فرنسا ترى في الاقتصاد مدخلا لتحسين العلاقات الدبلوماسية مع المغرب
تاريخ النشر: 7th, April 2024 GMT
قال تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية، إن باريس تأمل في تحريك المياه الراكدة للتجارة مع الرباط، الشريكة التي لا غنى عنها في المغرب العربي، بعدما تأثرت الروابط بين الطرفين بسبب قضية الصحراء.
وأكد وزير التجارة الخارجية الفرنسي، فرانك ريستير، إن الوقت حان « لإنعاش العلاقة »، وذلك في زيارة إلى المملكة الخميس الماضي، بعد أسابيع من أخرى قام بها وزير الخارجية ستيفان سيجورنيه.
وكشفت الوكالة ذاتها، أن المغرب يستعد لاستضافة وزيري الاقتصاد برونو لومير، والزراعة مارك فينو قبل نهاية الشهر الحالي.
وأكد مصدر دبلوماسي للوكالة الفرنسية، أن الهدف الأساسي من زيارة ريستير كان « تجديد الحوار الاقتصادي » بعد أعوام من التجاذب على خلفية ملف الصحراء .
المبادلات بين باريس والرباط وصلت مستوى قياسيا في 2023 بلغ 14 مليار يورو. وفرنسا هي أكبر مستثمر أجنبي في المغرب، حيث تتمثل غالبية الشركات المنضوية في سوق باريس للأسهم.
كما أن المغرب هو أكبر مستثمر إفريقي في فرنسا، مع محفظة استثمارية بلغت 1,8 مليار يورو في 2022، مقابل 372 مليون يورو فقط في 2015.
والمغرب هو أول المستفيدين من تمويلات الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD)، وفق الإدارة العامة للخزانة الفرنسية.
وبعدما أبرزت الأزمات الدولية الأخيرة أهمية أن تكون سلاسل التوريد قريبة جغرافيا ومضمونة، اعتبر المصدر الدبلوماسي أن « المغرب هو شريك مثير للاهتمام لفرنسا »، ويتيح لها القدرة على التمتع بقاعدة خلفية صلبة في بلاد ركزت خلال الأعوام الماضية على تعزيز الإنتاج الصناعي، خصوصا في مجال الطيران والسيارات.
وكانت كارول ديلغا، رئيسة منطقة أوسيتاني الفرنسية حيث المقر الرئيسي لشركة « إيرباص »، قالت في مقابلة نشرت العام 2023 بأن « خلق وظيفة في المغرب يؤدي إلى خلق 1,5 وظيفة في أوسيتاني »، مشيرة إلى أن ذلك « يتيح لنا أن نكون تنافسيين في مجال الطيران ».
كما تنظر فرنسا بإعجاب إلى جهود المغرب في قطاعات الطاقة والمياه والسكك الحديد، إضافة إلى الصحة حيث أطلقت الرباط عملية إصلاح واسعة.
وأعرب ريستير خلال زيارته المغرب هذا الأسبوع عن استعداد بلاده للاستثمار إلى جانب الرباط في الصحراء.
وأشار إلى أن شركة « بروباركو » التابعة للوكالة الفرنسية للتنمية والمعنية بالقطاع الخاص، يمكن أن تساهم في تمويل خط الجهد العالي بين مدينتي الداخلة والدار البيضاء.
وكان وزير الخارجية سيحورنيه أكد في فبراير أنه « اختار » الرباط لزيارته الأولى إلى المغرب العربي، مؤكدا في حينه دعم باريس الواضح والمستمر » لمقترح الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب لحل النزاع.
وأوضح تقرير وكالة الأنباء الفرنسية، إن الخبراء يرون أنه بالنسبة إلى الرباط، يبقى الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء مسألة محورية في أي مصالحة شاملة مع باريس.
(وكالات)
كلمات دلالية استثمار الاقتصاد الصحراء فرنساالمصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: استثمار الاقتصاد الصحراء فرنسا
إقرأ أيضاً:
فرنسا.. كيف تؤثر الاضطرابات السياسية على النمو الاقتصادي والاستثمار؟
تعيش فرنسا منذ صيف 2024 واحدة من أكثر مراحلها السياسية اضطرابًا، حيث توالت استقالات الحكومات وتبدّلت رئاسة الوزراء في فترات وجيزة، ما ألقى بظلال ثقيلة على الثقة الاقتصادية والنشاط الاستثماري في البلاد.
فمع استقالة حكومة فرنسوا بايرو وتكليف وزير الدفاع السابق سيباستيان لوكورنو، الذي استقال ثم أُعيد تكليفه مجددًا، يجد الاقتصاد الفرنسي نفسه في مواجهة اختبارات معقدة، خصوصًا مع اقتراب موعد تقديم مشروع قانون الميزانية الجديد، وسط تصاعد الضغوط المالية وتوتر الأسواق.
اضطراب سياسي يضغط على النمو
وفقًا لمحافظ بنك فرنسا، فرنسوا فيليروي دي غالو، فإن حالة عدم الاستقرار السياسي تُكلف الاقتصاد الفرنسي نحو 0.2 نقطة مئوية من النمو، نتيجة تراجع ثقة المستهلكين وتأجيل قرارات الإنفاق والاستثمار، بحسب ما نقلته إذاعة "فرانس إنفو".
وفي أسواق السندات، ارتفعت الفجوة بين عوائد السندات الفرنسية والألمانية (OAT مقابل Bund) إلى مستويات تاريخية، ما يعكس تصاعد مخاطر الاقتراض الفرنسي في نظر المستثمرين.
تراجع الاستثمار في الشركات الصغيرة والمتوسطة
في استطلاع محلي، أشار 42% من الشركات الصغيرة والمتوسطة (TPE / PME) إلى أنها خفضت استثماراتها بسبب نقص السيولة وتأخر القرارات الحكومية. كما أبدى كثير منها تحفظًا واضحًا في التوظيف وتمويل المشاريع الجديدة.
ويقول بونو درينيغني، رئيس شركة ManpowerGroup في فرنسا، إن حالة عدم اليقين السياسي انعكست مباشرة على الاقتصاد: "هناك تجميد في التوظيف وتأجيل في خطط الاستثمار، بسبب غياب رؤية واضحة لما هو قادم"، حسب ما أفادت صحيفة "لوموند".
إصلاحات مجمدة وثقة معلّقة
ومن أبرز الملفات المتأثرة بحالة الجمود السياسي، ملف إصلاح نظام التقاعد، الذي يواجه تأجيلًا أو تعديلًا مستمرًا. كما تثير أي تغييرات ضريبية محتملة – مثل فرض ضرائب على الأثرياء – قلق القطاع الخاص، الذي يخشى من قرارات تُتخذ بدوافع ظرفية لا ضمن استراتيجية اقتصادية طويلة الأمد.
ميزانية 2026 تحت التهديد
بعد إعادة تكليف لوكورنو، بات عليه تقديم مشروع الميزانية إلى البرلمان ضمن المهلة القانونية، لضمان المصادقة عليه قبل نهاية العام. لكنه يواجه ضغوطًا متزايدة بين مطلب تقليص العجز وتحقيق التوازن المالي، وتلبية المطالب الاجتماعية والشعبية، وفي حال فشل في حشد دعم برلماني كافٍ، قد يلجأ إلى استخدام أدوات دستورية استثنائية لضمان استمرارية الإنفاق الحكومي.
ثقة مفقودة ونمو مهدد
الباحث الاقتصادي لوكاس شانسل، من مدرسة باريس للاقتصاد، قال في تصريحات لـ"العين الإخبارية" إن حالة عدم اليقين السياسي تؤثر على النمو والاستثمار والابتكار: "الاقتصاد لا يقوم على النوايا، بل على الثقة والتوقعات المستقرة". وأضاف: "إذا استمر الشلل السياسي، فقد يؤدي إلى كساد مزدوج: سياسي واقتصادي".
وأشار شانسل إلى أن فرنسا كانت أصلًا تواجه توقعات نمو متواضعة، لكن استمرار الأزمة قد يؤدي إلى خسارة إضافية تتراوح بين 0.3 و0.5 نقطة مئوية في معدل النمو السنوي، مع تحوّل رؤوس الأموال من الاستهلاك والاستثمار إلى الادخار.
فرص ضائعة وقطاعات متضررة
وأوضح شانسل أن الأشهر التي تتسم بالاضطراب السياسي قد تحمل خسائر يصعب تعويضها، حيث قد يفضّل المستثمرون المحليون توجيه رؤوس أموالهم نحو دول أكثر استقرارًا.
كما أن القطاعات التي تعتمد على استراتيجيات طويلة الأجل مثل التعليم، الطاقة المتجددة، والبنية التحتية، تتأثر بشكل خاص بتباطؤ تنفيذ السياسات العامة.
التحدي الأكبر: استعادة الثقة
وحذّر شانسل من تآكل الثقة المؤسسية بين المواطنين والحكومة، مؤكدًا أن الاعتماد على "حلول مؤقتة" أو "إدارة بالأدوات الاستثنائية" قد يقوّض الإيمان بقدرة المؤسسات الفرنسية على توفير الاستقرار. وأضاف: "الأمر لا يتعلق فقط بقطاع الأعمال، بل برأس المال الاجتماعي ذاته، كما حدث في بلدان جنوب أوروبا بعد الأزمة المالية".