رغم الضجة الإعلامية والانتصارات المعلنة، تبدو نتيجة الحرب الأخيرة بين إسرائيل وإيران أقرب إلى الإخفاق الاستراتيجي منها إلى النصر العسكري. فبعد 12 يومًا من التصعيد الدموي بين الطرفين، لم تحقق إسرائيل أهدافها المعلنة، بل كشفت عن نقاط ضعفها وأعادت ترتيب موازين الردع في المنطقة، وفق تقرير نشرته مجلة فورين بوليسي.

بدأت الحرب بهجوم إسرائيلي منسق، شمل عمليات استخباراتية طويلة الأمد، وتفجيرات من خلايا نائمة داخل إيران، واغتيالات طالت علماء وشخصيات عسكرية، تبعتها غارات جوية على منشآت نووية وعسكرية مثل "نطنز" و"فوردو". لكن إسرائيل تجاوزت الأهداف الاستراتيجية، لتطال أحياء سكنية وسجونا ومراكز إعلامية، في محاولة لإشعال اضطرابات داخلية.

في المقابل، جاء الرد الإيراني سريعًا وقاسيًا. فبالإضافة إلى إطلاق الصواريخ على مدن إسرائيلية ومنشآت استراتيجية، أقدمت طهران على خطوة نوعية بضرب قاعدة "العديد" الأمريكية في قطر، في رسالة واضحة بأن حدود المعركة يمكن أن تتوسع إقليميًا.

ورغم الخسائر البشرية الكبيرة في إيران – التي تجاوزت 600 قتيل بينهم أطفال ونساء وأطباء – والخسائر المادية في إسرائيل، فقد انتهت الحرب بعد أقل من أسبوعين بوقف إطلاق نار غامض الشروط.

على الصعيد النووي، لم تحقق إسرائيل هدفها المركزي: تدمير القدرة الإيرانية على تخصيب اليورانيوم. فبحسب معلومات استخباراتية أمريكية وأوروبية، نجحت طهران في إخلاء بعض المواقع الحساسة قبل الهجمات، ويُعتقد أن منشآت سرية جديدة لم تُمس. كما أن المخزون الإيراني من اليورانيوم عالي التخصيب وأجهزة الطرد المركزي المتقدمة لا يزال سليمًا.

وفي خطوة تصعيدية، رد البرلمان الإيراني بتمرير قانون لتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، واعتمدت طهران سياسة "الغموض النووي"، على غرار ما تمارسه إسرائيل منذ عقود.

الهجمات الصاروخية الإيرانية كشفت عن قدرة طهران على خرق الدفاعات الجوية الإسرائيلية والأمريكية، واستهداف منشآت بالغة الحساسية. كما تسببت في شلل اقتصادي مؤقت، وتعطيل لمطار بن جوريون، واستهلاك مكثف لأنظمة الدفاع الصاروخي بتكلفة قُدرت بنصف مليار دولار.

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أكد تمسك بلاده بحق التخصيب، بينما أشار ترامب لاحقًا إلى استعداده لتخفيف العقوبات والسماح للصين بشراء النفط الإيراني – في إشارة إلى تحوّل تكتيكي نحو التهدئة.

بدلاً من إضعاف النظام الإيراني، أدت الحرب إلى تنامي الشعور القومي في الداخل الإيراني. فحتى بين الأوساط الشبابية والفنية والعلمانية، ظهرت حالة تضامن وطني ضد "العدوان الخارجي". وقد تزامنت الحرب مع صعود الرئيس الإصلاحي "مسعود بزشكيان" الذي كان يعول عليه كثيرون لإعادة إيران إلى مسار الدبلوماسية والانفتاح.

تشير تسريبات إلى مفاوضات غير معلنة بين واشنطن وطهران، تتضمن تقديم استثمارات تصل إلى 30 مليار دولار لبرنامج نووي سلمي، مقابل تجميد التخصيب، إلى جانب تخفيف العقوبات وإعادة الأموال المجمدة.

ورغم إعلان واشنطن تمسكها بـ"صفر تخصيب"، إلا أن الواقع يوحي بقبول ضمني بسياسة "الغموض الاستراتيجي"، في مقابل التهدئة.

طباعة شارك إيران إسرائيل فورين بوليسي

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: إيران إسرائيل فورين بوليسي

إقرأ أيضاً:

البنتاجون: ضرباتنا الوقائية أبعدت إيران عامين عن امتلاك السلاح النووي

أكد البنتاجون أن الضربات الأمريكية على منشآت فوردو وأصفهان ونطنز "قوضت بشكل كبير" قدرة إيران على تطوير برنامجها النووي، ما أدى إلى تأخيره نحو عامين.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية إن "الضربات الدقيقة دمرت المكونات الأساسية التي تحتاجها إيران لصنع قنبلة نووية"، مضيفًا أن "إيران اليوم أبعد عن امتلاك سلاح نووي مما كانت عليه قبل الإجراءات الجريئة التي اتخذتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب".

وأكد البنتاجون أن وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بعد الحرب "صامد حتى الآن، ويساهم في تهدئة إقليمية نادرة"، مشيرًا إلى أن "الوضع الحالي يمثل لحظة سلام يجب الحفاظ عليها".

طباعة شارك البنتاجون الضربات الأميركية على منشآت فوردو وأصفهان نطنز إيران البرنامج النووي الإيراني

مقالات مشابهة

  • الحرس الثوري الإيراني يكشف عن جزء من قدراته الصاروخية ويؤكد تفوقه العسكري
  • الحرب المفروضة على إيران.. نقلة إستراتيجية في مواجهة إسرائيل
  • البنتاجون: الضربات الأمريكية على إيران أخرت برنامجها النووي عامين
  • أخبار العالم | استشهاد المئات في قصف إسرائيلي على مناطق متفرقة بغزة .. والبنتاجون يؤكد أن الضربات الأمريكية على منشآت إيران النووية تؤخر برنامج طهران لعامين
  • البنتاجون: الضربات الأمريكية على منشآت إيران النووية تؤخر برنامج طهران لعامين
  • تقدير جديد للبنتاغون عن ضرر البرنامج النووي الإيراني إثر الضربات الأمريكية
  • فورين بوليسي: مغامرة نتنياهو في إيران باءت بالخسران
  • البنتاجون: ضرباتنا الوقائية أبعدت إيران عامين عن امتلاك السلاح النووي
  • فورين بوليسي: هل ترامب حقا قيصر أميركي يشبه أباطرة الرومان القدماء؟