شكل ارتفاع معدلات الزيادة السكانية في مصر، أحد المتكآت القوية التي يعول عليها الساسة لتراجع الأداء التنموي، وعدم تحسن مستوى معيشة السكان بشكل عام، منذ ثورة 1952 وحتى الآن.

ومؤخرا أتت تصريحات وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية الدكتورة هالة السعيد، لتوضح أن هناك انخفاضا في معدلات النمو السكاني بمصر بنسبة 46%، على مدار الفترة 2017-2023، إذ انخفض معدل الزيادة السكانية من 2.

6% عام 2017 إلى 1.4% عام 2023.

وأضافت السعيد أن عدد المواليد في عام 2023 بلغ مليوني مولود، بانخفاض نسبته 7% عما كان عليه في عام 2022، وبانخفاض نسبته 15% عما كان عليه عام 2018، واعتبرت الوزيرة أن هذه الأرقام تظهر مدى نجاح جهود الدولة في مجال تنمية الأسرة.

والمفارقة أنه خلال الفترة المشار إليها، والتي حظيت بتراجع معدلات النمو السكاني، لم يكف الساسة في مصر، وعلى رأسهم الرئيس عبد الفتاح السيسي عن تحميل الزيادة السكانية السبب في عدم ظهور نتائج إيجابية لجهودهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وتتواكب الأرقام التي ذكرتها الوزيرة، مع أحداث ذات دلالة سلبية على الأداء الاقتصادي والاجتماعي في مصر، فالفترة 2017-2023، شهدت الموجة الأولى الأعلى من التضخم بعد توقيع مصر اتفاقها مع صندوق النقد الدولي بنهاية عام 2016، ففي يوليو/تموز 2017 بلغ معدل التضخم 33%.

وكذلك مر الاقتصاد المصري بالأحداث السلبية لأزمتي جائحة كورونا، والحرب الروسية على أوكرانيا، وما تبعهما من تضرر مصر في مجالات السياحة وتراجع حصيلة النقد الأجنبي.

فماذا وراء انخفاض معدلات المواليد في مصر؟ وما التحديات التي يفرضها هذا الأمر على أداء النظام المصري؟

أحد أسواق القاهرة الشعبية حيث تظهر كثافة عالية للباعة والمشترين (رويترز) أسباب اجتماعية

نشرة الإحصاءات الحيوية لشهر ديسمبر/كانون الأول 2023، الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، تعطي إشارات يمكن من خلالها الحصول على تفسير لتراجع معدلات المواليد خلال الفترة المشار إليها، حيث ذكرت النشرة الأرقام الخاصة بعقود الزواج والطلاق، والتي يتبين منها ما يلي:

عدد عقود الزواج تراجع في السنوات 2018 و2020 و2021 إلى 887 و876 و880 ألف حالة زواج، على التوالي، عما كان عليه في عام 2017، عند 913 ألف حالة زواج. وهو ما يعني وجود تراجع في حالات الزواج بنحو 96 ألف حالة زواج بالسنوات المذكورة للمقارنة بعام 2017.
بينما في عامي 2019 و2022 زادت حالات الزواج إلى 928 و929 ألف حالة زواج، وهو ما يعني حدوث زيادة قدرها حوالي 31 ألف حالة زواج في العامين مقارنة بما كان عليه الوضع في 2017.
وبالنظر إلى النتيجة النهائية، بين سنوات الزيادة والتراجع في عدد حالات الزواج، نجد أن هناك تراجعا بنحو 65 ألف حالة. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض عدد المواليد في الأسر حديثة الزواج، مقارنة بما كان عليه الوضع قبل عام 2017. أما معدلات الطلاق في مصر خلال هذه الفترة، فقد شهدت تصاعدا مستمرا عما كانت عليه في عام 2017، حيث وصلت في عام 2022 إلى أعلى معدلات عند 269 ألف حالة، بينما كان الواقع في عام 2017 عند 198 ألف حالة.
ومن هنا نجد أنه في ظل تراجع معدلات الزواج، ووجود زيادة في حالات الطلاق، تتضاعف احتمالات تراجع المواليد في الأسر الحديثة، وخاصة أن ثمة دراسات تشير إلى أن نسبة كبيرة من حالات الطلاق في السنوات الأخيرة بمصر، تقع في الأسر حديثة التكوين. عدد الأسر المستفيدة من برامج الأمان الاجتماعي 5.08 ملايين أسرة (رويترز) الأسباب الاقتصادية

شهدت الفترة المذكورة، والتي انخفضت فيها معدلات النمو السكاني، ارتفاع معدلات الفقر في المجتمع المصري، فحسب تصريح وزيرة التضامن الاجتماعي الدكتورة نيفين القباج في فبراير/شباط 2021، فإن عدد الأسر الفقيرة بلغ 8.5 ملايين أسرة، وتضم قرابة 31 مليون فرد.

وبالرجوع إلى بيانات موازنة العام المالي 2017-2018 وُجد أن عدد الأسر المستفيدة من برامج الأمان الاجتماعي 3.4 ملايين أسرة، وبتكلفة مالية 15.3 مليار جنيه ( 864 مليون دولار بسعر صرف 17.7 جنيه للدولار)، بينما في عام 2023-2024 بلغ عدد الأسر المستفيدة من برامج الأمان الاجتماعي 5.08 ملايين أسرة، وبتكلفة مالية 31 مليار جنيه (مليار دولار تقريبا حسب سعر صرف 30.8 جنيها للدولار).

ولا يتوقف قياس الفقر عند عدد الأسر المستفيدة أو المستحقة لمساعدة برامج الأمان الاجتماعي، ولكن هناك شريحة المعرضين للفقر، وهي شريحة كبيرة، تتأثر بشكل كبير بالسياسات الاقتصادية التقشفية، التي اتبعها النظام المصري منذ عام 2014، وقد ذهب البنك الدولي في أحد تقديراته في عام 2019 إلى نسبة 60% من المجتمع المصري، إما فقراء أو معرضون للفقر.

ودلالات أوضاع الفقر في المجتمع المصري، قوية فيما يتعلق بتأثيرها على تراجع عدد المواليد، فمن الطبيعي في ظل الفقر أن تتراجع معدلات الزواج، وترتفع معدلات الطلاق، وتتراجع قرارات الإنجاب لدى الأسر، سواء الحديثة منها أو غير الحديثة.

أيضا ما تعرضت له مدخرات الأسر، نتيجة انخفاض قيمة العملة خلال الفترة، واتجاه الأفراد لظاهرة الدولرة، أو شراء الذهب، جعلت الأسر تعيد حساباتها في تقديرات الإنفاق، واعتبار إضافة مولود جديد تعني التزامات مالية، قد تكون الأسرة غير مؤهلة لها، أو على الأقل تضيق على ما هو متاح من خدمات ضرورية وتكميلية للأسرة بدون وجود مواليد جدد.

وثمة أمر مهم، هو خروج نسبة لا بأس بها من المتزوجات حديثا للعمل، أو إدارة بعض الأعمال من المنزل، لتحسين دخل الأسرة لتلبية احتياجات ضرورية أو رغبة في الحصول على خدمات تعليمية وصحية أفضل للأسرة.

مما دعهن لتأجيل قرارات الإنجاب، وكذلك شعور ركني الأسر الحديثة بحالة من عدم الاستقرار في السنوات الأولى، يدفعهم لتأجيل قرار الإنجاب، وهو ما يؤدي إلى تراجع معدلات النمو السكاني، حيث أصبحت ظاهرة الآن في الأسرة المكونة حديثا أن تؤجل قرار الإنجاب لنحو عامين أو 3.

تحديات تواجه النظام المصري

ذكرنا في بادية هذه السطور، أن وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية اعتبرت أن انخفاض معدلات النمو السكاني دلالة على نجاح الدولة في جهود تنمية الأسرة، ولكنها لم تعلن عن إستراتيجية النظام في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية في ظل تراجع معدل الزيادة السكانية من 2.6% إلى 1.4%.

فهل سيتخلى النظام عن شماعة الزيادة السكانية خلال السنوات القادمة، ويتعهد بخدمات أفضل في مجالات التعليم والصحة، ومرافق البنية الأساسية؟

وإذا استمرت الظواهر السلبية في المجتمع المصري خلال الفترة القادمة، من اتساع رقعة الفقر، وعدم تحسن الدخول الحقيقية للأفراد، فستكون المحصلة اتسام مستوى المعيشة بالسلبية الشديدة، لأن ذلك يعني ارتفاع سن الزواج عما هو عليه الآن، وتراجع معدلات الزواج، وانتفاء ادعاء النظام، أن تراجع معدلات الزيادة السكانية أتى نتيجة جهوده في تحسين تنمية الأسرة.

ومن المهم أن يعلن النظام عن معدلات الزيادة السكانية المرضية، التي تناسب موارده وخططه التنموية، هل هي عن معدل 1% مثلا، أم أقل من ذلك؟

وهناك دول أخرى قل فيها معدل الزيادة السكانية عن 1%، أصبحت تعاني بعد عقود من نقص العمالة الوطنية، واضطرت لاستقبال المهاجرين.

إن الأمر يحتاج إلى تصور متكامل وليس فقط مجرد الزهو بنتائج قد يكون الدافع لها ذاتيا من الأسر والعائلات فيما يخص تراجع معدلات النمو السكاني، وليس تخطيطا من قبل النظام.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات معدلات الزیادة السکانیة معدلات النمو السکانی عدد الأسر المستفیدة المجتمع المصری ألف حالة زواج تراجع معدلات الموالید فی ملایین أسرة خلال الفترة تراجع معدل فی الأسر کان علیه عما کان عام 2017 فی عام فی مصر

إقرأ أيضاً:

الصحة: خفّض معدلات انتشار فيروس بي بين الأطفال لأقل من 0.1%

كتب - أحمد جمعة:

تصوير- هاني رجب:

أكد الدكتور عمرو قنديل، نائب وزير الصحة والسكان، أن مصر حققت تقدمًا غير مسبوق في السيطرة على فيروس الالتهاب الكبدي الوبائي "بي"، مشيرًا إلى أن برامج الترصد الوبائي في البلاد تتلقى سنويًا ما يزيد على 43 ألف بلاغ بشأن حالات يُشتبه إصابتها، حيث يتم التحقق منها ميدانيًا بدقة، سواء ثبتت إيجابية الحالات أو لا، مما يعكس كفاءة منظومة الترصد المبكر والاستجابة السريعة.

وأوضح قنديل أن مصر بدأت جهودها لمكافحة فيروس "بي" مبكرًا، منذ عام 1992، حين تم إدراج تطعيم الفيروس ضمن برنامج التطعيمات الأساسية للأطفال، ثم تم تعزيز البرنامج في عام 2015 بإضافة الجرعة الصفرية عند الولادة، إلى جانب التطبيق الصارم لإجراءات مكافحة العدوى داخل المنشآت الصحية.

جاء ذلك خلال كلمته بالاحتفال الذي نظمته وزارة الصحة والسكان، صباح اليوم الإثنين، بمناسبة الإنجاز التاريخي الذي حققته مصر في السيطرة على فيروس التهاب الكبد الوبائي "بي"، حيث تم الاعتراف بها كأول دولة في إقليم شرق المتوسط تحقق الهدف الإقليمي للسيطرة على المرض.

وكشف نائب الوزير أنه في عام 2008 كانت نسبة الإصابة بفيروس "بي" تبلغ نحو 12%، بينما أظهر المسح القومي لعام 2023 أن معدل انتشار الفيروس بين الأطفال دون سن الخامسة انخفض إلى أقل من 0.1%، وهو إنجاز يفوق الهدف الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، الذي حدد سقف الإصابة بـ1% فقط.

وشدد قنديل على أن هذا النجاح يمثل نتيجة مباشرة للالتزام السياسي والدعم الفني المستمر، والتوسع في برامج التطعيمات، وترسيخ ثقافة الوقاية في المجتمع، ما يجعل التجربة المصرية نموذجًا يُحتذى به في مكافحة الأمراض المعدية على مستوى الإقليم.

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

عمرو قنديل وزير الصحة والسكان الالتهاب الكبدي الوبائي وزارة الصحة والسكان

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الأخبار المتعلقة وزير الصحة: متوسط عمر السيدات في مصر يصل إلى 73 عامًا أخبار الصحة تحذر من الإفراط في تناول الملح.. وتحدد الحد الأقصى للاستهلاك أخبار نائب وزير الصحة: 65 مليون جرعة سنويًا لتطعيم 6 فئات ضد الأمراض أخبار نائب وزير الصحة: إلغاء السجلات الورقية في مكاتب الصحة بعد "التحول الرقمي" أخبار

إعلان

إعلان

أخبار

الصحة: خفّض معدلات انتشار فيروس "بي" بين الأطفال لأقل من 0.1%

روابط سريعة

أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلاميات

عن مصراوي

اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصية

مواقعنا الأخرى

©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا

مصري الجنسية وهتف فلسطين حرة.. كشف هوية منفذ هجوم كولورادو الأمريكية- صور 27

القاهرة - مصر

27 14 الرطوبة: 17% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • خالد سلك.. من لم يمت بطلقة مات بمرض معدلات الموت لكل الأسباب تتزايد كل يوم
  • الصحة: خفّض معدلات انتشار فيروس بي بين الأطفال لأقل من 0.1%
  • سيارة كوري بتصميم رياضي موديل 2017 .. أفضل سعر للمستعمل| شاهد
  • الأرض تذوب.. و البشريّة تدفع الثمن!
  • ارتفاع معدلات إنتاج الغاز الى 1000 مقمق من حقول البصرة خلال عام
  • خط الفقر في تركيا يتجاوز 81 ألف ليرة شهرياً
  • مقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يشيد بتراجع معدل الفقر في رواندا
  • الأسرة في تركيا تحتاج أكثر من 81 ألف ليرة شهريًا لتفادي الفقر!
  • النفط يتجه لتراجع أسبوعي مع توقعات بزيادة أوبك+ للإنتاج
  • قيود ترامب تدفع جامعات لتقديم إعفاءات للطلاب