سودانايل:
2025-12-13@15:15:47 GMT

عام على الحرب، لكن هل هي حقاً “عبثية”

تاريخ النشر: 26th, April 2024 GMT

الدكتور عبدالله علي إبراهيم، متعه الله بالصحة والعافية، منارة راسخة في الفكر الإنساني، ومنهل لا ينضب من المعرفة، فهو مدرسة لن تتكرر، ونحن محظوظون لأننا عشنا عصره وعاصرناه.
بالتأكيد هو ليس في حاجة لشهادتي هذه، لكني ذكرتها حتى أذكر بها نفسي لتتواضع وأنا أحاول أعقب على مقاله (عام على الحرب "العبثية" ويل لأمة الغضب مولد طاقتها الوحيد).

متناولاً هذه المفردة (عبثية) التي ضنَّ البروفيسور بها علينا.
لماذا هي حرب "عبثية"؟ وهل كلمة "عبثية" اسم أو صفة لهذه الحرب، أم مفهوماً فلسفياً، فلو كانت صفة لهذه الحرب الملعونة فهذا هو الخطأ بعينه، أما لو كانت اسم فأحيانا تسمى الأشياء بأحداث وقعت خلالها أو لظرف موضوعي، أو ذاتي، أو ظرف مكان، أو زمان تعلق بها، وكثير من الأحداث تحمل أسماء ربما لو حللناها نجد أن العلاقة بين الاسم والحدث هو كالعلاقة بين السمكة، والصحراء، ومارلين مونرو، لا رابط بينهم، وأظن اسم الحرب العبثية مأخوذ من لسان الجنرال عبد الفتاح البرهان الذي كان أول ما أدلى به عند وقوعها حين قال لقناتي العربية والحدث في أبريل 2023 ((الجميع خاسر في هذه الحرب العبثية)) واصفاً إياها بأنها حرب عبثية لا منتصر والكل فيها مهزوم، وأظن هذه هي العبارة الوحيدة التي صدق فيها منذ أن عرفناه، ربما من هنا جرى المسمى في أوساط الحداثيين، ومنهم الأستاذة رشا عوض القيادية المستنيرة في تنسيقية القوى الديمقراطية والمدنية (تقدم)، وشخصي والعديد من الكتاب والمثقفين.
أما وصفها بحرب "عبثية"، سواء بالمعني الحرفي للكلمة، أي اللعب والهزل وإضاعة الوقت فيما لا فائدة فيه، أو بالمعنى المجازي أي سدى أو هباء، كما في قوله تعالى (أفحسبتم إنما خلقناكم عبثا) المؤمنون115، فهي بالتأكيد ليست كذلك مادام لها أهدافها ومنطلقاتها وأسبابها. ولو لم يطلق الفلول طلقتها الأولى فأنها كانت حتمية الاندلاع، حسب صيرورة التاريخ، تعاقب الأحداث، النشوء والارتقاء ومنطق الأسباب وقوانين التطور، كانت ستقع ستقع بعد أن توفرت لها الأسباب ونضجت الظروف، على الرغْم من محاولات المشفقين من المدنيين في قيادات الحرية والتغيير، وبعض أصحاب النيات الحسنة إطفاء ذكوتها، وإخماد لهيبها، إلا أنهم فشلوا لأن جمرتها كانت متقدة تحت الركام منذ أغسطس 2013 عندما حول عمر البشير ميلشيا الجنجويد إلى قوات منفلتة الزمام باسم قوات الدعم السريع.
كانت الحرب مشتعلة تحت الركام منذ أن بدأ تفريغ الجيش من كوادره المؤهلة وإضعافه لمصلحة المليشيات الحزبية وقوات الدعم السريع.
كانت الحرب جمرتها مشتعلة تحت الركام منذ أن تمدد حميدتي وحوَلَ قوات الدعم السريع من بضعة آلاف إلى جيش خاص تعداده بمئات الآلاف، جيش ليس موازياً أو مضاهياً للقوات المسلحة، بل متفوقاً عليها عدةً وعتاداً، تدريباً وتأهيلا مما جعل حميدتي يخرج لسانه متطاولاً ومستفزاً الجيش وقياداته بمناسبة ومن غير مناسبة.
كانت الحرب مشتعلة تحت الركام، منذ سقوط دولة الفساد والاستبداد وفلولها يعدون العدة بالمال والسلاح، و يحيكون المؤامرات لإفشال التجربة المدنية والعودة للمشهد السياسي.
كانت الحرب مشتعلة تحت الركام منذ أن رفض صناع الثورة الجلوس معاً، والعمل كيد واحدة وحاضنة سياسية للحكومة المدنية ولحماية الثورة، والمضي بها قدماً لتحقيق غاياتها، والحلفاء المعنيين هم أحزاب الحرية والتغيير، تجمع المهنيين، لجان المقاومة، الشيوعيين، والحركات المسلحة عبد الواحد محمد نور، وعبد العزيز الحلو.
وهنا نجد الدكتور عبدالله علي إبراهيم محق وعلى حق، فمن الخطأ وصف الحرب بالعبثية ما دام لها أهداف ومقاصد، لكن هناك معنى آخر لمفهوم "العبثية" يتمثل في المعنى الفلسفي للكلمة، أي مفهوم الفلسفة "العبثية" التي ارتبطت بالعدمية، ومن روادها الكاتب "صمويل بيكيت"، المسرحي الإيرلندي المعروف صاحب مسرحية "في انتظار غودو"، وكذلك "يوجين يونسكو" أبرز مسرحيي مسرح اللامعقول أو مسرح العبث في فرنسا والعالم.
والفلسفة العبثية مرادفة في المعنى للعدمية، أي غير مفهومة بواسطة العقل البشري، ومصطلح "عبثي" له معنى محدد في سياق الفلسفة العبثية، فهو يشير إلى صراع أو تناقض بين شيئين، أو بين النيات والنتائج، أو بين التقييم الذاتي والقيمة الموضوعية، وهنا يمكن إطلاق "عبثية"، بالمفهوم الفلسفي للكلمة، على هذه الحرب ليس لكونها غير معلومة الفائدة فنقول أنها انطلقت عبثاً، أي لا فائدة مرجوة منها، بل بمفهوم حصيلتها وقيمتها الموضوعية، وعبثية لأن نهايتها الفشل الحتمي لكافة الأطراف، ومن هذا المنطوق الفلسفي (العبثية) (Absurdism) حق لنا أن نطلق عليها عمومًا إنها حرب "عبثية".

عاطف عبدالله
26/04/2024

[email protected]  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: تحت الرکام منذ کانت الحرب هذه الحرب منذ أن

إقرأ أيضاً:

محللون: ميليشيات أبو شباب تتحول إلى “عبء أمني” على الاحتلال

#سواليف

تتصاعد في الفترة الأخيرة مؤشرات فشل مشروع #الاحتلال_الإسرائيلي الهادف إلى صناعة قوى مسلّحة محلية تعمل كأدوات بديلة داخل قطاع #غزة، بعد الضربة التي تلقّتها هذه المجموعات بمقتل أبرز قادتها وتصاعد #الانقسامات في صفوفها.

وبينما كانت “إسرائيل” تعوّل على دور محوري لهذه التشكيلات في المرحلة الثانية من العمليات، تكشف المعطيات الميدانية والسياسية أن بنيتها هشة، وأنها تتحول تدريجيا إلى #عبء على #مخططات_الاحتلال لا رافعة لها.

وقال المحلل السياسي إياد القرا إن #الجماعات_المسلحة التي ظهرت في مناطق سيطرة الاحتلال داخل قطاع غزة ستتأثر بشكل كبير خلال المرحلة المقبلة، معتبرًا أن نجاح المقاومة في الوصول إلى قائد هذه المجموعات ومؤسسها يمثّل “ضربة قاصمة” للمشروع “الإسرائيلي” القائم على توظيف هذه الفصائل لخدمة مخططاته في المرحلة الثانية من الحرب.

مقالات ذات صلة قفزة في أسعار الذهب محليا 2025/12/13

وأضاف ، أن إسرائيل كانت تعوّل على أن تتولى هذه العناصر السيطرة على “المنطقة الصفراء” باعتبارها نواة لقوات أمن فلسطينية يمكن إدماجها لاحقًا ضمن قوات استقرار دولية تعمل في هذه المناطق، غير أن الضربة الأخيرة أفشلت جانبًا مهمًا من هذا الرهان.

وأوضح القرا أن شخصية غسان الدهيني، التي طُرحت لقيادة هذه المجموعات، تعاني أصلًا من خلافات داخلية وانقسامات عميقة، خاصة أن أفراد هذه التشكيلات تحركهم مصالح متباينة؛ بعضها عائلي وبعضها نابع من خصومات مع حماس، فضلًا عن وجود عناصر متهمة بالعمالة للاحتلال.

ورجّح أن تتفاقم هذه الصراعات خلال الفترة المقبلة، بما يعمق حالة التشكيك داخل صفوفهم ويدفع بعضهم إلى الهروب أو التوقف عن التعاون.

ولفت إلى أن بعض العناصر بدأت تطلب أموالًا ومساعدات مقابل تنفيذ عمليات ضد مجموعات أخرى، ما يعكس هشاشة هذه البنية المسلحة وتفككها الداخلي.

من جهته، قال الخبير الاستراتيجي والعسكري نضال أبو زيد إن المقطع المصوَّر الذي ظهر فيه غسان الدهيني وهو يتفقد عناصر مجموعته يثير علامات استفهام عديدة، إذ بدا واضحًا أن المنطقة التي ظهر فيها ليست مدينة رفح كما زُعم، بل موقع قريب من حدود غزة داخل مناطق “غلاف غزة” الإسرائيلي، حيث المنازل والأشجار سليمة وغير متضررة، وهو ما يشير —بحسب أبو زيد— إلى أن الاحتلال أنشأ جيبًا آمنًا لهذه المجموعات داخل الغلاف تحت حماية جيشه، وليس داخل القطاع.

واعتبر أن ذلك يكشف عن مستوى جديد من الحماية التي بات الاحتلال يوفرها لهذه الفصائل، “ليس فقط حماية زمنية، بل حماية مكانية” تضمن لها العمل بمعزل عن بيئة قطاع غزة الفعلية.

وفي قراءته لواقع هذه المجموعات، أوضح أبو زيد في حديث لـ”قدس برس”أن المقاومة نجحت في استعادة “الاتزان الاستراتيجي الداخلي”، عبر إعادة ترميم سلسلة القرار وضبط الأوضاع الأمنية وتعزيز بنية القيادة، وهي تعمل الآن على استكمال هذا الاتزان من خلال ترميم العلاقة مع محيطها الاجتماعي داخل القطاع.

ويضيف أن المقاومة لا ترغب في فتح مواجهة مباشرة مع هذه المجموعات في هذا التوقيت، لأن أي صدام الآن قد يعرقل جهود إعادة بناء تنظيمها ويمنح الاحتلال فرصة لاستثمار هذه الفصائل في إطار حروب الوكلاء التي يخطط لها في حال فشل المرحلة الثانية من عملياته.

وأشار أبو زيد إلى أن الاحتلال، في ظل حالة الاستنزاف الكبيرة التي يعاني منها، يسعى إلى تحويل هذه المجموعات إلى أدوات قتال بالنيابة عنه، لتجنب العودة إلى عمليات برية واسعة.

ولذلك فإن المقاومة —وفق تقديره— تؤجّل المواجهة معهم إلى ما بعد استكمال ترتيبات الاتزان الاستراتيجي، بحيث تتمكن لاحقًا من إنهاء هذا الملف بشكل حاسم.

وختم بالقول إن التقديرات المتداولة حول تضخم أعداد هذه المجموعات مبالغ فيها، وإن جزءًا كبيرًا مما يُروَّج يأتي ضمن ماكينة البروباغندا الإسرائيلية، في حين تشير مصادر أخرى إلى أن عددًا ملحوظًا من عناصر هذه التشكيلات قد سلّم نفسه للمقاومة بالفعل

مقالات مشابهة

  • النعيمات بغرفة التدريب: “بالروح الكأس ما بروح”
  • محللون: ميليشيات أبو شباب تتحول إلى “عبء أمني” على الاحتلال
  • وقفات جماهيرية في القبيطة تحت شعار “جهوزية واستعداد .. والتعبئة مستمرة”
  • أمانة العاصمة تشهد وقفات شعبية حاشدة تحت شعار “جهوزية واستعداد.. والتعبئة مستمرة”
  • من وحي ” علم النفس “
  • الخرطوم تنهض من تحت الركام
  • من يتحمل تكاليف رفع الركام من غزة.. إعلام عبري يكشف مفاجأة
  • الجيش الإيراني يزيح الستار عن منظومة الحرب الإلكترونية “صياد 4”
  • محطة “المقرن” الرئيسية بالخرطوم تعود لضخ المياه بطاقتها القصوى بعد توقف عامين ونصف جراء الحرب
  • مشعل: وجه “إسرائيل” القبيح كُشف أمام العالم بعد السابع من أكتوبر