مع تصاعد الاحتجاجات العالمية إزاء العدد المتزايد من القتلى المدنيين في غزة، تواجه العديد من الحكومات الغربية، التي تقدم الدعم العسكري لإسرائيل، صعوبات في الحفاظ على هذا التوازن في ظل الاتهامات الموجهة لها بالمساهمة في ارتكاب "جرائم حرب".

خلال الأسبوع الماضي لوحده واجهت ثلاث دول داعمة لإسرائيل، هي ألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة، مواقف متشددة وداعية لوقف توريد السلاح لإسرائيل.

أمام محكمة تابعة للأمم المتحدة وجدت ألمانيا نفسها يوم، الثلاثاء، مضطرة للدفاع ضد الاتهامات بأنها متواطئة في الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في غزة من خلال تصدير الأسلحة إلى إسرائيل.

وبعد ساعات قليلة، في واشنطن، قال النائب غريغوري ميكس أحد كبار الديمقراطيين والحليف للبيت الأبيض إنه قد يمنع صفقة بقيمة 18 مليار دولار لبيع طائرات مقاتلة من طراز F-15 لإسرائيل حتى يكون لديه مزيد من المعلومات حول كيفية استخدام إسرائيل لهذه الأسلحة. 

وفي اليوم ذاته جرى الضغط على وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون للحديث عما توصلت إليه حكومته من نتائج بشأن المراجعة الداخلية حول ما إذا كانت إسرائيل قد انتهكت القانون الإنساني الدولي أثناء هجومها على غزة.

وتعد الولايات المتحدة وألمانيا أكبر الداعمين العسكريين لإسرائيل، بنسبة 98 في المئة من أنظمة الأسلحة الرئيسية المرسلة إلى إسرائيل، وفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.

وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" إنه "حتى الآن لم تؤثر الضغوط على هذين البلدين وكذلك بريطانيا، على الرغم من أن الرئيس الأميركي جو بايدن كان هدد في وقت سابق من الشهر الجاري بربط الدعم المستقبلي لإسرائيل بكيفية معالجة مخاوفه بشأن الضحايا المدنيين والأزمة الإنسانية في غزة".

في بريطانيا، أثارت المخاوف المتعلقة باستمرار تقديم الدعم العسكري لإسرائيل، مخاوف أكثر من 600 محامٍ وقاضٍ متقاعد، حثوا الحكومة البريطانية على تجميد شحنات الأسلحة إلى إسرائيل، مشيرين إلى وجود "خطر معقول" بحدوث إبادة جماعية في غزة.

وتنفي إسرائيل بشدة اتهامات المتعلقة بالإبادة الجماعية، وتقول إنها بحاجة للدفاع عن نفسها ضد حماس.

ومع ذلك، ومع ارتفاع عدد القتلى في غزة، أوقفت بلجيكا وكندا وإيطاليا وهولندا وإسبانيا صفقات توريد الأسلحة إلى إسرائيل. 

وبحسب الصحيفة فإن "من الممكن أن تزداد الأمور سوءا إذا واصلت إسرائيل تنفيذ خططها المتعلقة بغزو مدينة رفح جنوب قطاع غزة، والتي لجأ إليها مئات الآلاف من النازحين".

تشير التقديرات إلى أن ألمانيا وافقت على تصدير أسلحة إلى إسرائيل بقيمة نحو 353 مليون دولار العام الماضي، على الرغم من أن المسؤولين قالوا إن معظم المساعدات العسكرية المقدمة منذ بدء الحرب كانت غير فتاكة. 

يقول مدير الأبحاث في المجلس الألماني للعلاقات الخارجية كريستيان مولينغ إن "من غير الواضح ما إذا كانت موجة الغضب الشعبي داخل ألمانيا تجاه إسرائيل ستؤدي في النهاية إلى وقف مبيعات الأسلحة".

وإلى حد بعيد، فإن أكبر مصدر للأسلحة إلى إسرائيل هي الولايات المتحدة، التي التزمت في عام 2016 بحزمة مساعدات عسكرية مدتها 10 سنوات بقيمة 38 مليار دولار، بما في ذلك 5 مليارات دولار للدفاع الصاروخي.

ومع ذلك، فقد اتخذ بايدن تدريجيا لهجة أكثر صرامة ضد إسرائيل مع استمرار الحرب، حيث دعا الأسبوع الماضي إسرائيل لبذل المزيد من الجهد لحماية المدنيين.

تبين الصحيفة إن "هذا لم يكن كافيا لإرضاء الأميركيين الذين يريدون أن يستخدم بايدن التهديد بقطع الأسلحة للضغط على الإسرائيليين لقبول وقف إطلاق النار".

في موجة من الرسائل الأخيرة، حث ما لا يقل عن سبعة من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين وأكثر من 50 عضوا ديمقراطيا في مجلس النواب، بما في ذلك النائبة نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب السابقة، بايدن على وقف جميع عمليات نقل الأسلحة إلى إسرائيل.

ومما يزيد من الضغوط على غدارة بايدن طالب تحالف يضم عشرات المنظمات الليبرالية والنقابات العمالية، والذي سيكون جزءا رئيسيا من حملة إعادة انتخاب بايدن، في رسالة يوم الخميس بوقف المساعدات العسكرية لإسرائيل حتى ترفع حكومتها القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.

وترى كريستينا راميريز، رئيسة منظمة "NextGen America" التي تركز على زيادة إقبال الناخبين وهي جزء من التحالف، أنه في حال لم يتم التعامل بإيجابية مع المطالب التي وردت في الرسالة فإن بايدن يواجه "احتمال خسارة دعم الناخبين الديمقراطيين الموثوقين، وخاصة الشباب".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الأسلحة إلى إسرائیل فی غزة

إقرأ أيضاً:

للحرب وجوه كثيرة

لم تكن الحرب يوماً ما بكل آلامها ومآسيها غريبة عن البشرية، فقد صاحب انتشار الحروب في أنحاء كثيرة من العالم تطور كبير في الأسلحة المستخدمة فيها ، ونتيجة لذلك ظهرت أنواع من الأسلحة بالغة الأثر في هلاك البشرية، من تلك الأسلحة الفتاكة ؛ الأسلحة الكيميائية التي ظهرت لأول مرة في الحرب العالمية الأولى حينما أطلق الجيش الألماني غاز الكلورين على مساحة أربعة أميال مربعة وأصاب خمسة عشر ألف جندي، ثم استعمله البريطانيون بعد ستة أشهر في نفس المعارك وخلفت قتلى ومصابين كثر ، إلا أن الاستخدام في تلك الحرب كان بدائياً إلى حد كبير إذا ما قورن بالتقدم الذي حدث للأسلحة الكيميائية فيما بعد ، حيث لم تقتصر على غاز الكلور واكتشفت غازات أخرى كثيرة أكثر فتكاً بالإنسان ، وأصبحت قدرتها تفوق آلاف الأميال ولها آثار واضحة يسهل الاستدلال عليها و تسبب أنواعاً كثيرة من الأمراض مثل السرطانات والتشوهات الخلقية للأجنة وبعضها يحدث شللا للإنسان و آخر يحدث حروقاً تؤدي إلى الوفاة – لكنها في كل الأحوال لن تكون (كوليرا) مثلاً !!

هذا السلاح (الكيماوي) لابد له من عدة عوامل أهمها :

1/أن يكون غازاً ساماً جداً، حارقاً يؤثر على الإنسان والحيوان والبيئة من حوله.

2/يجب ألا يكون سهل التحلل خلال صناعته وحفظه إلى حين استعماله.

3/أن يكون له مواد خام سهل الحصول عليها وبكميات تكفي للعمليات الحربية.

4/يجب أن يكون سهل الحمل والنقل تحت احتياطات شديدة الحيطة والحذر لخطورته.

هذه الغازات – على حسب حديث الخبراء – إن لها آثارا على المسطحات المائية وتربة الأرض والتلال والمباني العالية ، وأنه يسهل فحص هذه العناصر الكيميائية بواسطة لجان مختصة وعبر تقارير من منظمات متخصصة ، وقد أفردت اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية وأوضحت الإجراءات التي تتبع عند الادعاء وإجراء التفتيش وجمع الأدلة حول استخدام دولة ما أسلحة كميائية وإرسال فريق خبراء وكيفية إعداد التقارير المتخصصة التي تدين الدولة إذا ثبت فعلا أنها استخدمت أسلحة كميائية ،، وليس بالادعاءات والافتراضات دون أدلة أو براهين عبر وسائل الاعلام ، فهل زارت لجنة خبراء متخصصة موقع الهجمات المزعومة في السودان ؟ و هل تم فحص عينات للتربة أو المياه في ذات المنطقة ؟ وهل تم تحليل للمخلفات البيولوجية فيها؟؟ وهل تم فتح تحقيق دولي رسمي عبر آليات المنظمة أو الأمم المتحدة حول استخدام الأسلحة الكيميائية؟؟ ،، هذه التساؤلات لابد وأن تكون حاضرة أولاً.

لخطورة الوضع سعى العالم للحفاظ على البشرية من خطر الأسلحة الكيميائية بوضع اتفاقية دولية عرفت بمعاهدة (حظر الأسلحة الكيميائية) وتكونت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) ومقرها لاهاي (هولندا) ، ودخلت المعاهدة حيز التنفيذ في 29 أبريل 1997م ، وتمثل المعاهدة نسخة موسعة ومنقحة من بروتوكول جنيف للعام 1925م حول الأسلحة الكيميائية، ومنعت المعاهدة استخدام الأسلحة الكيميائية وانتاجها وتخزينها ونقلها ، وأعطت المنظمة الحق في إجراء تفتيش لأي دولة عضو فيها يثور الشك حول استخدامها سلاحاً كميائياً وفق إجراءات معينة موضحة في الاتفاقية، وتضم الاتفاقية 193 دولة.

حصلت هذه الاتفاقية على جائزة نوبل للسلام في العام 2013م للجهود المبذولة في مكافحة استخدام الأسلحة الكيميائية في العالم .

علي الصعيد الوطني فقد إنضمّ السودان للاتفاقية في 16مايو 1999م ، ومنذ ذلك التاريخ والسودان عضو فاعل وملتزم بالاتفاقية وعضو داخل المنظمة الدولية لحظر استخدام الاسلحة الكيميائية وترأس المجموعة الأفريقية فيها ثم أصبح عضوا في المجلس التنفيذي لها وترأس المجلس التنفيذي ثلاث مرات ، آخرها كان حينما انتخب للمجلس التنفيذي في الدورة التاسعة والعشرين للدول الاعضاء في المنظمة والذي عقد في لاهاي نوفمبر 2024 للفترة من 2025 إلى 2027 م ، بالتالي من البدهي أن يكون السودان مدركا وملتزما بالاتفاقية وأحكامها وأن يحافظ على وضعه داخل المنظمة – بأقل تقدير – ووضعه الدولي أمام العالم كدولة فاعلة نالت ثقة رصيفاتها من الدول الأعضاء في ملف حظر الأسلحة الكيميائية.

لذلك فالادعاءات التي تبنتها الولايات المتحدة الأمريكية ماهي إلا وجه آخر للحرب أو (نوعية جديدة) لكروت الضغط علي الحكومة السودانية بعد فشل خطط أبوظبي في تدمير السودان وهزيمة المليشيا الإرهابية أمام القوات المسلحة – رغم دعم ومساندة وتمويل أبوظبي لها بسخاء – وما أبوظبي إلا أداة لأيد خبيثة تود تدمير بلادنا لكن هيهات! !!

بالتالي جاء تدخل واشنطن بادعاء استخدام الجيش السوداني لأسلحة كميائية، دون الرجوع للمنظمة المعنية ودون إجراء تفتيش قانوني ودون أدلة تشير لهذا الادعاء المزيف متجاوزة بذلك أحكام الاتفاقية الدولية لحظر استخدام الاسلحة الكيميائية وأحكام الأمم المتحدة التي تحدد الإجراءات في مثل هذا الوضع ، وتوقيع عقوبات على السودان بسبب تصريح صحفي أو معلومات مغلوطة يعد تسييساً للقانون الدولي لا يمت للعدالة بصلة .

وللولايات المتحدة سوابق بافتعال مثل هذه الادعاءات في العراق ثم في قصف مصنع الشفاء بالسودان بصواريخ كروز في 22 اغسطس 1998م .

بالتالي ما يحدث الآن ماهو إلا استمرار في سياسة استهداف السودان منذ سنين عبر العديد من صور الاستهداف منها تطبيق عقوبات اقتصادية وحظر دولي وعزلة عن العالم ، وحظر بعض الصادرات الأميركية للسودان ووضع قيود علي إمكانية الحصول علي قروض أمريكية وضمانات الائتمان ، واستغلال لحالة الحرب التي تعيشها البلاد ، لنشر الفوضى ، حتي تقبل بالحلول السياسية المفروضة من الخارج ولكن أيضا هيهات فالارادة والقيادة السودانية لا ولن تقبل هذا مهما حدث ، وهل هناك شئ أمر وأصعب من الحرب ؟!!!

لكن على بلادنا أن تتمسك بحقها القانوني وأن تواصل إجراءاتها عبر منصات القانون ووفق أحكام اتفاقية حظر استخدام الأسلحة الكيميائية للوصول لحقها القانوني والتعامل الجاد مع هذه الاتهامات المزيفة .

والتحية لقواتنا المسلحة التي أينما حلت حل الأمن والأمان ودخل معها السلام والطمأنينة للمواطن ، واستقبلها الشعب بالفرح والزغاريد ، وحل الاستقرار والإعمار بوجودها .

د .إيناس محمد أحمد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • للحرب وجوه كثيرة
  • عقوبات ستارمر لإسرائيل.. ورقة انتخابية أم سعي جاد لوقف الحرب؟
  • صفعة لإسرائيل .. مقترح أمريكي جديد بشأن غزة | تفاصيل
  • تتقدّمهم دوا ليبا.. 300 نجم يطالبون رئيس وزراء بريطانيا بتعليق بيع الأسلحة لإسرائيل
  • صحف عالمية: غزة باتت فخا لإسرائيل ويجب وقف الإبادة فورا ومن دون شروط
  • 600 يوم من الحرب فشل إستراتيجي لإسرائيل ونتنياهو في مرمى الانتقادات
  • ألمانيا تهدد بوقف تسليح إسرائيل بسبب جرائم غزة
  • تعرف على الأزمات والخلافات الداخلية لإسرائيل بعد 600 يوم على الحرب
  • من إسرائيل وحماس والولايات المتحدة.. رسائل متضاربة عن الهدنة
  • النتيجة تدمير إسرائيل.. ساعر يحذر من نتيجة فرض حظر أسلحة على الاحتلال