على الليبراليين عدم استخدام وسائل غير ليبرالية لهزيمة ترامب
تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT
قد تبدو واقعة تعيين رونا مكدانيال كمحللة سياسية في شبكة إن بي سي الإخبارية ثم فصلها بعد تعيينها مثل عاصفة إعلامية صغيرة. لكنها تجبرنا على مواجهة قضية أكبر بكثير ستظهر المرة تلو الأخرى في حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية الحالية. إنها كيفية التعامل مع ترامب ومؤيديه.
باختصار، كانت مكدانيال تتولى رئاسة اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري في نوفمبر 2020.
هذا كله كان أمرا سيئا. لقد سمعنا الكثير عن ذلك الى حد أننا أحيانا لم نعد نشعر بأهميته. لذلك دعوني أذكِّر أنفسنا جميعا بما يلي:
كان ترامب أول رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يحاول وقف الانتقال السلمي للسلطة. لقد حرَّض جمهرة من الناس على تهديد نائبه نفسه (مايك بنس) ومُشرِّعي الكونجرس. وتمكن من دفع أغلبية من الأعضاء الجمهوريين في مجلس النواب على التصويت ضد المصادقة على نتائج انتخابات عام 2020 على الرغم من إجازتها بواسطة 50 ولاية إلى جانب واشنطن العاصمة وتأكيدها بواسطة المحاكم في عشرات الأحكام القضائية.
هذا ليس أمرا هينا. لكن المشكلة هي أن حوالي ثلث الأمريكيين منذ ذلك الوقت يؤمنون بأن انتخابات عام 2020 لم تكن حرة ولا نزيهة. هذا يعني أكثر من 85 مليون أمريكي راشد.
السؤال: كيف يمكن لنا أن نتعامل مع هؤلاء؟ كيف يمكن أن نتعامل مع أولئك الذين قادوهم إلى الإيمان بذلك؟ هل نتجاهل وجودهم جميعا؟ هل يجب عدم السماح لأي شخص لديه وجهة النظر هذه بالحديث على شبكة ان بي سي الاخبارية؟ أعتقد أن مسؤولي ان بي سي كانوا يحاولون إيجاد وسيلة معقولة لتمثيل آراء هؤلاء الـ85 مليون أمريكي على موجات أثير شبكتهم الاخبارية.
أنا أتفهم المعضلة. مكدانيال تصرفت بطرائق ليست محافظة أو جمهورية بل معادية للديمقراطية. لقد هاجمت القواعد الدستورية للولايات المتحدة. لكن طبيعة الديمقراطية الليبرالية تعني أننا نسمح لكل أصناف الناس بالتعبير عن آرائهم. لقد ترشح شيوعيون أعلنوا عن شيوعيتهم صراحة لتولي رئاسة الولايات المتحدة.
دعونا نكن أمناء. العديد من القادة الجمهوريين يفتقرون إلى الشجاعة. من المستبعد أن يقبلوا بأكاذيب ترامب. لكنهم يعلمون أن قاعدة حزبهم تقبل بها وأن الاختلاف مع هذه القاعدة انتحار سياسي. فمعظم الجمهوريين المنتخبين الذين على نحو أو آخر عارضوا ترامب هم الآن جمهوريون منتخبون «سابقا».
لكن البعض يحاول فعلا النأي بنفسه عن أسوأ تجاوزات الترامبية. فمكدانيال في مقابلة مؤخرا على شبكة أن بي سي أكدت أن بايدن رئيس شرعي للولايات المتحدة. ألا يجب علينا تشجيع هذا النوع من العودة الى الوضع العادي والمألوف؟ أم يلزمنا أن نعاقب الى الأبد أولئك الذين أيدوا يوما ما نظريات المؤامرة؟
على الديمقراطيات الليبرالية تجنب إغراء استخدام وسائل غير ليبرالية حتى عندما تواجه آراء ومواقف معادية دون مواربة للديمقراطية الليبرالية نفسها.
ينتابني الشعور بالقلق من بعض قضايا المحاكم المرفوعة ضد ترامب. ربما تكون قضايا مشروعة من الناحية الفنية. لكن بعضها يتعلق بمخالفات حدثت قبل سنوات ولم يُتَّهم بشأنها وقت وقوعها. السؤال: هل كان سيُتَّهَم بها إذا لم يكن الشخصية السياسية الإشكالية اليوم؟
هذه المساعي للحكم عليه بالخروج عن المألوف لم تنجح حتى الآن. فعلى الرغم من اتهامه بارتكاب 88 جناية والحصار الذي تفرضه عليه نخبة وسائل الإعلام إلا أنه يقود في استطلاعات الرأي العام.
فما يحرك مؤيديه ايمانهم بأن جماعة من الليبراليين المتعلمين «أكثر مما يلزم» ولا يأبهون بهم يتولون إدارة البلاد.
إذن كيف في اعتقادكم ستكون ردود أفعالهم عندما تبتدع مجموعة من المحامين في المدن الكبيرة طرقا ذكية لجعل ترامب غير مؤهل لخوض الانتخابات الرئاسية؟
وكما أذكر في كتابي الجديد «عصر الثورات» يبدو ازدراء اليمين الشعبوي الجديد للديموقراطية الليبرالية مخيفا. فهو يشكل أخطر تهديد نواجهه لمستقبلنا السياسي. لكن اليسار أيضا له تجاوزاته في هذا الاتجاه. فالعديدون يريدون الاستغناء عن بعض قواعد وإجراءات الليبرالية. إنهم يريدون حظر أولئك الذين لديهم أفكار «خاطئة» عن الحديث. إنهم يريدون تحقيق المساواة العرقية عبر الحصص أو بقرار (يقصد الكاتب بعبارة «عبر الحصص أو بقرار» عبر التمثيل النسبي للجماعات العرقية في المؤسسات المختلفة أومن خلال اتخاذ قرارات سياسية وليس بالوسائل الليبرالية المعهودة- المترجم). إنهم يريدون استخدام التعليم أو الفن لتحقيق أهداف سياسية بدلا عن أهداف تعليمية أو فنية. واقتناعا منهم بفضائل أفكارهم نظريا كحقوق طالبي اللجوء على سبيل المثال فإنهم يفرضونها على مجتمع يتردد في قبولها. لكن الأعمال الثورية التي تتنزل من أعلى الى أسفل سواء من يسار متصلب أو يمين رجعي كثيرا ما تتسبب في المزيد من الاضطراب بدلا عن التقدم الى الأمام.
النسخة الترامبية للشعبوية اليمينية معادية لليبرالية وكارهة للأجانب وتدفع بأمريكا نحو نهايات مظلمة. لكن السبيل إلى هزيمتها في نظام ديموقراطي ليبرالي ليس استخدام آليات قانونية تخرج ترامب من الملعب السياسي وتتجاهل وجود أو نفوذ أولئك الذين يؤيدونه. بل عن طريق مجادلة حلفائه وطرح مواقف قوية ومقنعة تُظهِر أن أمريكا يمكنها معالجة مخاوفهم ومواجهة ترامب في ميدان المعركة السيا .
سية وهزيمته.
فريد زكريا كاتب رأي في صحيفة واشنطن بوست ومقدم برنامج يتناول القضايا الدولية والشؤون الخارجية على شبكة سي أن أن.
الترجمة لـ $ عن واشنطن بوست
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: أولئک الذین
إقرأ أيضاً:
ترامب يهدد بترحيل ماسك إلى جنوب إفريقيا
في تصعيد غير مسبوق بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وصديقه وحليفه السابق، الملياردير الأميركي إيلون ماسك، صرّح ترامب بأنه سيفكر في مسألة ترحيل ماسك إلى موطنه الأصلي، جنوب أفريقيا.
وقال ترامب للصحفيين، قبل صعوده إلى طائرة في رحلة لزيارة مركز احتجاز مهاجرين في فلوريدا: “لا أعلم (…) سنفكر في ذلك.”
وقد أثارت تصريحات ترامب جدلا واسعا، حول ما إذا كان يملك السلطة القانونية لترحيل مواطن أميركي يحمل الجنسية، مثل إيلون ماسك.
وُلد ماسك في بريتوريا، جنوب أفريقيا، ثم انتقل إلى كندا ولاحقا إلى الولايات المتحدة للالتحاق بجامعة بنسلفانيا، وأصبح الملياردير مواطنا أميركيا في عام 2002 عن طريق عملية التجنيس بعد أن عاش وعمل في الولايات المتحدة لعدة سنوات، بحسب تقرير لمجلة نيوزويك.
من الناحية القانونية، ماسك حاصل على الجنسية الأميركية، ما يعني أنه مواطن كامل الحقوق.
وينص القانون الأميركي، على أنه لا يمكن ترحيل أي شخص يحمل الجنسية الأميركية، سواء كان مواطنا مولودا في الولايات المتحدة أو حصل على الجنسية عن طريق التجنيس، إلا في حالة إسقاط الجنسية بحكم قضائي.
وينص التعديل الرابع عشر للدستور الأميركي، على أن كل من يولد أو يجنس قانونيا في الولايات المتحدة هو مواطن أميركي.
ويحدد قانون الهجرة والجنسية الأميركي الأشخاص الذين يمكن ترحيلهم، ويطلق عليهم اسم “غير المواطنين”، في حالة ارتكابهم مخالفات معينة.
وفي قضية تعود لسنة 1967، حكمت المحكمة العليا، بأن الحكومة الأميركية لا تملك الحق في نزع جنسية المواطن الأميركي دون موافقته.
والحالة الوحيدة التي يمكن فيها ترحيل مواطن أميركي حاصل على الجنسية، هي عبر إسقاط جنسيته بحكم قضائي، إذا ثبت أنه قدّم معلومات كاذبة أثناء الحصول على الجنسية.
في أكتوبر من العام الماضي، ذكرت صحيفة “واشنطن بوست”، أن إيلون ماسك كان قد “عمل بشكل غير قانوني في الولايات المتحدة” عندما أسس شركة أثناء وجوده في البلاد بتأشيرة طالب في عام 1995، ولم يلتحق بجامعة ستانفورد كما وعد، بحسب ما نقلته نيوزويك.
وخلال مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز، أشار المعلق المحافظ ستيف بانون، حليف ترامب، إلى أنه “يجب فتح تحقيق رسمي في وضعه كمهاجر، لأنني أعتقد بشدة أنه مهاجر غير شرعي، ويجب ترحيله من البلاد فورا”، وفق ما نقلته نيوزويك.