قال الشيخ صفوت محمد عمارة، من علماء الأزهر الشريف، إنّ الأصل في معاملات البيع والشراء عدم تحديد الأسعار، ولا يتم تقييد التجارة بفرض سعر أو هامش محدد من الربح، وإنما يتم بالتراضي بين البائع والمشتري، وذلك انطلاقًا من قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٩] فمعاملات التجارة مبنية على التراضي بين الجانبين.

عالم أزهري: تقليل هامش الربح الحل الأمثل لتخفيض الأسعار

وتابع «عمارة»، خلال خطبة الجمعة اليوم، أنَّه عند حدوث خلل غير مبرر في الأسواق وتلاعب بأسعار السلع، فإنه يجوز لولى الأمر حينئذ التسعير لرفع الضرر، عملا بالقاعدة الفقهية «الضرر يُزال»، المأخوذة من حديث النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم: «لا ضرر ولا ضرار» [رواه ابن ماجه].

وأضاف «صفوت عمارة»، أنّ هامش الربح هو نسبة إجمالي إيرادات المبيعات بعد خصم النفقات والتكاليف، والمغالاة في تقدير هامش الربح إضرار بالناس؛ فالتكاليف الفعلية لأي منتج يمكن تحديدها، ثم يتم وضع هامش ربح معقول وعدم المغالاة بالأسعار مراعاة للظروف الاقتصادية، وبذلك نصل للحل الأمثل لتخفيض الأسعار.

جوائزها 2 مليون جنيه.. الأوقاف تطلق مسابقة الخطيب المفوه للشباب والنشء علماء الأزهر والأوقاف: منزلة التاجر الصدوق عند الله عظيمة

وذكر «صفوت عمارة»، ما فعله الصحابي عثمان بن عفان رضي اللَّه عنه، في عام الرمادة، عندما اشتد بالمسلمين الفقر والجوع، بسبب القحط، وعندما جاءت تجارته من الشام وكانت ألف راحلة محملة بالتمر والزيت، والزبيب، فجاءه تجار المدينة ، وقالوا له: تبيعنا ونزيدك الدرهم درهمين؟ فقال عثمان بن عفان رضي اللَّه عنه لهم: لقد بعتها بأكثر من هذا، فقالوا: نزيدك الدرهم بخمسة؟ فقال لهم عثمان رضي الله عنه: لقد زادني غيركم الدرهم بعشرة، فقالوا له: فمن الذي زادك؟ وليس في المدينة تجار غيرنا؟ فقال لهم عثمان رضي اللَّه عنه: "لقد بعتها لله ولرسوله، فهي لفقراء المسلمين" كانت أمامه الفرصة ليربح أموالا طائلة، ولكنه رفض ابتغاءً لوجه اللَّه؛ فهذه أخلاق العظماء.

معنى التاجر الصدوق ومنزلته

في إطار التعاون المشترك والتنسيق المستمر بين وزارة الأوقاف والأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية وبرعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور/ أحمد الطيب شيخ الأزهر، ووزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، والدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية، انطلقت قافلة دعوية مشتركة بين الأزهر الشريف والأوقاف ودار الإفتاء المصرية إلى محافظة (شمال سيناء)، يومي الخميس والجمعة : ١٨-١٩/ ٤/ ٢٠٢٤م ، وتضم ثمانية من علماء وزارة الأوقاف، وثلاثة من علماء الأزهر الشريف، واثنين من أمناء الفتوى بدار الإفتاء المصرية، ليتحدثوا جميعًا حول موضوع: "معنى التاجر الصدوق ومنزلته .. ولماذا هو مع النبيين والصديقين؟".

وفيها أكد العلماء أن الصدق صفة المتقين، وطريق الفائزين، حيث يقول الحق سبحانه: "قَالَ اللَّهُ هَـذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّـادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّـاتٌ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنْهَـارُ خَـالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِىَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ"، وهو جماع كل خير، وأصل كل فضيلة، يقول سبحانه: "فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ".
كما أكدوا أن للصدق مجالات متعددة في القول والعمل، من أهمها الصدق في البيع والشراء وسائر المعاملات المالية، فالتاجر الصدوق هو الذي يتحلى بالصدق والسماحة ومكارم الأخلاق وحسن المعاملة بيعًا وشراءً، لا يغش ولا يخدع ولا يستغل، ولا يخون، ولا يحتكر، يرجو من ربه سبحانه خيري الدنيا والآخرة، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا)، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (رَحِمَ اللهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ- أو بمن تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ؟ عَلَى كُلِّ قَرِيبٍ هَيِّنٍ سَهْلٍ).
والتاجر الصدوق أمين في بيعه وشرائه وسائر معاملاته، وقد مَرَّ نبينا (صلى الله عليه وسلم) عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟! قَالَ: أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ؟ مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي).

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: تخفيض الأسعار علماء الازهر الشيخ صفوت محمد خطبة الجمعة اليوم تلاعب بأسعار السلع صفوت عمارة معنى التاجر الصدوق ومنزلته وزارة الأوقاف صلى الله علیه وسلم الأزهر الشریف هامش الربح رضی الل

إقرأ أيضاً:

السفر.. تجاوز الجغرافيا إلى عالم الروح

لا تكاد تبدأ الإجازة الصيفية، إلا ونجد العوائل تبدأ في وضع الخطط والبرامج لكيفية قضاء هذه الإجازة، فيما يحقق المتعة والفائدة، ومن بين تلك البرامج وضع خطط للسفر، الذي هو في حقيقته تجربة إنسانية وروحية، يستطيع المسلم أن يستلهم منها الكثير من المعاني التأملية العميقة، التي تعود إليه بفوائد مختلفة على مستوى الجسم والعقل والروح.

فالشريعة الإسلامية، لم تغفل جانب الترويح عن النفس بل أكدته من خلال الدعوة إلى المراوحة لكي لا تقع في الرتابة المملة، التي من شأنها أن تكون مغيبة لجانب الإتقان في الأعمال، والله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه، كما جاء في الحديث النبوي الشريف، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الترويح عن النفس: «روحوا عن أنفسكم ساعة بعد ساعة، فإن القلوب إذا كلت عميت»، فالسفر ترويح عن القلوب لما توفره وسائل النقل والبرامج السياحية من رفاهية ومتعة بعيدة عن المشقة التي يمثلها السفر في القديم والتي كان يقول العرب عنه إنه «قطعة من العذاب».

وعلى الرغم من ذلك لا يزال السفر يمثل تغيرا حقيقيا، لأنه في ذاته انتقال من منطقة الراحة التي تمثل الأمان، إلى منطقة مجهولة ربما يخلطها نوع من التوجس، فعندما يسافر الإنسان خاصة إذا كان هذا السفر يتجاوز الجغرافيا التي تمثل حدود الوطن إلى دول ذات بيئات وثقافات مختلفة، في ظل الأوضاع العالمية الراهنة، فإنه يدخل في غربة مؤقتة، يستطيع من خلالها أن يكتشف الإنسان ذاته، فهو يتجرد من روتينه اليومي فيبدأ في تأمل ذاته ومراقبة تصرفاته، وأفعاله وردودها.

ومن أجل تلك التغيرات يبدأ ظهور المعدن الحقيقي للنفس البشرية، وتكون تصرفاته وأطباعه ليست ناجمة عن عادات يومية، وإنما على ارتجال للمواقف، ولذلك تعرف معادن الرجال من خلال السفر، وهذا ما تعلمناه من قصة عمر بن الخطاب الذي كان يرى أن السفر يكشف أخلاق الناس وطباعهم، فإذا لم تكن قد صاحبته في السفر، فأنت لا تعرفه معرفة حقيقية، لأن الناس قد يتجملون في الحضر، لكن في السفر تظهر معادنهم من صبر وكرم وتواضع وتحمل وتعاون.

والقرآن الكريم زاخر بالإشارات إلى السفر، والتأمل في مصائر الحضارات، وفي تقلب أحوال الأمم، واختلاف الخلق، فنجد الله عز وجل يقول: «قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»، كما أمرنا الله أن ننظر في ما خلفته الأمم السابقة التي ما زالت شواهد حضاراتهم ومكاسبهم المادية شاهدة عليهم وكيف أن الله أمدهم الله بالقوة والمال، ومكن لهم في الأرض، إلا أنهم كذبوا دعوته التي أتى بها رسله، فكان أن عاقبهم الله بتكذيبهم، فأصبحوا أثرا بعد عين، فقال الله تعالى: «قُلْ سِيرُواْ في الْأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ»، فالسفر في الرؤية الإسلامية هو مدرسة نأخذ منها الدروس والعظات والعبر، وهو تجربة روحية عميقة، ووسيلة للتزكية، والتقرب إلى الله، وترقية للنفس.

ومن خلال هذه الدعوة القرآنية نجد أن الكثير من العرب الأوائل اهتموا بجانب السفر واكتشاف الأمم، فنجد أن هنالك رحلات في العصور الإسلامية المبكرة، ففي سنة 309 هجرية قام أحمد بن فضلان برحلة فريدة في اكتشاف الشعوب والثقافات وقد أرسله الخليفة العباسي المقتدر بالله مع وفد إلى بلاد البلغار بعد أن طلب ملكهم المساعدة في بناء مسجد وتعليم شعبه الإسلام، وكان الوفد يتكون من علماء وفقهاء ومعماريين، وقد اكتشف ثقافة العرق التركي والعرق الروسي في تلك المنطقة البعيدة عن الجزيرة العربية.

كما ظهرت بعد ذلك مجموعة من الرحالة الذين ألّفوا كتبا في رحلاتهم منها كتاب «تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار» لابن بطوطة، وكتاب «نزهة المشتاق في اختراق الآفاق» للإدريسي، وغيرهم من الرحالة العرب الذين التفتوا إلى أهمية السفر في الثقافة العربية الإسلامية، وتم دعم رحلاتهم من خلال الخلفاء المسلمين.

ونجد في السفر فرصة ثمينة للتأمل في عجائب خلق الله في الطبيعة بكل مكوناتها في الجبال والأشجار والحقول والبحار، فكل مشهد غير مألوف في بيئتك يمثل دهشة حقيقية، وتغذية للبصر والمخيلة، فلا تملك أمام تلك المشاهد الجميلة والمناظر الخلابة، إلا أن تسبِّح الله، بطريقة تلقائية كردة فعل فطرية لما تراه العين من هذا الإبداع الإلهي فهو بديع السماوات والأرض.

كما أن التأمل يتجاوز المخلوقات ليصل إلى تأمل أحوال الناس ومعايشهم وأوضاعهم الاجتماعية، وثقافاتهم، وطرق معيشتهم، ومن خلال معرفة كل تلك التفاصيل، تطفوا على قلب المتأمل مسحة الشعور بالرضا والامتنان لما وهبه الله إياه في بلده من مقومات للحياة، ووفرة في المأكل والمسكن والمشرب، وبما أنعم الله على وطنه من نعمة الأمن والأمان والطمأنينة.

ومن صور السفر التي يؤمر بها المسلم هو الهجرة إلى الله ورسوله، وزيارة بيته الحرام، وهو ما يسمى كمصطلح معاصر «السياحة الدينية» وهي فرصة ثمينة لاغتنام أكثر من منفعة في هذه الرحلة الطاهرة، فالزائر لبيت الله الحرام يمكنه التعرف على التنوع الثقافي الإسلامي، فالمعتمر يرى إخوانه من كل دول العالم، يلبسون نفس اللباس، ويدعون نفس الدعاء، ويتجهون لنفس القبلة، وتذوب بينهم الفوارق الطبقية والاجتماعية، وهي فرصة للتعارف والتواصل مع المسلمين من مختلف الجنسيات، ما يعزز روح الأخوة الإسلامية.

وقد جعل الإسلام مجموعة من الآداب والضوابط في السفر، وجعل هنالك أحكاما خاصة في العبادات، وأول تلك الآداب هو النية، فهو يقصد في قلبه الغرض من هذا السفر، ويجعله سفرا في طاعة الله يخلص فيه إلى خالقه ويتوكل عليه، ويسن أن يقرأ أدعية السفر إذا استوى على وسيلة سفره، سواء كان سفرا بريا أو جويا أو بحريا، فيذكر الدعاء الذي أمرنا الله به في كتابه العزيز في قوله في سورة الزخرف: «لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ (14)»، كما يجب عليه أن ينتقي الصحبة الصالحة التي تعينه على المعروف، وتنهاه عن المنكر، يلتزم بأحكام العبادات في السفر، من حيث قصر الصلاة وجمعها، والالتزام بالأخلاق الحسنة التي تمثله وتمثل دينه ووطنه.

مقالات مشابهة

  • أزهري يوجه رسالة لـ حمو بيكا بعد وفاة أحمد عامر: من باب أولى أن تتعظ
  • «عالم أزهري»: المرأة تؤجر على صدقتها من مال زوجها إذا كانت مأذونة.. والبيت بيتها شرعًا
  • هل ضرب الآباء للأبناء مشروع في الشريعة؟.. عالم أزهري يوضح
  • أزهري: الله لا يحاسب الطفل على أفعاله حتى البلوغ والبعض يعذبهم بالمنازل
  • هل ضرب الآباء لـ الأبناء موجود بالشريعة.. أزهري يحسم الجدل
  • بعد وفاة أحمد عامر.. أزهري يوجه رسالة لـ حمو بيكا
  • «من غشنا فليس منا».. الأوقاف تعقد 1544 ندوة ضمن برنامج المنبر الثابت مع الأزهر
  • الأوقاف تعقد (1544) ندوة بعنوان: "من غشنا فليس منا
  • السفر.. تجاوز الجغرافيا إلى عالم الروح
  • نقل شعائر صلاة الجمعة غدا من الجامع الأزهر