لو رأى 3 أشخاص واقعة زنا هل تقبل شهادتهم؟.. علي جمعة يجيب
تاريخ النشر: 21st, April 2024 GMT
قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر إن هناك خمس مقاصد في الشرع يجب أن نفهم الفقه من خلالها، تسمى المقاصد العليا أو (مقاصد المُكلَّفين)، وقد كان ترتيب الكليات الخمس على نسق معيَّن عند السلف، قد أدى دوره في وقتهم، واستوعب جميع المسائل القائمة أو المحتملة في أوانهم إلا أنه في هذا العصر - مع سرعة تطور أنماط الحياة والانطلاقة الهائلة في ثورة المعلومات والتقدم التقني - أصبح من الضروري إعادة تشغيل هذه الكليات الخمس، ولكن بطريقة أكثر فاعلية مع مقتضيات ومتطلبات هذا العصر، وبذلك فنحن لم نخالف مناهج السلف في ترتيبها، بل رتبناها بدرجة تسمح بتشغيلها أكثر مع معطيات الحضارة الإنسانية المتشابكة منذ بداية هذا القرن إلى الآن ولم نخرج عن أمر مجمع عليه.
وتابع علي جمعة من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: الترتيب الذي نراه متوافقًا وهذا الاحتياج : حفظ النفس ثم العقل ثم الدين ثم العرض ثم المِلك.
1) حفظ النفس: حيث أمرني الشرع الشريف أن أحافظ على نفسي، فيقول لى: إياك أن تنتحر، وإياك أن تقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وإياك أن تهلك البشر.
2) حفظ العقل: فأمرني أن أحافظ على عقلى فقال: إياك أن تشرب الخمر أو المخدِرات فهي تُذهب العقل فحافظ على نفسك واعياً، وإياك ألاَّ تتعلم "من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة"، إياك أن تكون جاهلاً ؛ بل تعلم كل شيء، حيثما وضعك الله فيه تعلم.
3) حفظ الدين: فيقول: إياك أن تكفر أو تفسق أو تخرج عن الربانية؛ فإنك إذا فعلت ذلك فالبركة ستُمحق وهدفك في الحياة سيضيع ورؤيتك للدنيا ستختلف، وعندما تكون متديناً لا تغرينك الدنيا لأنك تعلم أن هناك آخرة فلا تحقد ولا تحسد ويكون الأمر عليك سهلاً عندما يُضيِّق عليك الله الأرزاق وكذلك عندما يوسع عليك فعندما ضيَّق لم تكفر وعندما وسَّع لم تنس الفقير وعمارة الأرض والتكافل الاجتماعي، تعيش راضيًا سعيدا دائماً.
4) حفظ العرض: ولذلك لا ننتهك الأعراض لأن انتهاك الأعراض من الكبائر؛ فحَرَّمَ علينا الزنا وحَرَّمَ علينا بداية الزنا وهو النظر بشهوة، ولا ننتهك الأعراض حتى بالكلام؛ فقذف المحصنات الغافلات يستوجب ثمانين جلدة في ظهر القاذف، حتى لو أن ثلاثة رأوا واحداً يزنى بعينهم وهم ناس أتقياء وهو رجل فاسد لا يستطيعون قول شيء أمام القاضي! فلابد أن يكونوا أربعة أي أن الله سبحانه وتعالى يعلمنا أن نستر ولا نفضح، ويقول رسول الله ﷺ: (من ستر على مؤمن في الدنيا ستر الله عليه يوم القيامة) أي يريد أن ينهي هذا الأمر ويبين للناس أننا لسنا ملائكة ولكن المعصية موجودة، ولكنه يقول لى أيضاً انسها وابدأ في التوبة، وهذا ليس تغابيا، ولكنه محاولة لتعظيم الذنب؛ أي هذا الذنب كبير جداً يصعب عليّ تصديقه على أخي المسلم، وإن كنت أصدق بقلبي فلا ينطق بهذا لساني، لأن هذا محاولة لدرء الفساد في المجتمع ومحاولة لإحداث شفافية عند الناس وأن هذه الأمور أمور كبيرة لا نستهين بها ونتكلم فيها كأنها شيء سهل جداً! لا، فهذا شيء خطير جدا وينبغي علينا دائماً أن نستر ونقول استر واسكت في هذا، فإن كان كل هذا الستر مطلوب لمثل هذا الذنب وهذا معناه أنه مصيبة من المصائب وفعله كبيرة من الكبائر وفاحشة من الفواحش، ولذلك أمرنا بالحفاظ على العرض ابتداءً بالكلام وانتهاءً بحرمة الزنا والعياذ بالله .. فما بالنا بالمجتمعات تبيح الشذوذ المُقَزِّز، فهذا ليس قلة ديانة فقط بل قلة عقل أيضًا، تُعرض علينا من اليمين والشمال -الاتحاد الأوروبي .. غرب أمريكا .. شرق أمريكا- رابطة تريد أن تنشأ لمثل هذه المعاصي القذرة التي أهلكت البشر، الناس أُصيبت بالجنون فليس عندها وعى بدينها ولا إيمان بربها {أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} فالبهائم لا تفعل هذا، فصاروا إلى درجة أخس.
إذن أحافظ على نفسي ثم على عقلي حتى أستوعب فالعقل مناط التكليف ثم دينى والتكاليف التي كلفنى بها ربى ثم عِرض وكرامة الإنسان {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} ثم بعد ذلك أتوصل إلى:
5) حفظ المِلك: وهو الذي به قوام الحياة وعمارة الدنيا {هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} أي طلب منكم إعمارها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: علي جمعة هيئة كبار العلماء الأزهر حفظ الدين حفظ العقل حفظ النفس علی جمعة إیاک أن
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: النبي ﷺ أنسب الناس والله أثنى عليه وشرَّف مكانه وزمانه
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الله- سبحانه وتعالى- أثنى على النبي ﷺ، فامتدح كل مواطن المدح والشرف المتعلقة به، فأثنى على نسبه، وأعظم قدر نسائه- رضي الله عنهن-، وحفظ المكان الذي يقيم فيه وأعلى شأنه وأقسم به.
وأوضح جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أن من مدحه لنسبه الشريف قول الله تعالى: {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ}، قال ابن عباس - رضي الله عنه - في تفسير تلك الآية: «أي في أصلاب الآباء آدم ونوح وإبراهيم حتى أخرجه نبيًا» [تفسير القرطبي، وأخرجه البزار والطبراني].
وأشار إلى أن النبي أنسب الناس على الإطلاق، كما أخبر - ﷺ - بنفسه عن ذلك، فعن واثلة بن الأسقع أن النبي - ﷺ - قال: (إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشًا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم) [مسند أحمد، ورواه الترمذي والبيهقي].
وعن عمه العباس - رضي الله عنه - أن النبي - ﷺ - قال: (إن الله خلق الخلق فجعلني من خيرهم، من خير قرنهم، ثم تخيَّر القبائل فجعلني من خير قبيلة، ثم تخيَّر البيوت فجعلني من خير بيوتهم، فأنا خيرهم نفسًا وخيرهم بيتًا) [رواه الترمذي].
وأثنى ربنا - سبحانه وتعالى - على نسائه - رضي الله عنهن -، وما بلغن هذا المبلغ إلا لتعلقهن بجنابه - ﷺ -، فقال - سبحانه وتعالى -: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ} [الأحزاب: 32]، وقال - سبحانه - في نفس هذا المعنى: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6].
ولما تعلق الزمان بالنبي - ﷺ - مدحه، بل عظّمه، إذ أقسم بعمره - ﷺ - فقال تعالى: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الحجر: 72]، ولم يُقسم الله بعمر أحد من خلقه قط إلا بعمر نبيه المصطفى، وحبيبه المجتبى - ﷺ -.
وجعل ربنا خير الأزمان زمن بعثته، فقد صح عنه - ﷺ - أنه قال: (خير القرون قرني) [متفق عليه]، وكما مر قوله - ﷺ -: (إن الله خلق الخلق فجعلني من خيرهم، من خير قرنهم) [رواه الترمذي]. فشرّف الزمان الذي بُعث فيه، وعظّم الزمان الذي أبقاه فيه في هذه الدنيا، ولولا تعلق هذين الزمنين بجنانه العظيم - ﷺ - ما حظيا بهذا التكريم.
وشرف الله المكان الذي تعلق بجانبه العظيم - ﷺ -، حيث أقسم بمكة ما دام النبي - ﷺ - يقيم فيها، فقال تعالى: {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ} [البلد: 1-2].
وشرف الله المدينة وجعلها حرمًا آخر، لا لشيء إلا لتعلقها بجنابه الأعظم - ﷺ -، وجعل الله ثواب الصلاة في المسجد الذي نسبه النبي - ﷺ - إلى نفسه مضاعفة ألف مرة عن أي مكان آخر عدا المسجد الحرام.
فهذا جانب من ثناء الله على نبيه - ﷺ -، وعلى كل ما تعلق بجنابه الشريف من الأشخاص والأماكن والأزمان. رزقنا الله اتباعه في الدنيا ورفقته في الآخرة.