المدافعون التقليديون عن حقوق الإنسان في السودان الذين أنفقوا عمراً في ادانة انتهاكات جرائم الحرب و التعذيب والاعتقالات التعسفية وإسكات الصحفيين والفصل للصالح العام،

صمتوا عن جرائم الدعم السريع بما في ذلك الأجسام النسوية التي اخترعت مشروعيتها السياسية على صورة تمكين الضحايا من العدالة ومحاكمة المسؤولين عن جرائم الاغتصاب وقمع الناشطات السياسيات والعنف السياسي بأشكاله المختلفة.

لا احمل الاعتقاد أن الحرب مدرسة إذا أعددتها تعلم الشعب الدرس ونهض من الحطام ، لكن على الأقل عندما تنهار المنظومات الليبرالية أمام الأعين علينا التحذير من أنها ستعود بأشكال ومسميات جديدة وواجهات جاذبة أكثر وشراسة أكبر.

Najlaa Eltom

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

هل يَعِي (التقدميون) خطورةَ ما يفعلون؟

لا يستطيع أحد أن ينكر حقيقة أن تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) تضم عدداً لابأس به من الشخصيات المحترمة جداً؛ من الأكاديميين والإعلاميين والسياسيين الذين لهم تأريخهم الطويل في مجابهة الشمولية والديكتاتورية على امتداد تأريخ الظلم الطويل في بلادنا السودان. إلا أن المُثير للشفقة والحيرة حد البكاء، هو أنه بات من الصعوبة بمكان التمييز بين نشطاء الدعم السريع المعروفين بتأريخهم الكيزاني المتسخ، وبين معظم منتسبي (تقدم) الذين تحوّلوا من قادة وأيقونات ثورة ديسمبر إلى أدوات وأبواق لتجميد أفعال مليشيا الدعم السريع الإجرامية والتستبيح بحمد حميدتي بكرة و أصيلا! وما فرحة الكثير منهم بمذابح قرية ود النورة بالجزيرة والتحريض لإبادة مواطني الفاشر وموقفهم المستفز مما جرى لمواطني الجنينة منّا ببعيد .

* ان من نافلة القول الإشارة إلى معاناة أحزاب تقدّم -كغيرها-، من بطش حميدتي وأربابه الذين كان يحرسهم لأكثر من عقد من الزمن ؛ آخرها مجزرة فض اعتصام القيادة العامة و انتهاء بغدر انقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر ؛ فيما عُرف بانقلاب تحالف (الموازة) مع العسكر (الجيش ودعمه السريع). لكن بعد اندلاع الحرب الحالية، وبدلاً من أن تقف (تقدم) على مسافة واحدة من القوتين،(الجيش ودعمه السريع) اللذَّين لا يخشيان في الوطن ولا المواطن إلّاً ولا ذمةً ؛ أعمتهم غبار الانتقام ، فأرتموا في احضان الدعم السريع، الفصيل الخارج أساسا من رحم الجيش، فارتضع من ثديه وترعرع على يد المستذئبين من قادته، أمثال البرهان وغيره...فاشتهر بالقتل، النهب، الحرق والاغتصاب.

* إن ارتماء تقدم في أحضان الدعم السريع بهذه السذاجة، لا تقل خطورة عن ارتماء بعض فصائل الكفاح المسلح في احضان الانقلابيين في انقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر 2021، والذين لم يجنوا منه سوى تمكين الكيزان من التقاط انفاسهم وإعادة تدوير ماكينة الكيد والعمل على وأد جذوة ثورة ديسمبر المجيدة. الا ان خطورة تحالف(تقدم) مع الجنجويد تكمن في الآتي: أولاً: ان الدعم السريع لم يتمرد على صانعيه نتيجة لوعي ثوري وقناعة منه بضرورة التغيير ، وإنما تمرده جاء لهذين السببين:

1- استشعاره بانقضاء فترة وجوده كقوة مستقلة لها امبراطوريتها المالية بعيدة عن مؤسسة القوات المسلحة ؛ بعد أن كثُر الحديثُ عن ضرورة دمجه في الجيش؛ وذلك بعد ان انتهت مهمتها المتمثلة في حراسة نظام الكيزان من ضربات الخصوم.

2-طمع قائده في الحصول على كرسي الرئاسة بأي ثمن، حتى ولو على رقعة جغرافية معينة من السودان (دار فور تحديدا). وهو ما يدفعني بالقطع بأن كلا الطرفين يحاول التذاكي لاستغلال الآخر للنيل من خصومه ومن ثم ركله جانبا...وبالتالي فلا رابط يجمع بين (تقدم) والدعم السريع سوى فرضية أن (عدو عدوك صديقك) . ثانيا: لا شك أن للكيزان ارتباطاتهم وولاءاتهم الخارجية مع تنظيم الاخوان المسلمين في بلدان مختلفة، معتنقين ذات الأفكار المتطرفة التي لا تؤمن بدولة التنوع والديمقراطية . لكن في ذات الوقت يتمتع الدعم السريع أيضاً بذات التمدد الخارجي الذي يربطه بهم أهداف عرقية يتنافى تماما مع شعارات (تقدم) الرامية إلى وحدة السودان وديمقراطيته ووقف الحرب. إذ أن الدعم السريع لا يزال يمارس ذات الافعال والاقوال التي تعلمها من الكيزان، بجانب افكارهم المبنية على إبادة كل من هو (أمباي). وبالتالي، أعتقد ان أعضاء (تقدم) سيكونون أول ضحايا دولة الجنجويد إذا قُدر لهم إقامتها.

* إن السبب الرئيسي وراء تخاذل المجتمع الدولي في التحرك العاجل لوقف العنف في السودان هو أن هذا الصراع دائر بين قوتين لا يختلفان كثيراً في كثير من الجوانب . إذ ان اي تحرك منهم لدعم القوات المسلحة سيوقعهم في ورطة اعادة إحياء نظام الاخوان المسلمين في السودان. وذلك لأن جل قادة الصف الأول للجيش السوداني يدينون بولاء لا محدود لحزب المؤتمر الوطني (الوجه السوداني لتنظيم جماعة الإخوان العالمية). من جهة أخرى يدرك المجتمع الدولي خطورة دعم الدعم السريع ، لأنها تدرك حقيقة هذه القوات التي لم ترتقِ بعد لدرجة النضج الثوري الذي يجعلها متحررة من أدبيات الكيزان الارهابية. لم يبقى أمام الأسرة الدولية سوى تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، لكن ارتماء الاخيرة في أحضان الدعم السريع دفعهم إلى صرف النظر عن الصراع السوداني ولعب دور المتفرج فقط. وهو في اعتقادي خطر على الوطن والمواطن وعلى (تقدم) نفسه. لذلك، وحتى تستردّ (تقدم) احترامها ومكانتها لدى الشعب السوداني والمجتمع الدولي ؛ اعتقد أن عليها التحرر من تلك التبعية الخطيرة التي تمجد القتلة وتبرر قتل المواطنين واغتصابهم وتشريدهم .

وغداً ستكشف الأيام ما سكتت عنها الألسن والأقلام.

أحمد محمود كانم

8 يونيو 2024

# لا_للحرب

amom1834@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • الجنائية الدولية “قلقة بشدة” إزاء ادعاءات بارتكاب جرائم دولية واسعة النطاق في الفاشر والمناطق المحيطة بها
  • بينهم 7 ملايين هربوا بعد الحرب.. أكثر من 10 ملايين نازح داخل السودان
  • مدعي الجنائية يطلق حملة لتقديم المعلومات بشأن مزاعم ارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور
  • أين الفاعلون الدوليون من مخاطر إبادة جماعية في السودان؟
  • القاعدة الروسية في السودان موازنة المحفزات والتهديدات
  • السودان.. خروج مستشفى الفاشر الرئيسي عن الخدمة
  • مرتزقة جنوبيون .. فى صفوف مليشيا الدعم السريع
  • محمد وداعة يكتب: امريكا .. تهدد (1)
  • السودان: عسكرية الحرب ومدنية الحل
  • هل يَعِي (التقدميون) خطورةَ ما يفعلون؟