حذر شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى من خطورة استقواء أي مجموعة وطنية على أخرى، مهما كانت الدوافع والمبررات، انطلاقا من وحدة داخلية محصنة بجيش قوي وإرادة شعبية متماسكة تشكل جميعها قوة ردع لمن يحاول استباحة الكيان، ولا تغرق الوطن في مغامرات غير محسوبة ومنازعات داخلية وأزمات لا طاقة له على تحملها.



وخلال الافطار الجامع الرسمي والروحي الجامع، الذي أقيم في دار طائفة الموحدين الدروز في بيروت، بدعوة من مشيخة العقل والمجلس المذهبي بمشاركة رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه ممثلا بالنائب محمد خواجة، طالب شيخ العقل باحترام الدستور والإسراع في عمليات الانتخاب والتعيين وفق الأصول الدستورية، وبأكبر قدر ممكن من التفاهم والاتفاق، صونا للدولة من التفكك القاتل، وحماية للمؤسسات من الشلل، آملا بتطبيق اتفاق الطائف بأكمله، وتأسيس مجلس الشيوخ ليتولى مهماته دستوريا. 

وقال ابي المنى: "المشهد مأسوي، ولون الحياة يكاد يصبح بلون الدماء والدمار، وقادة العدو الغاشم إلى مزيد من الجنون والإجرام، وكأن لغة العقل في إجازة، والزمان إلى نهاية، والعالم إلى زوال، لكن الحقيقة غير ذلك، فالحق موجود والأمل معقود على أهل العقل والحكمة وعلى دعاة السلام في كل مكان وزمان، والمسؤولية، وإن كانت ملقاة بالدرجة الأولى على الدول الكبرى صانعة القرار، إلا أن كل دولة من دولنا معنية بصيانة شعبها ومعالجة أوضاعها وحماية كيانها، وكل أمة جديرة بصوغ وحدتها وصون ثقافتها ووجودها، ولا يجوز لأي منا أن يتخلى عن مسؤوليته، كبر مقامه أم صغر، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، كما قال الرسول".

وأضاف: "فلنعمل معا بمسؤولية، وبروح ركاب السفينة، وسفينتنا الوطنية واحدة، معا نغرق إذا ما تصارعنا وتفرقنا، ومعا ننجو اذا ما تعاونا وتطلعنا إلى الأمام، وإن كان القبطان مغيبا منذ سنة ونيف، فهذا أمر غير مطمئن، إلا أننا جميعا معنيون بسلامة السفينة ومسؤولون عن ركابها، أولا بأول، تربية وثقافة وعملا منتجا وتشريعا وانتخابا وإدارة وتنفيذا، في مهمات متنوعة، لكنها متكاملة، تحتضن قضية واحدة، هي قضية لبنان الوطن الرسالة، وذلك هو مضمون الشراكة والرعاية، وتلك هي سنة الحياة الوطنية، وهذا هو سبيل الخلاص".

أجدها مناسبة للتعبير عما يجول في خواطرنا، كقادة روحيين، ولا أظن أحدا منا يعارض أحدا، وإن كنا لم نفلح حتى الآن في عقد قمة روحية منتظرة بسبب تسارع المستجدات، لكنها قائمة باستمرار في ما بيننا، وما زلنا نشرع الأبواب لها ولأي لقاء جامع يترجم حقيقة وحدتنا الروحية والاجتماعية والوطنية ومضمون رسالتنا الأخلاقية والإنسانية، وقد آلينا على أنفسنا في لقاءاتنا الثنائية التي عقدناها أن نعمل معا لتمتين روابط العيش الواحد في ما بين عائلاتنا الروحية، ولتهيئة المناخات الإيجابية في البلاد وفتح الطريق أمام المسؤولين للتلاقي الفعال والتعاون الصادق من أجل إنقاذ الوطن والنهوض بالدولة.

إننا نحمد الخالق عز وجل على نعمة الإيمان التي تجمعنا، وعلى المعاني العميقة التي تتضمنها حقيقة كوننا أبناء هذا الوطن الحضاري الجامع وهذا النموذج الأرقى للتنوع في الوحدة، والذي له حق علينا بأن نفهمه بعمق وأن نحسن إدارته والاستفادة منه، وأن نرفض الأصوات المنادية بأية صيغة من صيغ التقسيم والتشرذم المناطقي أو الطائفي، وأن نتحمل مسؤولية الحفاظ على ميثاقه وعلى رسالته الإنسانية الراقية وعلى وجوده.

لقد طالبنا مرارا باحترام الدستور والإسراع في عمليات الانتخاب والتعيين وفق الأصول الدستورية، وبأكبر قدر ممكن من التفاهم والاتفاق، صونا للدولة من التفكك القاتل، وحماية للمؤسسات من الشلل الكلي، رافضين التسويف والانتظار ووضع الفيتوات الداخلية والاستسلام للتسويات الآنية، التي وإن كانت جميلة أحيانا، إلا أنها غالبا ما تكون محكومة لا تنتج سوى حلول ضعيفة ومسؤولين محكومين، وقد بات التفكك الداخلي مدعاة للتوغل الخارجي، وكأن لبنان أضحى عدو نفسه؛ فالخارج، وإن كان مهتما بنا عبر لجنة خماسية أو اتصالات فردية أو مبادرات ثنائية أو ثلاثية، لكن لا يتوهمن أحد أننا في رأس قائمة اهتماماته لكي ننام على حرير الوعود والانتظارات والأوهام، وكأننا لسنا المعنيين بإنتاج الحلول وإنقاذ الوطن.

لقد طالبنا ونطالب المسؤولين، وكل من مكانه وعلى قدر مكانته، وبالرغم من الفراغ المؤلم في سدة الرئاسة الأولى، طالبنا بضرورة الاهتمام بالوضع المعيشي والاجتماعي باعتباره أولوية، والمبادرة إلى استنباط الحلول الممكنة للتخفيف من معاناة اللبنانيين والحد من هجرة الأدمغة والطاقات، شاكرين المجلس والحكومة على بعض الإنجازات الضرورية التي حالت دون تمكن اليأس من الشعب، وهذا هو الحد الأدنى المطلوب، وربما هذا هو الحد الأقصى الممكن في ظل هذه الحالة غير الطبيعية التي تعيشها البلاد.

ولقد نبهنا، كما نبه سوانا، إلى جملة مخاطر وتحديات، لعل النزوح السوري في طليعتها، بما يتبعه من تفلت الحدود وعمليات التهريب، وهو ما يستدعي توحيد الرؤية حول كيفية التعاطي مع النازحين واللاجئين بما يكفل سلامة لبنان أولا من الانعكاسات السلبية، اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا وسياسيا، وما يحفظ كرامة النازحين واللاجئين وأمنهم المرتجى وعيشهم المقبول من جهة ثانية.

كما نبهنا، وما زلنا ننبه إلى خطورة استقواء أي مجموعة وطنية على أخرى مهما كانت الدوافع والمبررات، فلبنان لا يبنى إلا على قاعدة أخلاقية ذهبية ثابتة، تقضي بأن تحافظ كل عائلة روحية على شريكتها في الوطن، لا على نفسها فحسب، وهذا ما يتطلب العمل لتعزيز ثقافة المواطنة كبديل عن أية ثقافة فئوية، بالإضافة الى تعزيز ثقافة الانتماء الوطني وثقافة الدفاع عن النفس والتصدي لأي اعتداء على الوطن، انطلاقا من وحدة داخلية محصنة بجيش قوي وإرادة شعبية متماسكة تشكل جميعها قوة ردع لمن يحاول استباحة الكيان، ولا تغرق الوطن في مغامرات غير محسوبة ومنازعات داخلية وأزمات لا طاقة له على تحملها.

ولقد أكدنا، على صعيد آخر، على ضرورة الاعتماد على النفس، وتحفيز اللبنانيين الميسورين والمغتربين ورجال الأعمال المقتدرين، للاستثمار في لبنان والمشاركة في رفع نسبة الإنتاج المحلي والاكتفاء الذاتي، بالإضافة إلى أهمية استثمار أراضي الأوقاف التابعة للطوائف بما يحقق الغاية منها ويؤكد الواجب الديني تجاهها، وبما يساعد في تأمين فرص العمل للشباب اللبناني والمساهمة في عملية النهوض الاقتصادي.

كما دعونا معا إلى التصدي لخطر لا يقل شأنا عن أي خطر سياسي أو أمني أو اقتصادي، وهو خطر التفلت الأخلاقي وانتشار ثقافة هدم الأصول، وهو ما يتعارض مع ثقافتنا وتقاليدنا الشريفة، فشددنا مع إخواننا الرؤساء الروحيين على أهمية احتضان المبادرات التربوية والثقافية والاجتماعية التي تهدف الى صون الأسرة والقيم، وهذا ما بدأناه مع وزارة الثقافة مشكورة، وما نصر عليه مع وزارة التربية ومؤسسات المجتمع الأهلي.

لقد اعتدنا وإياكم أن ندعو إلى اعتماد الحكمة والشورى في اتخاذ القرارات الوطنية، وفي التعاطي مع القضايا المرتبطة بالنزاعات الإقليمية، بما يكفل عدم فصل لبنان عن محيطه العربي وعن قضايا الأمة، وعدم انحيازه إلى محاور متنازعة تعرضه لحروب ومواجهات مدمرة، وقد رفعنا منذ البداية شعارنا القائل ب"الحياد عن كل ما يفرق والانحياز إلى كل ما يجمع"، على أمل تطبيق اتفاق الطائف بأكمله، وتأسيس مجلس الشيوخ الذي يتولى هذه المهمة دستوريا، راجين أن يكون صمود الجنوب وألم الجنوبيين ودم الشهداء الميامين حافزا لنا للتيقظ والتفاهم وصيانة الدولة، وأن يكون وجع الناس المعيشي دافعا لنا لتبني المبادرات الواقعية والمعالجات الجدية.

أخيرا، وليس آخرا، فإننا نكرر تضامننا مع غزة المظلومة، وإدانتنا للعدوان الإسرائيلي الهمجي على الشعب العربي الفلسطيني واستباحة أرضه واغتصاب حقوقه وانتهاك كرامته وممتلكاته ودماء أطفاله ونسائه وشيوخه، كما ندين الاعتداءات السافرة المتكررة على جنوب لبنان وعلى الشعب اللبناني وعلى قوات "اليونيفيل" مؤخرا، ونحمل المسؤولية للمجتمع الدولي وللدول صاحبة القرار بالعمل لوقف هذه الاعتداءات والقفز فوق القرارات الأممية والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والشعوب، مطالبين بردع العدوان وقطع سبل دعمه، وإيجاد الحلول النهائية العادلة للقضية الفلسطينية، لتكون للفلسطينين دولتهم الموحدة والمستقلة والكاملة السيادة".

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

حملات مرورية لضبط سيارات التاكسي غير الملتزمة بتشغيل العداد وتطبيق البنديرة بالدقهلية

شنت اليوم الإدارة العامة لمرور الدقهلية بقيادة العميد حاتم طه، حملات مرورية مكثفة داخل مدينة المنصورة، للتأكد من التزام سائقي سيارات الأجرة (التاكسي) بتشغيل العداد وتطبيق البنديرة الجديدة، وضبط المخالفات فورًا.

 

وشملت الحملة عددًا من شوارع مدينة المنصورة، حيث أسفرت عن ضبط عدد من المخالفات المتنوعة، أبرزها عدم تشغيل العداد أو الامتناع عن التحميل، وعدم الالتزام بالتسعيرة المقررة، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في حينها.

 

وأكد " المحافظ " أن بنديرة التاكسي الجديدة حددت بقيمة 12 جنيهًا عند فتح العداد، و 3 جنيهات لكل كيلومتر، مشددًا على أنه لن يُسمح بأي تجاوز أو استغلال للمواطنين، وأنه تم توجيه المرور لتكثيف الحملات ميدانيًا صباحًا ومساءً في جميع شوارع المنصورة.

 

وأوضح "مرزوق" أن المخالفين سيعرضون لعقوبات فورية تتراوح بين 1000 و 3000 جنيه مع إيقاف الرخصة من شهر إلى ثلاثة أشهر، طبقًا لنوع المخالفة، على النحو التالي: غرامة 1000 جنيه لعدم تشغيل العداد، وقف الرخصة من شهر إلى 3 أشهر وغرامة 1000 جنيه عند تلف أو تعطيل العداد، وغرامة من 1000 إلى 3000 جنيه عند الامتناع عن التوصيل، وغرامة 1000 جنيه عند طلب أجرة زائدة أو مخالفة خط السير.


وأشار " المحافظ " إلى أن الهدف من الحملة هو الانضباط وحماية حقوق المواطنين، داعيًا جميع السائقين إلى الالتزام الكامل بالتسعيرة المعلنة والمعايرة الجديدة للعداد، مؤكدًا أن الدولة لن تتهاون في تطبيق القانون.

 

كما دعا اللواء "مرزوق" المواطنين إلى الإيجابية والإبلاغ الفوري عن أي مخالفات يرصدونها، مع تصوير الملصق المثبت على التاكسي وتسجيل رقم السيارة، والإبلاغ عبر أرقام غرفة عمليات المحافظة بمركز سيطرة الشبكة الوطنية:
???? 0502316644 – 0502314880 – 0502327792 من الهاتف الأرضي أو المحمول، أو على الرقم 114 من الهاتف الأرضي.  

 

وتفقد اللواء طارق مرزوق محافظ الدقهلية، صباح اليوم الأحد خلال جولته الميدانية الصباحية بمدينة المنصورة، موقف سيارات الميكروباص بجديلة، للاطمئنان على انتظام الحركة المرورية للباصات الجديدة خاصة خط جديلة/الجلاء وانضباط الخدمات المقدمة للمواطنين، ومتابعة مدى الالتزام بالتعريفة المقرررة.

وكلف محافظ الدقهلية اللواء عمرو عبد الرحمن مدير عام إدارة المواقف، وأحمد البنداري مدير التشغيل بالتنسيق مع العميد حاتم طه مدير إدارة المرور لإتخاذ الإجراءات اللازمة العاجلة لتشغيل خطوط ميكروباص" باصات" جديدة لخدمة المواطنين في مختلف مناطق وقطاعات المدينة والتيسير على المواطنين في الانتقال.

 

وأكد اللواء "مرزوق" خلال جولته أن المتابعة الميدانية المتواصلة هي الأساس في ضبط الأداء وتحقيق العدالة بين السائقين والركاب، مشددًا على أنه لن يُسمح بأي تجاوز أو استغلال للمواطنين، وأن أجهزة المحافظة تعمل على مدار الساعة من خلال لجان المتابعة الميدانية المنتشرة بجميع المراكز والمدن.

مقالات مشابهة

  • يونيفيل: الأفعال التي قام بها الجيش الإسرائيلي انتهاكا لسيادة لبنان
  • وداع حاشد لطليع حمدان في عين عنوب بحضور شيخ العقل ووفود سياسية وثقافية
  • حملات مرورية لضبط سيارات التاكسي غير الملتزمة بتشغيل العداد وتطبيق البنديرة بالدقهلية
  • تايلند تبدأ عاما كاملا من الحداد على وفاة الملكة سيريكيت
  • حميد: من الجنوب تصنع العزّة وكرامة الوطن
  • خطة وزارة الزراعة لتعزيز الإنتاج وتطبيق الممارسات الحديثة في الحقول
  • خريش يجول في الجرد الأعلى ويلتقي شيخ العقل
  • حزب الله يرفض تسليم سلاحه تحت شماعة قوة الوطن وسيادة لبنان
  • تهنئة لبنانية للمفتي السعودي الجديد من شيخ العقل أبي المنى
  • أمانة عمّان تكشف عن مخالفات الخطوط الحمراء وتطبيق رصد الالكتروني