محور الممانعة بات أكثر جرأة… وواشنطن تعيد حساباتها
تاريخ النشر: 27th, April 2024 GMT
من المؤشرات البالغة الأهمية التي تظهر نتيجة الاشتباك العسكري المُشتعل في المنطقة وتحديداً في جنوب لبنان، أن محور الممانعة باتت لديه "جرأة"أكبر لاستهداف العدوّ الاسرائيلي وقوّاته في الايام والاسابيع القليلة الماضية.
هذه الجرأة تظهّرت بعد قيام إيران بردّ عسكري ضدّ اسرائيل وفي عدم الردّ الاسرائيلي لاحقاً، إذ إنّ تصعيد المحور أتى وفق عدّة سيناريوهات وكان يهدف بشكل أساسي إلى ردع اسرائيل وإيقاف الحرب على غزّة.
وتقول المصادر أن الموجة الثانية من التّصعيد أتت بعد الردّ الاسرائيلي، أي بعد انكشاف عدم قدرة اسرائيل على القيام بأي ردّ جدّي يُحسب ويؤدي الى إحداث توازن مع الهجوم الايراني. وعليه فإنّ سقف اسرائيل التصعيدي أثبت عجزها عن الذهاب إلى حرب شاملة في المنطقة وأن هذا السّقف محصور بمعركة غزّة بغضّ النظر عن مستويات التصعيد التي سيذهب اليها هناك.
وتلفت المصادر الى أنّ ورقة "رفح" التي يستخدمها العدوّ الاسرائيلي للضغط على المقاومة في فلسطين لن يكون لها أي تأثير، سيّما وأنّ موقف الولايات المتحدة الاميركية لم يحسُم بعد عملية الدخول الى رفح، وسط حسابات اميركية واضحة لما سيكون عليه ردّ المقاومة في حال غامرت اسرائيل بهذا الهجوم.
من هنا يمكن البحث في كيفية استقراء المرحلة المُقبلة، إذ من المتوقّع أن تزيد وتيرة التصعيد في المنطقة وتحديداً على الجبهة الجنوبية للبنان عند كل تصعيد اسرائيلي في فلسطين المحتلّة، لأنّ الطرف الذي لا يريد الحرب، أي محور المقاومة و"حزب الله" على وجه الخصوص، بات لديه استنتاجات ثابتة تؤكّد بأن اسرائيل لا تستطيع، لأسباب ديبلوماسية مرتبطة بالولايات المتحدة الاميركية وبقدرة قوّات الاحتلال وواقعها الحالي، على خوض أي حرب اقليمية، وبالتالي عليها ابتلاع أي تصعيد واحترام قواعد الاشتباك. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
حزب الله.. الرقم الإسلامي الصعب
في 25 مايو 2000، تحقق أحد أهم الانتصارات في تاريخ الصراع العربي-الصهيوني، حيث انسحبت القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان تحت ضربات المقاومة الإسلامية بقيادة حزب الله، منهية بذلك 18 عامًا من الاحتلال. كان هذا الانتصار بمثابة أول هزيمة عسكرية لإسرائيل في تاريخها، حيث أجبرت على الانسحاب دون شروط سياسية، مما أعطى المقاومة شرعية شعبية وعسكرية غير مسبوقة.
لقد أثبت حزب الله أنه “الرقم الإسلامي الصعب” في المعادلة الإقليمية، حيث اعتمد على استراتيجية عسكرية تعتمد على حرب العصابات والاستخبارات الدقيقة، بالإضافة إلى بناء شبكة اجتماعية وسياسية داخل لبنان عززت من قوته كحركة مقاومة وكمكون رئيسي في المشهد السياسي اللبناني.
لكن بعد عام 2000، واجه حزب الله تحديا جديدا يتمثل في الحفاظ على مكتسبات المقاومة وتطوير أدواتها في ظل بيئة إقليمية وداخلية متغيرة. ومع اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري عام 2005، والضغوط الدولية التي أعقبت الخروج السوري من لبنان، تعرض الحزب لاستهداف سياسي وإعلامي مكثف، حيث حاولت القوى الموالية للغرب إضعاف نفوذه.
لكن حزب الله، بقيادة شهيد الأمة الأمين العام السابق السيد حسن نصر الله استطاع أن يحول التحديات إلى فرص، حيث عزز تحالفه مع إيران وسوريا، وطور قدراته العسكرية بشكل كبير، مما مكنه من تحقيق انتصار جديد في حرب تموز 2006، حيث صمد أمام آلة الحرب الإسرائيلية وأثبت أن المقاومة قادرة على مواجهة الجيش الإسرائيلي الأقوى في المنطقة. بل وتطور دور حزب الله في جبهات المقاومة الإقليمية حيث لم يقتصر دور الحزب على لبنان، بل امتد إلى جبهات أخرى ضمن جبهات المقاومة، حيث لعب دورا محوريا في فلسطين وسوريا والعراق واليمن.
ومع كل تلك الانتصارات والنجاحات وعلى مدى السنوات، فقد تعرض حزب الله لاستشهاد عدد من قادته البارزين، أبرزهم القائد العسكري الكبير عماد مغنية، وكذلك عدد من القادة الميدانيين في سوريا. لكن هذه الخسائر لم تضعف من عزيمة الحزب، بل زادته إصرارا على الاستمرار في مسيرته الجهادية.
ولكن في عام 2024، تعرض حزب الله لضربة موجعة باستشهاد شهيد الأمة الأمين العام السابق السيد حسن نصر الله، الذي كان يعتبر أحد أبرز القادة الاستراتيجيين في تاريخ المقاومة. ومع ذلك، أثبت الحزب مرة أخرى أنه مؤسسة قائمة على التخطيط المدروس، حيث عمل على إعادة تموضعه سياسيا وعسكريا، مستمرا في إرباك العدو الصهيوني وعملائه في الداخل اللبناني.
ورغم كل التحديات، يبقى حزب الله أحد أهم الفاعلين في المعادلة الإقليمية، حيث يحافظ على توازن الرعب مع إسرائيل، ويمثل ركيزة أساسية في محور المقاومة. وان القيادة الجديدة للحزب، وإن كانت تفتقد لبعض الرموز التاريخية، إلا أنها تسير على نفس النهج الذي رسمه مؤسسو الحزب، معتمدة على خطط مدروسة تعيد تشكيل المشهد السياسي والعسكري في لبنان والمنطقة.
ذكرى التحرير ليست مجرد حدث تاريخي، بل هي تأكيد على أن المقاومة هي الخيار الوحيد لتحرير الأرض ومواجهة المشروع الصهيوني، وأن حزب الله، برغم كل الضغوط، ما زال الرقم الصعب الذي لا يمكن تجاوزه.