حزب الله شيع شهيديه باز وشحوري في الشهابية
تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT
شيع "حزب الله" وأهالي بلدة الشهابية الجنوبية الشهيدين "على طريق القدس" إسماعيل يوسف باز (أبو جعفر) ومحمد حسين مصطفى شحوري (جابر)، بمسيرة حاشدة انطلقت من أمام منزلي الشهيدين، شارك فيها النواب: حسين جشي وحسن عز الدين وحسن فضل الله وأمين شري، ومسؤول منطقة جبل عامل الأولى في "حزب الله" عبد الله ناصر، ورئيس "لقاء علماء صور" الشيخ علي ياسين، وعلماء دين وشخصيات وفاعليات وعوائل شهداء.
وجابت مسيرة التشييع شوارع البلدة، تتقدمها سيارات الإسعاف التابعة "للهيئة الصحية الإسلامية" والفرق الكشفية، وقد ردد المشاركون اللطميات الحسينية والزينبية، وأطلقوا الهتافات والصرخات المنددة بأميركا وإسرائيل.
وأقيمت مراسم تكريمية للشهيدين على وقع عزف موسيقى "كشافة الإمام المهدي"، وأدت فرقة عسكرية من المقاومة العهد والقسم للشهداء بالمضي على درب الجهاد والمقاومة، ثم أقيمت الصلاة على جثماني الشهيدين، لتنطلق المسيرة مجددا باتجاه روضة الشهداء، حيث ووريا في الثرى.
جشي
وكانت كلمة لجشي خلال مراسم التشييع، توجه فيها الى العدو الإسرائيلي بالقول: "لقد مضى الحلم، ومضى الزمن الذي كنتم تتعالون فيه على الآخرين، وجاء الزمن الذي تُذلًون فيه وتعاقبون على جرائمكم على مدى 75 عاما".
وقال: "نتنياهو حاول أن يفك عزلته بالاعتداء على القنصلية الإيرانية في دمشق، فكان الرد الصاعق من الجمهورية الإسلامية ليزيد أزمته على كافة الصعد، وليكشف هشاشة كيانه، ورغم الدعم الأميركي والفرنسي والبريطاني وبعض العرب، إلاّ أنهم لم يستطيعوا أن يمنعوا وصول الصواريخ إلى الأهداف المحددة".
اضاف: "أمام الصهاينة خياران: إما أن يرحلوا عن طريق مطار بن غوريون ويذهبوا إلى المكان الذي أتوا منه، وإما أن ينتظروا الهزيمة تلو الهزيمة والذل والهوان على أيدي المجاهدين والأبطال من أبناء المقاومة في هذه المنطقة".
وختم: "إن المقاومة الإسلامية عاهدت الله سبحانه وتعالى وكل الشهداء وتعاهد الشهيدين العزيزين اليوم بالمضي قدما لتحقيق كل الأهداف التي استشهدوا من أجلها".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
السجن موضوعًا ثقافيًا
طيلة الأعوام الستة عشر التي قضَّاها في سجون النظام الأسدي، لم يستطع ياسين الحاج صالح الكتابة عن التجربة سوى بعض الملاحظات المتوترة التي صادرها السجَّانون قبل الإفراج عنه من سجن تدمر أواخر سنة 1996: «حاولتُ الكتابة عن السجن وأنا في السجن، فلم أعرف، لم أجد الموضوع». فلطالما كانت هناك حاجة إلى مسافة ضرورية عن السجن، جسدية وزمنية ونفسية، كي تصبح الرؤية أكثر وضوحًا، وذلك قبل أن تبدأ الذاكرة بمعالجة سنوات السجن في سياق تحويله إلى «موضوع ثقافي».
في كتابه «بالخلاص، يا شباب! 16 عامًا في السجون السورية» الصادر عن دار الساقي عام 2012، يشبه الحاج صالح كتابة تجربة السجن، كسجين سابق، بطريقة أهل الميت في التعرُّف على الجثة وغسلها وإكرامها بالدفن. وهذا لا يعني أن كتابة السجن محاولة للنسيان أو التجاوز ببساطة من يتحدثون عن «الاستشفاء بالكتابة»، بل هي السعي لوضع الماضي في سكَّته وسياقه، دفعًا بـ«الماضي الذي لا يمضي» ولو قليلًا حتى يصبح التفكير بالغد الحر ممكنًا، يقول: «لا أستطيع أن أتذكر بحرية ماضيًا لم ينفصل عني».
الكتابة عن السجن من خارج السجن، كما يحاولها الحاج صالح، هي مرحلة أخرى من نضال السجين كي ينال استقلاله عن ماضيه في السجن السياسي، وذلك من أجل إعادة التعرُُّف على حريته أيضًا، أو ما تبقى منها، على نحو مختلف. وليست الكتابة هنا فعلًا توثيقيًا، بل فعل تحوُّل من المعاناة إلى المعنى، أعسر ما فيها أنها تتطلب جهدًا نفسيًا صعبًا ومريرًا للتذكر. ولكن لا مفرَّ من التذكر، لأن «النسيان ممنوع» باعتباره شرطًا من شروط استمرار القمع.
يكتب الحاج صالح عن السجن نمطَ حياةٍ قائمٍ على التمرين اليومي بهدف البقاء على قيد الحياة فحسب. إنه مختبر البقاء البشري في ظروف قهرية مصممة للإذلال والطمس والموت البطيء، يقول: «السجن وحش، ولا يمكن للمرء أن يعايشه إلا إذا روَّضه وسيطر عليه». ولا يمكن لمن هو قابع في السجن أن يعيش فيه إلا بفضل نسيان السجن، هذا إذا ما أُتيحت له الوسائل والأدوات المساعدة على التلهّي والانشغال عن السجن وترويضه، وأهمها الكتب والأقلام. وعلى السجين قبل كل شيء أن يتواضع للحقيقة المُرة، أن يقبل الاعتراف بسجنه.
يمكن للزمن في السجن أن يصبح مادة قاتلة. تعتمد نسبة تسمم السجناء بالزمن في السجن على الطريقة التي يتبعونها باختلافهم في تصريف الساعات والأيام. الزمن هناك إما أن تقتُله، كما يفعل بعض السجناء بلعب الشطرنج أو الورق أو طاولة الزهر، أو أن تكسبه وتمنحه المعنى بطريقة مبتكرة عبر التأمل والقراءة التي تصبح ملاذ نجاة في ذلك المستنقع. يراقب ياسين الحاج صالح الزيارات الدورية عند تلك النوافذ التي يتبادل خلالها السجين الأخبار والمشاعر والمال مع الوافدين لزيارته من العالم الخارجي، فيسجل في كتابه هذه الملاحظة الشعرية البليغة عن الزمن في السجن: «حين تفتح هذه النوافذ كل أسبوع أو أسبوعين أو شهر فإنها تسمح بخروج الزمن المتراكم في الداخل وإدخال زمن طازج، تساعد على بدايات جديدة وتسرّع انسياب الزمن حتى موعد الزيارة القادمة».
اعتُقل ياسين الحاج صالح في ديسمبر سنة 1980 وهو في العشرين من عمره، وكان يومها طالبًا في سنته الثالثة بكلية الطب في جامعة حلب، وعضوًا في المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري. عاش معظم سنوات اعتقاله في سجن حلب المركزي بالمسلمية شمال حلب، قبل أن يُنقل إلى سجن عدرا ومنه إلى سجن تدمر في دمشق الذي خرج منه إلى حريته ديسمبر عام 1996، وبالرغم من أن السجن في سوريا سرق من عمره 16 عامًا و14 يومًا، كما يعدها بالتمام والكمال، إلا أنه لا يعتقد بأن تجربته تنتمي إلى الأسوأ والأقسى بين تجارب السوريين كسجناء، وهو يحلم بتحويل السجن السوري إلى متحف للعبرة والتوبة، توبتنا كلنا، كما يقول.
سالم الرحبي شاعر وكاتب عُماني