الجزيرة:
2025-12-12@21:22:06 GMT

ميانمار.. خريطة الصراع وأسباب تصاعده

تاريخ النشر: 20th, April 2024 GMT

ميانمار.. خريطة الصراع وأسباب تصاعده

منذ انقلاب 2021 الذي استحوذ فيه جيش ميانمار على السلطة، دخلت البلاد في دوامة مميتة،حيث  تصاعد الصراع إلى حرب أهلية شاملة مع مختلف الأطراف المحلية، وهو ما أدى إلى مقتل أكثر من 50 ألف، ونزوح ما يقرب من 2.3 مليون شخص، وقد اتُهم الجيش بمسؤوليته عن 85% من الضحايا.

ومن أبرز أطراف الصراع؛ جيش ميانمار (أكبر فرع للقوات المسلحة تاتماداو)، وحكومة الوحدة الوطنية (NUG)، وجيش أراكان الذي انضم ليشكل تحالف الإخوة الثلاثة، وغيرهم من جماعات ومنظمات عرقية مسلحة (EAOs).

وينتشر الصراع في جميع الأقاليم الستة الجغرافية لميانمار وهي؛ المنطقة الجافة، راخين (أراكان سابقا)، وشمال شرق ميانمار، وجنوب شرق ميانمار، وشمال غرب ميانمار، وميانمار السفلى، ويتمركز الصراع بنسبة كبيرة في إقليم المنطقة الجافة.

وتشير تقارير "منظمة العمل ضد العنف المسلح" (AOAV) إلى زيادة بنسبة 114% في الهجمات التي شنتها الحكومة العسكرية عام 2023، وهو ما يسلط الضوء على التوترات المتصاعدة بين الجيش وقوات الدفاع الشعبية والمنظمات المسلحة العرقية والإثنية التي تسعى إلى الحكم الذاتي.

وقد أظهر المجتمع الدولي ردود فعل متباينة، حيث دعمت دول مثل الصين وروسيا المجلس العسكري، في حين اتخذت دول أخرى مثل أعضاء رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) مواقف معارضة.

ولا يزال الصراع معقدا، مع وجود تحديات في حله بسبب صعوبة قبول المجلس العسكري للدخول في حوار مع الجماعات التي يقاتلها.

أسباب الصراع

تتميز ميانمار بخريطة معقدة ومتعددة الإثنيات، وقد ساهمت العديد من العوامل التاريخية والسياسية والاجتماعية في الصراع واستمراره، والأيديولوجيات والدعم الدولي للمجموعات المختلفة، وهو ما يجعل من الصعب الوصول إلى حل جذري للصراع.

وقد ساهمت عمليات التهميش للأقليات من قبل الأغلبية البورمية إلى انعدام الثقة بين المجموعات العرقية المختلفة، وهو ما راكم مظلوميات كبيرة نتيجة إصرار النظام العسكري على الاستيعاب السياسي والثقافي لجميع المكونات المجتمعية والعرقية تحت سيطرة مركزية وأجندة ثقافية قومية تعمل على تعزيز اللغة البورمية والبوذية على حساب ثقافات الأقليات الأخرى.

وأدى ذلك إلى اشتعال حرب أهلية وفاقم التوترات في جغرافية ميانمار، وعمق ترحيل السكان والاضطهاد الديني الانقسامات بين المجموعات العرقية.

مشهد قديم يظهر إحراق البوذيين منازل الروهينغا بينما يصطف الجنود الميانماريون متفرجين (الجزيرة)

من زاوية أخرى، خلق إرث الحكم البريطاني انقسامات بين الناشطين البورميين المؤيدين للديمقراطية والجماعات المعارضة العرقية، فغالبا ما يتم تجنيد غير البورميين في الخدمة المدنية الاستعمارية والجيش ويستخدمون أحيانا لإخماد انتفاضات بورمان.

وهو العنصر الذي كان له تأثير كبير لاحقا في دفع الأغلبية البورمية إلى التعامل الخشن والعنيف مع الأقليات الأخرى.

وقد عمل جيش ميانمار على إستراتيجية متمثلة في زرع الفرقة بين الجماعات المؤيدة للديمقراطية والجيوش القومية العرقية، وحث الجماعات المعارضة العرقية المسلحة على قبول وقف إطلاق النار والامتناع عن الاتصال مع مستشارة الدولة المنقلب عليها أونغ سان سوتشي، وأيضا مع الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية.

تحالف الإخوان الثلاثة

ومع تنامي الصراعات بين المجلس العسكري مع عدد من الجماعات العرقية، عملت العديد من الجماعات إلى التنسيق وتوحيد عملياتها ضد المجلس للتأثير عليه بشكل سلبي ودفعه إلى القبول بالحكم الذاتي.

"جيش إنقاذ روهينغا أراكان" (ARSA) يعتبر ضمن أكبر الجماعات المسلحة في ميانمار (بورما نيوز إنترناشيونال)

ويبرز في الصراع القائم مع المجلس العسكري تحالف "الإخوان الثلاثة" (TBA) الذي تشكل في يونيو/حزيران 2019 وهو تحالف سياسي وعسكري تشكل نتيجة سياسات المجلس ووزارة الدفاع تجاه الأقليات العرقية خلال فترة طويلة، ويضم:

"جيش إنقاذ روهينغا أراكان" (ARSA): يقع مقره في ولاية راخين، ويقول إنه يقاتل من أجل تقرير المصير لشعب الروهينغا وراخين، ويعتبر ضمن أكبر الجماعات المسلحة في ميانمار. "جيش التحالف الديمقراطي الوطني في ميانمار" (MNDAA): يعمل في ولاية شان، ويمثل شعب كوكانغ ويدعو إلى قدر أكبر من الحكم الذاتي. "جيش تحرير تانغ الوطني" (TNLA): يقع مقره أيضا في ولاية شان، ويدعي أنه يناضل من أجل حقوق شعب بالونغ.

وبالإضافة إلى سياسات العنف، فقد راكمت السلطات والصلاحيات الواسعة للمجلس العسكري الكثير من الغضب عند الأقليات، وهو ما دفع العديد من الجماعات إلى تسليح نفسها للدفاع عن أراضيها وقبائلها، ليدخل بعضها في تحالفات لمواجهة "الدكتاتورية العسكرية" وإقامة ديمقراطية فدرالية في البلاد.

معارضون للمجلس العسكري يحملون أسلحة خلال احتجاجات مناهضة للانقلاب (غيتي) نقلة لمستويات الصراع برعاية صينية

يواجه التحالف تحديا إستراتيجيا متمثلا في اختلاف الأهداف طويلة الأجل لكل مجموعة مسلحة عرقية سواء داخل المجموعة نفسها أو مع الجماعات العرقية الأخرى، وهو ما يجعل التحالف على المدى الطويل غير متماسك بنفس قوة المجلس العسكري.

ومع ذلك فقد حقق التحالف تقدما ميدانيا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي 2023 بما عرف بالعملية (1027) في ولاية شان، وفرض على المجلس العسكري الذهاب إلى محادثات برعاية صينية في نوفمبر/تشرين الثاني، لكن لا يوجد تأكيد ما إذا كانت ستؤدي المحادثات إلى الوصول لحل وتوافق سياسي بينهما، ومع ذلك فقد اعتبر نقطة تحول في المسار السياسي في البلاد.

ولكن في بداية أبريل/نيسان 2024، تعرضت العاصمة نايبيداو، التي بناها الجيش، لهجوم نادر، أعلن المجلس العسكري حينها أنه أسقط 7 طائرات بدون طيار فوق العاصمة، في حين أكدت "وزارة الدفاع" التابعة لحكومة الوحدة الوطنية المعارضة أنها استخدمت طائرات بدون طيار لمهاجمة المطار ومقر عسكري في نايبيداو في وقت واحد.

وتعكس تلك التطورات تنامي الصراع في مسار قد يدفع المجلس العسكري إلى التراجع.

مصالح الصين.. وحضور أميركي لتقويضها

لا يزال المجلس العسكري يحافظ على أكبر انتشار وسيطرة في ميانمار، وفي حين أنه يحظى بدعم بكين، انحازت واشنطن إلى المعارضة، ليتحول البلد تدريجيا إلى ساحة للمنافسة بين أميركا والصين.

فمن جهتها، تسعى بكين إلى تحقيق استقرار عاجل في ميانمار حتى تستطيع الوصول إلى السواحل الغربية ودعم حركة الشحن والاقتصاد، حيث تقع ميانمار في موقع إستراتيجي وحيوي، قد يلعب دورا في رفع كفاءة طريق الحرير الجديد الذي أعلنت عنه الصين سابقا، بجانب خط أنابيب البترول والغاز الذي سيخفض من تكلفة الشحن والوقت.

وقد شاركت الصين مدفوعة بالمصلحة الذاتية بنشاط في الوساطة بين المجلس العسكري الميانماري والمتمردين العرقيين على حدودها الشمالية بهدف احتواء الصراع والسيطرة عليه.

فقد تسبب الصراع في خسارة يومية في التجارة الثنائية بين الصين وميانمار تبلغ حوالي 10 ملايين دولار، لكن هذه الخسارة أكثر ضررا لميانمار من الصين؛ حيث أنهكت الصراع خزينتها واقتصادها.

في المقابل، تجد القوى الأخرى في المنطقة نفسها عالقة في هذا التنافس بين الصين وواشنطن، ومضطرة للاختيار بين طرفيه.

فمثلا تميل الهند وبريطانيا وبعض الدول الأوربية إلى استمرار حالة الصراع الداخلي في ميانمار لاعتبارات جيوسياسية واقتصادية، أهمها الحد من اتساع نفوذ الصين العسكري والسياسي والاقتصادي في الإقليم الجنوبي لقارة آسيا وسواحله.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات المجلس العسکری فی میانمار فی ولایة وهو ما

إقرأ أيضاً:

مصادر مصرية: جماعات فلسطينية موالية لإسرائيل تتوسع في غزة

أفادت رويترز عن ثلاثة مصادر أمنية وعسكرية مصرية بإن الجماعات الفلسطينية المناهضة لحركة حماس، والمدعومة من إسرائيل، كثفت نشاطها في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية داخل قطاع غزة منذ بدء الهدنة الأخيرة، مشيرة إلى أن عدد مقاتلي هذه الجماعات ارتفع إلى نحو ألف عنصر، بزيادة 400 مقاتل منذ وقف إطلاق النار في أكتوبر.

وبحسب المصادر، تعمل هذه الجماعات على توسيع عملياتها في ظل غياب اتفاق شامل بشأن مستقبل القطاع، متوقعة أن يزداد نشاطها خلال الفترة المقبلة مع استمرار حالة الجمود السياسي.

وتشارك مصر، المتاخمة لغزة، بعمق في المفاوضات المتعلقة بالصراع، ويتوقع مسؤولوها أن تزيد هذه الجماعات نشاطها في ظل غياب اتفاق شامل بشأن مستقبل غزة.

ورغم أن هذه المجموعات ما تزال صغيرة ومحلية الطابع، فإن ظهورها يضيف ضغوطا جديدة على حركة حماس التي تعيد تثبيت قبضتها في المناطق التي تسيطر عليها داخل غزة، ما يخلق حالة من التعقيد أمام أي جهود تهدف إلى استقرار القطاع الذي دمرته الحرب على مدى العامين الماضيين.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أقر منتصف العام بدعم إسرائيل لهذه التحركات العشائرية المناهضة لحماس، لكنه لم يقدم تفاصيل حول طبيعة هذا الدعم أو حجمه.

 وفي الأسبوع الماضي، قتل ياسر أبو شباب، الشخصية المحورية في جهود تشكيل قوات مناهضة لحماس في منطقة رفح جنوبي غزة. وقالت مجموعته، "القوات الشعبية"، إنه قتل أثناء وساطة في نزاع عائلي من دون تحديد الجهة التي قتلته. وتولى نائبه، غسان دهيني، القيادة متعهدا بمواصلة النهج ذاته.

حماس، التي تسيطر على غزة منذ 2007 وترفض حتى الآن نزع سلاحها بموجب خطة وقف إطلاق النار، وصفت هذه الجماعات بأنها "عملاء"، وهو توصيف يقول محللون فلسطينيون إنه يحظى بقبول واسع بين الجمهور. وقد تحركت سريعا ضد فلسطينيين تحدوا سيطرتها بعد بدء الهدنة المدعومة أميركيا، وقتلت العشرات، بينهم من اتهمتهم بالعمل مع إسرائيل.

يعيش نحو مليوني فلسطيني في مناطق تسيطر عليها حماس، حيث تعمل الحركة على إعادة تثبيت قبضتها، ويقول أربعة مصادر من حماس إنها ما زالت تقود آلاف المقاتلين رغم الخسائر الكبيرة أثناء الحرب.

لكن إسرائيل ما زالت تسيطر على أكثر من نصف غزة ، وهي مناطق ينشط فيها خصوم حماس بعيدا عن متناولها. ومع بطء تقدم خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخاصة بغزة، لا تلوح في الأفق أي انسحابات إسرائيلية إضافية قريبا.

ونقلت رويترز عن دبلوماسي قوله إن الجماعات المناهضة لحماس لا تحظى بأي قاعدة شعبية، لكنه أضاف أن ظهورها يثير مخاوف بشأن استقرار القطاع، ويزيد مخاطر نشوب صراع داخلي بين الفلسطينيين.

ومنذ مقتل أبو شباب، نشرت مجموعته ومجموعتان أخريان تسجيلات تظهر عشرات المقاتلين مجتمعين، بينما يسمع قادة وهم يصفونه بالشهيد ويتعهدون بالاستمرار.

ويظهر مقطع مصوّر نشر في 5 ديسمبر، دهيني وهو يخبر المقاتلين بأن مقتل أبو شباب "خسارة فادحة"، ويضيف أنهم "سيواصلون هذا الطريق بقوة، وبقوة أكبر".

 وتحققت رويترز من موقع التصوير في محافظة رفح، وهي منطقة ما تزال القوات الإسرائيلية منتشرة فيها عبر مطابقة المباني والجدران والأشجار مع أرشيف الصور وصور الأقمار الصناعية.

وفي 7 ديسمبر، أعلن دهيني إعدام رجلين قال إنهما من مقاتلي حماس، اتهمهما بقتل أحد أفراد مجموعته. وقال مسؤول أمني في تحالف الفصائل المسلحة بقيادة حماس إن مثل هذه الأعمال لا "تغير الحقائق على الأرض".

وقال حسام الأسطل، قائد فصيل آخر مناهض لحماس في منطقة خان يونس، إنه اتفق مع دهيني على أن "الحرب على الإرهاب ستستمر" خلال زيارة لقبر أبو شباب في رفح. وأضاف: "مشروعنا، غزة الجديدة (...) سيمضي قدما".

وقال الأسطل، في اتصال مع رويترز أواخر نوفمبر، إن مجموعته تتلقى أسلحة وأموالا ودعما آخر من "أصدقاء" دوليين امتنع عن تسميتهم. ونفى تلقي دعم عسكري من إسرائيل، لكنه أقر بوجود تواصل معها بشأن "تنسيق دخول الغذاء وكل الموارد اللازمة للبقاء".

وأشار إلى أنه يتحدث من داخل غزة، في منطقة خاضعة للسيطرة الإسرائيلية قرب "الخط الأصفر" الذي انسحبت خلفه القوات الإسرائيلية. وقال إن مجموعته استقطبت مجندين جدد بعد الهدنة، وصارت تضم عدة مئات من الأعضاء، من مقاتلين ومدنيين. وأكد مصدر قريب من "القوات الشعبية" أنها توسعت كذلك، دون تقديم عدد محدد.

وقال المتحدث باسم حماس حازم قاسم إن الأجهزة الأمنية ستلاحق المتعاونين "حتى القضاء على هذه الظاهرة". لكنه أوضح أنهم "محميون من جيش الاحتلال في المناطق التي تتواجد فيها هذه القوات، ما يصعّب عمل الأجهزة الأمنية"، وذلك في تصريحات لرويترز قبل مقتل أبو شباب.

مقالات مشابهة

  • صحيفة تكشف تطوّرات جديدة بشأن جثة "غفيلي" وأسباب صعوبة إيجادها بغزة
  • صحف عالمية: إسرائيل تحجب جرائمها بغزة والتجاهل يفاقم مأساة ميانمار
  • حالة وفاة و4 مصابين.. تفاصيل وأسباب الانهيار الجزئي لعقار إمبابة
  • أكثر من 12 مليون شخص في ميانمار يواجهون الجوع الحاد العام المقبل
  • غارة على مستشفى في أراكان.. قتلى وجرحى وتصاعد الاتهامات لجيش ميانمار
  • تصعيد عنيف في ميانمار.. غارة جوية للجيش تستهدف مستشفى وتوقع أكثر من 30 قتيلًا
  • تموضع إماراتي وتراجع سعودي أم تنسيق مشترك؟
  • أبو الغيط يوضح خريطة توازن القوى بين الصين والولايات المتحدة
  • إسرائيل تتغير جذرياً على يد الجماعات الدينية
  • مصادر مصرية: جماعات فلسطينية موالية لإسرائيل تتوسع في غزة