة غالب القوي الوطنيّة (حكومة الحوار الوطني الشامل) وفتحت الأبواب للمجهول ولتدخلاتٍ أجنبية تسيّدها السفراء وصار السودان دولة إنتداب بكارثة الانقلاب وأنتهت بالحرب المدمّرة .
– ولكن من الضرورة هُنا واللّازم النظر في ما هي المؤسسة التي يقع علي مسؤليتها وضمن إختصاصها وحدود سلطتها البحث والنظر وإصدار القرارات في موضوع (إنقلاب أبريل ٠١٩م).
– هل يقع ذلك ضمن سلطات الحركة أم الحزب (المؤتمر الوطني) الحاكم ؛ حتي عشيّة الانقلاب علي رئيسه الفائز بإسم وبرنامج وقوائم المرشحين للحزب في إنتخابات دورة رئاسة الجمهورية من العام (٢٠١٥م) غير مكتملة الأجل بحُكم الإنقلاب .
– وهل للحركة الإسلاميّة سلطة مُخوّلة تعلُو علي الحزب بكافة مؤسساته الشرعيّة والتي لاتزال قائمة (بعيدًا عن قرار حلّه غير المسنود بقانون ولا دستور) ؟؟.
– هذا ما يحتاج الاجابة عليه في المقال اللاحق . أشير الي ان القضيّة لم تعُد مجرد (حوار) هدم أسوار المسكوت عنه في الزمن الخطأ ولا مجرد إفتآت او إقتناص سانحة للنيل من الاخت الكريمة محل تقديرنا واحترامنا (سناء حمد) وهي صاحب كسب في مسيرة الحركة التي لكل منتمٍ لها عطاء وعَرَق قلّ او تضاعف بقدر ماهو أتاح لنا وأعلن حُرّية الحوار والنقاش في الفضاء المفتوح في مواضيع أقلّ خطورة وليست ممّا يقع في تماس مع العام او يشتبك مع المؤسسات الوطنيّة او القوميّة للدولة التي لا نتساوي فيها مع الاخرين بحقّ المواطنة ..
– ولنا عودة إن شاء الله.
عمّار باشري
الأثنين /٢٥ مارس ٠٢٤م
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
محاكمات الشجرة (يوليو 1971): مهرجان الكلاب الجائعة
كانت أيام انقلاب 19 يوليو هي التي بانت فيها شوكة الجنود وضباط الصف وهم الطاقة المجهولة خلف كل الانقلابات. فلا يظهر بعد الانقلاب إلا رأس جبل جليد الطافح وهم صفوة الضباط. ولكن المسكين جضل (جذل). وجاء يومه. ومن المهم لمعرفة ديناميكية القوة الثالثة (التي أزعم أنها قامت باسترداد نميري للحكم في 22 يوليو 1971 وربما ارتكبت مذبحة بيت الضيافة) وجب علينا دراستها في خلفية مصائر الضبط والربط في القوات المسلحة بعد قيام انقلاب 25 مايو 1969. وهو الانقلاب الأول الذي أعلن لفظاً رد الاعتبار للجند وإعفائهم من بعض صور الخدمة المهينة للضباط. وعناصر هذا الضبط والربط شملت ثلاث جهات هي الضباط العظام وصغار الضباط من مثل رواد الانقلاب ثم الصف والجنود.
فمن بين من ذكروا سطوة الجند هؤلاء الرائد محمد مصطفى الجوكر، صديق المرحوم عبد المنعم الهاموش الانقلابي في 19 يوليو، في لقائه بالرأي العام (30 أغسطس 2009). فخلال محاكمته بالشجرة رأى الجوكر “هياج الجند وصف الضباط” حتى سماهم ب “الكلاب الجائعة”. فنزعوا عنه علامة الرتبة التي لا تخلع إلا بقانون. وهذا إلحاد في القوى النظامية عظيم. وأخذ على الضباط الحاضرين للمشهد عدم تدخلهم من فرط شوكة الصف والجند ومغبة إغضابهم.
وزاد بأن الإعدام لم يكن يجري على أصوله المتعارف عليها. فقد كان حفلاً للتشفي ومعرضاً للارتجال الفالت. وزاد بأنه كان يقف طابور من العساكر وما أن يجيء الضابط المحكوم عليه بالإعدام حتى تنهال عليه الجبخانة “وأي عسكري يسمع من الميكرفون أنه تم الحكم على الخائن فلان يجي جاري وبندقيته فوق ثم يطلق كمية من الرصاص”.
وفي نفس السياق اتصل فيّ خلال الكتابة زملينا الصحافي المخضرم محمد عبد السيد. فحكى نقلاً عن مرويات المرحوم عقيد مظلي عزت فرحات الذي تحاكم بالشجرة وبرأه قضاتها. وعمل بعد استيداعه في وكالة أنباء السودان (سونا) ورافق فيها عبد السيد. ووثق بينهما جامع “من إندنا” لأنهما من النوبة وعلى لغتها. فوضح لعزت من خلال محاكمته أن الجنود والصف هم الذين استولوا على المشهد القضائي. كانوا يصوتون فرحاً بحكم الإعدام، ويحتجون بوضوح إذا بدا لهم الحكم ليناً. وهم الذين يسوقون الضباط إلى المحاكم ويخلعون شارات الرتبة منهم.
ما وراء ذلك الفكك في الضبط والربط؟ وهل هو فكك أم أنه من بولتيكا الثكنات؟
كتبت مرة عن نظريتي عن القوة الثالثة التي كانت من وراء هزيمة انقلاب ١٩ يوليو. ولم تجن ثمرات نصرها لخروج نميري غير المتوقع. فقد ظنوا أنه هلك في القصر الجمهوري الذي أمطروه بوابل من الدانات من دباباتهم. فخرج لهم مع حارسه بعلم أبيض ليوقفوا الضرب. فلم يستجيبوا. فهرب مع حارسه كما هو معروف لا من انقلابي ١٩ يوليو فحسب، بل من انقلابي ٢٢ يوليو أيضاً. وأسقط في يد القوة الثالثة وركبت موجة العودة.
نشر قسيم صبا عطبرة المرحوم اللواء ركن (م) يوسف محمد عبد الغني بعد كتابة مقال لي (الرأي العام 5 سبتمبر 2009) كلمة القت الضوء على تحركات القوة الثالثة في سلاح المدرعات وطموحاتها في 22 يوليو 1971. قال يوسف إن وصفي للقوة من الجنود وصف الضباط التي سادت يوم 22 يوليو ب “القوة الثالثة” هي تسمية متأدبة. فالمصطلح المعروف هو “الجندية المنفلتة” التي أفرخها انقلاب مايو. فالمرحوم يَعُد ما وقع في مايو 1969 ويوليو 1971 نموذجين كلاسيكيين للتدخل العسكري في السياسة بما يجره من تخريب للضبط والربط. فقد كانت غاية صف ضباط وجنود القوة الثالثة هي الترقي بعد أن علموا أن الانقلاب هو “التخريمة” إلى سلك الضباط والسعادة في الدارين.
قال يوسف إن انقلاب مايو خلخل “أعمدة معبد الانضباط العسكري” بترقية كل ضباط الصف من المدرعات والمظلات “الذين نفذوا الانقلاب إلى رتب الضباط بغض النظر عن تأهيلهم وتعليمهم ضارباً باللوائح والنظم بعرض الحائط”. وزاد الطين بِلة أن أصبح هؤلاء الضباط من الصف موضع تدليل من النافذين في الانقلاب على حساب الآخرين. وخرج الأمر من اليد كلية حين انتسب أعضاء هذه الطبقة الحظية إلى خلايا تأمين ثورة مايو.
ولم يعش اللواء يوسف هذه الأجواء الفالتة لأنه كان بعيداً بالمدفعية عطبرة. ولكن كان صديقنا المشترك الفريق فيصل سنادة يحكي ليوسف تحلل العسكرية في المدرعات ويحسده لأنه تبقت هذه العسكرية في المدفعية. وقد تأكد ليوسف هاجس سنادة يوم اعتقل الجند والصف كل ضباطهم بمدينة جوبا بعد فشل انقلاب 19 يوليو. ولم ينقذ ضباط المدفعية هناك إلا فتوة جنودهم الذين أخرجوهم من المعتقل بالقوة.
كانت سيطرة الجنود على ساحة المحاكم مستحقة. فهم من تحركوا لاستلام زمام الحكم أصالة، أو لاستعادة نميري أياً اخترت. ويكفي أن تطالع صحف ما بعد هزيمة الانقلاب لترى أن نجوم صفحاتها كانوا جنوداً وضباط صف. فوجدت مثلاً في تصريحات العريف أبو القاسم تجاني عزة بدورهم كجنود بلا جنرالات. وتحدث العريف للجريدة كناطق رسمي لحركة الجنود، ونسب الفضل في هزيمة الانقلاب لزملائه الصف والجنود لا غير. وقال إنه لم يوجد أي ضابط بحركتهم “إذ فروا هاربين تحت طلقات مدافعنا”. وحذر العريف أبو القاسم ضابطاً بعينه أن يتوقف عن مزاعمه على الإذاعة من أنه عمل وعمل وعمل. ولم يستثن من الضباط من جهة المساهمة في دحر الانقلاب سوى الملازم فتحي محمد عبد الغفور بركوب دبابته منضماً لحركة التحرير. ثم وزع بطاقات الشكر لجنود المظلات والمشاة والشعب السوداني لتعاطفه معهم (الصحافة ٣٠ يوليو ١٩٧١).
كانت سيطرة الجنود وصف الضباط على محاكم الشجرة هي استحقاقهم عن انقلابهم في أي وجهة اتفقت لك. لم يكونوا في حال انفلات بل في حالة جدارة سياسية صنو الضابط المنقلب حذو النعل بالنعل. لقد علمهم انقلاب مايو أن الانقلاب مجز.
عبد الله علي ابراهيم
إنضم لقناة النيلين على واتساب