خلال عام على أزمة السودان .. أكثر من 13 ألف قتيل وانهيار القطاع الصحي بشكل كامل
تاريخ النشر: 15th, April 2024 GMT
أتمّت الحرب في السودان بين قوات الجيش والدعم السريع عامها الأول مخلفة أكثر من 13 ألف قتيل و10 ملايين نازح ودمارا هائلا في البنية التحتية، وانهيار القطاع الصحي بشكل كامل.
إقرأ المزيدوتفيد المعلومات بأن نحو "مئة مستشفى حكومي وخاص دمرت في العاصمة الخرطوم، وأن بعضها بات قواعد عسكرية وثكنات للجنود".
وأعلن وزير الصحة هيثم محمد إبراهيم أن "حجم الدمار والتخريب في القطاع الصحي في السودان يقدر بنحو 11 مليار دولار، وأن الحرب دمرت مستشفيات بالكامل"، وأكد "سعي الحكومة بجهد محلي ودعم دولي إلى إعادة المستشفيات المدمرة إلى العمل، وإطلاق صندوق لإعادة إعمار وتأهيل المستشفيات، بدءا بتلك الموجودة في ولاية الخرطوم".
وفي السابق كشفَ وزير الصحة السوداني، عن ارتفاع حالات الإصابة بالكوليرا، رغم تنفيذ حملات التطعيم في بعض الولايات، وأضاف فى مقابلة مع صحيفة "سودان تربيون"، أن السودان سجل 10 آلاف و800 إصابة بالكوليرا، وفقَا لآخر تقرير عن الوضع الوبائي في 12 ولاية، وبلغت إصابات حمى الضنك 7.500 حالة في 11 من أصل 18 ولاية.
وأشارت تقارير رسمية إلى أن "أكثر من 200 شخص توفوا بأمراض مرتبطة بالكوليرا" بعد اندلاع الحرب في السودان.
من جهتها، أدانت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان، في أكثر من مناسبة، "الاعتداءات على مرافق الرعاية الصحية"، واعتبرت أن "الهجمات التي تستهدف العاملين في مجال الرعاية الصحية والمرضى والمرافق تشكل انتهاكا صارخا للقانون الإنساني الدولي ويجب أن تتوقف فورا، كما يجب السماح للكوادر الصحية بالعمل من دون خوف أو قلق على سلامتهم الشخصية أو سلامة مرضاهم".
وحملت اللجنة "أطراف الصراع المسؤولية المباشرة عن حماية العاملين الطبيين والمستشفيات ووسائل النقل الطبية".
وكررت اللجنة مناشدة المنظمات الدولية، على رأسها منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر الدولي، "مواصلة حث أطراف النزاع على اتخاذ التدابير اللازمة لحماية الكوادر الطبية والمدنيين وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، وخلق ممرات آمنة لنقل المصابين والجثث، وتوفير الإمدادات الطبية لما تبقى من مستشفيات عاملة".
ومنذ اندلاع القتال في منتصف أبريل من العام الماضي 2023، تعرضت أكثر من 300 منشأة تاريخية وحيوية في الخرطوم ومدني ودارفور وكردفان لدمار شامل أو جزئي، كما فقد مئات الآلاف من سكان الخرطوم القدرة على العيش في منازلهم بسبب ما لحق بها من دمار كلي أو جزئي جعلها عرضة للخطر.
أما دمار البنية التحتية، فهو كبير جدا، وخصوصا وسط العاصمة الخرطوم، فقد تعرض مطار الخرطوم الدولي لأضرار بالغة شملت المدرجات الرئيسية وصالات المسافرين وغيرها من منشآت المطار المهمة التي يمكن أن يستغرق إصلاحها شهورا طويلة حال توقف الحرب الحالية.
وتعرض القطاع الخاص السوداني بمختلف قطاعاته لخسائر مدمرة وفقد معظم رجال الأعمال كل أو جل أملاكهم ومدخراتهم في العاصمة القومية والمناطق المتأثرة بالعمليات القتالية، وقدرت الخسائر الاقتصادية في البلاد جراء الصراع بنحو 120 مليار دولار.
وتتواصل منذ 15 أبريل الماضي، اشتباكات عنيفة وواسعة النطاق بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مناطق متفرقة بالسودان، حيث يحاول كل من الطرفين السيطرة على مقار حيوية، بينها القصر الجمهوري ومقر القيادة العامة للقوات المسلحة وقيادة قوات الدعم السريع وعدد من المطارات العسكرية والمدنية.
المصدر: "dabangasudan"
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أخبار الصحة الخرطوم قوات الدعم السريع وفيات فی السودان أکثر من
إقرأ أيضاً:
وزير المالية السوداني: وقف الحرب أولا وشعبنا سيحكم نفسه بنفسه
وفي حلقة جديدة من بودكاست "ذوو الشأن"، سلط الدكتور جبريل إبراهيم، الذي يترأس حركة العدل والمساواة، الضوء على مسيرته الحافلة بالتحولات، من قرية طينية نائية على الحدود التشادية إلى أروقة السياسة والاقتصاد في السودان، مرورا بتجربة دراسية وعملية غنية في اليابان والسعودية ولندن.
وتناول الوزير السوداني الأوضاع الاقتصادية الراهنة، معترفا بصعوبتها جراء الحرب، لكنه نفى وجود مجاعة شاملة، مشيرا إلى وفرة الإنتاج الزراعي ومشكلة رئيسية في إيصال الغذاء للمتضررين، كما تطرق إلى جذور الصراع في دارفور، وخلفيات تأسيس حركة العدل والمساواة، وموقفه من حمل السلاح.
بدأ الدكتور جبريل إبراهيم حديثه مستذكرا طفولته في قرية صغيرة قرب الطينة، المحاذية لتشاد، حيث الحياة القاسية وشظف العيش. وقال "الناس تتنقل نصف اليوم للوصول إلى مصادر المياه، وتعُود نصف اليوم الآخر"، واصفا كيف قاده إعجابه بمظهر أخيه الأكبر الأنيق إلى الالتحاق بالمدرسة.
وروى كيف تنقل بين المدارس الداخلية من الطينة إلى الفاشر، ثم إلى جامعة الخرطوم، مواصلا "انزياحا شرقا" أوصله إلى اليابان، التي يسميها البعض "بلاد الوقواق"، موضحا أن اسمها الحقيقي "واكوكو" يعني "بلاد السلام".
إعلانوأمضى إبراهيم 7 سنوات في اليابان، حيث درس الاقتصاد وأتقن اللغة اليابانية، التي بدأت تتآكل بمرور الزمن، على حد قوله. وعن تجربته هناك، ذكر كيف كان الأفارقة منظرا غريبا لليابانيين، خاصة في القرى، حيث كان الأطفال يتجمعون حولهم.
تكوين ورؤى اقتصاديةوبعد اليابان، انتقل وزير المالية للعمل في السعودية لمدة 4 سنوات، مدرسا للاقتصاد في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، قبل أن يعود إلى السودان حيث كُلف بتأسيس شركة "عزة" للنقل الجوي، وهو الاسم المستعار الذي كان يُطلق على السودان إبان الاستعمار.
ثم غادر إلى تشاد ومنها إلى الإمارات، قبل أن يستقر في لندن لاجئا بعد أن طلبت الحكومة السودانية آنذاك تسليمه، وأوضح أن اتهامه بدعم الثورة في دارفور كان السبب وراء طلب تسليمه.
وعن الأوضاع الاقتصادية الحالية، أقر إبراهيم بصعوبتها، مشيرا إلى أن معظم النشاط الاقتصادي ومصادر إيرادات الدولة كانت متمركزة في العاصمة الخرطوم التي تضررت بشدة، وأكد أن الدولة لم تصل إلى الصفر في إيراداتها، وتعتمد حاليا على مواردها الذاتية من ضرائب وجمارك وعوائد الذهب.
ونفى الوزير وجود مجاعة شاملة، مؤكدا أن إنتاج السودان من الغلال يفوق الحاجة، وأن برنامج الغذاء العالمي يشتري الذرة من السودان لتصديرها، وأرجع شح الغذاء في بعض المناطق إلى ممارسات "المليشيا المتمردة" التي تمنع وصوله، فضلا عن فقدان القدرة الشرائية للمواطنين النازحين.
رؤية لإعادة البناءوطرح الدكتور جبريل إبراهيم رؤيته لإعادة بناء الاقتصاد السوداني، مرتكزة على محورين: الأول هو الاستثمار في "رأس المال البشري" عبر التعليم النوعي والخدمات الصحية، والثاني هو تطوير البنية التحتية المادية من طرق وجسور والسكك الحديدية وموانئ وشبكات خدمات.
وأشار إلى سعي وزارته قبل الحرب لرفع نصيب التعليم والصحة في الميزانية إلى 40%. ولتمويل البنية التحتية، دعا إلى شراكات إستراتيجية بنظام البناء والتشغيل ثم تحويل الملكية "بي أو تي" (BOT)، مؤكدا تهيئة البيئة التشريعية لذلك.
إعلانوفيما يتعلق بالمساعدات الخارجية، أوضح أن أموال الغرب "مُسيّسة"، وأن الدعم حاليا يأتي عبر طرف ثالث، غالبا وكالات الأمم المتحدة، بعد تصنيف التغيير في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 انقلابا، وأشاد بالدعم الإغاثي من الدول العربية والخليجية وإيران وتركيا.
الحرب والسياسة والمستقبلوتطرق وزير المالية إلى الحرب الدائرة مع قوات الدعم السريع، معتبرا إياها "مشروعا إقليميا ودوليا كبيرا" وأن الدعم السريع "مجرد أداة تستخدم مرحليا"، وربط الصراع بأطماع في سواحل البحر الأحمر وموارد السودان المائية والزراعية والمعدنية، وربما بمحاولة "تغليف المسألة بمحاربة الإسلام السياسي".
وبشأن الأوضاع في الفاشر، أكد صمود المدينة أمام هجمات الدعم السريع المتكررة، قائلا "لن تسقط بإذن الله"، مشيرا إلى رمزيتها التاريخية كعاصمة لإقليم دارفور.
وعن موقفه من الحكم العسكري، قال إبراهيم إنه مع الحكم المدني تماما، وإن الظرف الحالي فرض وجودا عسكريا في السلطة، مددت الحرب عمره.
وأعرب عن ثقته في قدرة الشعب السوداني على تغيير الأنظمة العسكرية عبر الثورات، متوقعا حوارا سودانيا-سودانيا شاملا بعد الحرب لرسم خارطة طريق نحو انتخابات حرة.
وردا على تصريحات الفريق البرهان حول أداء بعض الوزراء، نفى الدكتور جبريل أن يكون من المقصودين، مؤكدا أن التعيينات في الدولة تخضع لإجراءات وقوانين تحد من سلطة الوزير المطلقة، وأن صلاحياته في التعيين المباشر تقتصر على 3 أشخاص.
جذور الصراع في دارفوروعاد إبراهيم بالذاكرة إلى نشأة حركة العدل والمساواة، مؤكدا أنها حركة قومية وليست قبلية أو إقليمية، تهدف إلى تحقيق العدالة والتنمية المتوازنة في كل أقاليم السودان. وأوضح أن فكرة الحركة تبلورت منذ عام 1995 نتيجة شعور بالظلم والتهميش.
وكشف الوزير أنه كان "الوحيد الذي اعترض على حمل السلاح" في المؤتمر الذي تقرر فيه ذلك بألمانيا، مفضلا الحوار، لكن قناعة الأغلبية كانت أن الحكومة آنذاك "لا تسمع إلا أصوات المدافع". ورغم ذلك، أكد أنه ليس نادما على خيار التمرد المسلح الذي فرضته الظروف.
إعلانوأرجع أسباب الصراع في دارفور إلى الشعور بالظلم من قبل المركز في توزيع الفرص والمشروعات التنموية، وإلى دور الحكومة أحيانا في "اللعب على التناقضات القبلية وتفضيل مكونات على أخرى"، مما أدى إلى تطاحن كبير.
واختتم الدكتور جبريل إبراهيم حديثه بالتأكيد على أن وقف الحرب هو الأولوية، وأن الشعب السوداني بعد ذلك "سيحكم نفسه بنفسه"، معربا عن تفاؤله بمستقبل السودان رغم التحديات الجسيمة.
30/5/2025