فورين بوليسي: كيف ارتدت الضربات الإسرائيلية على إيران عكسيا؟
تاريخ النشر: 3rd, July 2025 GMT
رغم الضجة الإعلامية والانتصارات المعلنة، تبدو نتيجة الحرب الأخيرة بين إسرائيل وإيران أقرب إلى الإخفاق الاستراتيجي منها إلى النصر العسكري. فبعد 12 يومًا من التصعيد الدموي بين الطرفين، لم تحقق إسرائيل أهدافها المعلنة، بل كشفت عن نقاط ضعفها وأعادت ترتيب موازين الردع في المنطقة، وفق تقرير نشرته مجلة فورين بوليسي.
بدأت الحرب بهجوم إسرائيلي منسق، شمل عمليات استخباراتية طويلة الأمد، وتفجيرات من خلايا نائمة داخل إيران، واغتيالات طالت علماء وشخصيات عسكرية، تبعتها غارات جوية على منشآت نووية وعسكرية مثل "نطنز" و"فوردو". لكن إسرائيل تجاوزت الأهداف الاستراتيجية، لتطال أحياء سكنية وسجونا ومراكز إعلامية، في محاولة لإشعال اضطرابات داخلية.
في المقابل، جاء الرد الإيراني سريعًا وقاسيًا. فبالإضافة إلى إطلاق الصواريخ على مدن إسرائيلية ومنشآت استراتيجية، أقدمت طهران على خطوة نوعية بضرب قاعدة "العديد" الأمريكية في قطر، في رسالة واضحة بأن حدود المعركة يمكن أن تتوسع إقليميًا.
ورغم الخسائر البشرية الكبيرة في إيران – التي تجاوزت 600 قتيل بينهم أطفال ونساء وأطباء – والخسائر المادية في إسرائيل، فقد انتهت الحرب بعد أقل من أسبوعين بوقف إطلاق نار غامض الشروط.
على الصعيد النووي، لم تحقق إسرائيل هدفها المركزي: تدمير القدرة الإيرانية على تخصيب اليورانيوم. فبحسب معلومات استخباراتية أمريكية وأوروبية، نجحت طهران في إخلاء بعض المواقع الحساسة قبل الهجمات، ويُعتقد أن منشآت سرية جديدة لم تُمس. كما أن المخزون الإيراني من اليورانيوم عالي التخصيب وأجهزة الطرد المركزي المتقدمة لا يزال سليمًا.
وفي خطوة تصعيدية، رد البرلمان الإيراني بتمرير قانون لتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، واعتمدت طهران سياسة "الغموض النووي"، على غرار ما تمارسه إسرائيل منذ عقود.
الهجمات الصاروخية الإيرانية كشفت عن قدرة طهران على خرق الدفاعات الجوية الإسرائيلية والأمريكية، واستهداف منشآت بالغة الحساسية. كما تسببت في شلل اقتصادي مؤقت، وتعطيل لمطار بن جوريون، واستهلاك مكثف لأنظمة الدفاع الصاروخي بتكلفة قُدرت بنصف مليار دولار.
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أكد تمسك بلاده بحق التخصيب، بينما أشار ترامب لاحقًا إلى استعداده لتخفيف العقوبات والسماح للصين بشراء النفط الإيراني – في إشارة إلى تحوّل تكتيكي نحو التهدئة.
بدلاً من إضعاف النظام الإيراني، أدت الحرب إلى تنامي الشعور القومي في الداخل الإيراني. فحتى بين الأوساط الشبابية والفنية والعلمانية، ظهرت حالة تضامن وطني ضد "العدوان الخارجي". وقد تزامنت الحرب مع صعود الرئيس الإصلاحي "مسعود بزشكيان" الذي كان يعول عليه كثيرون لإعادة إيران إلى مسار الدبلوماسية والانفتاح.
تشير تسريبات إلى مفاوضات غير معلنة بين واشنطن وطهران، تتضمن تقديم استثمارات تصل إلى 30 مليار دولار لبرنامج نووي سلمي، مقابل تجميد التخصيب، إلى جانب تخفيف العقوبات وإعادة الأموال المجمدة.
ورغم إعلان واشنطن تمسكها بـ"صفر تخصيب"، إلا أن الواقع يوحي بقبول ضمني بسياسة "الغموض الاستراتيجي"، في مقابل التهدئة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: إيران إسرائيل فورين بوليسي
إقرأ أيضاً:
طهران تحذر من "تسييس المونديال".. إيران تطالب فيفا بالتدخل العاجل
وجهت إيران تحذيراً شديد اللهجة إلى الولايات المتحدة بعد أزمة رفض منح تأشيرات لوفد منتخبها الوطني، معتبرة أن الخطوة تمثل خرقاً لمبادئ الرياضة العالمية وتتنافى مع مسؤوليات الدولة المستضيفة لبطولة كأس العالم 2026.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، في تصريحات نقلتها وكالة "إيرنا" الرسمية، إن طهران "ترفض بشكل قاطع تسييس كرة القدم أو استغلالها كأداة ضغط سياسي"، مضيفاً أن بلاده "لن تقف مكتوفة الأيدي أمام محاولات تقويض حقوق رياضييها".
وأشار بقائي إلى أن الحكومة الإيرانية بدأت بالفعل إجراءات قانونية ودبلوماسية لمساءلة الجانب الأميركي، مؤكداً أن طهران "تنتظر من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) أن يقوم بدوره الكامل في حماية مبدأ المساواة بين المنتخبات المشاركة".
وكان الاتحاد الإيراني لكرة القدم قد كشف أن الولايات المتحدة منعت دخول رئيس الاتحاد والمدرب وسبعة من أعضاء البعثة، في وقت وصف فيه مراقبون القرار بأنه "سابقة خطيرة" قد تفتح الباب أمام نزاعات جديدة بين الدول المشاركة في البطولة.
من جانبه، أكد رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، جياني إنفانتينو، في تصريحات سابقة، أن الفيفا "سيبذل قصارى جهده لضمان عدم حرمان أي منتخب من حقوقه في المشاركة أو الحضور لأي فعاليات رسمية تتعلق بالمونديال"، مشدداً على أن "الرياضة يجب أن تبقى بعيدة عن التجاذبات السياسية".
وتأتي الأزمة في وقت تشهد فيه العلاقات بين طهران وواشنطن توتراً متواصلاً على خلفية ملفات متعددة، أبرزها البرنامج النووي والعقوبات الاقتصادية. ويخشى المراقبون أن يمتد هذا التوتر إلى الساحة الرياضية مع اقتراب موعد قرعة المونديال.
وتعتبر إيران واحدة من أوائل المنتخبات الآسيوية التي ضمنت تأهلها إلى كأس العالم 2026، إلى جانب اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا، بعد مشوار قوي في التصفيات القارية، ما يجعل مشاركتها في القرعة حدثاً محورياً في مسار التحضيرات للبطولة.
ويرى خبراء أن تصاعد الخلاف حول التأشيرات قد يدفع الاتحاد الدولي لوضع لوائح أكثر صرامة تجاه الدول المستضيفة مستقبلاً، لضمان التزامها بتسهيل إجراءات السفر لجميع المنتخبات دون تمييز.
وفي الوقت نفسه، تعوّل طهران على تدخل الفيفا خلال الفترة القادمة لحل الأزمة قبل أن تتفاقم، مؤكدة أن الرياضة يجب أن تظل جسراً للتواصل بين الشعوب، لا ساحة لتصفية الحسابات السياسية.