محمد عبدالسميع (الشارقة)

أخبار ذات صلة 190 مبدعاً وكاتباً من 25 دولة ضيوف «الشارقة القرائي للطفل» «شبكة أبوظبي للإعلام» تتصدّر رضا المشاهدين في استطلاع «الاتحاد» لدراما رمضان 2024

الانتقال من الصحافة إلى الأدب أو التنافذ من خلالها عليه، أمرٌ موجود، بحكم المثاقفة والانخراط في الجانب الثقافي والإبداعي للصحفي، خصوصاً حين يكون عاملاً في أقسام الثقافة والمنوعات، والحقول ذات العلاقة.

والكاتبة الصحفيّة الفلسطينية سلمى العالم لم تكتفِ بجانب الصحافة، بل استفادت من أدواتها وشهادتها في الترجمة من جامعة الإمارات، ودبلوم صحافة الذكاء الاصطناعي وإعلام الميتافيرس، لتذهب إلى أدب الطفل، فتصدر قصتين: الأولى بعنوان «دبدوب أختي أجمل»، والثانية «بيت جدي»، لتسير في هذا المجال نحو المزيد من الآفاق والدافعية.
اتجهت الكاتبة العالم بعد أن عملت صحفيةً في قسم الثقافة والمنوعات، إلى هذا الأدب، وانخرطت في قراءة المشهد وما تفرزه دور النشر في الإمارات من إبداعات وإصدارات جديدة، يزيدها استمراراً في ذلك طبيعة النشر ودعم الدولة وتشجيعها للجانب الثقافي والإبداعي، ولكون الكتابة وسيلةً مهمة لتفريغ ما في نفس الكاتب ووجدانه من أفكار على الورق، لتصبح هذه الأفكار كتاباً يشارك في كلّ معارض الكتاب والتظاهرات الثقافية الشبيهة.

مفهوم المشاركة
صدرت قصة «دبدوب أختي أجمل» عن دار الشمس للنشر والتوزيع، وهي قصة تقرأ مرحلة جميلة في حياة الأم، كما أشارت العالم، حيث استعارت أفكارها من طفلتيها لينا وآية ونزاعاتهما البريئة كلّ يوم، لتعزز بذلك مفهوم المشاركة وآداب الاستئذان والتعريف بهوية الطفل من خلال معرفة اسمه، متوخيةً الفئة العمرية من 3 إلى 5 سنوات، أما «بيت جدي»، فكانت موجهةً لأعمار الأطفال من 8 سنوات حتى 12 سنةً، حيث تشارك بها في معرض الشارقة القرائي للطفل، ومعرض أبوظبي الدولي للكتاب لهذا العام.
ومن خلال قصتها الثانية، أرادت الكاتبة العالم أن ينعم الطفل العربي بالاستقرار في ظلّ الحروب والكوارث، وما تشهده البشرية من أزمات تؤثر على تركيبة الطفل النفسيّة ومستقبله الإنساني.
وترى العالم أنّ المجال الثقافي له مميزات رائعة في بثّ رسالة الأدباء والكتّاب والتقائهم في حفلات تواقيع الكتب، وتبادلهم للخبرات والمعارف، ما يثري المشهد وينعكس على طبيعة الأعمال الأدبية وانتشارها.

تقدير المبدعين
وتقول العالم إنّ دور النشر وسيلة مناسبة كجسر بين الكاتب وجمهوره، باعتبار صناعة النشر من الأمور المهمّة والحيوية في أيّ بلد، حيث تُعدّ الإمارات بيئةً خصبةً للإبداع والمبدعين، خصوصاً وأنّ الدولة عملت على تقدير المبدعين في شتى المجالات وبطرق كثيرة، منها تأشيرة الإقامة الذهبية وغير ذلك من الوسائل الكفيلة بتشجيع الإبداع والكتابة.
وحول النقد الأدبي وقراءته لإصدارات الكتّاب، ترى الكاتبة العالم أنّ الناقد هو جزء لا يتجزأ من العملية الإبداعية، باعتبار النقد إبداعاً له شروط ويسهم في صقل المواهب وتوجيه الإبداعات وتنمية مهارات الكتّاب والأخذ بأيديهم في بداية مشوارهم الأدبي.
تقرأ العالم لأدباء من الإمارات، مثل عبيد إبراهيم بوملحة، وعبدالله النعيمي، وسعاد الشامسي، ومريم الحمادي، ومن الأدب العربي تقرأ لغسان كنفاني وجبران خليل جبران وأحمد مراد. وترى أنّ إدراج بعض الإصدارات الأدبية في المناهج المدرسية، وإقامة الورش الإبداعيّة، يحفز الكتّاب على المزيد، حيث يتمّ تعريف الأجيال على أدبائهم ويجعلهم يتأثرون برسالة الأدب المتضمنة في هذه الإصدارات.
أمّا منصات الكتابة الإلكترونية أو الرقمية على وسائل التواصل الاجتماعي، فتقول الكاتبة العالم، إنها ربما تكون سلاحاً ذا حدين، خصوصاً إذا ما أخذت الكاتب غمرة الشهرة من خلال هذه الوسائل من دون اهتمام بالأثر الحقيقي والرسالة التي ينبني عليها الأدب، محذّرةً من الاستغراق الكثير على هذه الوسائل دون العودة إلى الكتاب الورقي، لما يضيفه الكتاب من معارف وطقوس جميلة للكتابة.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الكتابة الإبداعية الصحافة الثقافية الكتابة الأدبية الإمارات الکاتبة العالم

إقرأ أيضاً:

السلطة بلا ظهير.. عطب الحركات الإسلامية بين العزلة النقابية والعطالة الثقافية

ينشأ كلّ تنظيم أو حركة سياسية خارج الدّولة من أجل بلوغ أدواتها والعمل من داخلها إلاّ في حالة الحركات الإسلامية فإنّها ظلّت خارجها كجسم غريب عنها. وتشير كلّ تجارب حكم الإسلاميين، سواء بسلطة كاملة أو بمشاركة جزئية، إلى صعوبة تصل إلى حدود العجز عن استعاب الدولة لهم. ومن أجل هذا كان الإنقلاب عليهم وإخراجهم من المشهد أمرا سهلا ولا يكاد يخلّف وراءهم "أسفا عليهم". لا نعتقد أنّ هذا يعود بالأساس إلى "غياب الممارسة الديمقراطية عن الطبقة السياسية" أو "مؤامرة القوى الخارجية على الإسلام السّياسي" وإنّما يعود حسب ما سنحاول بيانه إلى افتقاد الإسلاميين لـ "حزام مدني ومنظماتي" يشدّ أزرهم ويحمي ظهورهم سواء كانوا في السلطة أو خارجها لهذا يسهل دائما استهدافهم.

من منجزات الدراسات التاريخية والفلسفية الحديثة القول بأنّ السلطة خطابا وممارسةً وهيمنة، متوزّعة على أكثر من موقع وتتجزّأ على أكثر من قطب ولا تتحقّق فقط بمسك السلطة السياسية بالأغلبية الانتخابية. هناك وجه رمزي دائما للسلطة التي تُخضع المجتمع لخياراتها وتضمن سلمها الإجتماعي. ومن منجزات الديمقراطيات الحديثة بروز ما يسمّى "المجتمع المدني" باعتباره سلطة لها تأثير مباشر على العمل السياسي كالمنظمات والجمعيات والاتحادات والرابطات والتجمّعات الفكرية هذا فضلا على "مكاتب الدراسات" التى يُعزى إليه حتى ضبط السياسات العامّة.

بات واضحا الآن أنّ الحركات الإسلامية غائبة تماما عن هذا النّسيج المدني. ولا نكاد نعثر على "موقف" منه في تنظيراتهم أو ممارساتهم. وأكاد أجزم أنّ وعيهم بهذا الجانب ضعيف أو قاصر أو عاجز. وتقديري أنّ فشل استمرارهم في السلطة كلّما منحها إياهم الصندوق الديمقراطي ـ ودائما ما يمنحهم ـ يعود بالأساس إلى نقطة الضعف هذه :"غياب حزام مدني". وسنكتفي في مقالتنا هذه بجانبين كانا الحلقة الرخوة في علاقة الإسلاميين بالسلطة ـ أقصد الهيمنة ـ وهما: المنظمات النقابية والعمل الثقافي.

أزمة وعي نقابي أم قصور مرجعي

لم ينتبه الإسلاميون في تونس مثلا إلى أهمية المنظمة النقابية وأنّها تشكل قوة يمكنها معادلة السلطة السياسية وتعديل جموحها، إلا بعد أحداث جانفي/ يناير 1978. عندها فقط حاولوا البحث عمّا يؤصّل هذا الشّكل النضالي ذا المرجعية اليسارية و"أسلمته" بشكل ما. ولكن قبل ذلك كان المشغل النّقابي غائبا تماما عن المرجعيات فضلا على الممارسة.

 ظلّت فكرة "الغُربة" تستبدّ بالإسلاميين: غربة في المكان والزمان والمجتمع. وكثيرا ما استحضروا حديث الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: "بدأ الإسلام غريبا، وسيعود كما بدأ غريبا، فطوبى للغرباء" ليعتقدوا أنّهم ليسوا في حاجة لواسطة بينهم وبين الله الذي "قدّر" لهم هذه الغربة وأنّهم لا يحتاجون غير أن يفزعوا إليه بـ "مطالبهم الدنيوية" بالأدعية المستجابة. بهذا الفهم يكون كلّ توسّط لافتكاك مكسب من الدولة ـ رغم أنّهم يخضعون لسلطانها ـ ، نقابة كانت أو منظمة أو أية جهة كانت، هو انحراف عن الطريقة بل جعلوا من "الدولة" عدوا يحسن القطع معه.

لم ينتبه الإسلاميون في تونس مثلا إلى أهمية المنظمة النقابية وأنّها تشكل قوة يمكنها معادلة السلطة السياسية وتعديل جموحها، إلا بعد أحداث جانفي/ يناير 1978. عندها فقط حاولوا البحث عمّا يؤصّل هذا الشّكل النضالي ذا المرجعية اليسارية و"أسلمته" بشكل ما. ولكن قبل ذلك كان المشغل النّقابي غائبا تماما عن المرجعيات فضلا على الممارسة.إنّ هذا التوجّه نحو الآخرة أمام " الغربة الدنيوية" والذي يكرّس في الحقيقة الصورة الكنسية للدين، قد جعل الإسلاميين لا يأبهون بأخطر شكل نضالي عرفته الشعوب وأخّر كثيرا انخراطهم في المطلبية النقابية والنضال الإجتماعي. والحقيقة أنّ فكرة العبادة التي تعني في فهمهم طاعة الله والعمل على مرضاته، كانت هي أيضا عقبة كأداء أمام أهمية صرف الجهد للعمل النقابي دون تحصيل أجر منه فمالوا عنه.

ولا مشاحة من ذكر أنّ كلّ ما يمتّ إلى اليسار الايديولوجي ومجال تحرّكه الاجتماعي قد ظلّ عند الإسلاميين محلّ ريبة فما بالك بقطاع اجتماعي، عمالا وفلاّحين، يستقطبه اليسار وأهله من خلال التنظيمات النقابية المدافعة عنهم بما جعل اليسار العربي متقدّما بأشواط على الإسلاميين باستقطاب هذه الفئة وكسب مواقع متقدّمة في آليات الضغط السياسي بالشّكل الذي حصّنوا به أجسامهم الوسيطة. ورغم وقوعهم في المحن عند صعودهم في أواسط الستينات فإنّهم فهموا اللعبة وتوزّعوا على أكثر من منظمة وجمعية وهيكل قابل لاستيعابهم. ونوّتوا ـ والعبارة هي من صميم استراتيجيتهم ـ في كلّ مفاصل الدولة وهيئاتها المدنية حتى "نوادي السينما" فما بالك بهيكل نقابيّ يمكنه أن يحرّك قوّة تضادد السلطة.

حين نلتفت الآن لعلاقة الإسلاميين بالمشغل النّقابي فإنّنا لن نجد في رصيدهم المرجعي غير حديثين يلجأون إليهما كلّما وقعوا في حرج مواجهة اليسار وهما:" قال تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثمّ غدر، ورجل باع حرّا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه العمل ولم يوفه أجره" ( حديث قدسي ) والحديث الأشهر: "اعطوا الأجير أجره قبل أن يجفّ عرقه". وعلينا ونحن بإزاء هذين الحديثين أن نشير إلى أنّ فهم الإسلاميين لهما لم يتعدّ الفهم "الأخلاقي القيمي" الذي يحثّ على اعطاء الحقوق لأهلها ولا ترقى به إلى معنى "النضال الاجتماعي" القائم على المواجة وفرض المكاسب والحقوق.

غير أنّ هذا لم يحل دون محاولتهم الدخول إلى هذه المنظمات الاجتماعية خاصّة بعد انتصار "حركة تضامن" وزعيمها النقابي "ليش فاليزا" في بولندا سنة 1989 واعطاء التغيير السياسي جوهرا اجتماعيا نقابيا. وفي تونس كان للهزّة النقابية التي هدّدت عرش بورقيبة سنة 1979 وبعد ذلك أحداث ما يعرف بـ "انتفاضة الخبز " سنة 1984 حافز لإسلاميي تونس للتفكير في اقتحام منظمة الاتحاد العام التونسي للشّغل ـ المنظمّة النقابية الممثلة لأكبر تجمّع عمّالي ـ غير أنّهم لم ينجحوا في التّقدم في هياكله ولا أن يتحوّلوا إلى مكوّن صلب من مكوناته رغم تحالفهم مع التيّار "العاشوري" ـ المنسوب للأمين العام زمن محنته مع بورقيبة الحبيب عاشور ـ لأنّ بقية التيارات العلمانية واليسارية ظلّت تحاصرهم وتقصيهم بتواطئ من السلطة ذاتها بموازاة محنتهم السياسية وملاحقة تيّارهم.

وغير بعيد عن هذا ما لحق الاتّحاد الطلاّبي وأدواره النقابية والنضالية الذي تشكّل خارج الهياكل المعتادة لاتحاد الطلبة القديم وأطلقت عليه تسمية "الاتحاد العام التونسي للطلبة". فقد ظلّ حتى اليوم موصوما بانتمائه للتيار الإسلامي وامتداده له في الجامعة رغم سعيه للانفتاح على بقية التيارات الايديولوجية ولكنّه فشل في ذلك. هذا دون أن نتحدّث عن منظمتين مهمّتين لم يكن للإسلامين فيهما موطئ قدم وهما : الإتحاد النسائي والمنظمة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان.

هكذا غاب عن الإسلاميين طول تايخهم أيّ ظهير نقابي أو مدني يسندهم في محنهم ويخفّف عليهم الهجمات المتكررة ويفكّ عليهم حصارا امتدّ إلى اليوم، بل على العكس تماما كانت تلك المنظمات ـ ولا تزال ـ تنظر إلى الإسلاميين بريبة وتعطي "شرعية" ـ بصمتها أو حتى بإعلان ذلك في بياناتها ـ للسلطة لاستئصالهم. غاب عن هؤلاء الفهم المقاصدي للإسلام الذي يجعل من "الإنسان" محور الكون وهدفا للتحرير وغاية في ذاته فلم يستوعبوا أدوات تحريره التي ابتكرتها الإنسانية لتدافع بها عن نفسها أمام جشع السلطة ورأس المال.

الثقافة وعطالة ملكة الابداع

لئن ظلّت المسألة النقابية خارج التأصيل الفقهي عند الحركات الإسلامية فارتبك فيها أداؤهم، فإنّنا لا نكاد نجد مبررا قويا لتخلّف ركبهم في المسألة الثقافية غير تذبذبهم بين المشغل السياسي والمشغل الفكريّ. فقد ظلّ ذينك المشغلان هاجسين يهيمنان على ما ينتجه الإسلاميون من نصوص وما يوجّههم في ممارستهم السياسية. ظلّت "الثقافة" بما هي ابداع وابتكار وخلق واضافة إمّا تابعة أو مهمّشة أو في أحسن الأحوال فقيرة المضامين. ورغم ثراء التراث العربي الإسلامي بشتى أنواع الابداع فإنّ أصحابنا قد ظلوا سجناء الفهم النّمطي القائم على مقولتي "الحلال والحرام" لكلّ ما يتّصل بالثقافة عموما وبالابداع خصوصا.

غاب عن الإسلاميين طول تايخهم أيّ ظهير نقابي أو مدني يسندهم في محنهم ويخفّف عليهم الهجمات المتكررة ويفكّ عليهم حصارا امتدّ إلى اليوم، بل على العكس تماما كانت تلك المنظمات ـ ولا تزال ـ تنظر إلى الإسلاميين بريبة وتعطي "شرعية" ـ بصمتها أو حتى بإعلان ذلك في بياناتها ـ للسلطة لاستئصالهم.إنّ مقولة "الحرية" في سياقنا هذا مركزيّة بلا ريب. فلا سلطان على المبدع إلاّ ما به يستطيع الإتيان بالجديد وتجاوز القديم واقتحام المحظور والتعبير عن الانسان في توقه وشوقه. هذه المقولة أحرجت الإسلاميين كثيرا في المجال الثقافي بل سعوا إلى تقييد ما اعتبروه ابداعا أمام كثير من الاستفزاز عند من تصدروا المشهد الثقافي. فكلّ عراء أو تجاوز لفظي أو تلميح لمحرّم ديني أو هزء بالدّين والمتدينين أو رفع صوت المثليين والكويريين ..كانت تُحسب في "حرية الثقافة" وتدفع الإسلاميين بعيدا عن مجالها.

لهذا نظر كثير منهم بريبة عظيمة إلى مجالات ابداعية كثيرة منها السينما والفنّ التشكيلي والرّقص التعبيري والمسرح وغيرها. ولم نرَ أثرا لهم فيها إلا النّزر القليل. واتجهوا أكثر لمجال الشّعر والموسيقى الملتزمة وأخيرا الرواية السجنيّة. وتركوا تقريبا بقية المجالات لليسار يشكّل لنفسه طبقة ثقافية ما انفكّت تخوض معاركها مع "المتشددين " و"الظلاميين" "أعداء الفن والحياة" بالوكالة عنه. لقد كان اليسار ذكيا عندما تسرّب، زمن انحسار تأثيره، إلى كلّ المنظمات والمؤسسات والنوادي الثقافية ليشكّل "ثقافة علمانية" يتصدّى بها لعدوه الأيديولوجي الذي وإن كان مقصيا من كلّ عمل ثقافي غير أنّنا لم نشهد له في هذا الباب ما يُذكر به. ونعتقد أنّه رغم حالة الحصار التي تمارسها المؤسسات على الإسلاميين فهذا لا يبرر أبدا غيابهم عن الفعل الثقافي إذا كانوا فعلا قادرين على الإضافة له.

فإذا سلّمنا بنجاح بعض الفرق الموسيقية المنسوبة لتيار الإسلاميين فإنّ مضامينها وشكلها وخياراتها لم تصمد طويلا أمام تيار الموسيقى الأصيلة بعد أن قدّمت نفسها على أنّها " الأغنية البديلة". هذا طبعا دون أن نذكر المحاولات المحتشمة في المسرح أو السينما وغيرهما. فحين تجد دوران حديث منسوب للرسول صلى الله عليه وسلم بين الإسلاميين يقول:" ليكون من أمّتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف" يحرّمون به "المعازف" تحريمهم للخمر فلك أن تفهم عزوفهم عن "ملاهي الدنيا" ولك أن تعيَ علاقتهم ب"الفنّ" عموما.

ومع هذا أيضا لم نذكر غيابهم عن المنتديات الأكاديمية ومجالس الجامعات وخفوت صوتهم في هذه الأوساط التي يعتبرها المجتمع "أصوات الحكمة والحداثة". أمّا عن الاعلام فحدّث ولا حرج.

غياب النّصير

بلا شكّ إنّه من أكثر الأسباب التي جعلت الإسلاميين عرضة للملاحقة بلا ردّ فعل مجتمعي حيث يُتركون وحدهم في العراء هو غياب " النصير" النقابي والثقافي الذي يمكنه أن يتصدّى بلا حرج لعملية التجريف التي تُنجز في كلّ فترة سياسية لهم، هذا فضلا على قدرة تلك التشكيلات المدنية على تحقيق مقبولية المجتمع السياسي والثقافي والأكاديمي لهم باعتبارهم جزءا منهم لا مجرّد "كتلة بشرية" غير متجانسة مع محيطها.

وأعتقد أنّ هذا لن يتحقّق إلا باعادة نظر جذريّة للخلفيّة "الفقهية" الموروثة التي تحوّلت إلى عائق أمام الابداع وسيّجت معنى "الخلق" بسياج التحريم كأنّ المبدع قد أشرك الله في صنعه. ولا نستغرب من نقاشات ضيّعت وقتا وعطّلت طاقات كثيرة حول مسألة "الصورة" و"التجسيد" و"التجسيم" التي أعادتنا إلى جدل الاعتزال و"الانعزاليين".

مقالات مشابهة

  • كيندل من أمازون.. الابتكار الذي أعاد تعريف تجربة القراءة
  • السلطة بلا ظهير.. عطب الحركات الإسلامية بين العزلة النقابية والعطالة الثقافية
  • إطلاق مشروع “الذاكرة الثقافية للمخيم” ضمن فعاليات مهرجان جرش للثقافة والفنون 2025
  • عضو مجلس السيادة د. سلمى تؤكد سعي الحكومة لتسهيل إجراءات فتح نوافذ الاستثمار بالبلاد
  • جمعية الإمارات للسرطان تعزز الشراكات المجتمعية
  • تكريم الفائزين في مسابقات الإبداعات الثقافية بنادي نزوى
  • مبادلة.. تعزز حضورها في 88 دولة حول العالم
  • أسرار المسابقات الأدبية في ندوة بمكتبة رفاعة الطهطاوي
  • «صباح البلد» يستعرض مقال الكاتبة إلهام أبو الفتح : «قانون جديد للتعليم»
  • البرازيل تفتتح قمة بريكس في ريو دي جانيرو