حققت مصر الاكتفاء الذاتي في الخضر والفواكه بشكل كبير لقرون وعقود طويلة قبل أن تتخلف عن مواكبة الطرق الحديثة في الزراعة، وساعد وفرة الإنتاج في تأمين الطعام والشراب لملايين المصريين بأسعار رخيصة وفي متناول الفقراء والبسطاء.

قفزت أسعار جميع الخضر والفاكهة بوتيرة متسارعة من خانة الآحاد إلى خانة عشرات الجنيهات وأصبحت أكثر أسباب الغلاء وارتفاع معدلات التضخم في مصر، ولم تعد الزراعات الرخيصة متوفرة ومتاحة بعد سنوات من خفض قيمة الجنيه مرة تلو الأخرى، وتخفيض الدعم، ما يؤثر على الطبقات الفقيرة البالغة حوالي 60%  من عدد السكان.



ما زاد الطين بلة، فتح باب التصدير أمام العديد من المحاصيل الزراعية لجلب العملة الصعبة، ما أدى إلى اختفاء تلك المحاصيل الاستراتيجية من الأسواق وارتفاع أسعارها عدة مرات، من بينها كان البصل والبطاطس والثوم والبرتقال وغيرها من المحاصيل.

تصل مساحة الأراضي الزراعية في مصر إلى نحو 9.6 مليون فدان، وتصل احتياجاتها إلى 4 ملايين طن من السماد الآزوتي سنوياً بواقع 2.2 مليون طن في الموسم الصيفي و1.8 مليون طن خلال الموسم الشتوي.

ولطالما اعتمدت الزراعة على أربعة عوامل حافظت على بقاء الأسعار بشكل مناسب وهي وفرة المياه، ورخص الوقود والأسمدة والأيدي العاملة، ولكنها الآن أصبحت مهددة بسبب العجز المائي وتضاعف أسعار العوامل الباقية وصل بعضها إلى الألف بالمئة في 10 سنوات.


ورفعت الحكومة المصرية أسعار المحروقات البترولية منذ عام 2014 أكثر من 1000% من خلال 10 زيادات مستمرة بدعوى إعادة هيكلة منظومة الدعم، وعلى رأسها دعم المنتجات البترولية والكهرباء ومن بينها السولار الذي زاد 21% نهاية الشهر الماضي.

ويشكل ارتفاع السولار، أحد العوامل المساعدة على زيادة تكلفة الزراعة، حيث ارتفع من 8.5 جنيه إلى 10 جنيهات مقارنة بجنيه واحد عام 2014.






تقدم منتجو الأسمدة الآزوتية في مصر بطلبات للحكومة لمراجعة أسعار توريد كميات الأسمدة المدعمة بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج مع تحرير سعر الصرف، بحسب موقع بلومبيرغ، حيث تلزم الحكومة المنتجين بتوريد 55% من الإنتاج بسعر مدعم إلى وزارة الزراعة لتغطية احتياجات السوق المحلية.

تتوزع احتياجات الرقعة الزراعية البالغة نحو 10 ملايين فدان إلى 4 ملايين طن من السماد الآزوتي سنويا بواقع 2.2 مليون طن في الموسم الصيفي و1.8 مليون طن خلال الموسم الشتوي.

تخلي الدولة عن الزراعة

توقع الخبير والمهندس الزراعي، فؤاد سراج الدين، أن لا تنتهي زراعات الخضر والفاكهة لكن سترتفع الأسعار وتحلق، وقال: "بدأ تخلي الحكومة عن دعم الفلاح والزراعة عموما حينما أعلن يوسف والي سياسة استراتيجية الزراعة في التسعينيات وبدأت الدولة في الانسحاب تدريجيا من دورها في الإدارة المركزية وتكتفي بالإشراف، وانتهى التخطيط المركزي للزراعة واتبعت التخطيط التأشيري فقط وتراجع دور الجمعية التعاونية، وتحول بنك التسليف للإقراض الشكلي والفائدة العالية وإطلاق ما يسمى بحرية الزراعة وهذا كان أكبر خطأ لأسباب كثيرة منها محدودية المساحة".

وأوضح في حديثه لـ"عربي21" سبب هذا الخطأ "بأنهم كانوا يقلدون أمريكا التي تمتلك نصف مليار فدان أرض زراعية مقارنة بـ 8 ملايين فدان، حاليا دعم المزارع محدود في حوالي أربع "شكاير" كيماوي يوريا مع فوسفات ونترات الفوسفور، وأحيانا يحتاج الفلاح إلى يوريا ولا يوجد سوى نترات ما يضطره للتسليم بالأمر الواقع، كما ارتفعت مدخلات الزراعة وحدثت "هوجة" تصديرية وارتفعت أثمان المنتجات المحدودة".

وأضاف: "حاليا تفاقمت الأزمة وارتفع كل شيء؛ قيراط الأرض كان إيجاره 400 جنية أصبح ألفين وثلاثة آلاف، فضلا عن زيادة سعر الدولار والسولار وارتفاع تكلفة النقل والمواصلات وتشغيل ماكينات الري، وأي زيادة في الأسمدة والمبيدات تزداد معها أسعار السلع المنتجة، كما أن إجبار الفلاح علي التوريد بأسعار تسبب له الخسارة سيجعله لن يكرر الزراعة وبالتالي ترتفع الأسعار بجنون كما رأينا الأرز وسكر البنجر والقصب وسوف نرى زيادات تتزامن مع رفع أسعار المدخلات من أسمدة".

وأكد سراج الدين، الذي يملك أراضي زراعية، أنه "لا بد من إعادة النظر في السياسة الزراعية الراهنة وهذا تحدثنا فيه كثيرا، هناك حلول نعرفها وغيرنا يعرفها والحكومة تعرف منها الكثير لكنها تتجاهل، نحن بحاجة إلى سياسة زراعية جديدة متطورة أفقيا ورأسيا".

لا عودة للأسعار الرخيصة والتصدير يفتقد للتخطيط

يقول نقيب الفلاحين المصريين، الحاج حسين أبو صدام، إن "هناك واقعا جديدا فرضه سعر صرف الجنيه أمام الدولار الذي كان بنحو 7 جنيهات والآن حوالي 47 جنيها، وبالتالي زيادة أسعار الأسمدة والتقاوي والمبيدات والنقل والأيدي العاملة والتي يتم تحميلها على تكلفة المحاصيل الزراعية ومن ثم لا عودة للأسعار القديمة بل إن هناك المزيد من الزيادات".

وأضاف لـ"عربي21": "زيادة أسعار جميع السلع الغذائية التي يشتريها الفلاح يجب أن تتناسب مع أسعار بيع المحاصيل، وبالتالي فالأسعار الحالية للخضر والفاكهة مناسبة للأسعار الحالية، وبالنسبة للفلاح فإنه يخسر أحيانا لأن السعر الذي يبيع به للتجار ليس هو سعر المستهلك، أما بخصوص غلاء بعض المحاصيل فمرتبط بعوامل لا دخل للفلاح بها مثل زيادة الصادرات أو تلف بعض المحاصيل أو تراجع المساحات المنزرعة من بعض المحاصيل بسبب قلة العائد من زراعتها".



وأوضح أن "زيادة الصادرات الزراعية هو سلاح ذو حدين خاصة أنه لا يوجد حصر لحجم المساحات المنزرعة من الجهات الرسمية، وبالتالي فلا يوجد تقدير دقيق للإنتاج المتوقع يمكن من خلاله ضبط الكميات المصدرة لضمان عدم تأثر السوق المحلية، كما أن زيادة الإنتاج عن احتياجات السوق يجعل هناك وفرة وبالتالي فإنه يقل سعر البيع للمستهلك عن سعر التكلفة".

وطالب أبو صدام "بضرورة وجود خريطة للتصدير للوقوف على حجم المساحات المنزرعة وحجم الإنتاج وحجم الاستهلاك المحلي حتى يتم تحقيق توازن"، مشيرا إلى أن "هناك حلقات وسيطة بين الفلاح والمستهلك هي التي تستفيد أكثر في حال عدم وجود دراسة واقعية تحدد حجم التصدير، وهناك عشوائية في اتخاذ القرارات التي تأتي في وقت متأخر بعد انفلات الأسعار".

ولجأت الحكومة المصرية خلال أزمة نقص بعض المحاصيل إلى اتخاذ قرارات خاصة بوقف تصدير بعض المحاصيل الزراعية مثل البصل والسكر والأرز وغيرها، مع زيادة الكميات المصدرة على حساب احتياج السوق المحلية.

قفز حجم الصادرات الزراعية المصرية خلال العام 2023 إلى حوالي 7.4 مليون طن، بزيادة ما يقارب المليون طن عن عام 2022 بقيمة إجمالية بلغت 3.7 مليار دولار، ووفق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، السيد القصير، فإن ذلك المعدل "رقم لم يتحقق في تاريخ الصادرات الزراعية المصرية".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مصر الزراعة مصر اقتصاد السيسي زراعة النيل المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بعض المحاصیل ملیون طن

إقرأ أيضاً:

أيمن الجميل: استراتيجية النهوض بالقطاع الزراعي منذ 2014 تضاعف الإنتاج الغذائي وتحمي مصر من التقلبات العالمية

قال رجل الأعمال أيمن الجميل إن الرئيس عبد الفتاح السيسي كان حريصا منذ تحمله المسئولية فى عام 2014 على وضع استراتيجية شاملة للنهوض بالقطاع الزراعى بما يشتمل عليه ضرورة الاستفادة القصوى من وحدتى الأرض والمياه وتعظيم الناتج المتحقق من الزراعة والارتقاء بمجالات التصنيهع الزراعى لأن التحديات الحقيقية فى العالم أجمع ترتبط بالقدرة على توفير الغذاء وتحقيق الأمن الغذائى على المدى الطويل ، مشيرا إلى أن هذه التحديات بعضها داخلى يتعلق بالطرق المعتادة للزراعة وإنتاج التقاوى وعدم استغلال الأراضى القديمة أفضل استغلال ، وكذلك طريقة التعامل مع المتوفر من المياه بطرق رى قديمة تزيد الهدر ، وبعض هذه التحديات يتعلق بظواهر عالمية طارئة مثل الجفاف والاحتباس الحرارى والصراعات التى تجعل من تصدير الغذاء عبر دول العالم أمرا مكلفا للغاية

وأكد رجل الأعمال أيمن الجميل رئيس مجلس إدارة "كايرو3 A" للاستثمارات الزراعية والصناعية، أن توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي لتحقيق حياة أفضل للمواطنين وضمان الأمن الغذائى ، انعكست على القطاع الزراعي، الذى شهد تنفيذ الكثير من المشروعات القومية، وفى مقدمتها مشروع “مستقبل مصر للإنتاج الزراعي” والذى بدأ التفكير فيه في يوليو 2017، حينما وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي بالبدء في تنفيذ المشروع لتوفير منتجات زراعية ذات جودة عالية وبأسعار مناسبة للمواطنين، وتصدير الفائض للخارج، مما يسهم في تقليل الاستيراد وتوفير العملة الصعبة في إطار تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، مشيرا إلى أن المشروع يحقق استراتيجية الدولة لتعظيم الفرص الإنتاجية الكامنة في مجال استصلاح الأراضي والإنتاج الزراعي، خاصة وأنه يعتمد في توفير الموارد المائية على المحطات التي تم إقامتها لمعالجة مياه الصرف الزراعي، ويستهدف استصلاح 4.5 مليون فدان بحلول عام 2027، للعمل على تدعيم الأمن الغذائي، وتخفيض فجوة الاستيراد من السلع الاستراتيجية ومجابهة الاضطرابات المتلاحقة وتداعياتها السياسية والاقتصادية منذ جائحة كورونا وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وما تبعتها من موجات تضخم لم يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية.

وأضاف رجل الأعمال أيمن الجميل أن الدولة المصرية تقوم بعمل مشروعات زراعية بالتوسع الأفقى كى توفر مساحات جديدة للزراعة وزيادة الرقعة الزراعية، ومواكبة الزيادة السكانية وتوفير الأمن الغذائى لها، وتحقيق أفضل استغلال للموارد المائية من خلال استبدال طرق الرى القديمة بالرى إلى الطرق التكنولوجية الحديثة بالتنقيط ، وإعادة تأهيل الترع والروافد المائية الزراعية لتقليل الهدر فى الصرف الزراعى لأدنى درجة ممكنة مع العمل على محطات المعالجة المائية لإعادة استغلال مياه الصرف الزراعى والمياه الجوفية فى الزراعة مرة أخرى، باستصلاح المزيد من الأراضى الصحراوية وإدخالها فى نظاق الرقعة الزراعية المنتجة ، وحدث ذلك فى وسط سيناء وفى المنطقة الغربية وفى الوادى الجديد وفى مشروع توشكى الجديد وغرب محافظة الفيوم وفى الاظهرة الصحراوية لمحافظات الصعيد.

وتابع رجل الأعمال أيمن الجميل أن المشروعات الزراعية والصناعات المرتبطة بها وكذلك إنشاء الأحوزة العمرانية وخطوط الكهرباء والبنية التحتية، امتدت لتشمل جميع الأراضى الصالحة للزراعة فى طول مصر وعرضها ، بحسب المتوفر من الموارد المائية ، من دلتا مصر الجديدة حتى المنيا وبنى سويف والفيوم وأسوان والداخلة والعوينات والمنطقة الغربية والوادى الجديد وسيناء، مشيرا إلى تنفيذ مشروع استصلاح وزراعة 62 ألف فدان بتنفيذ مسارى ترع في المنيا وبنى سويف ويحتوي المشروع على 109 كيلو مترات ترع مكشوفة و4 محطات رفع وطرق بإجمالي 540 كيلو مترا و1.086 شبكة مواسير فرعية منها 765 كلم في المنيا و321 كيلو مترا في بنى سويف، وتنفيذ المرحلة الاولى من مشروع الداخلة ــ العوينات بمساحة 15000 فدان وتجهيز المرحلة الثانية بمساحة 200 ألف فدان إضافية ويحتوي المشروع على 1320 بئرا و45 مولدا و1320 جهازا محوريا و153 كلم طرق رئيسية و524 شبكة مواسي،. وإطلاق مشروع اللاهون لتعظيم الاستفادة من المورد المائي والاستغلال الأمثل للمياه، على مساحة 12000 فدان بطاقة 170 ألف متر مكعب في اليوم، وكذلك إطلاق مشروع سنابل سونو بأسوان ويضم مساحة 90 كلم ترع مكشوفة و1543 بئرا 2300 جهاز رى محوري و٢ محطة رفع و85 بوسترا و370 كيلو متر طرق رئيسية و440 كلم طرق فرعية و1326 شبكة مواسير فرعية.--------------------------------------- أيمن الجميل ، رجل الأعمال أيمن الجميل ، كايرو3 A" للاستثمارات الزراعية والصناعية ، الرئيس السيسي ، النهضة الزراعية ، مستقبل مصر ، الدلتا الجديدة

مقالات مشابهة

  • اسعار الخضار والفواكه اليوم 16 يونيو 2024 في سوق العبور للمستهلك أول أيام عيد الاضحي
  • وزير الزراعة: خطة زراعة محصول الشلب ستعتمد على المرشات الثابتة
  • الزراعة المصرية تتجه نحو آفاق جديدة.. محاصيل غير تقليدية لتعزيز الأمن الغذائي
  • «الإصلاح الزراعي»: هدفنا رفع إنتاجية الأراضي وتشجيع المزارعين على استخدام التكنولوجيا الحديثة
  • ممر شرفي لأستاذ الوراثة في "زراعة عين شمس"
  • الزراعة: ورشة حول أهمية متبقيات المبيدات وأثرها على إنتاج وتصدير الموالح
  • للمزارعين.. توصيات مهمة للحفاظ على المحاصيل خلال الموجة الحارة
  • الأمم المتحدة: الحرب على غزة تدمر أكثر من نصف أراضيها الزراعية
  • رئيس جامعة أسيوط يفتتح مزرعة الإنتاج الجديد للنعام بكلية الزراعة
  • أيمن الجميل: استراتيجية النهوض بالقطاع الزراعي منذ 2014 تضاعف الإنتاج الغذائي وتحمي مصر من التقلبات العالمية