الحوار الوطنى يشكل جبهة قوية لمواجهة التحديات
تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT
لا أحد ينكر النجاح الباهر الذى حققه الحوار الوطنى فى نسخته الأولى، وتنفيذ مائة وخمسة وثلاثين بنداً خرجت بها التوصيات للحوار ما بين قرارات تنفيذية وأخرى تشريعية، وكان لا بد من إطلاق النسخة الثانية من الحوار لاستكمال ما لم يتم فى المرحلة الأولى. ولا سيما أن الأكاديمية الوطنية للتدريب التى تم إسناد إدارة الحوار لها، كانت على مسافة واحدة من كل الأحزاب السياسية والقوى الوطنية التى شاركت فى النسخة الأولى.
والمعروف أن الدعوة للنسخة الثانية من الحوار لها العديد من الدلالات والمفاهيم، فمصر التى أجرت انتخابات رئاسية شارك فيها أربعة مرشحين من تيارات مختلفة، وطبقت الديمقراطية بشكل صحيح طبقاً للدستور ومصر التى تؤدى أدواراً سياسية مهمة فى محيطها العربى والإفريقى والإقليمى والدولى، كان من المهم أن تجرى هذا الحوار الوطنى فى نسخته الثانية بعد نجاح النسخة الأولى. فهناك إصرار وإرادة سياسية كبيرة للتشاور بين كل الفصائل والتيارات السياسية بالبلاد سواء كانت أحزاباً أو قوى وطنية من أجل رسم خريطة طريق جديدة للمستقبل خلال السنوات القادمة. وهذا فى حد ذاته رد مهم على كل الذين كانوا يعيبون على الدولة المصرية أنها لا تجرى مثل هذه الحوارات.
الرائع فى الحوار الوطنى أن كل الأطياف السياسية والاقتصادية والقوى الوطنية والمفكرين والكتاب الذين يملكون رؤية فى هذا الصدد، يشاركون فى الحوار سواء فى نسخته الأولى أو الثانية، ولهذا نجح الحوار فى النسخة الأولى ومن المنتظر أن يحقق نجاحاً باهراً فى الثانية. وبالطبع لن يشارك فصيل جماعة الإخوان الإرهابية التى تلطخت أياديها بدماء المصريين، والتى غارت إلى غير رجعة ولن تعود مرة أخرى.. والحوار فى نسخته الثانية لن يقتصر على قضية دون الأخرى، وإنما سيناقش كل ملفات المستقبل فى ظل الجمهورية الجديدة التى تعد البوابة الحقيقية للعالمية.. مصر لم تعد دولة صغيرة، وإنما باتت من كبريات الدول الكبرى التى يعمل لها ألف حساب وحساب، ويشار إليها بأنها دولة محورية فى كل السياسات العالمية من خلال المشروع الوطنى الموضوع للبلاد منذ ثورة 30 يونيو 2013 ويرعاه الرئيس السيسى بنفسه، وينفذ خطواته بكل جدية ويحالفه النجاح بشكل ظاهر وواضح.
الحوار الوطنى فى نسخته الثانية يعنى فتح كل الملفات التى تتعلق بالمستقبل فى ظل الحياة الكريمة التى تنشدها القيادة السياسية للأسرة المصرية. ولذلك جاء فى توقيته وحينه، فقبل ذلك كان من الصعب فتح الحوار، لأن مصر كانت تعيش فى خراب شديد أثناء وبعد حكم جماعة الإخوان، ولم تكن هناك دولة بالمفهوم الطبيعى للدولة. وكان المهم أولاً هو تثبيت أركان الدولة قبل كل شىء، وهذا ما حدث بالفعل مؤخراً.. والنسخة الثانية من الحوار بمثابة فرصة ذهبية لجميع الأحزاب السياسية لتعبر عن برامجها والاندماج وسط الجماهير العريضة للمصريين.. إن هدف الدولة المصرية من هذا الحوار هو خلق جبهة قوية داخلية تشارك فى مواجهة كل التحديات التى تتعرض لها مصر فى كل المجالات والأصعدة. وبالتالى هى فرصة عظيمة لوضع الحلول لكثير من المشكلات المتراكمة عبر عقود من الزمن، إضافة إلى أن الحوار سيضع أولويات للعمل الوطنى خلال المرحلة القادمة.
الحوار الوطنى، الذى يرفع شعاراً مهماً وهو «من أجل الوطن والمواطن»، معروف أنه فى النسخة الجديدة سيناقش كل ملفات المستقبل، واستكمال الحديث حول الملفات المتبقية من النسخة الأولى خاصة بعد توقف الحوار لتنفيذ الاستحقاق الدستورى الخاص بالانتخابات الرئاسية، والمعروف أن الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى أطلق فكرة الحوار الوطنى، حريص جداً على هذا الحوار لأنه يضم كل الأطراف والقوى الحزبية والسياسية من أجل الوصول إلى حلول لكثير من المشاكل التى تفاقمت على مدار عقود زمنية مضت. ولولا الإرادة السياسية للدولة المصرية ما كان الحوار الوطنى قد حقق هذا النجاح الباهر. والحقيقة التى يجب التصريح بها أن هناك إصراراً من الدولة لتفعيل الحياة السياسية من أجل الوصول إلى الديمقراطية الصحيحة والسليمة.
ملفات المستقبل التى سيناقشها الحوار فى النسخة الثانية تضم العديد من المحاور المهمة سواء على المستوى السياسى أو الاقتصادى أو المجتمعى والهدف الرئيسى من كل ذلك هو أن يكون الحوار سنداً للدولة فى الجمهورية الجديدة التى ترسخت معالمها بشكل واضح وظاهر ليس داخلياً فحسب وإنما أمام العالم أجمع.. والمعروف أن الملف الاقتصادى سيكون له الجانب الأكبر من خلال طرح جميع الرؤى لكل القوى الوطنية والحزبية وسيتم تشكيل لجان متخصصة على أعلى مستوى لسماع كل الأفكار والآراء لإيجاد الحلول وعرضها وشرحها بالتفصيل، فى ظل المشكلات الاقتصادية الحالية من اضطراب فى سعر الصرف ووجود سعرين للعملات فى السوق الرسمية والسوق السوداء الموازية، وبذلك يتم الخروج باستراتيجية اقتصادية جديدة تساعد الدولة فى هذه القضية الخطيرة التى تشغل الرأى العام.
وفيما يتعلق بالجانب السياسى فإن الدولة حريصة جداً على تفعيل دور الأحزاب السياسية الشرعية الفاعلة فى البلاد، وليست الحركات الخارجة على القانون والدستور التى تعمل لحساب الخارج ولا يعنيها الوطن والمواطن. والمعروف أن جلسات الحوار تسعى إلى تفعيل الدور الحقيقى للأحزاب السياسية من خلال التواصل الجماهيرى مع المواطنين، وهذا يخلق تشاوراً فكرياً ومجتمعياً، وقد رأينا ذلك واضحاً خلال المشاركة الإيجابية للمواطنين فى الانتخابات الرئاسية، إضافة إلى خوض ثلاثة أحزاب هذه الانتخابات وهى الوفد والمصرى الديمقراطى والشعب الجمهورى، وقد أتاحت الدولة لمرشحى الأحزاب الثلاثة الدكتور عبدالسند يمامة وفريد زهران وحازم عمر الفرصة كاملة خلال هذه الانتخابات، ولم تسجل أية مخالفة منذ الدعوة إلى الانتخابات حتى إعلان النتيجة، ما يعنى أن الدولة تصر على تفعيل الحياة السياسية والحزبية كما ورد فى الدستور خاصة المادة الخامسة التى تقضى بالتداول السلمى للسلطة من خلال الأحزاب السياسية الشرعية الفاعلة فى البلاد.
أما المحور الثالث فإنه يتعلق بكل القضايا الاجتماعية التى تشغل بال المصريين، ومنها قضايا استمرت لما يزيد على خمسين أو ستين عاماً دون حل.. واستمراراً للمرحلة الأولى من الحوار سنجد العديد من القضايا المجتمعية مفتوحة للنقاش فى هذا المحور، بل إن هناك قضايا شائكة جداً تناولها الحوار فى المرحلة الأولى، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، قضايا الوصاية على المال، وحق الزوجة فى الولاية طالما أن القانون والشرع لا يمانعان فى ذلك، وأعتقد أن المرحلة الثانية من الحوار ستواصل فتح هذه الملفات الشائكة التى تؤرق المجتمع حتى تصل إلى حلول واقعية بشأنها.
وخلاصة القول إن كل المحاور السياسية والاقتصادية والمجتمعية سيتم طرحها على النسخة الثانية من الحوار للاتفاق على وضع حلول تكون قيد التنفيذ، كما تم فى النسخة الأولى التى صدرت بشأنها توصيات تنفيذية تقوم بها حالياً السلطة التنفيذية وأخرى تحتاج إلى تشريعات جديدة أو تعديلات فى التشريعات وقد صدرت توجيهات رئيس الجمهورية إلى الحكومة بشأنها لتقديم القوانين الجديدة وعرضها على مجلس النواب لإقرارها، وفى الحقيقة فإن الحوار الوطنى قائم على مبدأ الشفافية الذى يؤكد أن الدولة المصرية تهتم اهتماماً بالغاً بالمبادئ الواضحة ووضع استراتيجيات جديدة، ما يكسر هاجس الريبة والشك بين الحكومة وأطياف المجتمع السياسية المختلفة ودعم مقومات الثقة الكاملة بين كل هذه الأطراف، كما أن هذا الدعم الرئاسى يساعد على إنجاح الحوار الوطنى كما حدث فى النسخة الأولى، من أجل تحقيق التنمية الحقيقية التى تعود ثمارها فى نهاية المطاف على الوطن والمصريين.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: وجدي زين الدين حكاوى النجاح الباهر الحوار الوطني الاكاديمية الوطنية للتدريب الأحزاب السياسية القوى الوطنية الثانیة من الحوار الأحزاب السیاسیة فى النسخة الأولى النسخة الثانیة الحوار الوطنى هذا الحوار الحوار فى فى نسخته من خلال من أجل
إقرأ أيضاً:
الصعيد الجُوَّانى
تحتاج مصر فى ظروفها الحالية إلى تكاتف الجميع وتلاحم الشعب لكنك تفاجأ أن يأتى أحدهم ليتحدث عن الجنوب والصعيد وكأنهم دولة أخرى فى حاجة إلى «مينا» ابن سوهاج الذى وَحّد القطرين؛ ونسىِ هذا أن ما يوجد فى أبعد قرية فى صعيد مصر هو ما يوجد فى أدنى قرية بالدلتا أو المحافظات الحدودية، وأن القرى لم تعد منغلقة على نفسها بل صارت تعيش العولمة بإيجابياتها وسلبياتها، وأن محاولة التفرقة وبث الفتنة بين الصعيد ووجه بحرى جريمة يجب أن يحاكم مقترفها لأن الوطن لا يحتمل أمثال هؤلاء، ولا يتقدم برؤى انهزامية تقضى على الأخضر واليابس. ولعل مرجع الصورة الذهنية السلبية عن الصعيد يعود إلى بعض المسلسلات والأفلام التى تُرضى بعض المشاهدين الذين تكونت لديهم صورة الصعيد المتخلف الغبى من تجار الآثار والأسلحة وزارعى المخدرات، وكأن كل صعيدى يتعاطى المخدرات ويبيع الآثار ويقتل بالأسلحة أبناء عمومته يومياً؛ هذه الصورة النمطية التى ترسخت فى الذهنية الجمعية عن الصعايدة أسهم فيها- للأسف- بعض الصعايدة أيضاً حتى يسيروا مع الموجة الغالبة، ولعل من الطريف أن 90٪ من النكت على الصعايدة يؤلفها صعايدة! وكم أود أن يتصدى علماء الاجتماع وعلم النفس والإعلام لهذه الظواهر التى أوجدت طبقية ذهنية بين أفراد المجتمع فيلجأ الصعايدة للدفاع عن أنفسهم أمام كل حادثة وأمام كل دَعِى.. حبذا لو قامت الجامعات بدراسة هذا التغييب البحثى عن مشكلات التفرقة والعنصرية بين أفراد المجتمع الواحد أسبابها وكيفية معالجتها، وأن يأخذوا هؤلاء الإعلاميين من ذوى الفتن فى دورات علمية حتى يناقشوا ويستمعوا للوقوف على الحقيقة، وأن يأخذوهم فى رحلات إلى محافظات مصر بالقطار العادى وليس بالطائرات وأن ينزلوهم بعيداً عن المزارات السياحية والفنادق الفخمة بل فى القرى والنجوع ليقفوا على مشكلات الناس الحقيقية وعلى أرض مصر بكل ما فيها من جمال ومن سلبيات، فهم ليسوا فى حاجة إلى مرشد سياحى وإنما مرشد وطنى يعلمهم احترام هذا الشعب بكل محافظاته وبكل ألوانه وأديانه ومذاهبه، إن دور الإعلام مساندة الدولة لكننا أُصبنا ببعض الإعلاميين الذين يحتاجون إلى الدولة لتسندهم، فصار الميزان مختلاً لأن هؤلاء لن ينفعوا الدولة بل يضرونها، لأن المواطن لن يصدقهم حتى لو عرضوا أشياء حقيقية وهناك طفرة إيجابية ملحوظة فى قنواتنا التليفزيونية (ماسبيرو) أداء وصورة لكنها تحتاج إلى وجوه جديدة أو إعلام فى حاجة إلى إعلام.
مختتم الكلام
«الصباح يدقُّ على الباب، ولا باب هنا»
[email protected]