الجزيرة:
2025-07-04@05:28:22 GMT

هل بدأت المرحلة الأخطر بين إسرائيل وإيران؟

تاريخ النشر: 4th, July 2025 GMT

هل بدأت المرحلة الأخطر بين إسرائيل وإيران؟

تنفّس الشرق الأوسط والعالم بأسره الصعداء عندما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في 24 يونيو/ حزيران 2025، التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، منهيًا بذلك حربًا استمرت 12 يومًا.

هذا الاتفاق، يُعد إنجازًا دبلوماسيًا مؤقتًا، يعكس رغبة الأطراف المنخرطة في الصراع في تجنب حرب طويلة الأمد قد تُغرق المنطقة في فوضى أكبر.

ومع ذلك، فإن هذه الحرب، ليست سوى فصل جديد في صراع إسرائيلي- إيراني عميق الجذور، قد يكون مجرد مقدمة لمواجهات أكثر خطورة في المستقبل.

يُمثل وقف إطلاق النار إنجازًا تكتيكيًا لجميع الأطراف المعنية. بالنسبة للولايات المتحدة وإسرائيل، تُعد الضربات التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية نجاحًا إستراتيجيًا، إذ أُعلن أنها ألحقت أضرارًا كبيرة بالبرنامج النووي الإيراني.

من جانبه، أكد الرئيس ترامب أن هذه العملية العسكرية حققت أهدافها دون جر الولايات المتحدة إلى حرب إقليمية شاملة، وهو ما يتماشى مع سياسته التي تتجنب التورط العسكري المباشر في الشرق الأوسط. في المقابل، تعرضت إسرائيل لأضرار بالغة جراء الهجمات الصاروخية الإيرانية، مما جعل وقف التصعيد ضرورة ملحة لتقليل الخسائر البشرية والاقتصادية.

من جانب إيران، يُتيح الاتفاق فرصة لتجنب حرب طويلة الأمد كانت ستُشكل تهديدًا وجوديًا للنظام. وعلى الرغم من الأضرار التي لحقت بمنشآتها النووية، تصر طهران على أن برنامجها النووي لا يزال قائمًا ولم يتأثر بشكل حاسم.

هذا الخطاب يعكس محاولة إيران للحفاظ على صورتها كقوة إقليمية صلبة، قادرة على مواجهة خصومها رغم تبعات الحرب. ومع ذلك، فإن هذا الاتفاق لا يُنهي الصراع الأساسي بين إسرائيل وإيران.

لقد تطور هذا الصراع من مواجهات غير مباشرة عبر وكلاء إقليميين إلى حرب مكشوفة، خاصة بعد أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، التي كانت نقطة تحول في الصراع. لقد كسرت الحرب الأخيرة الحواجز النفسية التي كانت تمنع المواجهة المباشرة، مما يجعل احتمال اندلاع حرب جديدة في المستقبل واردًا.

إعلان

قد يبدو من الصعب تقدير حجم الأضرار التي لحقت بالبرنامج النووي الإيراني. أعلن ترامب أنّ الضربات الأميركية والإسرائيلية دمرت المنشآت النووية الإيرانية بالكامل، فيما تبدو التقييمات الإسرائيلية أكثر حذرًا.

تشير تقارير استخباراتية إسرائيلية إلى أن الضربات ألحقت أضرارًا كبيرة، لكنها لم تُنهِ البرنامج النووي بشكل نهائي. من ناحية أخرى، تقلل إيران من شأن هذه الأضرار، مؤكدة أن برنامجها النووي لا يزال يعمل بكفاءة.

من المتوقع أن يُمهد وقف إطلاق النار لاستئناف المفاوضات النووية بين طهران والقوى الغربية. ومع ذلك، فإن فكرة تخلي إيران عن طموحاتها النووية بالكامل تبدو غير واقعية، خاصة بعد أن حاولت تصوير نفسها كمنتصرة في هذه الحرب. إن استمرار البرنامج النووي، وإن بشكل محدود، سيبقى مصدر توتر دائم بين إيران وخصومها.

على الرغم من الضرر الذي لحق بإيران، سواء على المستوى العسكري أو الاقتصادي، فإن هذه الحرب قد تُنتج دولة أكثر جرأة وأقل التزامًا بالقيود التي كانت تُحكم سلوكها الإقليمي في الماضي.

قبل هذه الحرب، كانت إيران تمارس ضبط النفس في مواجهاتها مع إسرائيل والولايات المتحدة، خشية التورط في حرب مباشرة. لكن الاشتباكات الأخيرة، التي شملت هجمات صاروخية إيرانية غير مسبوقة على مدن إسرائيلية، أزالت هذه العتبة النفسية.

في المستقبل، قد تكون إيران أكثر استعدادًا للرد بعنف على أي استفزاز، مما يزيد من مخاطر التصعيد. علاوة على ذلك، كشفت الحرب عن نقاط ضعف في الدفاعات الإيرانية، مما سيدفع طهران إلى تسريع جهودها لتعزيز ترسانتها العسكرية، بما في ذلك الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة.

في إسرائيل، يسود إجماع بين الأوساط السياسية والأمنية على أن إيران ستبقى تهديدًا إستراتيجيًا ما دام النظام الحالي في طهران مستمرًا.

على الرغم من الضربات التي تلقتها إيران وحلفاؤها في المنطقة، مثل حزب الله في لبنان وحضورها في سوريا، فإن طهران ستسعى لإعادة بناء شبكتها الإقليمية.

يُعتبر حزب الله، على وجه الخصوص، خطَّ دفاع أماميًا لإيران، وسيكون تعافيه أولوية لطهران في السنوات القادمة. كما ستعمل إيران على تعزيز علاقاتها مع الحوثيين في اليمن والجماعات التي تدعمها في العراق، للحفاظ على نفوذها الإقليمي. هذه الإستراتيجية تعكس اعتقاد إيران بأن حلفاءها الإقليميين يُشكلون درعًا متقدمًا ضد التهديدات المباشرة.

إن احتمال اندلاع حرب جديدة بين إسرائيل وإيران في المستقبل يُشكل خطرًا كبيرًا على استقرار الشرق الأوسط. وقد أظهرت الحرب الأخيرة بالفعل أن أي احتكاك قد يتطور بسرعة إلى مواجهة شاملة، خاصة مع انخفاض العتبة النفسية للمواجهة المباشرة.

وفي ظل إدارة أميركية لا يمكن التنبؤ بخطواتها تمامًا، فإن المخاطر ستبقى مرتفعة على الأقل حتى انتهاء ولاية ترامب الحالية. في غضون ذلك، تشير الهجمات الصاروخية المتبادلة، التي تسببت في خسائر كبيرة لكلا الطرفين، إلى أن أي حرب مستقبلية ستكون أكثر تدميرًا.

رغم وقف إطلاق النار، فإن الصراع سيُبقي التوتر قائمًا. ومن المرجّح أن تكون المرحلة الأخطر قد بدأت بالفعل، فالمعادلات التي كانت تضبط إيقاع الاشتباك خلال العقود الماضية لم تعد قائمة، وبدون اتفاق شامل يُعالج الخلافات الأساسية، سيظل قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي وقت.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات بین إسرائیل وإیران وقف إطلاق النار فی المستقبل هذه الحرب التی کانت

إقرأ أيضاً:

"هوس الجواسيس" بعد الحرب مع إسرائيل.. إيران ترحّل مئات الآلاف من الأفغان إلى بلادهم

في ظل أجواء أمنية مشحونة، واتهامات متصاعدة بالتجسس لصالح إسرائيل، صعّدت إيران خلال الأسابيع الأخيرة حملات ترحيل اللاجئين الأفغان على نحو غير مسبوق، وسط إشارات رسمية وغير رسمية إلى أن بعض هؤلاء تم توظيفهم كعملاء ساهموا في تسريب معلومات استخبارية خلال المواجهة الخاطفة الأخيرة مع إسرائيل. اعلان

وتشير تقديرات مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين إلى أن طهران رحّلت ما معدله 30 ألف أفغاني يوميًا خلال الحرب، أي ما يزيد بخمسة عشر ضعفًا عن الأرقام المسجّلة قبل التصعيد. وفي النصف الأول من العام وحده، أُبعد أكثر من 1.2 مليون أفغاني من إيران وباكستان، نحو 70% منهم تم ترحيلهم قسرًا، وفق بيانات الهيئة الأممية.

وفي تصريح لافت، قالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، يوم الثلاثاء: "لقد سعينا دائمًا لأن نكون مضيفين جيدين، لكن الأمن القومي هو الأولوية… عودة المواطنين غير الشرعيين إلى أوطانهم لا تُعد طردًا."

وتقدّر السلطات الإيرانية أن نحو 2.6 مليون أفغاني يعيشون على أراضيها دون وثائق قانونية، فيما تشير تقديرات أخرى إلى أن العدد الإجمالي للأفغان في إيران يبلغ 6 ملايين، منهم 2.5 مليون على الأقل بلا وضع قانوني.

Relatedتطبيع مبكر أم اختراق أمني؟ كيف دخل الموساد إلى سوريا واستعاد وثائق الجاسوس إيلي كوهين؟جاسوس إيراني باع نصر الله؟ تقرير: أرشيف الجاسوس إيلي كوهين هدية الشرع لإسرائيل ودمشق تسلم رفاته قريباالموساد في قلب الاتهامات: أفغان في قبضة الأمن الإيراني

اللافت أن التصعيد في حملات الترحيل ترافق مع تقارير غير مؤكدة في الإعلام الإيراني تُشير إلى تورط بعض اللاجئين الأفغان في شبكات تجسس لصالح إسرائيل. قناة "إيران إنترناشيونال" المعارضة، ومقرها لندن، زعمت أن عدة أفغان اعتُقلوا مؤخرًا بتهمة التعاون مع الموساد، كما بثّت وسائل إعلام رسمية اعترافات مزعومة لرجلين أفغانيين حول علاقاتهما بجهاز الاستخبارات الإسرائيلي، رغم عدم إمكانية التحقق المستقل من تلك الاعترافات.

وفي تطور لافت، أعلنت السلطات الإيرانية تنفيذ أحكام الإعدام بحق 3 جواسيس قالت إنهم مجندون من قبل الموساد، خططوا لاغتيال شخصية بارزة عبر تهريب معدات تفجير إلى البلاد ضمن شحنة مموّهة بمشروبات كحولية.

ووفقًا لوكالة أنباء "فارس"، تم تنفيذ الإعدام في مدينة أرومية بمحافظة أذربيجان الشرقية بحق إدريس علي، آزاد شجاعي، ورسول أحمد رسول، وذلك بعد إدانتهم بـ"الحرابة والفساد في الأرض"، بسبب تعاونهم مع دولة معادية.

اختراقات خطيرة: آلاف المسيّرات وضربات دقيقة

وخلال الحرب الأخيرة التي اندلعت يوم 13 يونيو وانتهت بإعلان وقف إطلاق النار ، كشفت أجهزة الأمن الإيرانية عن حجم غير مسبوق من الاختراقات الداخلية. فقد أعلنت طهران ضبط أكثر من 10 آلاف طائرة مسيّرة صغيرة قالت إنها كانت بحوزة عملاء محليين متعاونين مع إسرائيل، ومخصصة لمهام تجسس وتخريب داخل العاصمة.

كما أعلنت وزارة الاستخبارات أنها اعتقلت خلال 12 يومًا فقط أكثر من 700 عنصر من شبكة تجسس مرتبطة بإسرائيل، كانت تعمل على تنفيذ هجمات دقيقة، بالتزامن مع الهجوم الإسرائيلي العسكري.

أمن قومي أم تصفية حسابات؟

رغم أن السلطات الإيرانية تبرر حملات الترحيل بأنها جزء من سياسة "حفظ الأمن القومي"، يرى ناشطون ومراقبون أن هذه الإجراءات قد تكون رد فعل مباشرًا على حجم الاختراق الاستخباراتي الذي كشفته الحرب الأخيرة. كما أعربت منظمات حقوقية عن قلقها من استهداف اللاجئين الأفغان جماعيًا دون تمييز، خاصة في ظل التدهور الإنساني المستمر في أفغانستان.

في ظل هذه التطورات، يبدو أن إيران تعيد رسم سياستها تجاه الأجانب داخل حدودها، وسط أولوية أمنية تتقدم على البعد الإنساني، والكشف عن ثغرات داخلية تخشاها طهران أكثر من أي وقت مضى.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • فزغلياد: لماذا تَجدد الحربِ بين إسرائيل وإيران لا مفر منه؟
  • الحرب المفروضة على إيران.. نقلة إستراتيجية في مواجهة إسرائيل
  • حسابات الربح والخسارة في حرب إسرائيل وإيران
  • عمرو دياب يعود إلى أورنچ.. القصة التي بدأت منذ 1999
  • إعلام إسرائيلي: إيران تحتاج عالمَين و4 أجهزة طرد لإعادة بناء برنامجها النووي
  • مخاوف في مصر والأردن من مشروع خفي تعمل عليه إسرائيل بعد حربها ضد إيران
  • "هوس الجواسيس" بعد الحرب مع إسرائيل.. إيران ترحّل مئات الآلاف من الأفغان إلى بلادهم
  • من انتصر في الحرب: إسرائيل أم إيران؟
  • رغم الهجمات الأميركية.. إيران تصر على مواصلة برنامجها النووي| تفاصيل