- عدم وجود خدمات ومواقف سيارات وسوء تنظيم ساعات عمل الدراجات أبرز التحديات

تكتسب رمال بوشر التي تكونت عبر آلاف السنين أهمية جيولوجية فريدة، منحت الولاية ميزة خاصة ومتنفسًا طبيعيًا لعشّاق الطبيعة والكثبان الرملية، حيث تشكّل تلك الكثبان لوحة من الجمال الطبيعي، وعلوها يجعلك تشاهد ولاية بوشر بأحيائها المختلفة «بوشر القديمة وحي البيضاء والغبرة»، وتتمازج رمال بوشر شموخًا مع البنايات والجبال التي تحيط بها من كل الاتجاهات، وزائرها يستمتع بمشاهدة زخم الحياة التي يجسدها مرور السيارات والأضواء ليلا عبر الشوارع المحيطة بالكثبان ومنها شارع مسقط السريع في إحدى إطلالاتها، وشكّل التعدي العمراني على تلك الرمال الذهبية تحديا كبيرا لهذا التكوين الطبيعي حيث أكلت المباني مساحات كبيرة من هذه التكوينات الرملية خلال الأعوام الـ٥٠ الماضية، وبعد مطالبات المشايخ والأهالي بضرورة الحفاظ على هذه الرمال، تمكنت وزارة الإسكان والتخطيط العمراني من وقف توزيع الأراضي لجزء من الكثبان الرملية بلغت مساحتها (300062) مترًا مربعًا.

ويتطلع أهالي وأبناء ولاية بوشر إلى تنظيم هذه المساحات المتبقية التي باتت متنفسا طبيعيا وسياحيا بولاية بوشر خاصة وفي محافظة مسقط عموما حيث يرتادها الكثير من الأسر والشباب من قائدي مركبات الدفع الرباعي ومن راكبي الدراجات الهوائية والدراجات الرملية، فعند اعتلائك هذه الكثبان تشاهد كمية الحركة الموجودة بها، الأمر الذي شكل الكثير من الإزعاج والفوضى لقاطني الأماكن القريبة ولمرتادي الكثبان نتيجة الإزعاج والفوضى بسبب عدم تنظيم المكان.

استطلعت «عمان» آراء الشباب والأهالي حول الطريقة المثلى لتنظيم هذا المكان واستثماره ليكون محطة جذب سياحية ملهمة في محافظة مسقط.

اجتهادات شخصية

في البداية قال عزيز بن سالم الحسني: «في الواقع تشكل رمال بوشر أو ما تبقى منها متنفسا طبيعيا ويرتادها الكثير من الأسر والشباب لكن في الواقع هناك الكثير من العشوائية والانزعاج نتيجة سوء تنظيم المكان وعمليات الاجتهاد الشخصية من بعض المستثمرين لإقامة مشاريعهم مثل ركوب الدراجات وغيرها من الأنشطة المحببة لكنها للأسف تمارس بصورة عشوائية وتحتاج الكثير من التنظيم لوجود عدد من المخالفات التي يقوم بها سائقو الدراجات الرملية وما يسببونه من إزعاج كبير للسكان نتيجة الممارسات الخاطئة، وكذلك استخدام الدراجات في أوقات ليلية متأخرة».

تنظيم العشوائية

وأضاف الحسني: «تحتاج تلك الكثبان للكثير من التنظيم، كوقف الإزعاج الصادر من الدراجات غير المصرح لها والتقيد بتعليمات البلدية، بالإضافة إلى منع استخدام الدراجات والمركبات ذات الأصوات العالية للفترة المسائية، وزيادة عمليات التنظيم بعمل مخارج ومداخل من الجهتين للوصول للرمال، كما ينبغي عمل دورات مياه في عدة أماكن في الموقع، ونأمل أن تقوم بلدية مسقط بعمل متنزه واسع بما يتناسب مع طبيعة الرمال ليكون المكان متنفسا للجميع، ونتطلع إلى فتح فرص عمل للشباب الباحثين عن عمل بالولاية بنصب الخيام في فترة الشتاء مع فرض رسوم بسيطة».

تكونات رملية نادرة

من جانبه قال مازن بن مبارك الحسني: «رمال بوشر تتربع على مساحة حيوية وسط موقع متفرد حيث تحيط بها أغلب الخدمات والمرافق الأساسية من مراكز تجارية كبرى ومجمعات سكنية ومراكز صحية ومبان ومنشآت ومرافق خدمية وغيرها من البنى الأساسية للمدينة، كما أنها بمحاذاة طريق مسقط السريع وطريق بوشر التجاري، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فهذه الرمال تعد من التكوينات الجيولوجية النادرة - حسب كلام الخبراء - فهي تكونت من آلاف السنين ولذا من الأهمية أن تحظى بعناية خاصة من قبل الحكومة والجهات المعنية للحفاظ عليها ورفدها وتطويرها بالمقومات التي تتناسب مع البيئة الرملية مع الحفاظ على استدامتها وعدم طمسها بالمنشآت الأسمنتية؛ فهي تعد ملاذا لكثير من الأسر والشباب للتنفس وقضاء الأوقات الجميلة خاصة أثناء اعتدال الأجواء وكذلك خلال فترات المساء». وأضاف قائلا: «أرى ضرورة إضفاء اللمسات الجمالية للمكان ورفده بالمرافق والاستراحات المهيأة والمجسمات وعناصر التشجير والإضاءات العصرية والمواقف، وتهيئة وتخصيص مواقع لأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في ولاية بوشر للاستفادة والاستثمار من الموقع بحيث تكون الأولوية لرواد الأعمال بالولاية، كما يتطلب إيجاد آلية حازمة لتنظيم مواقف المركبات أمام المباني التجارية والسكنية المجاورة لرمال بوشر، فهي تكتنز بالمركبات التي تقف بعشوائية تؤثر على مسارات الحركة المرورية ويصل الازدحام إلى التقاطع المروري المقابل لقرية الدولفين السكنية؛ مما يؤدي إلى شلل في مسارات الطرق الرئيسية».

محمية طبيعية ربانية

وشارك يحيى بن سالم المعشري زملاءه الرأي وقال: «لا شك أن وجود مثل هذا المكوّن الطبيعي والمعلم الجيولوجي هو بمثابة محمية طبيعية ربّانية يلجأ إليها الناس من مختلف ربوع سلطنة عمان، يهربون من حياة الصخب إلى الهدوء، وتعد رمال بوشر متنفسا مهما جدًا في هذا الموقع الجغرافي في قلب العاصمة مسقط، ولابد أن نُبقي على ما تبقى من هذه الرمال على اعتبار أنها إرث تاريخي وجب الحفاظ عليه وهي موئل طبيعي تعيش فيه العديد من الكائنات الحية كالطيور والزواحف والحيوانات البرية».

التخييم العائلي

وأضاف: «إن ما بقي من هذه الرمال بعد أن قامت عليها البنايات والصروح العُمرانية الحديثة يمكننا الحفاظ عليه إن كانت هنالك الرغبة الجادة من الجهات المختصة؛ وذلك باستغلال ما تبقى للتخييم العائلي المؤقت على أن ينظم القطاع من قبل الجهات المختصة؛ حيث ارتفاع الرمال في هذه البقعة الجغرافية المنخفضة بالولاية يوفر إطلالة على عديد من المنجزات الوطنية في قلب العاصمة مسقط، كما توفر فرصة لمشاهدة مسقط على أضواء الغروب، كما بالإمكان استغلالها لإقامة مسابقات رياضية «تحدي الرمال» للمسافات القصيرة والدارج في الوقت الراهن استخدام رمال بوشر لعلاج الإصابات الرياضية والتقوية البدنية ورفع معدل اللياقة خاصة لأفراد القطاعات العسكرية والرياضيين وهذا جانب من الاستثمار في الصحة البدنية».

تحديات

وأوضح أن استخدام الرمال يقتصر كما هو واضح الآن على السيارات ذات الدفع الرباعي والدراجات الرملية ذات الأربع عجلات والأخيرة باتت تشكل تحديا كونها تقع بالقرب من الأحياء السكنية والبنايات التجارية السكنية والأصوات الصادرة منها مزعجة، خاصة من بعض المتجاوزين للأنظمة، علاوة على إشكالية التلوث والأدخنة المنبعثة من هذه الدراجات. مؤكدا أهمية استثمار هذه الكثبان وتنظيمها بقوله: « بما أن رمال بوشر هي مكوّن طبيعي يحدها من جميع الأطراف عدد من البنايات وصروح عُمرانية لذا فهي تعد مكسبا ثمينا ذا قيمة عالية إن لم يكن استثمارها ماديًا فليكن استثمارها للتنفيس عن الناس والأسر التي تحبذ مثل هذه المواقع الطبيعية؛ شريطة التنظيم وتوفير الخدمات اللازمة من طرق ممهدة ومتابعة دورية حتى نضمن استدامتها».

مخططات للتنظيم

وقال إبراهيم بن حمد الحسني: «رمال بوشر يمكن أن تحول إلى مكان ترفيهي منظم، وبأفكار تسهم في تطوير مخطط طبيعي جميل من خلال وضع مخططات دقيقة لتنظيم المساحة بشكل فعال، مع تحديد المناطق المخصصة للنشاطات المختلفة مثل الرياضة، الأنشطة الاجتماعية، والفعاليات الثقافية، كما يجب توفير البنية الأساسية اللازمة مثل تنظيم مواقف السيارات، وتوفير وسائل النقل العامة، وضمان توفر المرافق الأساسية مثل دورات المياه عامة ونقاط الإسعافات الأولية، مضيفا: «ينبغي أن يكون تصميم المكان متوافقا مع البيئة المحيطة، مع ضرورة اتباع أفضل الممارسات البيئية للحفاظ على النظام البيئي الرملي، وعلى المعنيين تشجيع التنوع في الأنشطة بتقديم مجموعة متنوعة من النشاطات الترفيهية التي تلبي اهتمامات الجماهير المختلفة، وعليهم إشراك المجتمع المحلي في عملية تحويل رمال بوشر إلى مكان ترفيهي واستثماري يتيح للشباب فرصا للعمل، على أن تكون أولوية الاستثمار لشباب ولاية بوشر الباحثين عن عمل لنحقق بذلك فائدتين: توظيف مجموعة من الشباب العماني واستثمار الكثبان الرملية لتكون متنفسا طبيعيا في محافظة مسقط».

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ولایة بوشر هذه الرمال الکثیر من ا طبیعی بوشر ا من هذه

إقرأ أيضاً:

الرئيس المشاط: الوحدة اليمنية امتداداً طبيعياً لتاريخ طويل من الكفاح الوطني

الثورة نت/..

حذر فخامة المشير الركن مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى دول العدوان والميليشيات التابعة لها من أي محاولة للمساس بالوحدة اليمنية.

وأكد الرئيس المشاط في خطابه مساء اليوم بمناسبة الذكرى الـ 35 لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية، على مواصلة الجهاد والنضال حتى تحرير آخر شبر من أراضي الجمهورية اليمنية وطرد المحتلين الغزاة والاستعداد التام لمواجهة أي تجددٍ للعدوان الأمريكي وأدواته أو العدوان الأمريكي الصهيوني.

وتوجه بخالص التهاني والتبريكات إلى شعبنا اليمني العزيز، وإلى قائد ثورته الخالدة السيد عبد الملك بدرالدين الحوثي حفظه الله، والعلماء الأجلاء وكافة النخب اليمنية، وأبطال القوات المسلحة والأمن، وكافة قبائل اليمن الوفية، وكل رفاق السلاح وشركاء الموقف من مشايخ وأعيان ومناضلين.

وجدد الاعتزاز بهذا الإنجاز الوطني التاريخي، الذي لم يكن حكراً على منطقة أو فئة، بل مثل امتداداً طبيعياً لتاريخ طويل من الكفاح الوطني، من ثورة 14 أكتوبر المجيدة، إلى التجربة الوحدوية التي انطلقت من عدن بتوحيد أكثر من عشرين سلطنة وإمارة في كيان وطني مستقل.

ولفت فخامة الرئيس إلى أن الوحدة اليمنية لم تكن مجرد وحدة جغرافيا، بل وحدة قلوب ومصير وموقف، وهي اليوم تمثل عزة وفخر اليمن وضمان سيادته، والملاذ الآمن الذي يجمع أبناء اليمن على كلمة سواء، إذ لا يمكن مواجهة التحديات أو إصلاح الاختلالات والأخطاء إلا في ظل الوحدة وجمع الكلمة.

وأكد أن “الوحدة اليمنية لم تكن إنجازًا وطنيًا فحسب، بل كانت نواة حقيقية للوحدة العربية، فلا ننسى ما سطّره أبناء الأمة العربية والإسلامية من ترحيب واسع بها؛ من الساسة والمفكرين، إلى النخب الثقافية والإعلامية، وما خطته أقلام الأدباء والشعراء من تسجيل مواقف مشرفة تجاهها، فقد مثلت الوحدة اليمنية اللبنة الأولى نحو الوحدة العربية الشاملة”.

وأشار إلى أن التمسك بالوحدة اليمنية ليس من باب العاطفة، بل من منطلق إيماني ووطني وعقلاني وعروبي، يدرك أن التفتيت ليس حلاً، وأن أخطاء الماضي لا تُعالج بالتقسيم والانفصال، بل بالإنصاف والعدل والإصلاح وبما يضمن الحقوق والمشاركة العادلة لكل اليمنيين.

وأفاد الرئيس المشاط بأن الشعب اليمني ظل موحداً عبر التاريخ وإن اختلفت عليه الدول وتعاقبت عليه الحضارات؛ بل وحتى في زمن الغزو والاحتلال ظل موحداً في مواجهة التحديات التي هددت وحدته ونسيجه الاجتماعي، وكما تجاوز محاولات التقسيم قديماً، والأقلمة حديثاً، فإنه قادر على كسر كل المحاولات لتقسيمه وتفكيك بنيته التاريخية.

كما أكد أن الأحداث أثبتت أن الرهان على الخارج طريق للدمار والخذلان، بينما التمسك بخيار الشعب هو الطريق إلى المستقبل الأمثل؛ وها هم من خانوا الوحدة اليمنية اليوم يعيشون في فنادق وعواصم الخارج، ويتمحورون حول ذواتهم وعوائلهم ومصالحهم الضيقة، فيما يتحمل المواطنون في المناطق المحتلة البأساء والضراء، وويلات الانهيار وانعدام الخدمات.

وقال ” إن مما يحز في أنفسنا أن نشاهد ما آل إليه حال جزء عزيز من بلدنا قابعٌ تحت نير الاحتلال، ونحزن على إخواننا في تلك المناطق الذين يعانون الأمرّين من ممارسات عصابة التبعية الخانعة للمحتل، التي لم تحافظ لا على مال عام ولا على كرامة شعب ولا استقلال وطن، وإذا كان في بقائها ما ينفع فلا شيء باستثناء إظهار مدى خطورة النموذج المراد تطبيقه، ليبقى الخيار الوحيد بعدها أن نحفظ كرامتنا وعزتنا واستقلالنا، ونبني دولتنا تحت سقف وحدةٍ جامعة”.

وأوضح أنه وفي الوقت الذي تتجه فيه دول العالم لتشكيل التكتلات والتحالفات رغم اختلافها وتنوعها العرقي والديني والثقافي، فإننا في الجمهورية اليمنية كشعب مسلم بروابطنا الجغرافية والتاريخية والثقافية أولى بالوحدة وأحق بالحفاظ عليها.

وأكد فخامة الرئيس أن الشعب اليمني جسد بموقفه المساند للشعب الفلسطيني في غزة أسمى صور الوحدة العربية والإسلامية باتخاذه موقفاً شجاعاً نصرة لجزء عزيز من أمته، ودفع في سبيل ذلك أغلى التضحيات، وخلال معركة طوفان الأقصى أظهر اليمن مجدداً إجماعاً وطنياً من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه نصرة لفلسطين، وتوحد اليمنيون كافة ضد العدوان الأمريكي والإسرائيلي على البلد، وها هو اليوم اسم اليمن الواحد الموحد يتردد في كل أنحاء العالم، ويُنظر إلى موقف اليمن بإجلال وإكبار.

وبين أن ترديد اسم اليمن اليوم في المحافل الدولية وعلى لسان الصديق والعدو ليس إلا برهانًا قاطعًا على أن الوحدة اليمنية باقية وستظل باقية، وأن مشاريع التقسيم والانفصال قد فشلت أمام إرادة شعبٍ موحّد.

وجدد التأكيد على أن شعبنا الذي استطاع أن ينهي الاحتلال البريطاني في جنوب الوطن، وينتزع استقلاله بعد عقود من الهيمنة، التي اعتمدت سياسة “فرق تسد”، يدرك اليوم أكثر من أي وقت مضى- عواقب الفرقة والتقسيم التي يسعى إليها أعداء أمتنا.. معبرا عن الثقة في أن الشعب اليمني الذي خبر قسوة الاستعمار البريطاني البغيض وصمد في وجه العدوان الأمريكي السعودي خلال العقد الأخير، لن يقبل بعودة عقارب الساعة إلى الوراء، وسيمضي في الحفاظ على سيادة البلد واستقلاله، تحت عنوان الوحدة اليمنية التي تكفل حقوق جميع أبنائه دون انتقاص.

وأكد الرئيس المشاط الاستمرار على نهج الآباء والأجداد في التمسك بالوحدة والدفاع عنها، مراهنين على وعي الشعب اليمني بقدسيتها، وأنها ستكون بأمان مادام هذا الوعي ومهما كانت التحديات.

كما جدد التأكيد على موقف اليمن الديني والمبدئي الثابت في مساندة الشعب الفلسطيني المظلوم وأهلنا في غزة، وكذا استمرار عمليات الاسناد مهما كانت التبعات.

وقال مخاطبا الأشقاء في غزة “لا يضيركم خذلان الخاذلين فالله معكم، ونحن معكم، دمكم دمنا وألمكم ألمنا، ولا زال قرارنا في الجمهورية اليمنية المتمثل في وضع كل مقدرات قواتنا المسلحة تحت تصرفكم حتى وقف العدوان ورفع الحصار عنكم والعاقبة للمتقين”.

وأضاف “إننا لنأسف أن نرى ثروات أمتنا ومقدراتها تذهب إلى أعداء هذه الأمة، في وقت امتلأت فيه القاعات بكلمات المديح الفارغ والثناء الممجوج، إذ لم تكن وعود المجرم ترامب إلا سراباً تغلفها المصالح وتخفي وراءها الحقد والخداع”.

وتابع الرئيس المشاط “لن أعلق اليوم على ما جرى مؤخراً مما له علاقة بالعدوان الأمريكي السافر على بلدنا خدمة للكيان الصهيوني، كون ما جرى كشف تلقائياً الأمر لكل العالم أن لا خطر على ملاحة أحد لم يعتدي أو يدعم إجرام الصهاينة، فقط باختصار شديد: أقول طرف بدأ واعتدى وآخر دافع وتصدى، ولما توقف من بدأ انتهى الأمر، ولم يتبقى سوى بعض القرارات والعقوبات من الجانبين والقرار هنا لمن بدأ والمعاملة بالمثل مبدأ فطري وكوني قبل أن يكون دولي وقانوني”.

ومضى قائلا “كنا نأمل من القمة العربية في بغداد أن تخرج بمواقف عملية تخفف من معاناة الشعب الفلسطيني وتكسر قيود الحصار، بفرض إدخال المساعدات الغذائية والدوائية، والخروج من حالة المواقف الإنشائية والكلامية التي أثبت الواقع عدم جدوائيتها خاصة في ظل الوضع المتردي والبائس الذي يعيشه إخوتنا في قطاع غزة خاصة في ظل الموقف العربي العاجز والمتخاذل”.

وأشار فخامة الرئيس إلى أن الصراع القائم اليوم هو صراع عربي وإسلامي في جوهره، مع الكيان الصهيوني الغاصب والمحتل الذي يعتبر العدو المشترك لجميع شعوب الأمة، فـ”إسرائيل” ومن يقف خلفها لا تستهدف أهل فلسطين أو غزة وحدهم، ولا لبنان أو إيران أو اليمن فحسب، بل تستهدف الأمة كلها، أرضاً وشعباً وكرامة، ومن هذا المنطلق، فإن مسؤولية جهاده ومواجهته والتصدي له لا تقع على طرف دون آخر، بل هو واجب جماعي تفرضه وحدة المصير والعدو المشترك العدو الصهيوني.

وفيما يلي نص الخطاب:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، القائل: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)، والقائل: (إنما المؤمنون إخوة)، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، وارضَ اللهم عن أصحابه المنتجبين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

باسمي، ونيابة عن زملائي في المجلس السياسي الأعلى، أتقدّم بخالص التهاني والتبريكات إلى شعبنا اليمني العزيز، وإلى قائد ثورته الخالدة، السيد عبد الملك بدرالدين الحوثي، حفظه الله، وهي موصولة لكل العلماء الأجلاء، وكافة النخب اليمنية في جميع المجالات والتخصصات.

كما لا يفوتني أن أهنّئ أبطال قواتنا المسلحة والأمن، وكافة قبائل اليمن الوفية، وكل رفاق السلاح وشركاء الموقف من مشايخ وأعيان ومناضلين، وهي أيضاً لكل الشرفاء والأحرار من أبناء وبنات اليمن في الداخل والخارج.

أيها الإخوة والأخوات:

بمناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين لتحقيق الوحدة اليمنية المباركة، نُجدد اعتزازنا بهذا الإنجاز الوطني التاريخي، الذي لم يكن حكراً على منطقة أو فئة، بل مثل امتداداً طبيعياً لتاريخ طويل من الكفاح الوطني، من ثورة 14 أكتوبر المجيدة، إلى التجربة الوحدوية التي انطلقت من عدن بتوحيد أكثر من عشرين سلطنة وإمارة في كيان وطني مستقل، فلم تكن الوحدة اليمنية مجرد وحدة جغرافيا، بل وحدة قلوب ومصير وموقف، وهي اليوم تمثل عزتكم، وفخركم، وضمان سيادتكم، والملاذ الآمن الذي يجمع أبناء اليمن على كلمة سواء، إذ لا يمكن مواجهة التحديات أو إصلاح الاختلالات والأخطاء إلا في ظل الوحدة وجمع الكلمة.

كما أن الوحدة اليمنية لم تكن إنجازًا وطنيًا فحسب، بل كانت نواة حقيقية للوحدة العربية، فلا ننسى ما سطّره أبناء أمتنا العربية والإسلامية من ترحيب واسع بها؛ من الساسة والمفكرين، إلى النّخب الثقافية والإعلامية، وما خطته أقلام الأدباء والشعراء من تسجيل مواقف مشرِّفة تجاهها.

لقد مثَّلت الوحدة اليمنية اللبنة الأولى نحو الوحدة العربية الشاملة.

إننا نتمسك بالوحدة اليمنية لا من باب العاطفة، بل من منطلق إيماني ووطني وعقلاني وعروبي، يدرك أن التفتيت ليس حلاً، وأن أخطاء الماضي لا تُعالج بالتقسيم والانفصال، بل بالإنصاف والعدل والإصلاح، وبما يضمن الحقوق والمشاركة العادلة لكل اليمنيين.

أيها الإخوة والأخوات:

لقد ظل الشعب اليمني موحّداً عبر التاريخ، وإن اختلفت عليه الدول، وتعاقبت عليه الحضارات؛ بل وحتى في زمن الغزو والاحتلال ظل موحّداً في مواجهة التحدّيات التي هددت وحدته ونسيجه الاجتماعي.

وكما تجاوز محاولات التقسيم قديماً، والأقلمة حديثاً، فإنه قادر على كسر كل المحاولات لتقسيمه وتفكيك بنيته التاريخية.

لقد أثبتت الأحداث أن الرهان على الخارج طريق للدّمار والخذلان، بينما التمسك بخيار الشعب هو الطريق إلى المستقبل الأمثل؛ وها هم من خانوا الوحدة اليمنية اليوم يعيشون في فنادق وعواصم الخارج، ويتمحورون حول ذواتهم وعوائلهم ومصالحهم الضيِّقة، فيما يتحمّل المواطنون في المناطق المحتلة البأساء والضراء، وويلات الانهيار وانعدام الخدمات.

وإن مما يحز في أنفسنا أن نشاهد ما آل إليه حال جزء عزيز من بلدنا قابعٌ تحت نير الاحتلال، ونحزن على إخواننا في تلك المناطق الذين يعانون الأمرّين من ممارسات عصابة التبعيَّة الخانعة للمحتل، التي لم تحافظ لا على مال عام ولا على كرامة شعب ولا استقلال وطن، وإذا كان في بقائها ما ينفع: فلا شيء باستثناء إظهار مدى خطورة النموذج المراد تطبيقه، ليبقى الخيار الوحيد بعدها أن نحفظ كرامتنا وعزَّتنا واستقلالنا، ونبني دولتنا تحت سقف وحدةٍ جامعة

ففي الوقت الذي تتجه فيه دول العالم لتشكيل التكتلات والتحالفات، رغم اختلافها وتنوعها العِرقي والديني والثقافي، فإننا في الجمهورية اليمنية -كشعب مسلم- بروابطنا الجغرافية والتاريخية والثقافية أولى بالوحدة وأحق بالحفاظ عليها.

لقد جسّد الشعب اليمني بموقفه المساند للشعب الفلسطيني في غزة أسمى صور الوحدة العربية والإسلامية باتخاذه موقفاً شجاعاً؛ نصرة لجزء عزيز من أمته، ودفع في سبيل ذلك أغلى التضحيات.

وخلال معركة “طوفان الأقصى” أظهر اليمن مجدداً إجماعاً وطنياً من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه؛ نصرة لفلسطين، وتوحّد اليمنيون كافة ضد العدوان الأمريكي والإسرائيلي على اليمن، وها هو اليوم اسم اليمن الواحد الموحّد يتردد في كل أنحاء العالم، وينظر إلى موقف اليمن بإجلال وإكبار.

إن ترديد اسم اليمن اليوم في المحافل الدولية، وعلى لسان الصديق والعدو، ليس إلا برهان قاطع على أن الوحدة اليمنية باقية وستظل باقية، وأن مشاريع التقسيم والانفصال قد فشلت أمام إرادة شعبٍ موحّد.

أيها الإخوة والأخوات:

إن شعبنا، الذي استطاع أن ينهي الاحتلال البريطاني في جنوب الوطن وينتزع استقلاله بعد عقود من الهيمنة التي اعتمدت سياسة “فرِّق تسد”، يدرك اليوم أكثر من أي وقت مضى عواقب الفِرقة والتقسيم التي يسعى إليها أعداء أمتنا، وإننا على ثقة بأن الشعب اليمني الذي خبر قسوة الاستعمار البريطاني البغيض وصمد في وجه العدوان الأمريكي – السعودي، خلال العقد الأخير، لن يقبل بعودة عقارب الساعة إلى الوراء، وسيمضي في الحفاظ على سيادة البلد واستقلاله، تحت عنوان الوحدة اليمنية التي تكفل حقوق جميع أبنائه دون انتقاص.

وفي الختام، أشيرُ إلى ما يلي:

1) نجدد التهنئة والتبريك لعموم أبناء شعبنا اليمني العزيز بحلول هذه الذكرى المباركة، ونؤكد على الاستمرار على نهج الآباء والأجداد في التمسك بالوحدة والدفاع عنها، مراهنين على وعي الشعب اليمني بقدسيَّتها، وستكون بأمان ما دام هذا الوعي، ومهما كانت التحديات.

2) نحذّر دول العدوان والمليشيات التابعة لها من أي محاولة بالمساس بالوحدة اليمنية، والتأكيد على مواصلة الجهاد والنضال حتى تحرير آخر شبر من أراضي الجمهورية اليمنية، وطرد المحتلين الغزاة، والاستعداد التام لمواجهة أي تجددٍ للعدوان الأمريكي وأدواته، أو العدوان الأمريكي – الصهيوني.

3) نجدد التأكيد على موقفنا الديني والمبدئي الثابت في مساندة الشعب الفلسطيني المظلوم وأهلنا في غزة، كما نؤكد استمرار عمليات الإسناد مهما كانت التبعات.

فيا أهلنا في غزة لا يضيركم خذلان الخاذلين فالله معكم، ونحن معكم، دمكم دمنا وألمكم ألمنا، ولا زال قرارنا في الجمهورية اليمنية المتمثل في وضع كل مقدرات قواتنا المسلحة تحت تصرفكم حتى وقف العدوان، ورفع الحصار عنكم والعاقبة للمتقين.

4) إننا لنأسف أن نرى ثروات أمتنا ومقدراتها تذهب إلى أعداء هذه الأمة، في وقت امتلأت فيه القاعات بكلمات المديح الفارغ والثناء الممجوج، إذ لم تكن وعود المجرم ترامب إلا سراباً تغلفها المصالح، وتخفي وراءها الحقد والخداع، وعدهم ومناهم، (وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا).

ولن أعلق اليوم على ما جرى مؤخراً مما له علاقة بالعدوان الأمريكي السافر على بلدنا خدمة للكيان الصهيوني؛ كون ما جرى كشف تلقائياً الأمر لكل العالم أن لا خطر على ملاحة أحد لم يعتدِ أو يدعم إجرام الصهاينة.

فقط باختصار شديد، أقول: طرف بدأ واعتدى، وآخر دافع وتصدّى، ولما توقف من بدأ انتهى الأمر، ولم يتبقَّ سوى بعض القرارات والعقوبات من الجانبين، والقرار هنا لمن بدأ والمعاملة بالمثل مبدأ فطري وكوني قبل أن يكون دوليا وقانونيا.

5) كنا نأمل من القمة العربية في بغداد أن تخرج بمواقف عملية تخفف من معاناة الشعب الفلسطيني، وتكسر قيود الحصار، بفرض إدخال المساعدات الغذائية والدوائية، والخروج من حالة المواقف الإنشائية والكلامية التي أثبت الواقع عدم جدوائيتها خاصة في ظل الوضع المتردي والبائس الذي يعيشه إخوتنا في قطاع غزة، خاصة في ظل الموقف العربي العاجز والمتخاذل.

6) إن الصراع القائم اليوم هو صراع عربي وإسلامي في جوهره، مع الكيان الصهيوني الغاصب والمحتل الذي يُعتبر العدو المشترك لجميع شعوب الأمة، ف”إسرائيل”، ومن يقف خلفها، لا تستهدف أهل فلسطين أو غزة وحدهم، ولا لبنان أو إيران أو اليمن فحسب، بل تستهدف الأمة كلها، أرضاً وشعباً وكرامة. ومن هذا المنطلق، فإن مسؤولية جهاده ومواجهته والتصدي له لا تقع على طرف دون آخر، بل هو واجب جماعي تفرضه وحدة المصير والعدو المشترك (العدو الصهيوني).

الرحمة والخلود للشهداء..

والشفاء العاجل للجرحى..

والفرج القريب للأسرى..

والنصر لليمن وللأمة العربية والإسلامية..

والتحية لأهلنا في غزة..

تحيا الجمهورية اليمنية

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مقالات مشابهة

  • “العدس والحلبة من بينها” .. أطعمة تقهر فقر الدم طبيعياً
  • الرئيس المشاط: الوحدة اليمنية امتداداً طبيعياً لتاريخ طويل من الكفاح الوطني
  • قيادي بالمؤتمر: مصر تسعى لتصبح مركزا إقليميا للتصنيع الأخضر
  • ارتكبوا 5 جرائم مشابهة.. حبس عصابة سرقة الدراجات في الشروق
  • لاعب منتخب مصر: اتحاد الدراجات كافئ أصحاب الميداليات بسحب دراجاتهم
  • العثور على جثمان شاب غرق على مسافة كيلو داخل قرية سياحية
  • 9 أطعمة تحفز إنتاج الكولاجين طبيعياً
  • إذا كنت تعاني من فقر الدم.. فإليك 5 أطعمة تعالجها طبيعيا
  • أبطال الإمارات يعودون من مونديال الدراجات المائية بالمشاركة الإيجابية
  • رمال وأتربة وتراجع حرارة.. الأرصاد تعلن تفاصيل طقس الـ6 أيام المقبلة