مبادئ قابلة للتجزئة.. أوروبا تقمع الأصوات المؤيدة للفلسطينيين
تاريخ النشر: 26th, April 2024 GMT
في ظل استقطاب شديد في الآراء حول الحرب الإسرائيلية على غزة، كشفت عدة منظمات غير حكومية لوكالة الصحافة الفرنسية عن مخاوف من "قمع" الأصوات المؤيدة للقضية الفلسطينية في أوروبا، إثر إلغاء فعاليات وملاحقات في حق مفكرين ونشطاء.
وقالت الباحثة في منظمة العفو الدولية جوليا هال إن "القوانين حول خطاب الكراهية ومكافحة الإرهاب تستغل لمهاجمة" الأصوات المؤيدة للفلسطينيين.
وردت إسرائيل على عملية طوفان الأقصى التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، واستهدفت قطاع غزة بعدوان مستمر أسفر إلى غاية الآن عن استشهاد أكثر من 34 ألف فلسطيني. وفي هذه الأجواء المحمومة، غالبا ما تُتهم الأصوات المؤيدة للفلسطينيين بالتساهل مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وبمعاداة الصهيونية بشدة أو حتى بـمعاداة السامية.
والنقاش حاضر بقوة في الولايات المتحدة حيث أوقف مئات الطلاب من حرم جامعات مختلفة اعتصموا فيها للاحتجاج على الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل والكارثة الإنسانية في غزة، وذلك في خضم السباق الانتخابي إلى البيت الأبيض.
أوروبا والمحرقةوفي الاتحاد الأوروبي، اتخذت 12 دولة على الأقل "تدابير غير متكافئة، منها حظر مظاهرات على أساس خطر ظاهر على الأمن العام والأمن"، وفق ما جاء في تقرير للمنتدى المدني الأوروبي ومقره بروكسل.
ويعزى هذا "القمع للتضامن مع الفلسطينيين" إلى "الدعم الكبير" الذي توفره أوروبا لإسرائيل والمرتبط بالمحرقة اليهودية، بحسب أرتي نارسي من المنتدى المدني الأوروبي.
وفي فرنسا التي تضم أكبر جالية لليهود وللمسلمين على السواء على صعيد أوروبا، والتي تخشى ارتدادات الحرب عليها، كثفت السلطات من تدابيرها، مع حظر مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين وإلغاء مؤتمرات وتوجيه الشرطة مذكرة استدعاء في حق شخصيتين سياسيتين من اليسار الراديكالي على خلفية "تمجيد الإرهاب".
وفي ألمانيا، حُظر قدوم وزير المالية اليوناني السابق يانيس فاروفاكيس في منتصف أبريل/نيسان الجاري "بغية منع أي دعاية معادية للسامية ولإسرائيل"، بحسب السلطات الألمانية. وأوقفت الشرطة فعاليات "المؤتمر الفلسطيني" الذي كان من المفترض أن يشارك فيه، بعد ساعة على انطلاقها.
والوزير اليوناني مثله مثل آني إرنو الكاتبة الفرنسية الحائزة على جائزة نوبل، هما في مرمى الرئيس المحافظ للبرلمان النمسوي فولفغانغ سوبوتكا الذي يطالب بسحب الدعوة الموجّهة لهما إلى المهرجان الفني "أسابيع فيينا الاحتفالية".
ويرفض المدير الفني للمهرجان ميلو راو الإذعان لهذا الطلب، معتبرا أن نعت الكاتبة بـ"معادية للسامية" هو "عبثي بالدرجة عينها" مثل اعتبارها "معادية لفرنسا" لأنها تنتقد حكومة بلدها.
مبرر فقد كل معناهوأعلنت مصادر رسمية ارتفاع أعمال معاداة السامية في النمسا وفرنسا بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لكن التذرع بالتصدي لمعاداة السامية لكتم الأصوات المنتقدة للحكومة الإسرائيلية يفقد "كل معناه" لا سيما أن بعض المنتقدين هم من اليهود، بحسب جوليا هال من منظمة العفو الدولية.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أوقفت إيريس هيفيتس المتخصصة في العلاج النفسي في برلين لحملها لافتة كتب عليها "بصفتي يهودية وإسرائيلية، أطلب منكم وقف الإبادة الجماعية في غزة". وأكدت جمعية "يوديشي شتيمي" اليهودية التي تندّد بما تصفه بـ"التعاون الألماني" مع "النظام السياسي للفصل العنصري لدولة إسرائيل في الضفّة الغربية" أن حساباتها قد جمّدت.
وفي وقت كانت ألمانيا تترافع أمام محكمة العدل الدولية لتدفع عنها اتهامات نيكاراغوا لها بتسهيل "الإبادة الجماعية" في غزة، انتقدت صحيفة "تاتس" اليسارية "الرقابة والعنف" إزاء المؤتمر الذي تمّ وقفه في برلين.
وذكّرت الصحيفة بأن "ألمانيا أعلنت أن تضامنها غير المقيد مع إسرائيل هو من مقتضيات مصالح الدولة العليا".
وبين أكتوبر/تشرين الأول 2022 وأكتوبر/تشرين الأول 2023، أحصى المركز الأوروبي للدعم القانوني في هولندا 310 "أعمال قمعية" في حق مظاهرات أو شخصيات مؤيّدة للفلسطينيين، راوحت بين "إجراءات قضائية" و"مضايقات" و"إلغاء فعاليات".
ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول وحتى مارس/آذار الماضيين ارتفع المجموع بأكثر من الضعف إلى 836 عملا. وهذا ليس سوى "الجزء الظاهر من المشكلة"، على قول ليلى كاترمان من المركز الأوروبي.
وفي فرنسا، اعتمدت السلطات "نظاما إداريا قضائيا" يستهدف "الأشخاص الذين يعربون عن الدعم للفلسطينيين"، في حين أنه لا يطال هؤلاء "الداعمين لإسرائيل"، بحسب المحامي أرييه حليمي العضو في رابطة حقوق الإنسان. وهو وضع "مؤسف" في نظر المحامي الذي ألّف كتاب "يهودي، فرنسي، من اليسار.. في الفوضى"، إذ إن "النضال ضدّ العنصرية ومن أجل القضايا الإنسانية ينبغي أن يبقى دوما غير قابل للتجزئة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات أکتوبر تشرین الأول الأصوات المؤیدة
إقرأ أيضاً:
"ممارسات غير إنسانية".. الأصوات المعارضة للحرب على غزة تعلو في صفوف الجيش الإسرائيلي
مع تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة وارتفاع أعداد القتلى، تتزايد الأصوات المعارضة داخل الجيش الإسرائيلي لا سيما بين جنود وضباط الاحتياط. وقد خرج بعضهم عن صمته علنًا، في انتقاد غير مسبوق للحكومة وقراراتها التي يصفونها بأنها غير أخلاقية وتحمل دوافع سياسية. اعلان
ومن بين هؤلاء يوڤال بن آري، جندي احتياط خدم في جولتين داخل القطاع، الأولى في الشمال والثانية في الجنوب، وقد أعلن عبر مقابلة مع شبكة NBC أنه يرفض المشاركة في ما وصفه بـ"جرائم حرب"، مشددًا على أن "الموقف الوطني الحقيقي هو أن تقول لا".
كما عبّر عن شعوره بالخجل والذنب حيال معاناة المدنيين في غزة، قائلاً: "أناشد الحكومة الإسرائيلية وقف تجويع مليوني إنسان".
بن آري، الذي أعيد تجنيده في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 رغم إصابته السابقة في ساقه، أشار إلى أن صدمته من حجم الدمار الذي شاهده خلال المهمة الأولى دفعته لاحقًا إلى طلب إعفائه من المهمة بعد أسبوع واحد فقط على انتشار جديد جنوب القطاع في آذار/مارس. وقد كتب عبر وسائل التواصل: "لن أرتدي هذا الزي العسكري ما دامت هذه الحكومة في السلطة".
ورغم تلقيه دعمًا من بعض أفراد عائلته وأصدقاء مقرّبين، فقد واجه بن آري أيضًا اتهامات بـ"الخيانة" و"التخلي عن الرهائن"، وهي اتهامات قال إنه كان يتوقعها. ودوّن تجربته لاحقًا في مقال بصحيفة "هآرتس" دون الإفصاح عن هويته.
تصاعد المعارضة داخل المؤسسة العسكريةلم يكن موقف بن آري معزولًا عن موجة اعتراض آخذة في الاتساع، فمع انطلاق عملية "عربات جدعون" مطلع الشهر الجاري، تصاعد زخم الرافضين داخل الجيش الإسرائيلي.
ووفق منظمة "ريستارت إسرائيل"، التي ترصد الاعتراض على سياسات الحكومة، فقد وقّع أكثر من 12 ألف جندي حالي وسابق على رسائل احتجاج منذ انهيار الهدنة في آذار/مارس، دعوا فيها إلى وقف الحرب، وأعلنوا رفضهم أداء أي مهام قتالية مستقبلية في حال استمرارها.
وفي هذا السياق، برز موقف الطيار المتقاعد غاي بوران (69 عامًا) في مقابلة مع شبكة NBC، والذي عبّر عن رفضه العلني لما يجري، مؤكدًا من تل أبيب أن الاعتراض لا يأتي من منطلق التعب بل لأن "هذه الحرب غير شرعية".
وكان بوران من أوائل من بادروا إلى صياغة رسالة احتجاج وقّع عليها نحو 1200 من الطيارين الحاليين والسابقين. واعتبر أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "غارق في مشاكل قانونية خطيرة"، في إشارة إلى محاكمته في قضايا فساد.
ورأى بوران أن الحرب تُدار خدمةً لمصالح الشركاء اليمينيين في الائتلاف الحاكم، مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، اللذين هددا بإسقاط الحكومة في حال التوصل إلى هدنة مع حماس، كما دعا كلاهما إلى "إبادة كاملة" للحركة، واحتلال غزة مجددًا وإعادة توطينها. وعلّق بوران قائلًا: "إسرائيل أصبحت رهينة لهذا الابتزاز السياسي".
حرب "غير إنسانية"اعتراضات أخرى برزت من داخل صفوف ضباط الاحتياط. أحدهم، برتبة رائد، أعرب عن قلقه من تصريحات بعض الوزراء بشأن استخدام التجويع كأداة ضغط، قائلاً: "هذه لم تعد حكومة أخلاقية... على الجيش أن يضع حدًا لهذا الجنون".
وعلى الرغم من أن القانون الإسرائيلي يمنع فصل الموظفين دون مبرر قانوني، أفادت تقارير بأن الجيش قام فعلًا بفصل أو تهديد عدد من الجنود الموقّعين على رسائل الرفض.
في المقابل، اكتفى الجيش الإسرائيلي بإصدار بيان مقتضب قال فيه إن "الجنود الاحتياطيين الذين يتركون عائلاتهم ووظائفهم للدفاع عن البلاد هم ركيزة أساسية في قوة الجيش"، من دون أن يتطرق إلى الانتقادات أو الخلفيات السياسية المرتبطة باستمرار الحرب.
Relatedمظاهرات في تل أبيب تطالب بعودة الرهائن وبإنهاء الحرب في غزةإسرائيل تتهم ماكرون بشن "حملة صليبية ضد الدولة اليهودية" بعد انتقاده الحرب على غزةغزة: جوع وطوابير ولا حل في الأفق.. الآلاف يتجمعون أمام مركز جديد للمساعدات في رفحوفي ختام تصريحاته، قال بوران إن الصراع الجاري لم يعد سوى "حرب انتقام"، محذرًا من غياب الحلول الواقعية: "حتى الجيش يقول إن هذا ليس حلًا طويل الأمد. إذا احتلّ غزة، فعليه أن يطعم سكانها، ويعالجهم، ويوفر لهم التعليم والبنية التحتية. من سيتولى ذلك؟".
أما بن آري، فاختصر موقفه بالقول: "لا يمكن تهجير مليوني إنسان من ديارهم بهذه البساطة... هذا فعل غير إنساني".
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة