جريدة الرؤية العمانية:
2025-07-06@10:21:02 GMT

صور محفورة في الذاكرة

تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT

صور محفورة في الذاكرة

 

 

منى بنت حمد البلوشية

بعض الصور تبقى راسخة في الذاكرة لا تمحيها السنون، تظل عالقة في الأذهان هكذا وكأن القدر يُبقيها لنا حيَّة ما تبرح أن تزول؛ لتكون رفيقة ومصاحبة لنا، منخفض المطير الذي طاف بلادنا الحبيبة رحل تاركًا جرحًا ينزف بأفئدتنا، وأفئدة أناس لن تستطيع تخطي ماحدث لها إلا بأمره وقدرته ولن يندمل.

وما حدث ببلدة سمد الشأن بمحافظة شمال الشرقية، خلّف قلوبًا وصرخات مكلومة، 11 طفلًا من طلبة العلم ذهبوا شهداءً بأحد الأودية الجارفة التي مرّت على المنطقة، لقد كان يومًا حزينًا في عُمان قاطبة، وفاجعة اعتصرت قلوبنا، وقلوبنا مع أمهات الطيور التي ارتقت إلى بارئها نتألم لألمهن، ونسأل الله أن يمسح ويربط على قلوبهن بالرحمة والصبر والسلوان، فقد كانت لهؤلاء الطيور أحلام وطموحات وذكريات لم تكتمل ولم يتحدثوا عنها بعد، وإنني أكتب هذه المقالة ليست عيني هي التي تبكي بل قلبي وفؤادي الذي يبكي حرقة لفقدهم، رحلوا دون أن يكملوا أحاديثهم وفرحة العيد لأصدقائهم وزملائهم، وكم ثار في قلبي الحزن أكثر عندما قرأتُ تغريدة للدكتورة ريا المنذرية عبر منصة "إكس" عند ذهابها لأمهات شهداء العلم؛ لأداء واجب التعزية وأم أحد هؤلاء الطلبة تقول:" لم أكن أتوقع يومًا أن يكرمني الله بشرف موت أحد أبنائي شهيدًا، رغم أنه كان يردد بأنه يحلم بذلك" وهذه إحدى طموحات طالب وطفل صغير في السن تحققت وأم مكلومة في ابنها، ونحن نعلم عمق الحزن الذي يعتريها.

ما أبشع الحزن والفقد وإنهن راضيات صابرات ومحتسبات أمرهنّ لله عزَّ وجلَّ ولا رادّ لقضائه ولا مُعقب لحكمه، والمؤمن لا تزيده البلايا إلا إيمانًا وثباتًا وتسليمًا ورضًا به عز وجل.

هذه الصورة لشهداء العلم ستبقى راسخة في الأذهان مهما حاول العقل نسيانها، فالقلب والفؤاد لن ينسياها، إنها طفولة انتزعت وذكريات لن تخبو حرائقها، فلم يكن موتًا عاديًا بأن يرحل أطفال وطلبة علم لا ذنب لهم، وقد ترددت الأصوات وعلت قائلين من المسؤول عما حدث، ومن المؤسف جدًا أن يأتي تصريح ويلقي اللوم على ولي الأمر، وأين دور وزارة التربية والتعليم في قراراتها التي لا بُد لها أن تتخذها قبل كل شيء؟ وكيف يمكن تفادي مثل هذه الأحداث؟ وكيف يمكن أن تكون المدارس بالقرب من مجرى الوديان؟ وهل هناك خطط جديدة ستتبع؟ وهل ستكون هناك خطط لأجل تجنب مشاكل البنى التحتية وإصلاحها؟ وهل ستقوم وزارة التربية والتعليم بوضع قوانين صارمة؟ وكيف يمكن إحلال التعليم المدمج من خلال التعليم عن بُعد من خلال الحصص المتزامنة وغير المتزامنة؟

أسئلة كثيرة تراودني وكل حلولها بأيدي المسؤولين الذين يتابعون كل ما حدث ويحدث، وعلينا جميعًا أن نوحد أصواتنا تجاه نظرة تخططية أوسع في مواجهة الأنواء المناخية المتوالية على السلطنة، وحفاظًا على الأرواح التي تزهق ولا ذنب لها، ولابد من وجود لجنة خاصة لإدارة الأزمات هي التي تتخذ القرارات اللازمة فأترك السؤال المفتوح لهذه الصورة وماذا بعد؟

أما الصورة الأخرى الراسخة في الأذهان منذ سنوات طوال، إلا أنها ما زالت تعيد نفسها، وبذات الصمود والتكاتف والتعاون، إنهم أبناء عمان العظيمة بشعبها وبروحها المرحة مهما عصفت بها التحديات فهي لا ترضخ للمستحيل سواعد وأيادٍ تكاتفت لأن تكون رمزًا للوفاء والإخاء ورسم البسمة على الوجوه، إنه شعب عظيم ولحمة وطنية رائعة، فعُمان بسواعد أبناءها دائمًا تتكاتف، في هذه الصورة توحدت الصفوف والجنود وهم يعلمون بأن الله لا يعطي أصعب المعارك إلا لأقوى جنوده ويستطيعون أن يتغلبوا على هذه المحنة الإلهية والابتلاء، لأنهم تربوا على اجتياز المحن وأن الأرض الطيبة لا تنبت إلا طيبًا.

بقلوب تنبض بالوطنية وروح التضحية، يستجيب كل من أبناء عُمان لنداء العمل التطوعي في ظل الأزمة الراهنة، وبتكاتفهم وتعاونهم يبنون ملحمة وطنية تحمل بصمات الأمل والتضامن، إنهم أبطال يعلمون بأن العطاء يصنع الفارق وأن الوحدة هي قوتهم في مواجهة التحديات ملبين النداء لأجل عُمان.

هذا ليس بغريب على أبناء عُمان العظيمة، فمن الأزمنة الغابرة والعمانيون عاصروا الأزمات والحالات الطارئة وعايشوها وعاصروها، فأنتجوا من خلالها شواهد إثبات على صبرهم وتكاتفهم والتزامهم بتواجيهات القيادة الحكيمة، واندماجهم مع مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية والمدنية فهي خطوط ممتدة غير منقطعة بل تزيد من شدة الأواصر والتماسك والتلاحم والتكاتف، فهم كالبينان المرصوص في توادهم وتراحمهم يأبون أن يظل أحدهم يبكي ويتداعى بالسهر دون أن يلتفت له أحد.

شكرًا لأبناء عُمان الأعزاء ولكافة الجهات العسكرية التي بذلت كل جهد لأجل راحة المواطنين، وانتشالهم من تلك الأودية الجارفة، الساهرين على الحدود المرابطين والصامدين على حماية وحراسة أمن البلاد، فهذه صور ستبقى محفورة في الذاكرة كغيرها من الصور السابقة التي رافقت ذاكرتنا وما زالت ترافقها وتأبى أن تخرج منها، بل تحتفظ بها والصور كثيرة أنا وغيري يحتفظ بها، وإن ذكرناها فهي كثيرة لعلها تجد مخرجًا وقرارات نشطة وصارمة إزاء أي أزمة وقبل حدوثها، وبلادنا من الدول التي عاصرت عدة أعاصير ومنخفضات وعلينا أن نأخذ العِبر والدروس منها، ونستلهمها لأجيالنا وأبناء وطننا العزيز، فهم حاضرها ومستقبلها.

نحن لسنا وليدي اليوم؛ بل منذ سنوات وتتعرض حبيبتنا لمثل هذه الأمطار والمنخفضات، لنقف وقفة صارمة حتى لا تتكرر مشاهد الفقد.

ربِّ اجعل هذا البلد آمنا مطمئناً رخاء، اللهم احفظ عُمان واجعلها آمنة مستقرة واجعل أهلها ينعمون بالخيرات، اللهم احفظ جلالة السلطان هيثم بن طارق وارزقه الصحة والعافية والعمر المديد.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الحزن يخيم على الأجواء في ليفربول بعد وفاة ديوجو جوتا

لندن «د.ب.أ»: تحدث لاعبو ليفربول "المفجوعون" عن ألمهم في تكريم زميلهم في الفريق ديوجو جوتا بعد وفاته في حادث سيارة عن عمر يناهز 28 عاما.

وذكرت وكالة الأنباء البريطانية (بي ايه ميديا) أن المهاجم الدولي البرتغالي توفي إلى جانب شقيقه أندريا سيلفا في حادث سيارة في مقاطعة زامورا في إسبانيا في الساعات الاولى من صباح يوم الخميس. وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أن المهاجم البرتغالي كان يستعد للعودة إلى تدريبات فريقه استعدادا للموسم الجديد، وكان قد تم نصحه بعدم السفر بالطائرة بعدما خضع لجراحة بسيطة.

وكتب لاعب الوسط المجري دومينيك سوبوسلاي عبر حسابه على منصة "إكس" للتواصل الاجتماعي: "لا يمكن للكلمات أن تصف مدى الحزن، ابتسامتك وحبك للعبة لن ينسى أبدا"، وأضاف: "سنفتقدك كثيرا، لكنك ستبقى معنا للأبد داخل وخارج الملعب، دعواتنا وتعازينا لعائلتك، أرقد بسلام يا أخي".

من جانبه أعرب المهاجم الأوروجوياني داروين نونيز عن حزنه عبر منصة تبادل الصور "إنستجرام" قائلا: "لا توجد كلمات لوصف مدى الألم"، وأضاف: "سأتذكر دائما ابتسامتك وصحبتك الرائعة داخل وخارج الملعب".

من جانبه قال هارفي إليوت، الفائز مع المنتخب الإنجليزي لأقل من 21 عاما بلقب بطولة أمم أوروبا للشباب: "ديوجو لا أصدق أنك رحلت، من الصعب قول الكلمات المناسبة لهذا الألم"، وأضاف: "كنت لاعبا رائعا كنت ذلك النوع الذي يصنع الفارق في كل مرة تدخل فيها إلى أرض الملعب، كنت متواضعا وتعمل بجد ولطيف ومتواجد في الوقت الذي يحتاجك فيه أي شخص".

من جانبه، قال الألماني يورجن كلوب، المدير الفني السابق لليفربول عبر "إنستجرام: "أعاني في الوقت الحالي لابد من أن هناك حكمة في ذلك لكنني لا أعلمها".

كما فتح ليفربول دفتر التعازي للاعب البرتغالي، سواء في ملعب "أنفيلد" أو عبر الانترنت، كما قام بتنكيس أعلامه وأغلق جميع متاجره ومتحفه وذلك حتى يوم الأثنين.

وشارك جوتا في 49 مباراة وسجل 14 هدفا مع المنتخب البرتغالي، وفي الشهر الماضي توج معه بلقب دوري الأمم الأوروبية للمرة الثانية، وسجل جوتا 65 هدفا في 182 مباراة مع ليفربول، جاء منها تسعة أهداف الموسم الماضي ليفوز الفريق بلقب الدوري الإنجليزي مع الهولندي آرني سلوت، كما سبق للاعب البرتغالي الفوز بلقبا كأس الاتحاد الإنجليزي وكأس الرابطة.

مقالات مشابهة

  • عاشوراء.. الذاكرة تشتعل بدمعة
  • شايب: ذكرى الاستقلال فرصة لتلاحم أبناء الشعب الواحد وتعزيز الروابط الوطنية
  • موتسيبي : نسخة المغرب من كأس افريقيا للسيدات ستظل في الذاكرة
  • الصورة التي أربكت العلماء.. «الشبح الأحمر» يظهر بوضوح في الفضاء!
  • شيكابالا في عيون الكبار.. عبدالستار صبري: هتفضل بأهدافك في الذاكرة
  • سيامة ١٩ كاهنًا بيد البابا تواضروس الثانى للقاهرة وكندا
  • سيامة 19 كاهنًا بيد البابا تواضروس للقاهرة وكندا.. صور
  • نشرة المرأة والمنوعات | الإفراط في تناول التونة يدمر صحتك.. السهر يضعف الذاكرة ويقلل خلايا المخ
  • السهر يدمر الذاكرة.. دراسة تكشف تأثير قلة النوم على خلايا المخ
  • الحزن يخيم على الأجواء في ليفربول بعد وفاة ديوجو جوتا