انتقال المواجهة بين إيران وإسرائيل، من الحرب بالوكالة إلى الاستهداف العسكري المباشر، للمرة الأولى في تاريخ الصراع، يلقي بتبعاته السلبيّة على مجمل الإقتصاد العالمي، خصوصًا على أسواق النفط والتجارة الدوليّة. بعد الضربة الإيرانية، خفّض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 2.

7 %، بعدما كانت 3.4 % وفق توقّعاته في تشرين الأول الماضي. وورد في تقريره أنّ "طول أمد الاضطرابات في البحر الأحمر يمكن أن يستمر في التأثير على أحجام التجارة وتكاليف الشحن، مع تضاعف التأثير على مصر من خلال تراجع إيرادات قناة السويس". كذلك فعلت منظّمة التجارة العالمية، إذ تراجعت عن توقّعاتها السابقة بانتعاش التجارة العالمية هذا العام والعام المقبل، لتعود غداة الردّ الإيراني وتحذّر "من مخاطر تعطّل التجارة بسبب التوتر الجيوسياسي وتزايد الحمائيّة وتفاقم أزمة الشرق الأوسط". وذكرت أنّ توقعاتها لعام 2024 مهدّدة بخطر التراجع بين 1.6 %. و 5.8%.
 
أسعار النفط تتقلّب على وقع الصواريخ المتبادلة بين طهران وتل أبيب
شكّلت أسواق النفط خلال الأيام الماضية مؤشّرًا حول مدى انعكاس التوترات الجيوسياسيّة على أسعار النفط، التي تفاعلت وشهدت تقلّبات واسعة عى وقع الردود المتبادلة بين إيران وإسرائيل، حيث ارتفع سعر خام برنت، في 13 نيسان الحالي، إلى أعلى مستوى له منذ ستّة أشهر، بتسجيله 92.18 دولار للبرميل، قبل ساعات من الهجوم الإيراني، على وقع التحذير من هجوم إيراني وشيك. ثم انخفضت الأسعار يوم الاثنين في 15 نيسان الحالي، إلى 89.70 دولارًا، بعدما تبيّن أنّ الهجوم كان أقل ضررًا من المتوقع. ولكنّ الأسعار عادت لترتفع صباح الثلاثاء إلى 90.42 دولار على وقع التهديدات الإسرائيليّة بالرد. وصباح الجمعة ارتفعت الأسعار في التعاملات المبكرة بنحو 4% عقب شن إسرائيل ضربة عسكرية في مدينة اصفهان، فتجاوزت العقود الآجلة لخام برنت عتبة الـ 90 دولارًا، ثم تراجعت بعد ساعات إلى 86 دولارًا، بعدما تبيّن أنّ الهجوم الإسرائيلي محدود، وفق توصيف وزير الخارجية الإيراني "طائرات مسيّرة صغيرة لم تسبّب خسائر ماديّة أو بشريّة في أصفهان".
تسعير الصراع ودخول إيران والدولة العبرية في مواجهة مباشرة، من شأنه أن يلقي بتبعات كبيرة على مجمل مفاصل الإقتصاد العالمي والتجارة الدولية، وفق قراءة الخبير الاقتصادي وعميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا البروفسور بيار الخوري في حديثه لـ "لبنان 24" نظرًا لأهمية المنطقة الجيوسياسيّة التي تتواجد فيها كلتا الدولتين. يفنّد الخوري تأثيرات المشهديّة الناريّة الآخذة في التمدّد في المنطقة، على جوانب عديدة "في ما يتعلّق بأسواق النفط والطاقة، قد يؤدي توسّع النزاع إلى اضطرابات في إمدادات النفط، خاصةً إذا ذهبت الأمور نحو تعطّل الملاحة في الخليج العربي أو مضيق هرمز، وهو ممرّ مائي حيوي، كان يمرّ عبره حوالي 20% من النفط العالمي. وبالتالي الخوف من انقطاع الإمدادات قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط، مما يزيد من تكاليف الطاقة عالميًّا، ويؤثر على النمو الاقتصادي". لاسيّما وأنّ منطقة الشرق الأوسط تُمثل ثلث إمدادات النفط العالميّة، بحيث تضم عدداً من أكبر مصدري النفط في العالم. كما أنّ إيران تعدّ أحد المنتجين الرئيسيين لمنظمة أوبك، كونها تنتج 3 ملايين برميل يوميًّا، وقد صنّفتها وكالة الطاقة الدولية، العام الماضي في المرتبة التاسعة بين أكبر منتجي النفط الخام في العالم.
 
تهديد طرق التجارة الدولية وتراجع الاستثمارات
أمّا التجارة الدولية فلن تكون بمنأى عن شظايا الحرب التي ستطال الطرق التجارية، خاصّة تلك المارة قرب المناطق المتأثرّة بالنزاع وفق الخوري "إذا ما تأثرت الموانئ الرئيسيّة في الخليج العربي، فقد يؤدي ذلك إلى تأخير وزيادة في التكاليف اللوجستيّة، التي تنعكس بدورها على السلاسل العالميّة للإمداد. الأسواق الماليّة تقع بدورها ضمن دائرة تبعات النزاعات في الشرق الأوسط، والتي عادة ما تجلب معها تقلّبات في الأسواق الماليّة العالميّة، حيث يسعى المستثمرون لنقل استثماراتهم إلى أصول أكثر أمانًا مثل الذهب أو السندات الحكومية للدول الكبرى. ومن التبعات المحتملة للمواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل، تراجع الاستثمار في المنطقة بسبب المخاوف من استمراريّة دوامة العنف أو عدم الاستقرار، مما يعيق النمو الاقتصادي في الدول المعنيّة والمنطقة بأكملها."
 
الأمن العالمي على وقع حربين
انعكاسات دخول المواجهة منعطف الحرب بالأصالة بين طهران وتل أبيب لن يقتصر على الأسواق العالميّة، بل سيطال الأمن والسياسات الدوليّة يقول الخوري "من المحتمل أن تتدخّل قوى كبرى أو تتأثر بالنزاع، مما يعقّد العلاقات الدوليّة، ويؤثّر على السياسة العالميّة، الأمر الذي قد يؤدي إلى إعادة تشكيل التحالفات والتأثير في القضايا الدوليّة الأخرى. يحصل ذلك في ظل استمرار حرب أوكرانيا والتوتر في بحر الصين الجنوبي. كلّ هذه العوامل تشير إلى أن النزاع المباشر بين إيران وإسرائيل قد يؤدي إلى عواقب اقتصاديّة وجيوسياسيّة خطيرة،قد تتجاوز حدود المنطقة، لتطال الاقتصاد والأمن في العالم بأسره".
حتى اللحظة، معادلة الرد بالرد والنار بالنار، بين إسرائيل وطهران، لا زالت مضبوطة الإيقاع، ومدروسة الأضرار، لكن اللعبة قد تنزلق عن مسارها المرسوم في أيّ لحظة، لتفجّر صراعًا واسعًا ومدمّرًا في المنطقة، خصوصًا أنّ الهجوم المتبادل منذ استهداف القنصليّة الإيرانيّة في دمشق وما تلاها من ردود، شكّل سابقة في التاريخ، وكسرا للخطوط الحمراء بينهما، كل ذلك يرفع من منسوب الخطر من انزلاق تدريجي إلى حرب إقليمية شاملة لا تحمد عقباها. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: بین إیران وإسرائیل الشرق الأوسط العالمی ة ة العالمی الدولی ة قد یؤدی على وقع

إقرأ أيضاً:

500 مليون دولار من صندوق النقد الدولي لأوكرانيا

أعلن صندوق النقد الدولي الخميس توصله إلى اتفاق مع الحكومة الأوكرانية يهدف إلى تلقي البلاد دفعة جديدة بقيمة 500 مليون دولار أميركي في إطار برنامج مساعدات.
وما زال الاتفاق يحتاج إلى موافقة المجلس التنفيذي للصندوق ليدخل حيز التنفيذ، الأمر الذي يُتوقع أن يتم "خلال الأسابيع المقبلة"، وفقا لبيان صادر عن الصندوق.
أخبار متعلقة الهند تطلب من صندوق النقد الدولي إعادة النظر في قرض ممنوح لباكستانوصفها بالمفيدة.. صندوق النقد يجري محادثات اقتصادية مع سوريابعد توقف 14 عامًا.. البنك الدولي يستأنف برامجه لمساعدة سورياومع هذه الدفعة، يبلغ مجموع الأموال المصروفة لأوكرانيا 10,65 مليارات دولار أميركي، من أصل 15,5 مليار دولار ينص عليها برنامج المساعدات.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } 500 مليون دولار من صندوق النقد الدولي لأوكرانيامساعدات دولية كبرىويشكل هذا البرنامج جزءا من خطة مساعدات دولية كبرى بقيمة إجمالية تبلغ 122 مليار دولار، وافقت عليها في مارس 2023 كل الدول الداعمة لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي في فبراير 2022.
ويرى صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد الأوكراني ما زال يعاني بشدة جراء الصراع الدائر، متوقعا أن يراوح النمو بين 2 و3 في المئة هذا العام، أي أقل من نسبة 4% المحقّقة في 2024.
وتعتبر هذه التوقعات منخفضة مقارنة مع توقع الصندوق في نهاية العام الماضي أن يراوح النمو الاقتصادي في أوكرانيا بين 2,5% و3,5%.

مقالات مشابهة

  • إيران تسجل نموًا اقتصاديًا في العام المنصرم مع ارتفاع الناتج المحلي بنسبة 3%
  • صدمة أممية إزاء قصف الدعم السريع لمنشآت «الأغذية العالمي» بالفاشر
  • كردستان تتلقى صدمة أيار المالية وتهرب نحو مشروع “الانسحاب من بغداد”
  • بركة: مؤسسة النفط على شفا صراع نفوذ سياسي
  • صراع سعودي اماراتي على مناطق النفط بشبوة
  • ناقلات نفط تختفي قبالة ماليزيا مع تزايد الرقابة على شحنات إيران
  • الصايغ: الإمارات تحرص على التكامل مع الأسواق الآسيوية
  • انخفاض أسعار النفط.. وخام برنت يسجل 63 دولارا للبرميل
  • انخفاض أسعار النفط
  • 500 مليون دولار من صندوق النقد الدولي لأوكرانيا