يبدو أن عيد الفطر، لن يمر على غالبية المسلمين كالأعياد السابقة، خاصة مع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة التي أسفرت عن مقتل أكثر من 33 ألف شخص معظمهم من النساء والأطفال، وفقا للسلطات في القطاع التي تديرها حماس. كما أن الظروف الاقتصادية الصعبة تلقي بظلالها على هذه المناسبة.

وتقصف إسرائيل القطاع المحاصر من دون هوادة منذ السابع من أكتوبر، تاريخ الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل وأوقع قرابة 1170 قتيلا، معظمهم مدنيون، وفق أرقام رسمية إسرائيلية.

ويؤكد محللون اقتصاديون تحدثوا لموقع "الحرة" أن عيد الفطر هذا العام يتأثر بأمرين: انعكاس مشاعر الحزن الذي أصاب الناس بسبب ما يحدث في غزة، وأوضاع اقتصادية صعبة انعكست على الحركة في الأسواق.

احتجاجات وحملات للحد من مظاهر العيد حزن يخيم على المواطنين في دول عربية بسبب الحرب في غزة. أرشيفية

وفي عدة دول عربية تستمر الاحتجاجات الداعمة والمتضامنة مع غزة والفلسطينيين، حيث أطلق نشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي حملة بعنوان "لا أعياد وغزة تباد" وانتشر وسم " #تمر_وقهوة_سادة"، والتي ترافقت تدعو إلى عدم الاحتفال والاهتمام بمظاهر الفرح، والتركيز على الشعائر الدينية وتكثيف الدعاء لأهالي غزة.

وقال البعض في منشورات عبر شبكة إكس إنه لن يتم تقديم الحلويات في هذا العيد، وسيتم الاكتفاء بالقهوة السادة، ولن يتم التهنئة بالقول "كل عام وأنتم بخير" وسيكتفى بـ"كل عام وغزة بخير".

ومنذ بداية رمضان، يتحفظ الفلسطينيون في القدس الشرقية المحتلة عن الاحتفاء بشهر رمضان بمظاهر علنية كالعادة، كنوع من التضامن مع قطاع غزة الذي يعاني من الجوع والحرب بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.

وقال العديد من الفلسطينيين في القدس الشرقية والضفة الغربية للوكالة إنهم سيكتفون بتقديم حبة التمر والقهوة "السادة" في عيد الفطر الذي قد يصادف الثلاثاء أو الأربعاء، وذلك تضامنا مع أهالي غزة.

ولم تزين هذا العام بوابات وأحياء مدينة القدس ونوافذ الفلسطينيين المسلمين بحبال الإضاءة الملونة أو بالهلال كما درجت العادة.

كما لم يحتفل الفلسطينيون المسيحيون بعيد الميلاد في نهاية العام 2023 في القدس وفي الضفة الغربية وبعيد الفصح لدى الطوائف الكاثوليكية الأحد الماضي، تضامنا مع أهل غزة، واقتصرت مشاركتهم على المراسم الدينية.

وقال شيخ الأزهر في مصري، أحمد الطيب، الثلاثاء الماضي، إنه "يحزن لقرب حلول عيد الفطر وغزة تعيش وتعاني من عدوان".

وقال في كلمة ألقاها عقب استقبال بابا الكنيسة المصرية، البابا تواضروس الثاني، إن "العدوان قتل الأطفال والشيوخ والنساء والشباب، واستهدف النازحين، وهدم البيوت والمستشفيات ‏والمدارس"، مستنكرا "صمم الآذان عن الاستماع لصوت الضمير الإنساني".

"البيض أغلى من الذهب".. موعد يومي لسكان غزة مع "رحلة عذاب" من أجل الطعام وسط التحذيرات المتكررة من خطر المجاعة في قطاع غزة، جاءت ضربة مقتل عمال إغاثة وإعلان منظمة "وورلد سنترال كيتشن" وقف نشاطها في القطاع، زادت المعاناة وتضاعفت صعوبة الحصول على الطعام.

وقال عدنان جعفر (60 عاما) من محل "جعفر للحلويات" في القدس، لفرانس برس "هذا ليس رمضان الذي عهدناه في السابق، لم يمر مثله علي طوال حياتي، والسبب معروف فهو لم يؤثر علينا فقط بل أثر على العالم كله".

وأضاف "لا توجد في البلد حركة، السوق مغلق.. كان الناس يأتون للصلاة: نصلي المغرب في الأقصى، نفطر، ونأتي بعد الصلاة لنتحلى.. الوضع بشكل عام حزين".

وقالت صباح (54 عاما) التي فضلت عدم  كشف اسم عائلتها للوكالة "منذ الحرب وأنا مريضة، لقد قتل عدد من أقاربي في غزة".

وأضافت "كل شيء طعمه مر في فمي، عندما أفكر بأقاربي والناس هناك، وخصوصا في رمضان، شهر العائلة والألفة. أتألم عليهم كثيرا".

وفي الأردن يتظاهر آلاف الأشخاص بشكل يومي بالقرب من السفارة الإسرائيلية في عمان مطالبين بإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل وللإعراب عن دعمهم لغزة.

حرب غزة تؤجج غضب الأردنيين.. تحولات في مشهد التظاهرات واتهامات لأياد خفية مع استمرار الاحتجاجات التي تخرج يوميا بالقرب من السفارة الإسرائيلية في عمان للمطالبة بإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل والإعراب عن الدعم لغزة والفلسطينيين، طفى إلى السطح نوعا من الجدل والاتهامات المتبادلة.

واستدعت عمان مطلع نوفمبر الماضي سفير المملكة لدى إسرائيل، كما أبلغت تل أبيب بعدم إعادة السفير الإسرائيلي الذي سبق أن غادر المملكة.

كذلك انتشرت الدعوة الى تقديم التمر والقهوة في العيد في الأردن الذي غالبا ما يشهد تظاهرات تضامنية مع قطاع غزة.

أوضاع اقتصادية صعبة  ارتفاع أسعار السلع الغذائية يغير أولويات الاستهلاك للمواطنين. أرشيفية

وإلى جانب مشاعر الحزن بسبب ما يحدث في غزة، يعاني مواطنون في دول عربية من ظروف اقتصادية صعبة مع ارتفاع أسعار السلع بطريقة جنونية.

وعادة، يخرج المسلمون في عيد الفطر، لشراء الملابس الجديدة للأطفال والحلوى ويجتمعون بين العائلات والأصدقاء للاحتفال وتناول الوجبات الدسمة. لكن قطاع غزة بات بعد ستة أشهر على الحرب، على شفا الجوع، وفق الأمم المتحدة.

"عيد بأية حال عدت يا عيد" بكلمات من قصيدة الشاعر المتنبي، أجاب خبير الأسواق المالية المحلل الاقتصادي، وائل النحاس على استفسارات موقع "الحرة".

ويقول إن مشاعر الحزن التي تسيطر على غالبية الناس بسبب ما يحدث في غزة تدفعهم لتخفيف مظاهر العيد في كثير من الآحيان، ولكن هذا لا يمثل سوى نصف الحقيقة، فالحقيقة كاملة أنهم أيضا غير قادرين على شراء السلع المختلفة.

ويضيف النحاس ما نشهده في الأسواق "ليس حالة من الركود فقط وإنما بور السلعة"، مشيرا إلى أن هذا لا يعني "زيادة في الأسعار" فقط إنما "غلاء الأسعار" في إشارة إلى أنها تجاوزت مستوياتها القياسية كثيرا.

حرب إسرائيل على غزة.. الجوع يدمر أدمغة وأجساد الأطفال يلاحق أطفال الغزة الجوع ونقص التغذية، ومن ينجو من القصف الإسرائيلي والمعارك ينتظره مشاكل صحية مزمنة، فيما كشفت منظمة الصحة العالية أن 25 طفلا على الأقل توفوا بسبب مضاعفات مرتبطة بسوء التغذية.

ويشرح النحاس أن هذا لا يرتبط فقط بمستلزمات العيد إنما حتى غالبية "السلع الرمضانية" التي أصبحت فوق طاقة المواطن، لهذا يتجه الغالبية إلى شراء الأساسيات فقط وبكميات ليس كالسابق، لافتا إلى اختفاء أو شح بعض المواد والسلع مثل "السكر" في بعض الدول.

وسجل معدل التضخم في مصر مستوى قياسيا عند 36 في المئة مدفوعا بتراجع قيمة الجنيه ونقص الاحتياط الأجنبي في بلد يستورد معظم حاجاته الغذائية.

أظهر استطلاع لرويترز السبت أن التضخم في مصر من المتوقع أن يكون قد ارتفع في مارس مع تكيف الأسعار مع خفض قيمة العملة ورفع سعر الفائدة خلال الشهر، وهو ما تلاه بأسبوعين رفع أسعار الوقود.

الخبير المالي والاقتصادي الأردني، وجدي مخامرة، يرى أن القراءة لما يحدث في أسواق بعض الدول العربية تكشف "سيطرة مشاعر الحزن والغضب لما يحدث في غزة"، إذ كان أخر أسبوعين من رمضان يشكلان حركة نشطة للتجار ولكن هذا الأمر "لا ينطبق هذا العام".

ويضيف في حديث لموقع "الحرة" أن جولة في منشورات شبكات التواصل الاجتماعي "تكشف حجم التضامن والابتعاد عن مظاهر الاحتفالات، إذ يؤكد الغالبية التزامهم في ممارسة الشعائر الدينية من دون مظاهر العيد التي اعتدنا عليها كل عام خاصة مع استمرار الوفيات بالآلاف والمجاعة التي تلوح في غزة".

بانتظار رمضان.. التوترات الإقليميّة "تلهب" الأسعار مع اشتعال التوترات الإقليمية والأوضاع الاقتصادية في الشرق الأوسط، يتوقع محللون أن تشهد أسعار السلع والغذاء ارتفاعات كبيرة خاصة مع اقتراب شهر رمضان الذي يفصلنا عنه أقل من 40 يوما.

وفي تونس اضطرت العديد من العائلات التخلي عن إعداد حلوى العيد هذا العام بعد أن سئموا النقص المستمر في العديد من المواد الغذائية الأساسية، خاصة السكر، بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.

وتحتكر السلطات التونسية عمليات بيع المواد الغذائية الأساسية المدعومة، لكن نقص السيولة في الخزانة العامة يؤدي بانتظام إلى النقص في مواد أساسية مثل السكر والسميد والدقيق وزيت الطهي وفي بعض الأحيان الحليب والارز.

وفي الوقت الحالي يقتصر بيع السكر المدعوم على كيلوغرام أو كيلوغرامين للشخص الواحد، ولا تتم عملية البيع إلا مرة واحدة في الأسبوع في المركز التجاري الذي زارته وكالة فرانس برس.

ركود في سوق بيع الملابس تراجع كبير في حركة شراء الملابس في دول عربية . أرشيفية - تعبيرية

ويقول النحاس إن سوق الملابس هذا العام الذي يشهد ازدحاما في أواخر أيام رمضان، يختلف هذا العام عما سبق، خاصة للعائلة التي لديها 3 أو 4 أطفال، إذ أن شراء ملابس لهم قد تكون براتب الشهر كله.

وأكد أن "الغلاء في الأسعار أصاب عدة دول في المنطقة العربية، خاصة تلك التي لا تصدر النفط، إذ تآكلت فيها الدخول، وارتفعت فيها تكاليف التمويل على جميع المستويات، وبالنهاية المواطن يتحمل العبء الأكبر".

وأشار إلى وجود خصوصية لدى بعض الدول والمناطق، مثل: مصر حيث يعاني المواطنون من ارتفاع كبير للتضخم وتآكل للأجور، أو لبنان التي تعيش أزمة اقتصادية منذ سنوات، وحتى انقطاع الرواتب عن شريحة الموظفين الرسميين كما يحصل في الضفة الغربية.

وبعد مرور أربع سنوات على الأزمة الاقتصادية والمالية في لبنان، لا يزال الاقتصاد يعاني ضعفا شديدا، بحسب آخر تقرير للمرصد الاقتصادي الصادر عن البنك الدولي، حيث يتوقع أن يتسارع معدل التضخم الذي فاق 100 في المئة في 2021 وتجاوز 231 في المئة في 2023.

التضخم في أسعار السلع وصل إلى مستويات قياسية في مصر

والثلاثاء الماضي، أعلنت السلطة الفلسطينية أنها ستدفع 70 في  المئة من رواتب فبراير الماضي لموظفي السلطة الفلسطينية في القطاعين المدني والعسكري.

وتواجه السلطة الفلسطينية صعوبات للعام الثاني في دفع الرواتب كاملة لموظفيها في القطاعين المدني والعسكري البالغ عددهم حوالي 140 ألف موظف بسبب الأزمة المالية التي تمر بها.

وحتى الدول العربية التي تعتبر غنية، يعاني فيها المواطنون حاليا بحسب النحاس ولكن مشاكلهم قد تكون من نوع آخر، إذ بدأ التوسع في النمط الاستهلاكي بالانعكاس على الاقتصاد، حيث يعتمد غالبية الناس على الصرف اعتمادا على أدوات الدين المختلفة أكان بالاقتراض المباشر أو باستخدام البطاقات الائتمانية والتي أصبحت تشكل "عبئا" على الاقتصاد.

ويتفق مخامرة بالرأي مع ما تحدث به النحاس، فالتضامن مع غزة ليس السبب الوحيد لتراجع حركة الشراء في الأسواق، إنما هناك "تآكل في القدرة الشرائية، وارتفاع التضخم، واستحواذ الإنفاق على الطاقة والمحروقات على غالبية الدخل الشهري للمواطن في دول عربية غير نفطية".

التضخم يغير أولويات الاستهلاك في دول عربية . أرشيفية

وذكر أن العديد من الاقتصادات لم يتم ضخ أي سيولة فيها لتحفيز حركة الشراء والبيع في الأسواق، إذ لم يتم تخفيض أسعار الفائدة على الإطلاق، أو حتى كانت بعض البنوك المركزية تطلب تأجيل أقساط البنوك لتوفير السيولة بين أيدي المواطنين.

حتى الآن لا تزال أسعار السلع والخدمات مرتفعة جدا في مصر، حتى أنها تصدرت تقرير للبنك الدولي عن تزايد انعدام الأمن الغذائي حول العالم في فبراير الماضي، بسبب ارتفاع الأسعار فيها بشكل كبير مقارنة مع الدول الأخرى.

ويشير محللون تحدثوا في تقرير سابق لموقع "الحرة" إلى أن أسباب ارتفاع السلع والغذاء في دول عربية، محلية بسبب وجود احتكارات وهيمنة وشح السلع في بعض الأسواق أو لزيادة الطلب عليها، أو أسباب مستوردة، بسبب ارتفاع أسعار السلع في مصدرها أو زيادة تكاليف نقلها بسبب التوترات التي تحصل في المنطقة.

ويشن الحوثيون في اليمن منذ نوفمبر الماضي هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر يشتبهون بأنها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إلى موانئها، تضامنا مع قطاع غزة الذي يشهد حربا بين حركة حماس وإسرائيل منذ السابع من أكتوبر.

وتعيق هجمات الحوثيين حركة الملاحة في البحر الأحمر الذي يمر عبره 12 في المئة من التجارة العالمية، وتسببت بمضاعفة كلفة النقل، نتيجة تحويل شركات الشحن مسار سفنها إلى رأس الرجاء الصالح، في أقصى جنوب إفريقيا الذي يطيل الرحلة بين آسيا وأوروبا.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: ما یحدث فی غزة فی دول عربیة أسعار السلع مشاعر الحزن فی الأسواق هذا العام عید الفطر العدید من فی القدس قطاع غزة فی المئة کل عام فی مصر

إقرأ أيضاً:

الأهلي يعلن غياب لاعب جديد عن مباراة فاركو بسبب الإصابة

قال الدكتور أحمد جاب الله، طبيب الفريق الأول لكرة القدم بالنادي الأهلي، إن أكرم توفيق لاعب الأحمر، اشتكى من آلام في الركبة، عقب مشاركته في المران الذي أقيم اليوم استعدادًا لمباراة فاركو التي تجمع الفريقين غدًا الجمعة على استاد الجيش ببرج العرب، ضمن منافسات بطولة الدوري الممتاز.

وأوضح أن اللاعب خضع لفحص طبي، بعد أن اشتكى من آلام في الركبة خلال مشاركته في المران ليصبح خارج الحسابات بالمباراة.

وخاض الأهلي مرانه في الرابعة والنصف عصرًا على ملعب مختار التتش، وانتظم اللاعبون الدوليون في التدريبات الجماعية بشكل طبيعي.

وأدى أليو ديانج تدريبات بدنية في الجيم، برفقة علي معلول الذي يواصل تنفيذ برنامج العلاج الطبيعي، عقب الجراحة التي أجراها في وتر أكيلس بوقت سابق.

وعقد مارسيل كولر المدير الفني للفريق محاضرة للاعبين قبل انطلاق المران، ناقش خلالها العديد من الأمور الفنية الخاصة بالاستعداد للمباراة.

مقالات مشابهة

  • مغاربة يقبلون على محلات الجزارة ويلجؤون للحوم الدواجن بعد فشلهم في اقتناء أضحية العيد بسبب الغلاء
  • وفيات بين حجاج من جنسيات عربية
  • وفاة حجاج من جنسيات عربية بسبب الإجهاد والحرارة الشديدة
  • اجتماع البحرين بحث خطة اليوم التالي.. اقتراح بدخول قوات عربية إلى غزة
  • حسام زكي: «أنا من عشاق أم كلثوم.. والإخوان هاجموني بسبب مسلسلات رمضان»
  • السفير حسام زكي يكشف تفاصيل هجوم «الإخوان الإرهابية» عليه بسبب مسلسلات رمضان
  • بعد رمضانٍ و"فطرٍ" حزينين على غزة.. "أضحىً" دامٍ ينضم للقائمة
  • خيار الاحتواء بين المفاوضات والحرب المحدودة في الإقليم
  • رئيس أركان جيش الاحتلال هاليفي يلتقي سراً قادة 5 جيوش عربية في البحرين لبحث “التعاون الأمني”
  • الأهلي يعلن غياب لاعب جديد عن مباراة فاركو بسبب الإصابة