الهجرة الكبرى.. دراسة: العراق وبلاد فارس أول مناطق سكنها البشر بعد أفريقيا
تاريخ النشر: 30th, March 2024 GMT
العراق – في رحلة استثنائية عبر الزمن، تتبعت أحدث الأبحاث العلمية خطوات جنسنا البشري، “هومو سابينس” -اسم يطلق على البشر الأوائل- منذ بزوغ فجره قبل أكثر من 300 ألف عام في ربوع أفريقيا، إلى انتشاره في أنحاء العالم.
وقد كانت الخطوة الأولى نحو هذا الانتشار الواسع رحلة خروج مجموعة من البشر من القارة السمراء، قبل 60 إلى 70 ألف سنة، لتبدأ معها قصة انتشار الإنسان وتطوره في أنحاء الأرض.
في تحول محوري على مسار التاريخ البشري، كشفت دراسة رائدة نشرت في مجلة “nature” الأمريكية عن لحظات فاصلة شهدها جنسنا البشري، “هومو سابينس”، هذا الاكتشاف يسلط الضوء على رحلة استثنائية بدأت من قلب أفريقيا، حيث قررت مجموعات من الصيادين وجامعي الثمار، التي توشحت بالشجاعة، خوض غمار رحلة محفوفة بالمخاطر والغموض، لينتهي بهم المقام في منطقة غنية بالتنوع البيولوجي والموارد الطبيعية، تمتد عبر الهضبة الفارسية، شاملةً إيران وجنوب شرق العراق وشمال شرق السعودية.
لم تكن هذه المنطقة مجرد محطة عابرة في رحلتهم، بل تحولت إلى مركز حيوي استقرت به هذه المجموعات لآلاف السنين، مشكلةً بذلك نواة لما يمكن وصفه بـ”العالمية البشرية الأولى”. خلال هذه الفترة تطورت هذه المجتمعات وتكيفت مع البيئة المحيطة، مستفيدة من الثروات الطبيعية والتنوع البيولوجي الذي كانت تزخر به هذه المنطقة، لتشكل بذلك مجتمعات مستقرة ومتجانسة، كانت بمثابة حجر الأساس للتوسع البشري اللاحق نحو آسيا وأوروبا.
من هذا المركز الحيوي بدأت رحلة جديدة نحو الأراضي البعيدة، حوالي 45 ألف سنة مضت، ممهدة الطريق أمام انتشار الإنسان في أنحاء متفرقة من الكوكب. هذه الهجرة لم تكن مجرد تحول جغرافي، بل كانت انقلاباً في مسار التاريخ البشري، حيث أتاحت للإنسان استكشاف آفاق جديدة ومواجهة تحديات لم يسبق له مثيل.
تميزت هذه الفترة بتطورات ملحوظة على صعيد الثقافة والتقنية، حيث بدأ الإنسان في صياغة أدوات أكثر تطوراً وفاعلية، واكتشاف طرق جديدة للتكيف مع البيئات المتغيرة، ما أسهم في بقائه وازدهاره في مناطق مختلفة من العالم.
مع الوقت، تطورت هذه المجتمعات لتشمل شبكات تجارية، ونظماً اجتماعية، وتقاليد ثقافية غنية تعكس تنوع وغنى التجربة البشرية. إن الأدوات الحجرية، والفنون الصخرية، والمستوطنات القديمة التي خلفتها هذه المجتمعات تقدم لنا اليوم لمحة عن قدرة الإنسان على الإبداع والتكيف مع محيطه، مهما كان قاسياً.
الدروس المستفادة من هذه الهجرة العظيمة تتجاوز مجرد فهم كيفية انتشار البشر عبر القارات؛ إنها تقدم لنا نموذجاً للمرونة البشرية والقدرة على التغلب على التحديات الكبرى. من خلال دراسة هذه الحقبة الزمنية يمكن للعلماء والباحثين استخلاص معلومات قيمة حول التطور البشري، وكيف أسهمت التحولات الجينية والثقافية في تشكيل العالم الذي نعيش فيه اليوم.
الأدلة الجينية لسكان العالم القدماء
أكدت هذه الدراسة وعلماء الأنثروبولوجيا بجامعة غريفيث، على الأهمية البالغة للتقنيات الجديدة في الجينوميات وعلم الأحياء القديمة التي مكنت من هذا الاكتشاف الرائد. حسب أحد العلماء: “إن استخدام الحمض النووي القديم وتقنيات التحليل الجينومي الحديثة قد فتح باباً جديداً لنا لفهم كيفية تحرك السكان الأوائل وتفاعلهم مع بيئاتهم المتغيرة”، يقول بيتراجليا.
التحليل الجينومي للحمض النووي القديم يعطينا لمحة غير مسبوقة عن التنوع الجيني لأسلافنا، وكيف تغير بمرور الزمن تحت تأثير عوامل مختلفة مثل الهجرة والاختلاط الثقافي والتكيف مع البيئة. أما الأدلة البيئية فتكمل هذه الصورة بتقديم معلومات حول الظروف المناخية، والنباتات، والحيوانات التي شكلت البيئة التي عاش فيها هؤلاء الأسلاف، ما يساعد في رسم صورة أكثر شمولية عن طريقة حياتهم واستراتيجيات بقائهم.
أحد أبرز الاكتشافات التي أتاحتها هذه الدراسة هو تحديد “نقاط التحول” الجينية التي مر بها الإنسان القديم أثناء رحلات الهجرة والاستقرار في أماكن جديدة. هذه التحولات تعكس ليس فقط التكيف الجيني مع البيئات المتنوعة، بل أيضاً تفاعلات واختلاط الجماعات البشرية المختلفة عبر العصور.
إن الجمع بين البيانات الجينية والأدلة الأركيولوجية والبيئية يمكّن الباحثين من تصور التاريخ البشري بدقة أكبر، ما يسمح بإعادة بناء العلاقات بين مختلف الجماعات البشرية وفهم الديناميكيات الثقافية والاجتماعية التي شكلت المجتمعات القديمة.
بالإضافة إلى ذلك، يسهم التقدم في تقنيات التحليل الجينومي والأساليب الأركيولوجية في فتح آفاق جديدة للبحث في علم الإنسان، ما يسمح بالكشف عن أسرار كانت مدفونة لآلاف السنين. هذه الاكتشافات الجديدة تعمق فهمنا للطرق التي تطور بها الإنسان وتفاعل مع العالم من حوله، ما يؤكد على أهمية التنوع والتكيف كعناصر أساسية للبقاء والنمو البشري.
وكالاتالمصدر: صحيفة المرصد الليبية
إقرأ أيضاً:
ترامب يروي كواليس زيارته السرية إلى العراق.. المهمة كانت خطيرة وحياتي كانت على المحك
كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب تفاصيل جديدة عن زيارة سرية أجراها إلى العراق خلال ولايته الأولى، قائلاً إن حياته كانت معرضة للخطر خلال الرحلة التي نُفذت بسرية تامة، وتهدف إلى الوقوف على أسباب تأخر هزيمة تنظيم “داعش”.
وفي خطاب ألقاه أمام الجنود الأميركيين في قاعدة العديد الجوية بالعاصمة القطرية الدوحة، استعاد ترامب كواليس رحلته غير المعلنة، موضحاً أنه قرر التوجه شخصيًا إلى العراق للقاء أحد الجنرالات وطرح تساؤلاته بشأن بطء العمليات العسكرية ضد التنظيم الإرهابي.
وقال ترامب: “فعلت شيئًا لم أفعله من قبل.. طلبت الذهاب إلى العراق لمقابلة من هم على الأرض، لأنني لم أفهم كيف يمكن لتنظيم إرهابي أن يصمد كل هذا الوقت”، ووفق روايته، غادر ترامب في الساعة الثالثة فجراً على متن طائرة “إير فورس وان” في ظروف شديدة السرية والتعتيم، دون علم أحد بوجهته.
وتابع قائلاً: “طلبوا مني إطفاء الأضواء وإسدال الستائر أثناء التحليق فوق أراضٍ معادية، لم أر شيئًا، لا أضواء ولا مسارات طيران. لم أكن أعرف كيف يفعلون ذلك”.
وعند وصوله، التقى الجنرال الذي وصفه باسم “ريزن كين”، وقال له: “أنا أحبك.. أنت الرجل الذي أبحث عنه”، وبحسب ترامب، كشف له الجنرال أن التقديرات الرسمية في واشنطن حول مدة الحرب على “داعش” كانت مبالغًا فيها، مضيفًا: “أخبرني أن الأمر لا يحتاج إلى سنوات، بل إلى نحو ثلاثة أسابيع فقط إذا مُنح الصلاحيات الكاملة لتنفيذ عمليات مباشرة”.
وأوضح ترامب أن الاستراتيجية السابقة اعتمدت على شن غارات من قواعد بعيدة، ما قلل من فاعلية الضربات وأثقل كلفة العمليات الجوية، بينما عرض الجنرال استخدام قواعد جوية أميركية في دول مجاورة لتحقيق نتائج أسرع، وأضاف ترامب أنه دعم الفكرة فورًا قائلاً: “نحن ندفع لهم مليارات الدولارات.. فليتحملوا بعض الإزعاج”.
ووفق ما ذكره الرئيس الأميركي، فقد وافق لاحقًا في واشنطن على خطة الجنرال، ما أدى إلى تسريع وتيرة العمليات العسكرية، وأفضى إلى هزيمة تنظيم “داعش” بشكل كامل، وبعد نحو ثلاثة أشهر، أعلنت “قوات سوريا الديمقراطية” في 23 مارس 2019، إنهاء “خلافة داعش” بالسيطرة على آخر معاقله في الباغوز قرب الحدود السورية-العراقية.
وتُعد زيارة ترامب إلى قاعدة عين الأسد بمحافظة الأنبار العراقية، والتي تم الإعلان عنها لاحقًا في ديسمبر 2018، واحدة من أبرز محطاته كرئيس في الشرق الأوسط، وقد جاءت حينها بمناسبة عيد الميلاد، وسط إجراءات أمنية مشددة وبدون تنسيق مسبق مع الحكومة العراقية.
????لحظات مرعبة عاشها ترامب خلال رحلة سرية????
ترامب يتحدث عن رحلته السرية إلى العراق : "أخبروني بأن حياتي في خطر وعلينا إطفاء أنوار الطائرة".‼️ pic.twitter.com/AkEEeN47fM