يوماً بعد يوم تتضح نوايا إسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية عبر نقل الصراع إلى دول الجوار، منتهكة جميع الأعراف الدولية، فى ظل دعم أمريكى يرفض الحديث عن وقف إطلاق النار وتصريحات إسرائيلية داخلية تحاول زيادة أمد الصراع إما بالإبادة الجماعية لسكان القطاع أو التهجير القسرى، وهو ما يمكن أن يصل إلى حد التطهير العرقى، الذى يتطلب مواقف أكثر صرامة وعدم التعامل بالمعايير المزدوجة، خاصة فى القضايا التى تنتهك حقوق الإنسان التى يتشدق بها الغرب، واتخاذ مجلس الأمن قراراً لإيقاف الهجرة القسرية وخلق ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية، مع التعامل مع جذور المشكلة وهى عدم إقامة دولة فلسطينية وعدم تنفيذ مبدأ حل الدولتين حتى الآن.

أهالي الضفة يعيشون في جيوب منعزلة تحت حكم عسكري صارم وفي غزة 2 مليون يعانون حصارا بعيدا عن معايير حقوق الإنسان

وحسب دراسة للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، يعيش الفلسطينيون فى الضفة الغربية وغزة فى حصار دائم وفقاً للفصل العنصرى الذى تنتهجه إسرائيل ضدهم، ففى الضفة الغربية يعيش الفلسطينيون فى جيوب منعزلة تحت حكم عسكرى صارم، وكذلك فى قطاع غزة يعيش أكثر من مليونى مواطن فلسطينى فرضت عليهم إسرائيل حصاراً محكماً بعيداً تماماً عن أى معايير لحقوق الإنسان، حرمت القطاع من أبسط حقوقه، خاصة بعد سيطرة حركة حماس عليه فى عام 2007، بشكل يطال جميع تفاصيل حياة السكان اليومية.

خبراء أمميون: سياسة الإخلاء القسري باستهداف السكان الأصليين ترتقي إلى «جريمة حرب»

 ولم تكن الأحداث التى تلت عملية 7 أكتوبر والحصار الذى طبقته إسرائيل على قطاع غزة من قطع الإمدادات الأساسية لتجويع وتهجير القطاع هى الأولى من نوعها، ولكنها محاولات مستمرة لتفريغ القطاع من سكانه الأصليين لتحقيق الهدف الأكبر فى تهويد الأرض الفلسطينية لصالح اليهود، والقضاء على مبدأ حل الدولتين، وهو ما أدانه خبراء أمميون فى يوليو 2023 فى معرض تعليقهم على سياسة الإخلاء القسرى والتهجير التى ارتكبتها سلطات الاحتلال ضد العديد من العائلات الفلسطينية فى القدس الشرقية، وحذروا من ارتقاء هذه الخطوة إلى «مستوى جريمة حرب» عبر استهداف السكان الأصليين والعمل على ترحيلهم قسرياً، مشددين على ضرورة تراجع إسرائيل عن خطتها الاستيطانية لنزع الطابع الفلسطينى عن المدينة، وانتهاك حق تقرير المصير، وارتكاب جرائم الفصل العنصرى القائم على قانون التمييز الذى تطبقه إسرائيل ضد السكان الأصليين.

ووفقاً لموقع الأمم المتحدة، وبموجب القانون الدولى الإنسانى، فإن النقل القسرى للأشخاص المحميين، إضافة إلى تدمير الممتلكات العقارية أو الشخصية العائدة بشكل فردى أو جماعى إلى أفراد عاديين من قبَل إسرائيل، بصفتها قوة احتلال، محظور بشكل تام، إلا فى الحالات التى تكون فيها مثل هذه الإجراءات ضرورية للغاية لأسباب عسكرية قهرية، أو من أجل أمن السكان الواقعين تحت الاحتلال.

وجاءت الرؤية ا لمصرية لوقف سيناريو التهجير، واستهداف بناء دولة جديدة للفلسطينيين على حساب دول الجوار، ممثلة فى مصر والأردن، رغم أن مصر تستضيف 9 ملايين مواطن أجنبى على أراضيها، دون التعامل بالإجراءات المتبعة عالمياً من وضع اللاجئين فى أطراف الدولة وفى خيام، ولكن تعمل مصر على دمجهم داخل المجتمع المصرى، وهو جوهر الاختلاف مع الخطة الإسرائيلية التى تعمل على تفريغ وطمس الهوية الفلسطينية عبر سياسة الأرض المحروقة، وبناء دولة جديدة للفلسطينيين بعيداً عن حدودهم الأصلية بالضغط عليهم بدعوى الحرب ضد الإرهاب، وخلق ممرات آمنة.

مصر فتحت معبر رفح منذ اليوم الأول لاستقبال المصابين وتوصيل المساعدات الإنسانية للمنكوبين واستضافت المستشفيات الميدانية

وتمنع إسرائيل وصول المساعدات إلى مناطق النزاع حتى تم فتح المعبر لعدد شاحنات لا تمثل ربع احتياجات القطاع للوصول إلى تحقيق خطتها المعلنة، والتى يمكن أن يترتب عليها توسيع رقعة الصراع، وتصفية القضية الفلسطينية.

وفتحت مصر معبر رفح منذ اليوم الأول لاستقبال المصابين وتوصيل المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بجانب استضافة المستشفيات الميدانية واستقبال المصابين فى المستشفيات المصرية والأطفال المبتسرين والحالات الحرجة، بجانب قيام مصر بتقديم النصيب الأكبر من المساعدات بين 27 دولة قدمت المساعدات للشعب الفلسطينى، لتوفير الإمدادات اللازمة لعدم تخلى الشعب الفلسطينى عن أرضه فى ظل حملة التطهير العرقى والعنصرى من حصار وتجويع وقتل ترتكبه السلطات الإسرائيلية.

ويعتبر حث الجيش الإسرائيلى سكان مدينة غزة على التحرك جنوباً ضمن الخطة الإسرائيلية لنظام «الأبارتايد» الذى تنتهجه ضد الوجود الفلسطينى، والذى يقضى بالتفوق الإسرائيلى فى المنطقة التى تحددها داخل الخط الأخضر وفى الضفة الغربية وشرقىّ القدس وقطاع غزة، مقررة أن يعيش المستوطنون الإسرائيليون فى حيز متصل، فالمواطنون اليهود المقيمون فى الأراضى الواقعة بين النهر والبحر يديرون حياتهم خلال حيز واحد، مع استثناء قطاع غزة، فيما يعيش الفلسطينيون فى جيوب منفصلة لا يتمتعون بالحق فى الإدارة أو الحق السياسى فى ظل خطة إسرائيل لهندسة الحيز الفلسطينى لفصل الشعب عن بعضه البعض ديموجرافياً وسياسياً، ولكى تقوم بهذا الأمر فإنها تستغله عبر سياسة تهويد الأرض والتهجير القسرى. ومنذ عام 1948، تحاول إسرائيل تهويد الأرض عبر السيطرة على أكثر من 90% من الأرض الخضراء، وهو ما قامت به أيضاً بعد حرب العرب وإسرائيل فى يونيو 1967 والسيطرة على الضفة الغربية وقطاع غزة، من خلال إنشاء الأنفاق وإقامة الحواجز التى تمنع حرية العبور وبناء المستوطنات غير المصرح بها دولياً، وذلك عبر تهجير السكان الأصليين، ما يُعد جريمة إنسانية ضد القوانين الدولية ومواثيق الأمم المتحدة.

وتعطى السلطات الإسرائيلية الحق لجميع يهود العالم فى الحصول على الجنسية الإسرائيلية، فى المقابل لا يمكن لأى فلسطينى السفر إلى الأراضى التى تحتلها إسرائيل. هذا بجانب رفض عودة اللاجئين الذين نزحوا من الصراع الإسرائيلى من المناطق المختلفة، حيث يوجد 5.5 مليون لاجئ فلسطينى غير قادرين على العودة.

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الانتهاكات الإسرائيلية أطماع إسرائيل الأبارتايد السکان الأصلیین الضفة الغربیة قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

قادة مسلمي الهند يطالبون حكومتهم بدعم فلسطين

رفع قادة منظمات إسلامية كبيرة في الهند، اليوم الاثنين، الصوت عاليا لأجل غزة ووقف حرب الإبادة وسياسة التجويع فيها، وطالبوا الحكومة الهندية بالوقوف بقوة مع غزة والشعب الفلسطيني.

كما ذكر قادة المنظمات الإسلامية الهند بأن لها تاريخا طويلا في تأييد القضية الفلسطينية حتى منذ قبل الاستقلال وعلى حكومة الهند انتهاج تلك السياسة الثابتة للبلاد.

وعقد زعماء مسلمي الهند، اليوم، مؤتمرا صحفيا لنصرة فلسطين، في نادي الصحافة الهندي بالعاصمة الهندية نيو دلهى حضره رئيس الجماعة الإسلامية في الهند سعادة الله الحسينى وعلي أصغر إمام مهدى السلفي رئيس جماعة أهل الحديث، والعالم الشيعي البارز الشيخ محسن تقوى، ورئيس مجلس المشاورة الإسلامي لعموم الهند ورئيس مفوضية الأقليات السابق الدكتور ظفر الإسلام خان، ورئيس اتحاد الطلبة المسلمين، وممثلون عن جمعية علماء الهند.

وطالب رئيس الجماعة الإسلامية بالهند سعادة الله الحسيني، في مؤتمر صحفي عقد بالعاصمة نيودلهي وحضره زعماء مسلمون، الحكومة الهندية بأن تفي بالتزاماتها الإنسانية وتقف بكل قوة مع الشعب الفلسطيني المظلوم وترفع صوتها من أجله.

وأضاف أن " هذه مطالبنا من الجميع، ابتداء بالحكومة الهندية مرورا بكل الشركات ووصولا إلى مكونات الشعب الهندي".

                     

 الحسيني طالب الحكومة الهندية بأن تفي بالتزاماتها وتقف بكل قوة مع الشعب الفلسطيني (الجماعة الإسلامية بالهند)

وقال الدكتور ظفر الإسلام خان، أحد أبرز المدافعين عن القضية الفلسطينية في الهند، إن القانون الدولي الذي استغرق إعداده نحو قرن ونصف قرن من الزمان يتم الآن تدميره على أيدى إسرائيل ومؤيديها الغربيين وخصوصا الولايات المتحدة وبريطانيا.

ولفت إلى أن هذا يحصل رغم أن 140 دولة أيدت فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة وطالبت إسرائيل بوقف الإبادة والعدوان وإنهاء الاحتلال، وأيضا رغم إصدار محكمة العدل الدولية أوامر باعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

إعلان

ونبّه خان إلى أن هذه أول عملية إبادة جماعية في التاريخ العالمي تقترف على مدار الساعة وعلى مرأى من العالم، حيث يقتل الناس وهم ينتظرون الحصول على غذائهم.

وتابع، لو أن هذا جرى لقرية صغيرة في الغرب، لرأيت الجيوش والقوات البحرية والجوية تتحرك لإنقاذها، ولكن موقف الدول الغربية في غزة مغاير تماما، إذ تؤيد المعتدي وتزوده بكل ما يحتاج للاستمرار في العدوان والإبادة.

مسلمو الهند ي  زعماء مسلمي الهند، اليوم، مؤتمرا صحفيا لنصرة فلسطين (حساب الجماعة الإسلامية بالهند)نقف مع أنفسنا

وأوضح خان، أننا عندما نقف مع أهل غزة فنحن في الحقيقة نقف مع أنفسنا لأنه لو دُمر القانون والنظام الدوليان وحوّل العالم إلى غابة، فلن يسلم أحد من مثل هذه المظالم على أيد الأقوياء.

وقال: إن مؤيدي إسرائيل يعترفون بالمظالم التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، إلا أنهم يساعدون المعتدي بالمال والعتاد الحربي ليواصل عدوانه بلا رادع، مضيفا أنه كان على هذه الدول أن توقف الإبادة والعدوان لأنها تمتلك القوة اللازمة لذلك.

وبيّن خان أن جلّ دول العالم وشعوبه في آسيا وإفريقيا تقف اليوم مع فلسطين، مشيرا إلى أن رئيس كولومبيا أمر القوى البحرية في بلاده قبل أيام، باعتقال أية سفينة تحمل بضائع لإسرائيل.

وزاد، إن تأييد إسرائيل اليوم يقتصر على بعض الدول الغربية رغم أنه حتى هذه الدول تعترف بعدم شرعية ما تقترفه إسرائيل في غزة.

وأوضح خان أن الهدف الأساسي للإسرائيليين هو تهجير الفلسطينيين من غزة وهو مطلب قديم ظل الإسرائيليون يرددونه منذ عشرات السنين، على حد تعبيره.

مقالات مشابهة

  • "الغارديان": إسرائيل تجوّع غزة بدعم غربي
  • الاحتلال يُعد لسيناريوهات "اجتياح شامل"… خطط جديدة للسيطرة الكاملة على غزة بدعم أمريكي
  • الخارجية الفلسطينية: إسرائيل تقوم بـ حملة إبادة جماعية ممنهجة في غزة
  • ملك الأردن: نطالب إسرائيل بتخفيف معاناة السكان في غزة والضفة الغربية
  • بينهم 12 طفلا.. مقتل 36 فلسطينيا بهجمات إسرائيلية على غزة
  • غزة: تشدُّد أمريكي يتجاوز إسرائيل وخطط استيطانية تهدّد جغرافيا فلسطين
  • قادة مسلمي الهند يطالبون حكومتهم بدعم فلسطين
  • إنزال المساعدات من الجو .. تمويه لجريمة تجويع إسرائيلية ممنهجة في غزة
  • فؤاد حسين يصل نيويورك للمشاركة في مؤتمر دولي حول فلسطين
  • هاني سليمان: خطوة فرنسا الاعتراف بدولة فلسطين قد تفتح الباب أمام ضغط دولي متصاعد على إسرائيل