حروب «سنيكَرْز» ولا عقلانية السلوك البشري
تاريخ النشر: 16th, April 2024 GMT
ترجمة ـ قاسم مكي -
ما الذي يمكن عمله لخفض التضخم؟ هذا هو السؤال الذي يشكل الآن هاجسا لمسؤولي البنوك المركزية نظرا إلى المسار المحبط لبيانات سعر المستهلك في الولايات المتحدة وبلدان أخرى. كما يثير قلق الساسة أيضا كالرئيس الأمريكي جو بايدن وذلك على خلفية مستوى عالٍ من عدم رضا الناخبين عن أداء الاقتصاد.
المستثمرون أيضا غير مرتاحين.
هذا بدوره يقود إلى تبني بعض السياسات الكلاسيكية. فمن جهة يتعهد بنك الاحتياط الفيدرالي بالحفاظ على ارتفاع أسعار الفائدة لكبح الطلب. ومن جهة أخرى ينتقد بايدن الشركات الكبيرة على تحكم مزعوم من جانبها في الأسعار وممارسات خادعة مثل بيع سلع أقل بنفس السعر.
تأملوا المشادة الغريبة التي دارت مؤخرا حول حجم لوح شوكولاتة «سنيكَرْز». أشار بايدن في خطاب حالة الاتحاد إلى أنه تقلَّص. وأنكرت شركة «مارس» التي تصنع حلوى سنيكرز ذلك.
حرب الكلمات هذه تثير جدلا مفعما بالحيوية. لكن مع ازدياد تعقيد التحدي الذي يواجه بنك الاحتياط الفيدرالي هناك طريقة أخرى لتأطير الموضوع وذلك باستدعاء ما يدعوه علماء الاقتصاد «حجب أو إخفاء المعلومات عن المستهلك».
يشير هذا المصطلح إلى الطريقة التي تُقدَّم بها الأسعار إلى المستهلكين وقد دُرِست على نطاق واسع بواسطة علماء الاقتصاد السلوكي. (للتوضيح أكثر ظاهرة الحجب أو الإخفاء مفهوم اقتصادي يتعلق بعدم تماثل المعلومات عن السلعة أو الخدمة بين البائع والمشتري مما يعني عدم كفاءة أداء السوق - المترجم).
في سنوات الستينات على سبيل المثال عمل الراحل دانييل كانيمان (توفي في 27 مارس) مع عاموس تفيرسكي على استكشاف «تقسيم الأسعار» أو الكيفية التي تُسعِّر بها أحيانا بعضُ الشركاتِ المنتجاتِ في خطوات، متعددة مما يجعل من الصعب على المستهلكين تقييم التكاليف بطريقة «رشيدة». غُرَف الفنادق مثال واحد على ذلك من قطاع الخدمات.
فالأجرة الابتدائية المنخفضة قد تتضمن رسوما إضافية مرتفعة. الطابعات مثال آخر. فآلة الطباعة الرخيصة قد تتطلب حبرا غاليا لا تظهر تكلفته في البداية. وتكاليف الشحن مثال آخر.
قد يهز ساخر كتفيه في استخفاف ويقول محاججا إن ذلك مجرد تصرف منطقي من الشركات التي تسعى إلى الربح. ربما ذلك كذلك.
قدمت شركات استشارية من شاكلة «ديلويت» نصائح لزبائنها في السنوات الأخيرة حول مدى استخدام الشركات «الحجب» لزيادة هوامشها الربحية دون استثارة رد فعل مضاد من المستهلكين. لكن حقيقة أن الحجب لا يزال موجودا في عام 2024 وبعد أربعة عقود من شروع كانيمان وآخرين في دراسته تؤكد في حد ذاتها على ثلاث نقاط مهمة.
أولا، المنافسة بين الشركات لا تحقق دائما الكفاءة الحقيقية. فالأسواق يمكن أن تفشل (في تحقيق النتائج المُثلَى المرجوة منها).
ثانيا، ينشأ هذا الفشل لأن المستهلكين ليسوا العناصر التي تحيط علما بكل شيء، والعقلانية كما تبدو في النماذج الاقتصادية. فهم لديهم تحيزاتهم المعرفية التي تقودهم إلى تفضيل خيارات خاطئة وتجعلهم غير مهيئين للتوصل إلى أحكام صائبة بشأن التضخم.
ثالثا، الرقمنة (تحويل المعلومات إلى صيغة رقمية) لا تحل لوحدها مشكلات المنافسة بطريقة سحرية. نعم يمكنها زيادة شفافية الأسعار في بعض المجالات مثل تذاكر الطيران. لكن الإنترنت يوجد أحيانا تكدسا في المعلومات يمكن أن يقود إلى ظاهرة «الحجب» خصوصا عندما يكون المستهلك مشغولا أو قليل التعليم. حقا شفافية الإنترنت المتصوَّرة (أو المتوهمة) يمكن في الواقع أن تجعل حجب المعلومات أسوأ.
قياس ذلك صعب بالطبع. لكن في الشهر الماضي حاول «فريق الأفكار السلوكية» الذي يتخذ مقره في لندن تقدير ذلك وتوصل إلى أن الناتج المحلي الإجمالي البريطاني يمكن أن يكون أكبر بنسبة تتراوح بين 0.2% و1% (أو 5 بلايين إلى 25 بليون جنيه استرليني) إذا لم يكن الحجب موجودا.
توصل الفريق إلى ذلك التقدير بافتراض أن شفافية الأسعار الحقيقية ستمكن المستهلكين من شراء منتجات وخدمات من شركات أكثر كفاءة وبالتالي تزيد الإنتاجية. لكنه أيضا استكشف موضوعا آخر بالغ الأهمية وهو أن الحكومة إحدى أكبر ضحايا الحجب نظرا إلى أن المسؤولين الذين يديرون برامج مشتريات حكومية يجدون صعوبة أيضا في تقدير التكلفة الحقيقية للخدمات التي يحصلون عليها.
يترتب عن ذلك ارتفاع الكفاءة والنجاعة للقطاعين العام والخاص على السواء، إذا كانت هنالك سياسات ضد الحجب. يمكن أن تشمل هذه السياسات اتخاذ إجراءات لفرض بطاقة تعريفية موحدة للمنتجات ودعم مواقع مقارنة الأسعار على الإنترنت وخدمات إرشاد المستهلكين وغير ذلك.
لا شك ذلك سيفزع بعض الاقتصاديين أنصار السوق ويعتبرونه تدخلا غير مبرر على الرغم من أن فريق الأفكار السلوكية يقول مثل هذه الإجراءات من شأنها «تحسين أداء السوق وإطلاق الابتكار والإبداع ومساعدة الناس على اختيار ما هو أفضل لهم».
في كلا الحالين على واضعي السياسات والخبراء الالتفات إلى هذا النوع من الأبحاث. ففوق كل شيء بايدن ليس السياسي الوحيد الذي يعلو صوته بالعويل من التضخم ورفع الأسعار. دونالد ترامب المرشح الرئاسي الجمهوري المفترض عبَّر عن مشاعر مماثلة في الماضي.
هذا ليس مفاجئا نظرا إلى أن تقريع الشركات الكبيرة كثير ما يكون وسيلة لكسب الأصوات. لكن من الأفضل أن يجد واضعو السياسات طرقا عملية لتعزيز الشفافية في الأسعار بدلا عن إرهاب إدارات الشركات. فهذا الخيار الأخير يؤذي الثقة في حين قد يحسِّن تعزيز شفافية المنافسة وأداء السوق بطرائق من شأنها خفض الأسعار.
بكلمات أخرى، إذا كانت واشنطن تريد أن تفهم اتجاهات الأسعار ستكون بحاجة إلى تبني مقاربة كانيمان (الذي درس التحيزات في اتخاذ القرارات البشرية) وإدراك أن «لا عقلانية» السلوك البشري تستمر حتى في العالم الرقمي. ذلك قد لا يكفي لإنهاء حروب شكولاتة سنيكرز. لكنه على الأقل يقود إلى رؤية للاقتصاد أكثر اتساقا مع التصرفات الفعلية للشركات والمستهلكين والناخبين.
جيليان تيت محررة وكاتبة رأي في الفاينانشال تايمز
الترجمة خاصة لـ عمان
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
1000 ريال تعويضًا عن انقطاع الكهرباء أكثر من 6 ساعات.. معايير صارمة لحماية المستهلكين
أصدرت الهيئة السعودية لتنظيم الكهرباء ”دليل معايير مستوى الخدمة الكهربائية" تهدف إلى تعزيز جودة الخدمة الكهربائية المقدمة للمستهلكين وتحفيز مقدمي الخدمة على الالتزام بمستويات أداء متقدمة، مع ضمان تعويض المستهلكين في حال الإخفاق في الوفاء بالمعايير المحددة.
ويستند الدليل إلى نظام الكهرباء الصادر بالمرسوم الملكي "م/44" بتاريخ 16 جمادى الأولى 1442 هـ ، واللائحة التنفيذية لنظام الكهرباء الصادرة بقرار مجلس إدارة الهيئة رقم "02/43"، إضافة إلى دليل تقديم الخدمة الكهربائية الصادر برقم "46/430" بتاريخ 1 رجب 1430 هـ .
أخبار متعلقة حظر تحضير المايونيز بالبيض الطازج.. اشتراطات صارمة جديدة للمخابز والحلوياتكود الطرق السعودي يحدد معايير البنية التحتية للمركبات ذاتية القيادةأبرز 9 مزايا للإقامة المميزة في السعودية ومنتجاتها المختلفةووفقًا للدليل، تسري أحكامه على جميع مقدمي الخدمة الكهربائية المرخص لهم بالنقل أو بالتوزيع والبيع بالتجزئة، كما تشمل جميع فئات المستهلكين دون استثناء، بما في ذلك القطاع السكني والتجاري والحكومي والصناعي والزراعي.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } 1000 ريال تعويضًا عن انقطاع الكهرباء أكثر من 6 ساعات.. معايير صارمة لحماية المستهلكين
ويُعرّف الدليل الهيئة بأنها الجهة المنظمة للقطاع الكهربائي، ويشمل مقدم الخدمة كل شخص يحمل رخصة من الهيئة بمزاولة نشاط كهربائي، فيما يشمل ”طالب الخدمة" من يتقدم بطلب إيصال الخدمة أو تعديلها، ويُقصد ب ”الانطفاء الشامل" الانقطاع الكامل للتغذية الكهربائية عن منطقة ما وفقًا لمعايير محددة.معايير تضمن جودة الخدمة وتعويض المتضررينيتضمن الدليل تسعة معايير مضمونة يجب على مقدم الخدمة الالتزام بها، ويستحق طالب الخدمة أو المستهلك تعويضًا ماليًا في حال الإخلال بأي منها، ومن أبرزها:
أولًا: تسجيل العداد باسم المستهلك
يجب تنفيذ طلب تسجيل أو إلغاء تسجيل العداد خلال 3 أيام عمل من تقديم الطلب والمستندات المطلوبة. ويستحق المستهلك 100 ريال تعويضًا في حال التأخير، بالإضافة إلى 20 ريالًا عن كل يوم عمل إضافي.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } 1000 ريال تعويضًا عن انقطاع الكهرباء أكثر من 6 ساعات.. معايير صارمة لحماية المستهلكين
ثانيًا: إيصال أو تعديل الخدمة الكهربائية بعد السداد
تلزم اللائحة مقدم الخدمة بتنفيذ الطلب خلال 20 يومًا للأحمال على الجهد المنخفض، و60 يومًا للطلبات التي تشمل شبكة الجهد المتوسط. ويستحق طالب الخدمة تعويضًا بقيمة 400 ريال، بالإضافة إلى 20 ريالًا عن كل يوم عمل تأخير.
ثالثًا: إعادة الخدمة بعد السداد
إذا فُصلت الخدمة بسبب عدم السداد ثم قام المستهلك بالدفع، فيجب إعادتها خلال ساعتين. ويستحق تعويضًا مقداره 100 ريال، مضافًا إليه 100 ريال عن كل ساعة تأخير إضافية.
رابعًا: الإشعار المسبق بانقطاع الخدمة المخطط
يلتزم مقدم الخدمة بإبلاغ المستهلك قبل يومين على الأقل من موعد الانقطاع المخطط، وفي حال عدم الإشعار، يُعوض المستهلك بمبلغ 100 ريال.
خامسًا: إعادة الخدمة بعد الانقطاع المخطط
يجب إعادة الخدمة خلال 6 ساعات من وقت الانقطاع الفعلي، وفي حال تجاوز المدة، يُعوض المستهلك ب200 ريال، و50 ريالًا إضافية عن كل ساعة تأخير.
سادسًا: إعادة الخدمة بعد الانقطاع الطارئ
في حال الانقطاع غير المخطط نتيجة عطل، تُلزم اللائحة بإعادة الخدمة خلال 3 ساعات، ويستحق المتضرر 50 ريالًا، و50 ريالًا إضافية عن كل ساعة تأخير.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } 1000 ريال تعويضًا عن انقطاع الكهرباء أكثر من 6 ساعات.. معايير صارمة لحماية المستهلكين
سابعًا: الانطفاء الشامل
إذا استمر انقطاع الكهرباء لأكثر من 6 ساعات على مستوى مدينة أو محافظة، يُعوض المتضررون ممن انقطعت عنهم الخدمة بهذا الشكل ب1000 ريال لكل مستهلك، ويُحدد سقف إجمالي للتعويضات في كل حالة انطفاء شامل بقيمة 200 مليون ريال، ويتم توزيعها بالتساوي على المستحقين إن زاد عددهم.
ثامنًا: فصل الخدمة في الحالات المحظورة
يحظر فصل الكهرباء لعدم السداد في أوقات أو حالات معينة حددها دليل تقديم الخدمة، ويُلزم مقدم الخدمة بتعويض المستهلك بمبلغ 500 ريال في حال المخالفة.
تاسعًا: معالجة شكاوى الفواتير
تُلزم اللائحة مقدم الخدمة بمعالجة الشكاوى خلال 5 أيام عمل، وفي حال التأخير، يُعوض المستهلك ب100 ريال، بالإضافة إلى 50 ريالًا عن كل يوم تأخير.
تعويضات تلقائية دون الحاجة لتقديم شكوى
وتشدد الهيئة في أحكامها العامة على أن يتم احتساب التعويضات تلقائيًا من خلال أنظمة مقدمي الخدمة، وتقديمها إلى المستهلكين خلال 10 أيام عمل من تاريخ الحالة محل التعويض، دون الحاجة لتقديم شكوى أو مطالبة، ويتم صرف التعويض إما بإضافته إلى الفاتورة أو بتحويله إلى الحساب المصرفي.
وفي حال كانت أسباب الإخفاق خارجة عن السيطرة الإدارية لمقدم الخدمة، مثل الكوارث الطبيعية أو الظروف القهرية، يجب إشعار الهيئة خلال 5 أيام عمل من الواقعة مع إرفاق التبريرات، وتقوم الهيئة بتقييم الحالة وفق تقارير التحقيق.