هل تعلم متى ظهر الشعر الحميني؟!
تاريخ النشر: 11th, April 2024 GMT
هل تعلم متى ظهر الشعر الحميني؟!.
المصدر: المشهد اليمني
إقرأ أيضاً:
عبد الجواد العوفير: لا توجد أستاذية في الشعر.. ولا آباء لي!
*القصيدة العمودية تمثال مقدس لم نستطع تحطيمه
*العديد من القصائد شاهدتها في أحلامي
*لم يكن أبدًا للشعر الحقيقي جمهور
في طفولته عشق الشاعر المغربي عبد الجواد العوفير الرسم، وحلم أن يكون فنانًا تشكيليًا، ثم كتب قصصًا للأطفال. كان يؤلف ويرسم وينسخ مجلات بدائية كاملة على نفقته ليوزعها على رفقاء الصفِّ، ثم سكنه طائر الشعر بعدما عشق فتاة وهو في العاشرة من عمره، كتب لها العديد من القصائد وأخفاها، ثم آمن بأن الشعر هو طريقه الأبدي. طالع دواوين نزار قباني لكن لم يحاول تقليده، وتخلص من تلك الدواوين بعد اكتشافه شعراء آخرين سافر من خلال قصائدهم للكون.
يعترف عبد الجواد بأنه لم يكتب بعدُ القصيدة التي يحلم بها، وهذا ما يجعله يسير في وجهته بشغف العاشق. أصدر عبد الجواد ثلاثة دواوين هي "راعي الفراغ"، و"ضحكات الكركي"، و"سماء بضفيرتين" الذي يدور حوله حوارنا معه.
من عنوان الديوان "سماء بضفيرتين" يبدو أن المجاز حاضر، صحيح أنك لا تغرقنا فيه لكنه يلعب دورًا مهمًا في قصيدتك.. ماذا يقدم المجاز للشعر الجديد وماذا يعني لك؟
المجاز ليس عنصرًا أساسيًا في القصيدة، وهو قد يبنيها أو يهدمها، الإغراق في المجاز لا يصنع شاعرا جيدا، وإنما يدل أحيانا على ضعف حيلته، توجد في القصيدة الحديثة عوالم عديدة يمكننا الاشتغال عليها، اللغة بحد ذاتها مجاز والشاعر الذكي هو من يستطيع أن يُظهرها كذلك. بالنسبة لي أحسُّ في الغالب أن اللغة سجن، والتحرر من هذا السجن يشغلني على الدوام، حيث يؤرقني السؤال: كيف أستطيع أن أكتب عاريا وأن لا أكون عبدا لهذه اللغة؟!
أن نكتب بلغة شفافة هذه هي مهمتنا كشعراء وحالمين، أن نصرخ بخفة، ونركض بين الكلمات برشاقة غزال.
المجاز حاضر في قصائدي كعطر، حين أضع الشجرة في قصيدتي فهي فعلا شجرة وليست شيئا آخر، حين أكتب عن طائر فهو فعلا طائر يحلِّق في الغرفة، الفرق عندي كيف أجعل هذه العوالم شعرا، وهنا يأتي دور يد الشاعر التي تمنح للأشياء سحرها.
في الديوان تبدو روح الهايكو وتقنياته ماثلة بقوة.. ماذا يضيف الهايكو إلى قصيدة النثر؟
القصيدة العربية العمودية لم تجدد نفسها، ولم يستطع شعراؤها الكبار -الذين كتبوها لاحقا- منحها روحا جديدة، كمحمد مهدي الجواهري أو عبد الله البردوني، ظلت كلاسيكية رغم محاولة تحديثها، لأنها قصيدة لا تطاوع، هي تمثال مقدس لم نستطع تحطيمه وإعادة ترميمه، أما الهايكو برغم كونها تجربة قديمة مارسها الرهبان في اليابان، فهي قصيدة تتشكل حسب العصور وقدر موهبة الشاعر.
في أمريكا وكندا وفرنسا وإسبانيا شعراء عدة استطاعوا كتابة الهايكو بشكل مختلف وحديث، الشعراء العرب حاولوا أيضا كتابته، لكن أغلبهم لم يزرعوا تلك الحداثة فيه، فهل اللغة هي العائق؟ يبقى السؤال مطروحا.
بقي أن أقول إن الهايكو حاضر في ديواني كعالم من العوالم التي تشكل قصيدتي، فهو ليس الهايكو بشكله الخام، بل هو تأمل وصفاء وعزلة هائلة.
ما رأيك في قول الناقد اللبناني أنطوان أبوزيد أنك لم تهمل طرح الموضوعات في قصائدك، وإنما آثرت أن تجعلها في المقام الثاني بعد الأسلوب؟
حين أكتب قصيدتي، لا أفكر في الموضوع أو الأسلوب، بل أكتب كحالم، كعاشق، كمسافر يبحث عن طريق ترشده إلى مدن لا توجد. هذا لا يعني أنني لست واعيا باللغة، التي أحاول تحطيمها وإعادة تشكيلها، لم أفكر يوما في المواضيع ولا في أسلوب كتابتها.
العديد من القصائد شاهدتها في أحلامي، أو جاءت بعد سماعي للموسيقى، وأستغرب كيف يستطيع بعض الشعراء كتابة قصائدهم انطلاقا من مواضيع وأحداث.
هل الشكل أسبق وأهم من المضمون في الشعر بالنسبة لك؟
لا الشكل ولا المضمون، الأهم هو كيف استطاع الشاعر تشكيل كل ذلك، هو سحر الشاعر الذي يلقيه على الأشياء ويروضها، أن يقنعنا أن ما نطالعه قصيدة، أن نجد دمه ونبضه بين الكلمات.
مَن أساتذتك المغاربة وما جيلك عربيا؟
لا توجد أستاذية في الشعر، ولا آباء لي، لكن لديَّ رفقاء كبار منحوني شموسا صغيرة. في المغرب الأجيال الشعرية التي سبقتنا لم تبنِ صوتها الخاص، اشتغلوا على جمالية القصيدة، لكن لم يطوروها من الداخل، رغم ذلك هنالك استثناءات، أسماء حاولت إيجاد صوتها في تلك الغيبوبة الشعرية، أُعجبت مثلاً بعبد الله زريقة، لأنه شاعر يعيش داخل قصيدته ويرفعها إلى سماوات مجهولة. في المشرق أدهشتني تجربة أنسي الحاج ومحمد الماغوط وسعدي يوسف. أميل إلى شعراء الرهافة، إلى الدهشة اللامعة كنصل سيف.
أي شاعر عالمي يعجبك ولماذا؟
في العالم يوجد شعراء مدهشون مثل فيسوافا شيمبورسكا، ملارميه، رامبو، لوتريامون. حين أقرؤهم تنمو لي أجنحة وأحلق من دون وجهة.
لكن الشاعر الذي يبقى استثناء في الشعرية الكونية هو فرناندو بيسوا، لقد خلق عدة شعراء وكتب باسمهم، كيف استطاع أن يكون شاعرا مختلفا في كل شاعر ابتكره، وأن يمنح حياة وكونا مختلفا لهم؟! تلك هي عبقرية الشعر وألقه.
هل ترى أن الشعر مظلوم في مواجهة الرواية؟
لكلٍّ من القصيدة والرواية عالمهما الخاص، لكن يمكن أن نجد روح الشعر في الرواية أو العكس. لم يكن أبدا للشعر الحقيقي جمهور، بل كان له ولا يزال أشباه، وهم مرآة الشاعر وروحه المنزوية، الشاعر هنا يكتب لروحٍ تشبهه في مكان ما من الكون.
هل ترى أن قصيدة النثر العربية وصلت إلى مرحلة النضج؟ ولماذا لم تأخذ مكانتها المستحقة على الساحة الأدبية؟
قصيدة النثر العربية، لم تصل لمرحلة النضج بعد، لأن أغلب كتَّابها متشابهون، نحتاج قصيدة نثر جديدة ومغامِرة. لقد ركن جلُّ كتَّابها إلى ماضيها وحسبوا أنهم وصلوا للحداثة. علينا تغييرها من الداخل والثورة عليها. لكنها لن تأخذ مكانتها اللائقة ما دام أغلب القراء العرب لا يعترفون بالحداثة، ويعيشون في قرون غابرة ويمجِّدون الماضي.
أخيرا ما طموحك للقصيدة؟
أحلم بقصيدة متحررة، عارية، ضد نفسها وضد العالم.