أودعت محكمة جنح أكتوبر برئاسة المستشار محمد عبد السلام روق حيثيات حكمها بحبس المتهم بقتل الفنان أشرف عبد الغفور عن طريق الخطأ، وهي القضية التى حملت رقم 13296 سنة 2023، والتى شغلت الرأي العام خلال الفترة الأخيرة.

 

وقال شعبان سعيد المحامي بالنقض، محامي ورثة الفنان أشرف عبد الغفور، أن المحكمة أودعت حيثيات الحكم والمتهم عارض وتم تحديد جلسة المعارضة فى تاريخ 20 مايو.

 

وجاء فى الحيثيات إن النيابة العامة أسندت إلى المتهم مهند شبانة أنه في 3 ديسمبر 2023 تسبب خطًأ في موت عبد الغفور محمد عبد الجواد، بأن كان ذلك ناشنا عن إهماله ورعونته وعدم أحترازه وعدم مراعاته للقوانين واللوائح، بإن قاد سيارته رقم (ط م ف 4619)، بطريقه ينجم عليها الخطر، فصدم المجني عليه فأحدث به الاصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته، وتسبب خطأ في إصابة المجني عليها فاطمة عبد الغفور، وطلبت عقابه وفقَا لنصوص ومواد القانون.

 

وحيث إن الواقعة على النحو سالف البيان تتحصل فيما سطره النقيب حازم ناجي رئيس الدورية بقسم شرطة أول اكتوبر بمذكرته، من أنه تبلغ له من غرفة عمليات النجدة بوجود بلاغ تصادم ومصابين بوصلة دريم اتجاه طريق الواحات، وبالانتقال لمحل البلاغ تبين وجود مصادمة السيارة الاولي رقم (ب ن 879) بيجو سوداء اللون قيادة المجني عليه عبد الغفور محمد عبد الجواد، وصحبته زوجته فاطمه عبد الغفور عبد الجواد، و هم مصابين وتم نقلهم لمستشفي زايد التخصصي بمعرفة سيارة الاسعاف قبل وصوله واصطدمت بها من الخلف السيارة رقم (ط م ف 4619) شيفروليه كروز فيراني اللون قيادة مهند شبانة 33 سنة ومقيم الحي الخامس 6 أكتوبر، وتم اصطحابه، والسيارتين لديوان القسم لعمل المحضر اللازم.

 

وبسؤال شريف فاروق علي الشوبكي بمحضر الشرطة والمسطر بمعرفة النقيب محمد هشام رئيس الدورية المؤرخ الساعة 9 مساءاً قرر انه فوجيء بإتصال هاتفي الساعة السادسة مساءاً من زوجته ريهام ابنة المتوفي وأبلغته بأن والدها ووالدتها وقع بهما حادث بالطريق أثناء التوجه لهما وتم نقلهم إلى المستشفي وأنه يتهم المتسبب في الحادث.

 

وبسؤال المجني عليها فاطمة عبد الغفور محمد عبد الجواد - قررت أنه حال استقلالهما المركبة فوجئنا بإحدى المركبات تصطدم بالمركبة خاصتهما من الخلف ففقدت الوعي بسبب الحادث وتتهم المتسبب في الحادث.

 

شاهد حادث أشرف عبد الغفور : العربية انقلبت 5 مرات المحكمة عن قاتل أشرف عبد الغفور: إهماله ورعونته سبب الحادث ووفاة الفنان

وبسؤال المتهم مهند شبانة - 33 عاما - يعمل فنان تشكيلي، قرر أنه حال سيره بالمركبة طريق حازم حسن اتجاه الواحات فوجيء بمركبة تتجه نحوه من الجهه اليسري فقام بمفادتها وفوجي بالمركبة خاصة المجني عليها أمامه فإصطدم بها.

 

ورد التقرير الطبي المرفق بالاوراق الخاص بالمجني عليه عبد الغفور محمد عبد الجواد - الصادر من مستشفي الشيخ زايد التخصصي، ثابت به حضوره إلى الطورائ بواسطة الاسعاف بتوقف عضلة القلب، وهبوط حاد بالدورة الدموية أثر حادث سير وتم انعاشه لمدة عشرين دقيقة ولم يتم الاستجابة وتم إعلان الوفاة الساعة السابعة مساءًا.

 

ورد التقرير الطبي المرفق بالاوراق الخاص بالمجني عليها فاطمه عبد الغفور عبد الجواد الصادر من مستشفى الشيخ زايد التخصصي، ثابت به بعد عمل الكشف المبدئي تبين وجود اشتباه كسور بالضلوع وإشتباه كسر بالحوض وإشتباه نزيف والبطن والحالة العامة مستقرة ويمكن استجوابها.

 

وحيث تولت النيابة العامة التحقيقات، وإذ شهدت المجني عليها، فاطمة عبد الغفور عبد الجواد أنها كانت رفقة المجني عليه الي رحمه مولاه لزيارة نجلتهما ريهام وحال استقلالها المركبة بقيادة زوجها المجني عليه عبد الغفور محمد عبد الجواد علي طريق الدائري كومبوند "ماونت فيو" وفوجئت باصطدام مركبة المتهم بالاصطدام بالمركبة خاصتهما من الخلف حيث كان يسير بسرعة جنونية مما أدي إلي حدوث اختلال توازن المركبة مما نتج عن ذلك وفاة زوجها المتوفي الي رحمه مولاه واصابتها كسر في ضلوع القفص الصدري وكدمة شديدة في الرئة، وتتهم المتهم المتسبب في الحادث.

 

وإذ شهد أحمد محمود عبد اللطيف دسوقى 41 عاما صاحب شركة استيراد وتصدير ومحل الاقامة وردان منشاء قرر أنه كان متواجد أمام "ماونت" فيو حيث إنه يوجد عقد حراسه بينهما، وحال تواجده أبصر مركبة تسير بسرعة قام بالاصطدام بمركبة المجني عليهما من الخلف مما أدي إلى إنقلاب المركبة خمسة مرات ، فقام بإيقاف الطريق وتوجه مسرعا نحو المجني عليهما أبصر المجني عليه الاول منقلباً، علي الكرسي فوق المجني عليها فقام بإنزالهما من المركبة وكان المجني عليه المتوفي الي رحمة مولاه فاقد الوعي ولكن كان يتنفس.

 

والمجني عليها المصابة كانت حالتها جيدة وكانت في حالة ذعر من الحادث ، فقام بالاتصال هاتفيا بالاسعاف وتم نقلهم إلي المستشفي وأن المتهم قام بالنزول من المركبة وقام بالجلوس بجوارها حتى وصول الضابط ونقله إلى المستشفي واضاف أن المتسبب في الحادث قائد المركبة الشيفورليه حيث كان يسير بسرعة لا تقل عن 100 كيلو وكان يسير بالمركبة من اليمين الي اليسار وقام باصطدام المركبة المجني عليهما من الخلف الذي كان يسير بسرعة هادئة في حدود 70 كيلو والذي كان يسير بالجانب الايمن من الطريق، وأضاف أنه تحدث مع المتهم عن كيفيه حدوث الواقعة فقرر له أن كان يسير بسرعة فاصطدم بالمجني عليهما من الخلف.

 

وإذ شهد شريف فاروق على الشوبكي بالتحقيقات، قرر أنه زوج نجله المتوفي، وحال تواجده بالمسكن رفقة زوجته ونجله، وكان في إنتظار المجني عليهما عبد الغفور محمد عبد الجواد، والمصابة فاطمة عبد الغفور عبد الجواد؛ لزيارة لهما للمسكن حيث أبلغه المتوفي أنه في مشوار في منطقة الجيزة وسوف يتوجه عقب ذلك إليه وعقب ذلك اتصل هاتفيا المجني عليه بزوجته وسألها عن مكان المسكن. 

 

وأضاف بأنه قام بالخروج من المسكن لتوصيل السائق الخاص به لاقرب مكان لأستقلال مركبه وذهابه لمسكنه، وحال تواجده بالخارج أبلغته هاتفيا زوجته أن المجني عليهما مصابين، وأضاف أنه قام بالاتصال هاتفيا بالاسعاف وتم نقلهم إلى المستشفي وأن المتهم قام بالنزول من المركبة وقام بالجلوس بجوارها حتي وصول الضابط ونقله إلى المستشفي وأضاف أن المتسبب في الحادث قائد المركبة الشيفورليه حيث كان يسير بسرعة لا تقل عن 150 كيلو وكان يسير بالمركبة من اليمين الى اليسار وقام باصطدام المركبة المجني عليهما من الخلف الذي كان يسير بسرعة هادئة في حدود 70 كيلو والذي كان يسير بالجانب الايمن من الطريق، وأضاف أنه تحدث، المتهم عن كيفيه حدوث الواقعة فقرر له أن كان يسير بسرعة فاصطدم بالمجني عليهما من الخلف.

 

وما شهد به شريف فاروق علي الشوبكي - بالتحقيقات بتاريخ 30 ديسمبر 2023، قرر انه زوج نجله المتوفي وحال تواجده بالمسكن رفقة زوجته ونجله ، وكان في إنتظار المجني عليهما المتوفي عبد الغفور محمد عبد الجواد والمصابة فاطمة عبد الغفور عبد الجواد لزيارة لهما للمسكن حيث أبلغه المتوفي الي رحمه مولاه ان في مشوار في الجيزة ويتوجه ذلك إليه، وعقب ذلك اتصل هاتفيا المجني عليه بزوجته وسألها عن دخلة المسكن، وأضاف بأنه قام بالخروج من المسكن لتوصيل السائق الخاص به لاقرب مكان لاستقلال مركبة، وحال تواجده بالخارج أبلغته هاتايا زوجته أن المجني عليهما مصابين نتجية حادث وتوجهوا إلى مستشفى الشيخ زايد - فتوجه الى مسكنه واصطحب زوجته قاصدين مستشفى الشيخ زايد وحال وصولهما أخبروه أن والد زوجته المجني عليه عبد الغفور محمد عبد الجواد توفي ووالدة زوجته مصابة وتم حجزها بالمستشفي، وأن ذلك الحادث بتاريخ 30ديسمبر 2023 الساعة السادسة مساءاً تقريب ومكان الحادث طريق الدائري بالقرب من شركة حازم حسن وعلم أن قائد المركبة ماركة كروز هو المتسبب في الحادث حيث أنه علم أنه اصطدم بهما من الخلف.

 

وما قرره المتهم مهند شبانه - 33عام  يعمل مدير فني بإحدي شركات الانتاج، قرر أنه حالي قيادة المركبة خاصته فوجيء بمركبة تتوجه من جانب الطريق من اليسار الي ناحيته بالطريق اليمين حاول يفاديها فاتفاجيء بمركبة المجني عليهما فإصطدم بالمركبة المجلي عليهما من الخلف من غير أن ينتبه اليهما وأنه عقب الحادث قام بالنزول من المركبة قيادته - رقم (ط وف 619) نوعها شيفورليه كروز 2010، في انتظار سيارة الاسعاف وسيارة الشرطة وأضاف أن الطريق به عدد سنة حارات وأنه كان بمنتصف الحارات ومركبة المجني عليهما كانت تسير بالطريق الايمن وأنه لم يشاهد مركبة المجني عليهما إلا حال الاصطدام بها وأنه قام بالاصطدام من غير قصد.

 

أولًا: ولهذه الأسباب حكمت المحكمة غيابيًا بمعاقبة مهند شبانة بالحبس لمدة 3 سنوات، مع الشغل وكفالة 5 آلاف جنيه، لوقف تنفيذ الحكم مؤقتًا، وألزمته بالمصاريف الجنائية.

 

ثانيًا: وفي الدعوى المدنية بإلزامه بإن يؤدي للمدعين بالحق المدني مبلغ 40000 جنيه، على سبيل التعويض المدني المؤقت، وألزمته بمصاريفها، وخمسين جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: وفاة أشرف عبد الغفور توقفت عضلة القلب التقرير الطبي أشرف عبد الغفور محكمة جنح أكتوبر عبد الغفور عبد الجواد المتسبب فی الحادث أشرف عبد الغفور إلى المستشفی المجنی علیها بالمجنی علیه الشیخ زاید من المرکبة وتم نقلهم وأضاف أن قرر أنه أنه قام

إقرأ أيضاً:

أفغانستان المجني عليها في الإعلام

ظلت أفغانستان عقودا، مادة ثابتة في نشرات الأخبار الدولية والعربية، لكنها في الغالب كانت تُستحضر عند اشتداد المعارك، أو وقوع التفجيرات، أو انسحاب الجيوش.

بلد حبيس، صورة نمطية لا تكاد تتغير، بندقية في يد طفل، امرأة منتقبة تبكي خلف جدار مهدّم، ومقاتلون على قمم الجبال، لكن، هل هذه هي الصورة الكاملة؟ وهل نَقَل الإعلام فعلا أفغانستان كما هي؟

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2بي بي سي تختار مديرة تنفيذية من "ميتا" لإدارة الذكاء الاصطناعيlist 2 of 2سعيا للحاق بـِيوتيوب.. نتفليكس تبحث عن مدير لبرامج الفودكاستend of listبين التضخيم والتعتيم

شكّلت هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 نقطة تحوّل جذري في تناول الإعلام الدولي أفغانستان، حيث تبنّت التغطيات الغربية، وخاصة الأميركية، سردية "الحرب على الإرهاب"، مقدّمة البلاد كمنطقة خطرة تؤوي حركة طالبان وتنظيم القاعدة، مع تجاهل واضح لتعقيدات الواقع السياسي والاجتماعي والتاريخي الذي مهّد لهذا الوضع.

وقد روج الإعلام الأميركي بشبكاته الكبرى، لصورة ربطت بين الإسلام في أفغانستان والإرهاب، متجاهلا عقودا من الاحتلال الأجنبي، والضعف التنموي، والتدخلات الإقليمية والدولية التي زادت من هشاشة الدولة والمجتمع.

ووفق دراسة لفريق بحثي في جامعة كاردان في كابل، ساهمت هذه التغطية في تكوين تصور ثنائي للعالم، قسّم الشعوب إلى "خَيّرين" يمثلهم الغرب، و"أشرار" يتمثلون في خصومه، وهو منطق تجلّى في خطاب جورج بوش الشهير: "إما أن تكونوا معنا أو مع الإرهابيين".

في خضم التحضير للغزو الأميركي استخدم الإعلام صور أفغانيات منتقبات في مشاهد "مظلمة" تحت حكم طالبان لتبرير التدخل العسكري (الفرنسية)

وفي خطابه بمدينة كليفلاند عام 2006 استخدم الرئيس بوش كلمة "الإرهاب" 54 مرة، وفقًا للصحفي الأميركي سيدني بلومنثال، في محاولة لإثارة مشاعر الخوف والتعاطف لدى الأميركيين.

وفي خضم التحضير للغزو الأميركي، استخدم الإعلام صور أفغانيات منتقبات في مشاهد "مظلمة" تحت حكم طالبان، لتغذية خطاب إنساني يبرّر التدخل العسكري.

إعلان

وقدّمت الحرب على أنها مشروع لتحرير المرأة وبناء دولة حديثة، بينما غُيّبت أصوات النساء الحقيقيات، خاصة من القرى والمناطق النائية، لصالح نماذج تتحدث بلغة الغرب أو تتبنى رؤيته.

وفي هذا، يرى الباحث الأفغاني عبد الشهيد مايار، أن إدارة بوش تبنّت سرديتين متوازيتين:

سياسية ترفع شعار "الديمقراطية وتحرير الشعب". إنسانية تركز على إنقاذ النساء.

وكان الهدف من كلتا الروايتين حشد الدعم الشعبي للحرب، مضيفا أن هذه السرديات تم تبنّيها بلا نقد من كبريات وسائل الإعلام الأميركية، مما منح الحرب غطاء أخلاقيا زائفا.

بوش استخدم كلمة "الإرهاب" 54 مرة لإثارة مشاعر الخوف والتعاطف لدى الأميركيين (غيتي)لورا على خط زوجها

وحتى زوجة الرئيس الأميركي لورا بوش، دخلت على خطّ الحملة برسائل إذاعية تهاجم طالبان وتدافع عن حقوق النساء، لكن كثيرًا من الباحثين يشيرون إلى أن ذلك لم يكن التزاما صادقا بقضايا المرأة، بل استثمارًا سياسيًا لمأساتهن لخدمة أهداف الحرب.

وتختصر الصحفية الأفغانية فاطمة طاهريان من مدينة هرات الموقف: "الغرب لم يهتم بحقوقنا، بل كان يبحث عن شرعية أخلاقية لتدخله، كانوا يسلّطون الضوء فقط على من يتحدث بلغتهم".

هذا التناول الإعلامي -كما أشار المفكر الراحل إدوارد سعيد، يعكس نظرة استشراقية ترى المسلم "الآخر" كائنا قاصرا غير قادر على إدارة شؤونه ويحتاج إلى وصاية خارجية.

وبدلا من أن يكون الإعلام جسرًا لنقل الواقع، تحوّل في كثير من الحالات إلى أداة لإعادة إنتاج سردية جاهزة تخدم السياسات الكبرى، وتُقصي الأصوات الحقيقية من المشهد.

وهكذا، تحوّلت أفغانستان من بلد مثقل بتاريخ طويل من النزاعات والاحتلال، إلى صورة مختزلة في خطاب غربي، اختزل معاناة الملايين في ثنائية الخير والشر، دون اعتبار للتعقيد المحلي أو لحقيقة ما يعيشه شعبها يوميًا تحت وطأة الحرب والفقر والانقسام.

لورا بوش (وسط) تلتقي باثنتي عشرة امرأة أفغانية في البيت الأبيض (شترستوك)الغزو الأميركي

بالرغم من استمرار الوجود العسكري الأميركي في أفغانستان لما يقارب العقدين، تميّزت غالبية التغطية الإعلامية الغربية في فترة الغزو الأميركي أفغانستان بالانتقائية، واعتمدت خطابا وظيفيًا خاضعًا للأولويات السياسية.

وسُلط الضوء على معاناة بعض الفئات مع تجاهل أوسع لتعقيدات الواقع الأفغاني وتعدد الأصوات داخله.

ويرى بعض المختصين أن وسائل الإعلام الغربية لم تُولِ اهتمامًا جديًا بنقل معاناة الشعب الأفغاني تحت الاحتلال، ولم تُبرز التحديات البنيوية العميقة التي واجهت الدولة الأفغانية الناشئة.

وركزت التغطيات الإعلامية الغربية على القصص التي تخدم الرواية الرسمية، من قبيل بناء المدارس، وتعزيز حقوق المرأة، ومشاريع التنمية، مقابل تجاهل متعمد لقضايا الفساد المستشري، والإقصاء السياسي، والانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها القوات الأجنبية.

وكثيرًا ما تبنّى الإعلام الغربي سردية تبريرية للحرب، مروّجًا للبيانات الرسمية، متغاضيًا عن التكلفة الإنسانية الفادحة.

ففي تغطية معركة قندوز عام 2009، مثلًا، انصرفت صحف أميركية وغربية كبرى إلى الاحتفاء بـ"نجاح الضربات الجوية في القضاء على طالبان"، في حين لم تحظَ المجازر التي أودت بحياة مدنيين، منهم أطفال إلا بإشارات هامشية في صفحات داخلية وبصيغ مترددة.

إعلان

وتشير تقديرات مكتب الصحافة الاستقصائية إلى أن الولايات المتحدة نفذت أكثر من 13 ألف هجوم بطائرات بدون طيار في أفغانستان بين عامي 2015 و2020، أسفرت عن مقتل ما يصل إلى 10 آلاف شخص، وكان شهر سبتمبر/أيلول 2019 الأعلى من حيث كثافة الغارات، بواقع نحو 1110 ضربات جوية خلاله.

كما أن ملف سجون وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) السرية في أفغانستان، وما ارتُكب فيها من ممارسات تعذيب ممنهجة، ظل غائبًا عن التغطيات الإعلامية الأميركية والبريطانية فترة طويلة، ولم يُفتح إلا تحت ضغط تقارير المنظمات الحقوقية، وبعد سنوات من الصمت.

تغطية الانسحاب الأميركي

مع الانسحاب الفوضوي للقوات الأميركية في أغسطس/آب 2021، ركّز الإعلام الدولي على مشاهد الفوضى في مطار كابل، وحالة الذعر التي سادت البلاد.

وغابت التحليلات العميقة التي تبحث في أسباب فشل المشروع الغربي في أفغانستان، وتُحمّل القوى الدولية مسؤولية الانهيار السياسي والعسكري، واكتفى كثير من الإعلام بتصوير الوضع على أنه فشل أفغاني داخلي، دون الإشارة إلى الإخفاق الإستراتيجي للسياسات الغربية.

وفي هذا السياق، يعتقد الأستاذ في علم النفس السياسي ريتشارد ليشمان، أن "التغطية الإعلامية ضيقة للغاية وتركز فقط على مشاهد الأفغان الذين يحاولون المغادرة والفوضى في المطار". ويضيف أن هذا الأمر "لا يعطي الصورة الحقيقية لما جرى في آخر 20 عامًا".

مع الانسحاب الفوضوي للقوات الأميركية ركّز الإعلام الدولي على مشاهد الفوضى والذعر وغابت التحليلات العميقة (الأوروبية)الإعلام العربي التقليدي صدى للروايات الدولية

عقب أحداث 11 سبتمبر وما تلاها من تطورات في أفغانستان، إلى جانب بعض التغطيات الموضوعية التي تعكس الواقع الأفغاني، اتسمت معظم التغطيات الإعلامية العربية بتكرار السرديات الغربية دون تمحيص أو قراءة نقدية.

فقد افتقرت غالبية القنوات العربية -باستثناء بعض القنوات والمنصات الإعلامية- إلى تحقيقات ميدانية مستقلة، وغيّبت التنوع الثقافي واللغوي والديني في البلاد، وكذلك المبادرات المدنية والتعليمية التي تنبض بها المجتمعات المحلية.

واللافت أن الخطاب الإعلامي العربي، في مجمله، تبنّى رواية "الحرب على الإرهاب" كما صاغتها المؤسسات الغربية، دون مراعاة تعقيدات المجتمع الأفغاني أو التحقق من الميدان.

وهو ما أدى إلى نقل صورة مشوهة وغير متوازنة عن الواقع، كما يشير الكاتب الأفغاني عبد الله قاضي زاده، الذي يؤكد أن "الإعلام العربي باستثناءات نادرة منها قناة الجزيرة لم يكن مستقلاً في تغطيته لأفغانستان، بل كان إما تابعًا للخطاب الغربي أو كان أداة لأجندات إقليمية تسعى إلى تصفية حسابات سياسية".

وتجلّى هذا التسييس في طريقة تناول الملف الأفغاني، حيث استخدمته بعض المنصات الإعلامية العربية أداة دعائية، ففي حين سعت بعض القنوات إلى تحميل دول إقليمية مسؤولية تدهور الوضع في أفغانستان، جعلت أخرى من أفغانستان نموذجًا لفشل المشروع الأميركي.

وقدّمت بعض وسائل الإعلام العربية أفراد حركة طالبان والمجاهدين الأفغان في بعض الحالات كتهديد يمثّل "خطر الإسلام السياسي"، بينما ذهبت منصات أخرى إلى تلميع صورة طالبان كحركة "معتدلة تغيرت عما كانت عليه في فترة حكمها الأول 1996-2001".

وبين الشيطنة والتلميع، غابت الرواية المتزنة والتحليل المهني، وتحول الملف الأفغاني إلى مرآة تُعْكس عليها صراعات إقليمية لا علاقة لها بالواقع المحلي.

في كلتا الحالتين، غاب الصحفي الحقيقي، وحضر الخطاب الدعائي، مما جعل من معاناة الشعب الأفغاني مادة للاستثمار السياسي، لا موضوعًا للبحث والإنصاف الإعلامي.

مقاتلون من طالبان قرب العاصمة كابل (غيتي-أرشيف)اختزال السردية في ثنائية "الضحية والجلاد"

إحدى أبرز إشكاليات التغطية الإعلامية للشأن الأفغاني هي الاختزال المفرط، إذ غالبًا ما قُسّم المجتمع إلى طرفين فقط: الجلاد، المتمثل في طالبان والجماعات المسلحة، والضحية، ممثلة في النساء والأطفال واللاجئين.

إعلان

وتجاهل هذا التبسيط التنوع الغني في المجتمع الأفغاني من نخب فكرية ومبادرات مدنية وشبابية ونسائية، وأسهم في تشويه صورة البلاد وتكريس الصور النمطية.

ومن العوامل التي عززت هذه الصورة النمطية، ضعف التمثيل المحلي داخل غرف التحرير الدولية، ففي المؤسسات الإعلامية الكبرى، نادرًا ما يُمنح الصحفيون الأفغان فرصة لصياغة الرواية أو التحرير، بل يُكتفى بدورهم كمترجمين أو مساعدين ميدانيين.

ويقول الصحفي المخضرم نور الله صافي -اسم مستعار- الذي عمل مع بي بي سي في كابل "نحن نعرف الواقع، لكن الكلمة الأخيرة للمحرر في لندن أو واشنطن".

هذا التهميش تواكب مع ظاهرة "الصحفيين المظليين" الذين يُرسلون مؤقتًا لتغطية الأحداث دون معرفة كافية بالبلاد، مما يفضي إلى تقارير سطحية ومختزلة تعكس تصورات مسبقة بدلًا من الواقع المعقّد.

ويصف الباحث سيد سرور هاشمي هذه التغطيات بأنها "منزوعة العمق والدقة، وتسيء إلى فهم السياق الأفغاني".

الاختزال المفرط هو إحدى أبرز إشكاليات التغطية الإعلامية للشأن الأفغاني (غيتي)إعلام بلا توازن

رغم مرور نحو 4 سنوات على سيطرة طالبان، لا تزال غالبية التغطيات الغربية والعربية تتأرجح بين الشيطنة الكاملة والتبرير المطلق، دون مقاربة مهنية متوازنة.

فبعض المؤسسات الإعلامية الغربية والعربية تتجاهل التحولات الميدانية في أفغانستان تحت حكم طالبان، مثل تحسن الأمن وانخفاض معدلات العنف، والتقليل الكبير من تجارة المخدرات وتماسك الإدارة المركزية وتحسن نسبي في بعض المؤشرات الاقتصادية، مثل استقرار العملة الأفغانية وانخفاض التضخم.

ويرى الباحث عبد الله عارف، أن "الإنصاف يقتضي الإشارة إلى هذه الحقائق، حتى مع وجود انتقادات جوهرية لأداء طالبان في ملفي السياسة والحقوق".

في المقابل، تتبنى بعض وسائل الإعلام في دول عربية وإسلامية خطابا مبالغا في التعاطف مع حركة طالبان، تتجاهل فيه جملة من الانتهاكات الجوهرية، من أبرزها غياب أي دستور  للبلاد، واحتكار السلطة من فئة واحدة، ومنع المشاركة السياسية الفاعلة ورفض مبدأ الانتخابات.

وتصف الناشطة الحقوقية الأفغانية، مریم محمودي، هذا التناول الإعلامي بأنه "تبنٍّ للرواية الرسمية على حساب الوقائع الميدانية".

مؤسسات إعلامية غربية وعربية تتجاهل التحولات الميدانية في أفغانستان تحت حكم طالبان (الأوروبية)غياب صوت الأغلبية الصامتة

ما تغفله غالبية التغطيات الإعلامية، سواء في الغرب أو العالم العربي، هو وجود "الصوت الثالث" في أفغانستان ذلك التيار الشعبي الواسع الذي لا ينتمي إلى حركة طالبان ولا إلى النظام السابق بل يطالب بإصلاحات جذرية وبناء منظومة حكم عادلة وشاملة لجميع مكونات الشعب الأفغاني.

يتكوّن هذا التيار من شرائح واسعة من علماء الشريعة والمثقفين، والأكاديميين، والصحفيين، والناشطين المدنيين، الذين يرفضون العنف والحرب الأهلية والإقصاء والفساد والاستبداد، وينادون بانتقال سلمي تدريجي نحو حكم يعكس الإرادة الشعبية ويكفل الحقوق والحريات في إطار الدستور والقانون.

يقول الكاتب والصحفي شمس رحماني "نحن الأغلبية الصامتة، نحمل همّ البلاد ونطمح إلى بناء مستقبل يتجاوز الاستقطاب والتشظي"، وتغييب هذه الأصوات يعمّق من ضبابية المشهد ويمنع المجتمع الدولي من إدراك الواقع الأفغاني في تعدده وتعقيده.

التحديات الأخلاقية والمهنية

لم تكن التغطية الإعلامية الدولية والعربية للشأن الأفغاني بمنأى عن التحيزات الأيديولوجية والسياسية، إذ غلب على كثير منها غياب التوازن، وضعف التمثيل المحلي في غرف الأخبار، واللجوء إلى الصور النمطية السهلة.

هذه العوامل مجتمعة ساهمت في إنتاج رواية سطحية ومبسطة لواقع معقد يعانيه مجتمع بأكمله.

في هذا السياق، يرى المراقبون أن مسؤولية المؤسسات الصحفية لا تقتصر على نقل الخبر، بل تتعداه إلى ضرورة تمثيل وجهات النظر المختلفة، وتوفير مساحة للصحفيين المحليين، ومساءلة السرديات السائدة بتحليل نقدي جاد.

ويقول بصير أحمد دانشيار، أستاذ الإعلام بجامعة هراة سابقا ونائب رئيس منظمة حماية الصحفيين الأفغان للجزيرة نت، "يصطدم بتحديات ميدانية خطِرة؛ إذ يواجه الصحفيون الأفغان اليوم ضغوطًا مضاعفة، سواء من السلطات القائمة أم بسبب ضعف الحماية الدولية. وقد اضطر عدد كبير منهم إلى مغادرة البلاد أو التوقف عن العمل، مما أضعف الحضور المستقل في المشهد الإعلامي المحلي".

إعلان

إن قصور الإعلام في تقديم صورة شاملة عن أفغانستان لا يُعد فقط إخفاقًا مهنيًا، بل جزءًا من ظلم معرفي مستمر، وتجاوز هذا الخلل يتطلب إعادة بناء الثقة، وتوسيع هامش الحرية للصحفيين المحليين، والإنصات للأصوات التي طالما همشت.

مقالات مشابهة

  • وفاة شاب داخل المسجد الأموي بدمشق.. والداخلية السورية تعلّق
  • جمال شعبان: السيدات أكثر عرضة لـ كسرة القلب من الرجال
  • سلمت عليه وحضنته.. جمال شعبان عن لقاءه الأخير بـ لطفي لبيب
  • دراسة توضح: طريقة بسيطة للمشي 15 دقيقة يوميًا قد تنقذ الحياة
  • حادث مأساوي على طريق الفلاح.. وفاة امرأة وإجراءات مرورية عاجلة
  • نور النبوي للراحل لطفي لبيب: ستبقي في القلب
  • "صاحب البهجة".. وفاة الفنان المصري الشهير لطفي لبيب
  • أفغانستان المجني عليها في الإعلام
  • قرار بشأن وفاة شابين اصطدمت بهما سيارة نقل بكورنيش المعادي
  • وفاة شاب في حادث مرور بالبويرة