- النبي رفض مفاهيم الإقصاء حتى مع الذين لهم تاريخ في الإساءة إليه ومناهضته في طريق دعوته

- النبيَّ جاء للبناء والعمران ولم يأتِ لإقصاء أحد ولا للصراع مع أحد 

- الإسلام دينُ التعايش ومبادئه تدعو إلى السلام وتُقِرُّ التعددية وتأبى العنف

 

قال فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علَّام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن التنوع البشري أمرٌ حتمي ومقصد إلهي، حيث إن الإكراه على اعتناق العقائد مرفوض شرعًا؛ فالتعارف الإنساني صيغة إلهية لتحقيق التعايش البشري ونبذ الخلاف والشقاق، بل إنَّ الإسلام أرسى قواعدَ وأسسًا للتعايش مع الآخر في جميع الأحوال والأزمان والأماكن.

جاء ذلك خلال لقائه الرمضاني اليومي في برنامج "اسأل المفتي" مع الإعلامي حمدي رزق، الذي عُرض على فضائية صدى البلد، مضيفًا فضيلته أن فكرة المواطنة مأخوذة من وثيقة المدينة التي تُعدُّ أول دستور للتعايش بين الأجناس المختلفة في الوطن الواحد، وهذا يعكس حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على عدم إقصاء أي أحد، بل تواصل مع الجميع، فالرسول صلى الله عليه وسلم رفض مفاهيم الإقصاء حتى مع الذين لهم تاريخ في الإساءة إليه ومناهضته في طريق دعوته.

وأشار فضيلته إلى أن نموذج الحبشة بين المسلمين والمسيحيين أثبت مدى الرُّقي الذي تعامل به كلٌّ من المسلمين والمسيحيين، وهو نموذج وقف أمام محاولات قريش للوقيعة بين الطرفين؛ بما يثبت أن محاولات الوقيعة بدأت منذ العصور الأولى، لكنها كانت دائمًا تبوء بالفشل، كما عاش المسلمون في الدولة الإسلامية مع أهل الكتاب، بل مع الوثنيين في العصور اللاحقة، وكانت بينهم وبين المسلمين صِلَات ومعاملات، ولم يؤمر المسلمون بقتلهم أو إخراجهم من الدولة الإسلامية.

وأوضح أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم جاء للبناء والعمران، ولم يأتِ لإقصاء أحد ولا للصراع مع أحد، ومن حادَ عن هذه الأفكار فهو يحيد عن سيرته العطرة.

وأشار فضيلة المفتي في حديثه إلى أهمية الاندماج الفعال للمسلمين في مجتمعاتهم الغربية، حيث إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عاش في مكة وكذلك في المدينة المنورة وسط تعددية دينية وثقافية، وكذلك المسلمون الأوائل في هجرتهم الأولى إلى الحبشة التي كان يحكمها النجاشي وكان مسيحيًّا حينها، وهو ما يعني أن المسلمين الأوائل كانوا مندمجين في مجتمعاتهم الجديدة التي ذهبوا إليها.

وأضاف أن مصر على المستوى التشريعي منذ دستور عام 1923م وحتى دستور عام 2014م قد أكدت على المساواة بين كافة المصريين، فهم جميعًا سواسية أمام القانون والدستور، ولهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات، وهو ما أدَّى إلى تمازج النسيج الوطني المصري وتماسكه، وتمازج الدماء في الدفاع عن الوطن؛ ولذا فمصر لن تسقط إن شاء الله بحال من الأحوال للعديد من المقومات أبرزها عناية الله لهذا الوطن.

وأشار المفتي إلى أن النسيج المجتمعي المصري لم يميز بين مواطن وآخر، في منظومة متناغمة تحقق العيش المشترك الذي تحيطه المحبة والتسامح والسلام، مشيرًا إلى أنه تم تتويج هذا التاريخ الطويل بافتتاح مسجد الفتاح العليم وكنيسة ميلاد المسيح في نفس اليوم وبحضور أكبر قيادتين دينيتين في مصر وبحضور السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهي رسالة واضحة على أن المصريين جميعًا على قلب رجل واحد، وأن الرئيس هو رئيس كل المصريين، وهذا واضح وملموس في حصول جميع أطياف المجتمع على الحياة الكريمة بكافة جوانبها، ومن أجل مكافحة الفقر والجهل والمرض.

وشدَّد فضيلة المفتي خلال لقائه على أن الإسلام دينُ التعايش، ومبادئه تدعو إلى السلام، وتُقِرُّ التعددية، وتأبى العنف؛ ولذلك أمر بإظهار البر والرحمة والقسط في التعامل مع المخالفين في العقيدة، فلم يجبر أحدًا على الدخول فيه، بل ترك الناس على أديانهم، وسمح لهم بممارسة طقوسهم، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم سمح لوفد نصارى نجران بالصلاة في مسجده الشريف، والمسجد هو بيت الله المختص بالمسلمين، فإنه يجوز -مِن باب أَوْلَى- بناءُ الكنائس ودُور العبادة التي يؤدون فيها عباداتهم وشعائرهم التي التزم المسلمون بالإبقاء عليها إذا احتاجوا إلى ذلك.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مفتى الجمهورية قريش المدينة المنورة صلى الله علیه وسلم

إقرأ أيضاً:

مصر لن تضام أبدا

إن شاء الله تعالى مصر لن تضام أبدا، فانظروا الى البلاد من حولنا، لقد قامت عندنا ثورة 25 يناير، كما قامت عندهم ثورات، بل حجم ثوراتهم لايساوى شيئا بالنسبة لثورتنا، وتلت ثورة 25 يناير ثورة 30 يونيو، التى صححت المسار وأنقذت البلاد والعباد من براثن جماعة فاشية إرهابية، وهذا فضل الله على مصر والمصريين، ورغم كل الصدمات والتوترات العالمية التى مرت علينا، مازالت مصر تقف صامدة بفضل الله أولا، ثم بفضل الشعب المصرى العظيم الذى تحمل ومازال يتحمل الإصلاحات الاقتصادية وتبعاتها العنيفة، وكلنا أمل فى أن تنجح الوزارة الجديدة فى تخفيف الأعباء عن المصريين، وتبحث عن مصادر أخرى تعظم بها مواردها، غير فرض المزيد من الأعباء على المواطنين، وتجتهد فى تحقيق حماية اجتماعية حقيقية للشريحة الأكثر فقرا، وأصحاب المعاشات.

ولن تضام مصر إن شاء الله تعالى، وفيها الأزهر الشريف بعلمائه الأفاضل المجتهدين المخلصين لله أولا، ثم لهذا الوطن الحبيب، فالأستاذية هنا فى مصر، والعلم الشرعي هنا، والقرآن الكريم الذى نزل على سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى الجزيرة العربية، يتلى حق تلاوته هنا فى مصر، من أجل ذلك سيحفظ الله مصر.

وإن شاء الله تعالى الفقير فى مصر لن يضام أبدا، فمن باب التكافل والتراحم والصلة والمودة والألفة يحرص المصريون على ذبح الأضاحى فى هذا الموسم العظيم، مشاركة لحجاج بيت الله بالتقرب إلى الله تعالى، فهم فى حجهم لهم الهدى، ونحن فى مصرنا وفى كل الأمصار العربية والإسلامية، وللمسلمين جميعا على وجه البسيطة لنا الأضحية، فالمضحى يذبح أضحيته فيوسع على نفسه وأهل بيته ويهدى منها لأقاربه وأصدقائه، ويتصدق كذلك على الفقراء والمساكين إغناء لهم عن السؤال فى هذا اليوم، وقد أشار القرآن الكريم الى وجوب التعاون فى مثل هذه الأعمال، قال تعالى: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان".

كذلك بالنظر فى حكمة المشرع الكريم سبحانه وتعالى، نجد أنه يراعى الأبعاد الاجتماعية والنفسية والاقتصادية بين أفراد المجتمع، فقد شرع الله الأضحية للقادر عليها توسعة وإغناء، بقوله تعالى فى سورة الكوثر: "إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر".

ويوضح النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ مدى أفضلية الأضحية، فقد جاء فى حديث أم المؤمنين عائشة ـ رضى الله عنها ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "ما عمل ابن آدم عملا يوم النحر أحب إلى الله من هراقة الدم، وإنه ليأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع بالأرض فطيبوا بها نفسا".

لذا فإننا نشد على أيدي القادرين الذين يضحون ويذبحون بأنفسهم أو يوكلون غيرهم بشراء صك الأضحية، مساهمة فى التكافل الاجتماعي وتوسعة على الفقراء والمساكين وإغناء لهم عن السؤال فى يوم العيد، فإن من أعطى وأغنى الفقراء فالله يعطيه ويغنيه، وهو الجواد الكريم سبحانه وتعالى.

فلا يبخل الغنى على الفقراء فى مثل هذه الأيام الصعبة، بل عليه أن يزيد من عطائه، والله سيخلف عليه أضعافا مضاعفة، فإن كان معتادا على تقسيم أضحيته ثلاثا: ثلث لنفسه وثلث للفقراء وثلث للأقارب والأصدقاء، فعليه أن يتحرى الفقراء فى أهله وجيرانه وأصدقائه ويعطيهم الجزء الأكبر من الأضحية، ولا يدخر لنفسه إلا القليل، فما عند الله خير وابقى.

اللهم احفظ مصرنا، وأدم أمننا، واجمع على الحق شملنا، اللهم آمين.. وكل عام أنتم بخير.

[email protected]

مقالات مشابهة

  • يوافق أول أيام عيد الأضحى.. ما حكم صيام اليوم العاشر من ذي الحجة؟
  • رئاسة الشؤون الدينية تطلق مبادرة " بالتي هي أحسن " لتكريس التسامح والاعتدال في موسم الحج
  • أهمية يوم عرفة " يوم استجابة الدعاء"
  • تعرف على فضل الدعاء في يوم عرفة
  • فضل صيام يوم عرفة 1445.. صيغة الأدعية المأثورة فيه كما وردت عن النبي
  • مصر لن تضام أبدا
  • تعرف على الأضحية وأحكامها الشرعية في الإسلام
  • المفتى: الحج من العبادات التي بها مشقة والإسلام جعل مبناها التيسير
  • مفتي الجمهورية في ندوة الحج الكبرى بمكة المكرمة: التيسير في الدين ينشأ عن رسوخٍ في العلم
  • مفتي الجمهورية: التيسير في الدين ينشأ عن رسوخٍ في العلم