علي جمعة: الحلم والأناة سبيل استقامة وضبط نفس المسلم
تاريخ النشر: 11th, October 2025 GMT
الحلم والأناة.. قال الدكتور علي جمعة مفتى الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إن الأناة هى التروي قبل الفعل، والنظر في العواقب، موضحًا أنها قرينة الحلم.
معنى الأناة:والأناة هى سبيل الفكر المستقيم الذي فقده كثيرون في عصر السرعة. ولذا جاء في القرآن الكريم الحثّ على التدبر والتعقل، فقال تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ القُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [النساء: 82].
وأوضح جمعة أن غياب الأناة جعل الناس يسلكون مسالك التهور، ويقعون في الخصومات، وتكثر النزاعات والجرائم. ولذا قال تعالى: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة: 32]. فإحياء النفس يكون بالرعاية والرحمة والحماية، لا بالاعتداء وسفك الدماء.
والحلم يعلّمك التوكل على الله، وضبط النفس. والأناة تعلّمك التفكر والتدبر والتأمل، فلا تتسرع في القول أو الفعل، مشيرًا إلى أن « الحلم والأناة» إذا التزم بهما المؤمن شعر بلذة في قلبه، ورضا من الله، وأثر فيمن حوله، وكان عبدًا صالحًا إذا رفع يديه إلى السماء وقال: يا رب، يا رب، استجاب الله دعاءه.
الحلم والأناة
كما الحلم والأناة هما دليل النضج والإيمان، وسبيل إلى مجتمعٍ آمنٍ تسوده الطمأنينة والسكينة. فلنجعل الحلم والأناة زادًا لنا في حياتنا، ولنُدرّب أنفسنا عليهما، فبهما نكون أقرب إلى رحمة الله، وأقرب إلى نبيه ﷺ الذي بُعث رحمةً للعالمين.
والحلم صفةٌ تكاد أن تتفلت فينا، وهي مفتاح كل خير، ومفتاح كل سلوكٍ طيب، بل هي مفتاح الاجتماع البشري الآمن، وهي مفتاح الحكمة ﴿يُؤْتِي الحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [البقرة:269].
ولذلك إذا واجهت سلوكًا، أو فعلًا، أو كارثة، أو مصيبة فإن رد فعلك أمامها بالحلم يكون هادئًا؛ فهو يُعلِّم التوكل الصحيح على الله سبحانه وتعالى، ومن توكل على الله كفاه.
كما أن الحلم هو الذي يجعل المؤمن قادرًا على تنفيذ الوصية النبوية: «ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب». بل جعل النبي ﷺ جزاء كظم الغيظ الجنة: «لا تغضب ولك الجنة».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الحلم والأناة الحلم
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: حب النبي ﷺ من محبة الله تعالى
النبي..ط قال الدكتور علي جمعة مفتى الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إن محبة سيدنا النبي ﷺ هي مظهر محبة الله سبحانه وتعالى، فمن أحب مَلِكًا أحب رسوله، وسيدنا رسول الله ﷺ حبيب رب العالمين، وهو الذي جاء لنا بالخير كله، وتحمل المتاعب من أجل إسلامنا، وقد أعلمنا ﷺ مكانته التي ينبغي أن تكون في قلوبنا حتى يكمل إيماننا، حيث قال ﷺ: «والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين».
محبة النبي صلى الله عليه وسلم:وعن زهرة بن معبد عن جده قال : «كنا مع النبي ﷺ وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب. فقال: والله لأنت يا رسول الله أحب إلي من كل شيء إلا نفسي. فقال النبي ﷺ: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون عنده أحب إليه من نفسه» فقال عمر: فلأنت الآن والله أحب إليَّ من نفسي. فقال رسول الله ﷺ: «الآن يا عمر».
قال ابن رجب الحنبلي: «محبَّة النبي ﷺ من أصول الإيمان، وهي مقارنة لمحبة الله عز وجل، وقد قرنها الله بها، وتوعد من قدَّم عليهما محبَّة شيء من الأمور المحبَّبة طبعًا من الأقارب والأموال والأوطان وغير ذلك ...».
النبي محمد صلوات الله وسلامه عليه
وأوضح جمعة أن كمال الإيمان لعبد لا يتحقق حتى تبلغ محبته للنبي ﷺ ذلك القدر الذي أراده ﷺ من سيدنا عمر رضي الله عنه، وتلك هي الدرجة التي ينبغي لكل مسلم أن يتطلع إليها، وهذا لا تعارض بينه وبين حب الله، فأنت تحب رسول الله ﷺ؛ لأنه من جهة الله، فأساس حبك لرسول الله ﷺ هو حب الله، وليس هناك مخلوق تجلى الله بصفات جماله وكماله عليه كسيدنا رسول الله ﷺ، فأنت تحب التجليات الإلهية التي كان رسول الله ﷺ هو المرآة التي تعكسها لنا، فالحب لله وحده، وحب رسول الله ﷺ بكل قلبك هو حب لله، ولا تعارض بينهما.
ولقد كان للتابعين وسلف الأمة مظاهر تؤكد وصولهم إلى درجة كمال محبة رسول الله ﷺ، فهذا عبيدة بن عمرو السلماني كان يقول: «لأن يكون عندي منه شعرة - أي من شعر النبي ﷺ - أحب إلي من كل صفراء وبيضاء أصبحت على وجه الأرض وفي بطنها». قال الإمام الذهبي معقبًا: «هذا القول من عبيدة هو معيار كمال الحب، وهو أن يؤثر شعرة نبوية على كل ذهب وفضة بأيدي الناس».
ومثل هذا يقوله هذا الإمام بعد النبي ﷺ بخمسين سنة، فما الذي نقوله نحن في وقتنا لو وجدنا بعض شعره ﷺ بإسناد ثابت، أو شسع نعل كان له، أو قلامة ظفر، أو شِقفة من إناء شرب فيه، موضحًا أن إذا بذل الغني معظم أمواله في تحصيل شيء من ذلك عنده، أكنت تعده مبذرًا أو سفيهًا؟ كلا.
فابذل مالك في زورة مسجده الذي بنى فيه بيده، والسلام عليه عند حجرته في بلده، والتذ بالنظر إلى (أُحد) وأحبه، فقد كان نبيك يحبه، وتملأ بالحلول في روضته ومقعده.
النبي صلى الله عليه وآله وسلم
وأكد أن المسلم لن يكون مؤمنًا حتى يكون النبي ﷺ أحب إليه من نفسه وولده وأمواله والناس كلهم. وقبل حجرًا مكرمًا نزل من الجنة، وضع فمك لاثما مكانًا قبله سيد البشر ﷺ بيقين، فهنأك الله بما أعطاك، فما فوق ذلك مفخر.
وقد كان ثابت البناني إذا رأى أنس بن مالك أخذ يده فقبلها، ويقول: يد مست يد رسول الله ﷺ.