بوابة الوفد:
2025-08-12@06:59:58 GMT

ماركيز... الروائى الفذ

تاريخ النشر: 14th, April 2024 GMT

على الرغم من مرور عشرة أعوام على رحيل الروائى العالمى الفذ جابرييل جارسيا ماركيز، إلا أن رواياته مازالت حاضرة بقوة فى وجدان الناس وعقولهم.

رحل ماركيز فى 17 أبريل 2014، ومع ذلك لا أظن أن الإبداع العربى فى مجمله عرف روائيًا أجنبيًا زلزل بنيانه الراسخ أكثر من ماركيز، هذا الروائى الكولومبى الذى قطف جائزة نوبل للآداب عام 1982، (كان عمره آنذاك 55 عامًا فقط)، فلما ترجمت أعماله إلى اللغة العربية، أقبل عليها القراء بشغف لا مثيل له.

وصارت رواياته بجسارتها اللافتة وأحداثها العجائبية المذهلة حديث الذين أدركتهم حرفة الأدب، سواء من كتبوه أو تذوقوه. لماذا؟.

لأن الرجل شق نهرًا جديدًا فى أرض الرواية بعد أن كادت تبور، فأزهرت وأثمرت، فاكتشف كل من الكاتب والقارئ أن الإبداع مازال عفيًا، وأن فنون القص مازالت خصبة، وأن الإنسان الموهوب قادر على ابتكار حكايات وروايات تشرح الصدر وتثير الأسئلة وتمتع الوجدان.

يتكئ إبداع ماركيز على عدة عوامل جعلته يصل إلى مستوى غير مسبوق فى فن الرواية من حيث إحكام العمل وإتقانه وروعته، من أبرز هذه العوامل: قدرته الخارقة على تخليق سبيكة روائية يمتزج فيها بمهارة عجيبة الخيال الموفور مع الواقع اليومى، بحيث يصعب على القارئ تحديد من أين يبدأ الخيال ومتى ينتهى الواقع؟ فكل منهما يتضافر بإعجاز مع الآخر.

كما أن الرجل ينحاز فى رواياته إلى العدل وينفر من الظلم والقهر والضيم، أما الديكتاتورية فيفضحها بسخرية مريرة ويندد بجرائمها بشكل فنى جميل. ولا تنس أن أمريكا الجنوبية تعرضت فى زمن ماركيز لمجموعات بائسة من الحكام المستبدين.

ترك لنا ماركيز مجموعة من الروايات المذهلة، فضلا عن عدد مدهش من القصص القصيرة، أذكر من هذه الروايات: (ليس لدى الكولونيل من يكاتبه)، و(مائة عام من العزلة)، و(خريف البطريرك)، و(سرد أحداث موت معلن)، و(خبر اختطاف)، و(الحب فى زمن الكوليرا) وغيرها.

من حسن الطالع أن المقادير أهدتنا المترجم الفلسطينى العبقرى صالح علمانى الذى نقل لنا أعمال ماركيز من اللغة الأسبانية مباشرة، حيث هى اللغة التى أبدع بها الرجل رواياته الفاتنة. لقد أوتى هذا المترجم العظيم براعة لغوية جعلته يعرض علينا تلك الروايات بلغة فصحى بالغة الحلاوة والجمال. ومع ذلك علينا الحفاوة بالمترجم المصرى الكبير الدكتور سليمان العطار الذى ترجم برشاقة (مائة عام من العزلة)، كذلك المترجم المصرى المتفرد (عبدالمنعم سليم) الذى ترجم بجمال (سرد أحداث موت معلن)، ولا ننسى المترجم التونسى القدير محمد على اليوسفى الذى ترجم بذكاء (خريف البطريرك).

أذكر جيدًا أن (مائة عام من العزلة) رافتنى طويلا فى ليالى الخدمة العسكرية عام 1985، فاستحوذت على خيالى وأفكارى وأحلامى وأسعدتنى أيما سعادة فى تلك الأيام الخوالى.

أما (الحب فى زمن الكوليرا) فأظنها أفضل ما أنتج ماركيز، من حيث فرادة الفكرة وإحكام البناء وبراعة الخيال وعذوبة اللغة.

أجل... ماركيز... أبدع فأمتع وأثرى. إنه معجزة روائية عابرة للقرون.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ناصر عراق جابرييل جارسيا

إقرأ أيضاً:

الجبّالية الشحرية: لغة نادرة تصارع النسيان في جبال ظفار العُمانية

في تجمّع أقيم في صلالة في جنوب سلطنة عمان، يردد رجال بلباسهم التقليدي قصائد قديمة باللغة الجبّالية الشحرية التي لا يفهمها إلا 2% من سكان البلاد ويتمسكون بتوارثها وحمايتها من الاندثار.

من أعالي جبال ظفار، المحافظة التي تضم صلالة، انبثقت هذه اللغة. ويقول الباحث في التراث الشعبي علي بن سهيل المعشني لوكالة فرانس برس إن عدد الذين يتكلمون اليوم الجبّالية الشحرية "لا يتجاوز 120 ألفا"، مضيفا "إنها لغة مهددة"، ومشيرا إلى مخاوف من انقراضها بحكم أنها لم تدوّن جيّدا ولم تدرج في المناهج الدراسية.

وتعود أصول الجبّالية الشحرية إلى اللغات السامية، وتفرّعت عنها السامية العربية الجنوبية ثم لغات قديمة عاشت في ظفار، من بينها الشحرية، وأخرى باتت شبه منقرضة اليوم مثل البطحرية التي "يتحدثها 3 أو 4 أشخاص فقط"، وفق المعشني.

ويختلف أهلها على تسميتها بين من يصرّ على "الجبّالية" فقط ومن لا يمانع باسم "الشحرية". ويقول المعشني إنه اختار موقف الوسط بعبارة "الجبّالية الشحرية"، مضيفا أنها "لغة متكاملة الأركان" تضم قواعد صرف ونحو كاملة، واستخدمت عبر التاريخ في الأشعار والأمثال والأساطير، لكنها بقيت "لغة خام لم تُهذّب".

وضعت الجغرافيا الجبلية المميزة لظفار هذه اللغة في بيئة شبه مغلقة، ينشأ فيها الأطفال على لسان الأجداد، ويكبرون على أنغام الفنون الشعبية والقصائد المتوارثة التي تحفظ في طيّاتها كلمات عتيقة اندثرت من الحياة اليومية.

ويقول المعشني إن الجبالية الشحرية "لغة تاريخية قديمة جدا موغلة في عمق التاريخ (…)، حمتها العزلة في ظفار".

الجبّالية وتحديات العصر الرقمي

لكن العزلة اليوم لم تعد كافية لحماية هذا الموروث اللغوي أمام الزخم الهائل للتكنولوجيا.

فبرغم تمسّك القبائل بعاداتها وتقاليدها ولغتها، فإن معظم أفرادها يملكون هواتف ذكية ويتفاعلون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كما انتقل كثير من أبناء الجبال الى المدن أو خارج ظفار، مما أفقد بعضهم القدرة على تحدث اللغة بطلاقة.

إعلان

ومع ذلك، أكّد جميع من حاورتهم فرانس برس إصرارهم على الحفاظ على هذه اللغة ومخاطبة أطفالهم بها دائما.

ويوضح سعيد شماس، وهو ناشط على منصات التواصل الاجتماعي من ظفار، لفرانس برس أن تعلّم اللغة يبدأ من نشأة الطفل في البيت فهو "يجد أن من في بيئته يتكلمون الجبّالية، من الأب والجد والأم، فيفهم مباشرة أنها اللهجة أو اللغة التي سيتكلمها".

وقال طفل في الخامسة وآخر في الثامنة إنهما "يفضّلان التحدث بالجبّالية على العربية"، وإن العربية تبقى بالنسبة لهما لغة المدرسة.

يتحدث الغالبية العظمى من العمانيين اللغة العربية، ولكن في منطقة ظفار الساحلية الجبلية المحاذية لليمن، يتحدث الناس اللهجة الجبلية، المعروفة أيضًا باللهجة الشحرية (الفرنسية)فنون ظفار تحيي اللغة الجبّالية

ويتمسّك أهل ظفّار بتوريث لغتهم عبر الفنون الشعبية للحفاظ عليها، في حين يتجه اليوم باحثون إلى صونها بمبادرات توثيقية.

في خيمة في مدينة صلالة في محافظة ظفار، يقول الشاعر والفنان الظفاري خالد أحمد الكثيري (41 عاما)، بعد أن أنهى إنشاد قصيدة بالجبالية الشحرية خلال فعالية ثقافية، "القصيدة الجبّالية وسيلة نحافظ بها على هذه اللغة ونعلّم من خلالها الأجيال الجديدة".

وانضم له شماس البالغ من العمر 35 عاما قائلا "نحافظ على الموروث وعلى الكلمات القديمة أيضا من خلال فنون النانا والدبرارت (الاسمان باللغة الجبالية لهذه القصائد) التي تستخدم كلمات لا تُستخدم في الحوارات اليومية".

وتتكثف الجهود في محافظة ظفار لحماية اللغة ومحاولة تدوينها وتوثيقها.

ويؤكد المعشني وجود "جهود حثيثة من المهتمين والباحثين والجهات الحكومية" لذلك "ضمن خطة عُمان 2040" التي تنص على "التركيز على مثل هذه اللغات والموروثات الشعبية".

ويقود المعشني فريقا لإنجاز أول معجم شامل لهذه اللغة، يضم نحو 125 ألف مفردة مترجمة إلى العربية والإنجليزية.

ومن المتوقع أن تكون للمعجم نسخة إلكترونية تضم خاصية النطق الصوتي لحفظ مخارج الحروف والأصوات المميزة في الجبّالية الشحرية.

مقالات مشابهة

  • جامعة نجران تعلن عن وظائف شاغرة
  • جامعة أسوان تكشف عن القائمة المبدئية لمرشحي عمادة كلية الحقوق
  • في ذكرى وفاته.. قصة حب نور الشريف لنادي الزمالك
  • الجبّالية الشحرية: لغة نادرة تصارع النسيان في جبال ظفار العُمانية
  • «أبوظبي للغة العربية»: القراءة المستدامة ترسخ مجتمع المعرفة
  • مائة جزيرة سياحية تعلن عدم ترحيبها بـالإسرائيليين
  • مينا نبيل نجل ياسر جلال وأروى جودة في للعدالة وجه آخر
  • كريمة أبو العينين: تراهم يستوعبون؟!
  • "التربية والتعليم" تُشارك في مُخيم "جسر اللغة الصينية" بتيانجين
  • وزيرة التنمية المحلية تستقبل رئيس قطاع الاستراتيجيات الدولية بشركة ( Esri ) العالمية