فيلسوف الفقراء، شاعر الثورة والبُسطاء، وغيرها من الألقاب التي وصفت أحد المبدعين في الشعر والفن والأدب، إنه الشاعر ورسام الكاريكاتير صلاح جاهين، الذي خلد اسمه في التاريخ المصري بأعماله التي نتذكرها حتى يومنا هذا، إذ تحل اليوم ذكرى وفاته، لنسرد بعض التفاصيل عن الراحل، ونكشف عن حقيقة إصابته باكتئاب تسبب في وفاته، وفقا لما ذكرته ابنته سمية خلال حديثها مع «الوطن».

من هو صلاح جاهين؟

 في الخامس والعشرين من ديسمبر من عام 1930 في شارع جميل في شبرا مصر  وُلد «فيلسوف البُسطاء» محمد صلاح الدين بهجت أحمد حلمي، وهو الاسم الحقيقي للشاعر صلاح جاهين، وقد وُلد لأب يعمل كرئيس محكمة استئناف في المنصورة، بعدما كان يشغل أحد المناصب ضمن السلك القضائي، وقد كانت عائلته كثيرة التنقل، فظلت تنتقل من مدينة لأخرى لمدة 12 عاما.

درس جاهين الفنون الجميلة، وكان لعمل والده تأثيرا كبيرا في تخليه عن هذه الفنون، لينخرط بدراسة الحقوق بناءً على رغبة والده، فتأثر جاهين هو الآخر بمهنة والده، الذي يجوب مختلف المحافظات ويتحدث مع الناس بلغاتهم المختلفة في كل بلد، ويحقق في جرائم المجتمع.

حياته الشخصية

ذاق الشاعر والروائي صلاح جاهين مذاق الحُب مرتان في حياته، ففي عام 1955 تزوج جاهين للمرة الأولى من زميلته في مؤسسة الهلال الرسامة سوسن محمد زكي، وأنجب منها طفلين وهما ابنه الشاعر بهاء جاهين وابنته أمنية جاهين، ثم تزوج مرة أخرى من اللبنانية منى قطان، رغم اختلافهم في العقيدة الدينية، وأنجب منها أصغر بناته سامية جاهين، التي عملت في بعد كعضو فرقة إسكندريلا الموسيقية.

أبرز أعمال صلاح جاهين

 أنتج صلاح جاهين العديد من الأعمال الخالدة في عقولنا، فأرث هذا الفنان العظيم لم يتوقف فقط في أعماله، بل في اكتشافه للعديد من النجوم الذين مازالو يمتعونا إلى اليوم مثل الفنان شريف منير، وأنتج الكثير من الأفلام الممتعة مثل «أميرة حبي أنا» وكتب سيناريو فيلم «خلي بالك من زوزو» الذي حقق نجاحا باهرا في في سبعينيات القرن الماضي.

وكتب جاهين أيضا الرباعيات، التي يعتبرها الكثيرين أنها قمة أعماله، إذ تجاوزت مبيعاتها  الـ125 ألف نسخة في بضعة أيام، فكان معاصريه يحفظونها عن ظهر قلب، ولحن سيد مكاوي جزءا منها، وألقاها الفنان علي الحجار بصوته. 

هل النكسة تسبب في وفاته؟

وذكرت ابنته سامية خلال حديثها مع «الوطن»، أن الشاعر كان معروفا عنه دخوله في فترات اكتئاب عديدة، ونكسة 1967 كانت واحدة منهم، وذلك لارتباطه بالشعب المصري والعربي بشكل كبير، فقد دخل جاهين في حالة اكتئاب حاد، وهزمه ذلك الحادث الأليم مثلما هزم كل الشعب المصري.

«بابا كان حساس ومشتبك مع مجتمع المصري والعربي»، هذا ما قالته ابنة الفنان صلاح جاهين، واصفة حزن والدها الشديد على الأحوال التي وصلت لها مصر في ذلك الوقت، ولأن الفنان إحساسه يضاعف إحساس بعض الأشخاص الآخرين، فقد دخل جاهين في حالة اكتئاب حاد.

وأوضحت سامية أن سبب الوفاة الحقيقي هو تأثير نوبات الاكتئاب الأخيرة التي تعرض لها، بجانب إصابته بمرض القلب في أواخر أيامه: «هو طبعا بابا كان مصاب بالاكتئاب بس هو توفى في 86 بعد النكسة بعشرين سنة، فربط اكتئابه فقط بالنكسة خطأ في رأيي، هو كان مريض قلب، وكان بسبب حساسيته الشديدة، وتعرضه لنوبات اكتئاب شديدة، زادت في أواخر أيامه».

وفي حوار تليفزيوني سابق للفنان شريف منير في إحدى القنوات المصرية الخاصة، تحدث منير والذي كان معروفا بقربه الشديد من مكتشفه الأول صلاح جاهين عن حالة الشاعر النفسية التي تأثرت بعدة أمور داخلية شخصية، وأمور أخرى خارجية، ومنها حزنه الشديد على الحالة التي وصلت لها مصر في ذلك الوقت، مشيرا إلى أنه قال له أنه فقد القدرة على الكوميديا والضحك والابتسام، ليرحل عن عالمنا صلاح جاهين في 21 أبريل في عام 1986، تاركا خلفه أرث فني عظيم، نشيد به وبأعماله حتى يومنا هذا.

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: صلاح جاهين الإكتئاب النكسة صلاح جاهین

إقرأ أيضاً:

"من ريستارت إلى الانبساط.. أيمن بهجت قمر الشاعر والمؤلف الذي لا يعرف المستحيل


 

في زمنٍ يتغيّر فيه الذوق بسرعة البرق، ويبقى النجاح رهين اللحظة، يطل علينا اسم لا يعرف الغياب ولا يخشى التجديد.. أيمن بهجت قمر، الشاعر الذي لا يكتب كلمات، بل يرسم مشاعر، ويحوّل الأغاني إلى علامات، والأفلام إلى محطات راسخة في الوجدان العربي. وبين نجاحٍ ساحق لفيلم "ريستارت" لتامر حسني، وتحوّل أغنية "الانبساط والدلع" لدنيا سمير غانم إلى ترند عالمي تُرجم لعدة لغات، يؤكد أيمن أنه ليس مجرد مؤلف، بل مدرسة فنية تُدرّس.



 

حين نتحدث عن أيمن بهجت قمر، فنحن لا نحكي فقط عن شاعر غنائي مبدع، بل عن حالة استثنائية في عالم الفن العربي. مسيرة تمتد لأكثر من سنوات، قدّم خلالها العديد من الأعمال الفنية المتنوعة التي شكّلت وجدان جيل كامل، وجعلته أحد أهم أعمدة صناعة الترفيه في الوطن العربي.

"ريستارت".. بداية جديدة للسينما الجماهيرية
أحدث أعماله السينمائية، فيلم "ريستارت" بطولة النجم تامر حسني، لم يكن مجرد فيلم ناجح، بل أشبه بانطلاقة جديدة للسينما التجارية الذكية التي تجمع بين الكوميديا، الدراما، والرسائل الاجتماعية الملفوفة بخفة ظل. العمل الذي كُتب بحِرفية عالية، يحمل بصمات أيمن بهجت قمر الواضحة، من حيث المزج بين الواقع والفانتازيا، وإضفاء عمق إنساني حتى في أكثر اللحظات عبثية.

الفيلم تصدّر شباك التذاكر في عدة دول عربية، وحقق نسب مشاهدة قياسية، ما جعله حديث النقاد والجمهور على حد سواء. وقد أشاد كثيرون بذكاء النص وبالقدرة على مخاطبة الشباب والعائلة معًا، وهو أمر نادر في السينما الحديثة.

"الانبساط والدلع".. من المسرح إلى العالمية
أما المفاجأة الأكبر، فكانت مع دنيا سمير غانم، من خلال أغنية "الانبساط والدلع" ضمن أحداث مسرحيتها الناجحة "مكسّرة الدنيا". الأغنية التي كتبها أيمن بهجت قمر بروح خفيفة ومبهجة، أثبتت أن البهجة يمكن أن تُصدّر مثلها مثل الدراما، بل وأن تترجم!

الأغنية تحوّلت إلى ترند على تيك توك ويوتيوب، ليس فقط في العالم العربي، بل أيضًا في أوروبا وأمريكا اللاتينية، بفضل نسخ مترجمة إلى الإسبانية، الفرنسية، الإنجليزية، وحتى اليابانية. مشهد غير مسبوق لأغنية مسرحية تُغنى بلغات متعددة، مما يعكس عبقرية الكلمة التي كتبها قمر بلغة عامية بسيطة، لكنها تصل للقلب، أيًّا كانت اللغة.

نجاح لا يأتي بالصدفة
أيمن بهجت قمر لا يُراهن على ضربة حظ، بل على رؤية ممتدة وصنعة متقنة. يعرف كيف يخاطب الأذن العربية، ويصيغ الجملة التي تُغنّى وتُردد وتتحوّل إلى "لازمة" في حياة الناس. 
 

الموهبة التي ورثها وطوّرها
ورغم كونه ابن الكاتب الكبير بهجت قمر، لم يعتمد أيمن على اسم والده، بل صنع مجده الخاص. شقّ طريقه بالكلمة الحلوة، واللحن القريب من القلب، والدراما التي تعيش. ترك بصمته في السينما، الأغنية، الدراما والمسرح، وفي كل مرة، يثبت أنه لا يكرر نفسه، بل يتطور، ويسبق زمنه بخطوة.


أن تُضحك الناس وتُبكيهم، أن تُرقصهم وتُفكرهم، أن تكتب أغنية تُغنّى في الشارع، وأخرى تُدرّس في الأكاديمية.. تلك هي موهبة لا يملكها إلا القليل. وأيمن بهجت قمر واحد من هؤلاء القلائل، الذين كلما ظننا أننا رأينا أفضل ما لديهم، فاجأونا بما هو أجمل. 

ومع كل "ريستارت" جديدة في مشواره، يعيد لنا الأمل في أن الفن الحقيقي لا يزال موجودًا، بل ويُترجم بكل لغات العالم.
 

مقالات مشابهة

  • يحيى الفخراني: لا أقدم أعمالا سينمائية للاستهلاك وتعلمت السباحة من أجل إعدام ميت
  • الإماراتية أريام تغني باللهجة الأردنية
  • بعد وفاته بـ14 عاما.. عودة حسن الأسمر بدويتو أغلى من عينيا مع نجله هاني
  • حالة اكتئاب كتبت معها السطور الأخيرة.. ماذا حدث في الجيزة؟
  • أدوار الشر بتغسلني من جوة.. صلاح عبدالله يمازح جمهوره
  • "من ريستارت إلى الانبساط.. أيمن بهجت قمر الشاعر والمؤلف الذي لا يعرف المستحيل
  • روتانا تكشف عن البرومو الدعائي لأغنية «ملامحنا» لــ محمد منير | فيديو
  • نقل الفنان المصري صبري عبدالمنعم للعناية المركزة
  • تقسيم الميراث.. الإفتاء تكشف حكم توزيع الأب تركته على أبنائه قبل وفاته
  • نفسي يكون حنين عليها.. شريف منير يُوجّه رسالة مؤثرة لزوج ابنته «أسما»