نابلس– بعد اليوم الأول من الحرب على غزة، وأمام سيناريوهات كثيرة دارت في خلد الفلسطيني صالح أبو ذياب حول ما يمكن أن تتخذه إسرائيل من إجراءات عقابية ضد الفلسطينيين، ومنهم شريحة العمال التي يتبع لها، لم يتخيل أن تصل الحرب به وبغيره إلى هذه الحال، وأن تواصل إسرائيل منعهم من العمل للشهر السادس على التوالي.

ومنذ 6 أشهر ومع دخولها الحرب وإعلانها حالة الطوارئ، أغلقت إسرائيل معابرها وحواجزها العسكرية مع الضفة الغربية، ومنعت أكثر من 225 ألف عامل فلسطيني بها من الوصول لأماكن عملهم داخل الخط الأخضر، لتتفاقم بذلك معاناتهم الاقتصادية لا سيما أن السواد الأعظم منهم لم يجد بديلا للعمل بمناطق الضفة الغربية.

وفي ظل التزامات وأعباء مالية كبيرة بات أبو ذياب يفكر بالدخول خلسة إلى إسرائيل عبر عمليات تهريب تكلفه مبالغ طائلة، وسط مخاطر كثيرة قد تفقد العامل حياته أو تعرضه للاعتقال والغرامات المالية العالية، إضافة لإجراءات عقابية أخرى أبرزها منعه من الدخول لإسرائيل والعمل بها مجددا.

عمال فلسطينيون يعملون في منشأة إسرائيلية جنوب نابلس (الجزيرة) التهريب رغم المخاطر

ويقول أبو ذياب الذي يعيل 3 أطفال وزوجته إضافة لوالديه إنه كغيره من أكثر من ألف عامل في قريته شمال نابلس لم يجد أي عمل داخل الضفة الغربية منذ تسريحه من إسرائيل، وإنه بالكاد يتدبر أمره عبر قليل من مدخرات كانت لديه، ينفق منها "حسب الأولوية والضرورة الملحة فقط"، كما يقول، حتى أنه أرجأ دفع ديونه والتزامات بنكية تقدر بآلاف الدولارات رغم مخاطر تترتب عليه.

وبلهجته المحلية، يقول أبو ذياب للجزيرة نت "العامل لو كان حديد ذاب"، خاصة وأن حجم الإنفاق كبير ولا يوجد بالمقابل أي دخل يسد شيئا منه، وأسوأ من ذلك فقده الأمل بأي فرصة عمل بالضفة الغربية، أو بديل آخر كالاقتراض من أي أحد.

وما يفكر به العامل صالح أبو ذياب خاضه صديقه محمود قبل أقل من شهر، حين حاول الذهاب إلى إسرائيل بطريق التهريب، فاعتقله الاحتلال لأكثر من أسبوعين، وفرض عليه إجراءات عقابية.

ويقول محمود إن "التهريب" يكلف العامل حوالي 200 دولار كحد أدنى، ولا يرتبط ذلك بتوفير عمل أو مبيت للعامل الذي يتحمل مسؤولية نفسه، وقد يترتب على ذلك تعرضه لابتزاز رب العمل الإسرائيلي بتشغيله بنصف أجرته أو أقل مما كان يتقاضاه قبل الحرب، وقد يتعرض للنصب والاحتيال وتبليغ الشرطة، فضلا عن اعتداءات إسرائيليين متطرفين.

عمال فلسطينيون في طريقهم إلى العمل داخل الخط الأخضر- عند معبر الطيبة قرب مدينة طولكرم (الجزيرة)

 

وضاقت كل الحلول بالعمال الفلسطينيين الذين فقدوا البديل بالضفة الغربية وباتوا يواجهون مصيرا مجهولا في ظل ارتفاع نسب الفقر والبطالة، وكذلك انخفاض عمل المصانع الفلسطينية إلى 30% من طاقتها الإنتاجية حسب تصريح منال فرحان وكيلة وزارة الاقتصاد الفلسطينية للجزيرة نت.

وتشير إحصاءات وزارة الاقتصاد أن 29% من منشآت الضفة الغربية تراجع أو توقف إنتاجها، بواقع 35 ألف منشأة، بينما بلغ إجمالي المنشآت التي توقفت بالضفة وغزة أكثر من 80 ألف منشأة.

وفي تصريح لنصري أبو جيش وزير العمل الفلسطيني السابق للجزيرة نت، فإن ما يزيد على 450 ألف عامل فلسطيني فقدوا فرص عملهم داخل فلسطين (الضفة الغربية وغزة) خلال الحرب، ما رفع نسبة البطالة لـ41% بالمجتمع الفلسطيني.

وأمام حلول كثيرة للاستغناء عن العمال الفلسطينيين، لجأت إسرائيل لجلب آلاف من العمالة الأجنبية، من دول شرق آسيا والهند، غير أنها خطوة وصفها مراقبون بأنها غير مجدية، في ظل نقص خبرتهم والتزام إسرائيل بتأمين احتياجاتهم، لا سيما السكن والأمن.

خطوة غير مسبوقة

ولم يسبق أن واجه العمال الفلسطينيون مثل هذا المنع الإسرائيلي في معظم الحروب والانتفاضات التي وقعت منذ احتلال إسرائيل للضفة الغربية عام 1967، حسب شاهر سعد الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين.

ويقول سعد للجزيرة نت إن إسرائيل وبحكم احتلالها للضفة الغربية وانتهاجها سياسات لربط الاقتصاد الفلسطيني بالإسرائيلي تتحمل مسؤولية أولئك العمال، وأن رفضها إدخالهم هو "ابتزاز سياسي وضغط على الاقتصاد الفلسطيني لتدميره، على قاعدة تخسير الفلسطينيين بما أن الاقتصاد الإسرائيلي يخسر بفعل الحرب".

وذكر سعد أن اتفاقية البناء (صفحة 37 و38) الموقعة بين الجانب الفلسطيني والإسرائيلي عام 2005 تؤكد أنه لا تمييز بين العمال الفلسطينيين والإسرائيليين، وبالتالي على إسرائيل تعويض هؤلاء العمال خسارتهم التي تقدر حسب سعد بأكثر من مليار و250 مليون شيكل شهريا (الدولار=3.7 شواكل).

وبالمقابل، تجاوزت خسائر إسرائيل بسبب تعطل العمالة الفلسطينية منذ بدء الحرب مليار دولار أميركي.

عمال آسيويون في مزارع النخيل الإسرائيلية في مدينة أريحا بالضفة الغربية (الجزيرة) لا تعويض يذكر

وبناء على تلك الاتفاقيات، طالب سعد المجتمع الدولي والمؤسسات العمالية بالضغط على إسرائيل لإعادة العمال وتعويضهم، موضحا أن "بعضهم أوعز لإسرائيل بهذا الشأن، لكنها لم تستجب، ودعت دولا عربية لتعويضهم".

ووصف سعد حال العمال الفلسطينيين بـ"المزري والكارثي" وأن مئات طلبات المساعدة تصلهم كاتحاد نقابات عمال لا سيما في ظل غياب أي دعم للحكومة الفلسطينية تجاههم، والتي لا تقوى على دفع رواتب موظفيها حسب قوله، وبالمقابل عجزهم كنقابات عمال عن تقديم دعم مادي لهؤلاء العمال الذين يحتاجون "لدولة" لتوفر احتياجاتهم.

ويقول سعد إن كل ما فعلته الحكومة أنها مددت عمل التأمين الصحي للعمال حتى نهاية مايو/أيار، وأرجأت دفع رسومه لبعد عودتهم للعمل، وأنهم كاتحاد نقابات تفاهموا مع سلطة النقد لتأجيل تحصيل الشيكات المترتبة، كما أنهم يعدون خطة لتقديمها للحكومة للبحث عن آلية دعم نقدي للعمال ولو بمبالغ يسيرة.

ورفضت البنوك كذلك التعاطي مع طلب اتحاد نقابات العمال بتقديم قروض للعمال بضمان توفيراتهم المالية المستحقة على إسرائيل، إلا أن البنوك رفضت، وحتى المانحين الأجانب لم يقدموا أي مساعدة.

ودفع "الجوع وتردي الأوضاع" آلاف العمال للمخاطرة بحياتهم والدخول إلى إسرائيل عبر طرق "التهريب"، ورغم ذلك فهم ليسوا بمأمن، فالاحتلال يلاحقهم بأماكن عملهم ويعتقلهم ويفرض قيودا مشددة وغرامات مالية، خاصة من ليس بحوزتهم تصاريح مخصصة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات العمال الفلسطینیین الضفة الغربیة للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

فزغلياد: لماذا تَجدد الحربِ بين إسرائيل وإيران لا مفر منه؟

في ظل العداء القائم بين إسرائيل وإيران تزداد التوقعات بقرب اندلاع جولة جديدة من التصعيد، وسط سباق تسلّح محموم واستعدادات عسكرية مكثّفة من الجانبين.

ففي تقرير له بصحيفة "فزغلياد" الروسية، يستعرض ألكسندر تيموخين الأسباب التي تجعل من وقوع جولة جديدة من التصعيد العسكري بين ايران وإسرائيل حتمية، مستشرفا موعد ذلك وكاشفا كيفية استعداد جيشي الطرفين لهذا السيناريو.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2موقع إيطالي: قنبلة صينية جديدة قادرة على شلّ دول بأكملهاlist 2 of 2إعلام إسرائيلي: الجيش عاش يوما صعبا في الشجاعية أمسend of list

فرغم إعلان كلٌّ من إيران وإسرائيل تحقيق النصر في الحرب الأخيرة التي اندلعت في يونيو/حزيران الماضي، فإن الكاتب يوضح أن الواقع يُظهر أن أياً من الطرفين لم يحقق انتصارًا حاسمًا، كما تدل المؤشرات العسكرية والسياسية على أن المواجهة لم تُحسم بعد، بل تم تأجيلها فحسب.

وذكر أن إسرائيل دخلت هذه الحرب وهي في موقع قوة واضح، حيث أطلقت عملية عسكرية بدت منسقة وفعالة، وساعدها في ذلك عنصر المفاجأة والتفوق الجوي التقني وشبكات الاستخبارات والتخريب داخل الأراضي الإيرانية، بالإضافة إلى الدعم الأميركي النشط والمساعدة اللوجستية من دول فتحت مجالها الجوي للطائرات الإسرائيلية.

وأشار التقرير إلى أن هذه الضربة الإسرائيلية من حيث الأداء العملياتي كانت ناجحة إلى حد كبير، إذ مكنت سلاح الجو الإسرائيلي من تدمير الدفاعات الجوية الإيرانية.

فشل إسرائيلي

لكن الكاتب استدرك قائلا إن إسرائيل رغم هذا التفوق الأولي فشلت في تحقيق أهدافها الإستراتيجية، فصور الأقمار الصناعية تكشف أن إيران -على عكس ما تروج له الرواية الإسرائيلية- تمكنت من نقل جزء من اليورانيوم المخصب لديها من منشأة "فوردو" قبل الضربة.

ولا توجد أي مؤشرات تؤكد أن اليورانيوم لا يزال مخزناً تحت الأرض. كما لم تُنشر أي بيانات رسمية حول حجم الأضرار، في ظل تكتم إيراني محسوب.

المؤشر الحاسم في الفشل في تدمير المفاعلات النووية هو غياب أي تسرب إشعاعي بالغلاف الجوي، وهو ما يحدث في حال تدمير مخازن اليورانيوم، وهذا يشير إلى أن المنشآت الحساسة لم تُمس بشكل جوهري وأن الضربة الأميركية أخفقت في تحقيق غايتها الكبرى

أما المؤشر الحاسم فهو غياب أي تسرب إشعاعي في الغلاف الجوي، وهو ما يحدث في حال تدمير مخازن اليورانيوم. وهذا يشير إلى أن المنشآت الحساسة لم تُمس بشكل جوهري وأن الضربة أخفقت في تحقيق غايتها الكبرى.

إعلان

ويضيف الكاتب أن تداعيات الهجوم الإسرائيلي لم تقتصر على الجانب العسكري فحسب، بل امتدت إلى التصعيد النووي. فقد أعلنت إيران وقف تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مؤكدة أنها ستواصل عمليات تخصيب اليورانيوم دون قيود.

وبحسب تقارير أجهزة الاستخبارات الأميركية، فإن المكونات الرئيسية للبرنامج النووي الإيراني لم تُدمّر خلال الهجوم. أما على الصعيد الداخلي، فقد تمكن النظام السياسي الإيراني من الصمود.

وهكذا، لم تنجح إسرائيل في تحقيق أي من الأهداف التي أعلنتها قبل شن الحرب. بل على العكس، أدت العملية إلى نتيجة معاكسة تمامًا: قطع إيران لأي مسار تفاوضي مستقبلي مع الغرب.

وفي هذا السياق، تبدو الولايات المتحدة وكأنها تسعى للحد من التصعيد دون الانخراط الكامل. فالضربة التي نفذها الجيش الأميركي حملت طابعًا استعراضيًا أكثر منها عملياتيًا.

ويبدو أن هدفها الرئيسي لم يكن تحقيق مكاسب عسكرية، بل توجيه رسالة داخلية للّوبي الإسرائيلي في واشنطن بأن الإدارة الأميركية "لم تقف مكتوفة الأيدي" وفي الوقت ذاته ممارسة ضغط على طهران لدفعها نحو وقف إطلاق النار.

ويرى الكاتب أنه رغم أن إسرائيل لم تُهزم عسكريًا في هذه الحرب -حيث فقد خرجت بخبرة ميدانية جديدة وتكبدت خسائر محدودة- فإنها لم تنتصر أيضًا. وبالإضافة إلى عدم تحقيق أهدافهم المعلنة، أدرك الإسرائيليون حدود قدرتهم العسكرية.

وقد أظهرت الحرب أن إسرائيل، لو استمرت في تبادل الضربات مع إيران، كانت ستدخل في حرب استنزاف مرهقة، لا يمكنها تحملها أكثر من 3 أشهر، خاصة في ظل الصعوبات المتزايدة في تعويض الذخائر لمنظومات الدفاع الجوي والأسلحة الدقيقة المستخدمة من قبل سلاح الجو، كما أن شبكات الاستخبارات الإسرائيلية داخل إيران باتت مهددة بالتفكيك بعد انكشافها.

هزيمة إيرانية

في المقابل، يمكن اعتبار نتائج الحرب -وفقا للكاتب- هزيمة واضحة لإيران، حيث خرجت من المواجهة في وضع أسوأ مما كانت عليه قبل اندلاعها. فقد كشفت الضربات الإسرائيلية عن حقيقة القدرات العسكرية الإيرانية وأظهرت محدوديتها أمام العالم بعد أن كانت تُصوَّر كقوة إقليمية تصعب مواجهتها.

وقد جاءت هذه الضربة ضمن سلسلة من الانتكاسات الإستراتيجية لطهران. فهي لم تتصدّ للضربة الأولى عندما تمكنت إسرائيل من إضعاف "حزب الله" اللبناني، ولم تتدخل بشكل حاسم عندما انهار نظام بشار الأسد في سوريا، وكانت الورقة الأخيرة بيد إيران هي قدرتها العسكرية المباشرة لكنها سقطت الآن أيضًا، وفقا للكاتب.

الحرب لم تُنهِ التوتر القائم بل أجّلت الانفجار المقبل، ومع بقاء الجذور الأساسية للأزمة من دون حل فإن اندلاع جولة جديدة من الصراع بين الطرفين ليس سوى مسألة وقت.

ورغم ما يعلنه المرشد الأعلى علي خامنئي من "نصر" على إسرائيل والولايات المتحدة، فإن الشارع الإيراني يدرك الواقع جيدًا، فقد تبخّرت سنوات من الدعاية حول القوة الإيرانية في أيام معدودة.

ومع أن إسرائيل لم تحقق أهدافها بالكامل، فإن إيران من جهتها تعرضت لإهانة إستراتيجية كبيرة على المستويين العسكري والسياسي. ولذلك، فإن هذه الحرب لم تُنهِ التوتر القائم، بل أجّلت الانفجار المقبل. ومع بقاء الجذور الأساسية للأزمة من دون حل، فإن اندلاع جولة جديدة من الصراع بين الطرفين ليس سوى مسألة وقت.

منشأة نطنز بعد القصف (ماكسار)

ماذا ستفعل إيران وإسرائيل بعد ذلك؟

ويرى تيموخين أن الفكرة القائلة "إن إيران قد تبادر بمهاجمة إسرائيل" إما ضرب من الخيال، أو مجرد جزء من الدعاية العسكرية الإسرائيلية لأن طهران ليست في موقع يؤهلها لذلك، فقوتها الجوية شبه معدومة وصواريخها -رغم وصول بعضها إلى الأجواء الإسرائيلية- تم اعتراض أغلبها.

إعلان

وعلاوة على ذلك، يرى الكاتب أن طهران فقدت أدواتها التقليدية في خوض الحروب غير المتكافئة ضد إسرائيل، وعلى رأسها "حزب الله". فبعد الضربات الإسرائيلية، لم يعد لديها ما تعتمد عليه في شن عمليات شبه عسكرية أو تكتيكية عبر وكلائها.

ومع ذلك، فإن تيموخين يؤكد أن ما ستفعله إيران بالتأكيد هو الاستعداد للجولة المقبلة من المواجهة مع إسرائيل. وستبدأ هذه الاستعدادات في المرحلة الأولى بتطوير ترسانتها الصاروخية وتسليح قواتها الصاروخية، بهدف تحسين قدرتها على اختراق منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلي.

أما الخطوة الثانية بحسب الكاتب، فستكون الاستمرار في برنامج تخصيب اليورانيوم. فوفقًا للاتفاق النووي السابق، كان يُسمح لإيران بتخصيب 300 كيلوغرام من اليورانيوم بنسبة لا تتجاوز 3.7%. لكن بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، ألغت إيران كل القيود المفروضة عليها.

ورجح بهذا الصدد أن إيران ستظل في المرحلة المقبلة على بُعد خطوة واحدة فقط من امتلاك السلاح النووي، دون أن تُقدم فعليًا على إنتاج قنبلة نووية أو تجميعها، وهذا ما سيوفر لها ورقة ضغط دبلوماسية.

ويعتقد تيموخين أن مهمة إسرائيل أكثر تعقيدًا في المرحلة المقبلة، فإذا كانت تسعى لتنفيذ ضربة ثانية ضد إيران، فإن عليها أولًا أن تعزز قدرتها الدفاعية ضد الهجمات الصاروخية الإيرانية المحتملة، وأن تتمكن من صدّها بكفاءة أعلى من الجولة السابقة، وهو ما يتطلب إنشاء مخزون كافٍ من الصواريخ الاعتراضية يكفي لعدة أسابيع أو حتى أكثر من 100 يوم من القتال، وهي ذخائر باهظة الكلفة وتحتاج إلى وقت طويل في الإنتاج.

وإلى جانب ذلك، تحتاج إسرائيل إلى تأمين مخزون مماثل من الذخائر الجوية عالية الدقة لقواتها الجوية، بما يسمح بشنّ عمليات جوية طويلة المدى. كما يتعين عليها إعادة بناء شبكتها الاستخباراتية داخل الأراضي الإيرانية، بعد أن تكبّدت خسائر كبيرة، فضلًا عن العمل على تعطيل الإجراءات المضادة التي بدأ الإيرانيون باتخاذها.

نموذج مصغر بتقنية ثلاثية الأبعاد لترامب وعلمي الولايات المتحدة وإيران (رويترز) كيف تسير الحرب الجديدة بين إسرائيل وإيران؟

ويرجح الكاتب إمكانية تحقيق إيران في العام الحالي قفزة نوعية بقدرات قواتها الصاروخية، على أن يترافق ذلك لاحقًا مع زيادة في الكمّ، مما يعزّز قدرتها على خوض حرب استنزاف طويلة الأمد.

وفي المقابل، ستواصل إسرائيل تخزين الذخائر عالية الدقة والصواريخ الاعتراضية لعدة أشهر، ومع كل زيادة بهذا المخزون سترتفع احتمالية تنفيذ هجوم جديد ضد إيران.

ووفقا لتيموخين فإن احتمال اندلاع هجوم واسع النطاق سيبدأ بالتصاعد اعتبارًا من سبتمبر/أيلول القادم، ومن المحتمل أن تنفّذ إسرائيل هجومًا جديدًا العام المقبل، لكن في حال حصولها على ضمانات أميركية بالمساندة العسكرية، فقد تقدم على ذلك أواخر هذا العام. وفي حال استخدمت إسرائيل السلاح النووي في الجولة الثانية، فمن المؤكد أن إيران سترد بتطوير سلاح نووي خاص بها، إذ لن يبقى لديها ما تخسره.

ويتوقع الكاتب أن أداء الصواريخ الإيرانية سيكون أكثر فاعلية في الجولة المقبلة، نظرًا لاعتمادها على خبرة المعركة الأولى، مستبعدا في ذات الوقت نجاح الدفاعات الجوية الإسرائيلية في استعادة كفاءتها السابقة على المدى القصير.

وفي ختام التقرير، يتوقع الكاتب أن تكرر واشنطن نمط تدخلها السابق، من خلال دعم غير مباشر منذ البداية، وقد تتحوّل إلى طرف مشارك في القتال إذا بدأت إسرائيل تخسر حرب الاستنزاف. أما إيران، وفي حال تعرضها لهجمات أميركية متكررة، فسترد بمهاجمة القواعد الأميركية في المنطقة بشكل مباشر، دون تحذيرات مسبقة كما حدث في الجولة الماضية.

مقالات مشابهة

  • دوجاريك: الأمم المتحدة فشلت في حماية الشعب الفلسطيني
  • فزغلياد: لماذا تَجدد الحربِ بين إسرائيل وإيران لا مفر منه؟
  • هل بدأت المرحلة الأخطر بين إسرائيل وإيران؟
  • مجدي البدوي: عمال مصر يرفضون افتتاح سد النهضة أحاديًا.. دون اتفاق ملزم لجميع الاطراف
  • إدانة عربية واسعة لدعوة إسرائيل بـ ضم الضفة الغربية
  • الكويت تدين وتستنكر التصريحات الإسرائيلية بشأن توسيع نطاق الاحتلال ليشمل أراضي بالضفة الغربية
  • رصاص الاحتلال يفتك بعمال في الضفة يبحثون عن لقمة العيش
  • الأردن يدين دعوات عبرية لفرض سيادة إسرائيل على الضفة الغربية المحتلة
  • إسرائيل: جادون في التوصل إلى اتفاق مع حماس لوقف الحرب وإعادة المحتجزين
  • تراجم :معسكر الموت في غزة: كيف يقاوم الفلسطينيون بالفن عندما تعجز الكلمات؟