اكتشاف أعمق ثقب أزرق في العالم.. يتضمن كهوفا وأنفاقا
تاريخ النشر: 30th, April 2024 GMT
وجد باحثون أن حفرة "تام جا الزرقاء" التي اكتُشفت عام 2021 تحت الماء قبالة السواحل المكسيكية الشرقية، هي أعمق حفرة مكتشفة حتى الآن.
وأشارت القياسات الجديدة إلى أنّ الحفرة التي تقع في خليج "شيتومال" يمتد عمقها نحو 420 مترا تحت مستوى سطح البحر، علمًا بأنّ الباحثين لم يصلوا إلى قاعها بعد. ويتجاوز هذا العمق بفارق 146 مترا ما وثّقه العلماء في البداية عندما اكتشفوا الحفرة الزرقاء أوّل مرة في 2021.
وبعد هذا التقدير الجديد لعمق الحفرة، تصدرت "تام جاء الزرقاء" الترتيب الأول لأعمق حفرة مكتشفة، بعد أن كانت حفرة "سانشا يونغل الزرقاء" الواقعة في بحر الصين الجنوبي وتحمل اسم "حفرة التنين"، هي الأعمق بعمق 301 متر.
وذكر الباحثون في الدراسة التي نشرت يوم 29 أبريل/نيسان الحالي في مجلّة "فرونتيرز إن مارين ساينس" الدورية، أنّ رحلة غوص واستكشاف أُرسلت للتعرّف على الظروف البيئية في الحفرة العميقة، وأجرت قياسات باستخدام أداة لقراءة الموصلية الكهربائية ودرجة الحرارة والعمق (سي تي دي)، وهو جهاز يحتوي على مجموعة من المُستشعرات التي تقرأ وتنقل خصائص الماء إلى السطح عبر كابل.
وشوهد عبر الجهاز أنّ ثمة طبقات مختلفة من الماء داخل الحفرة، بما فيها طبقة تقع على عمق 400 متر، حيث كانت درجة الحرارة والملوحة فيها تشبه تلك الموجودة في البحر الكاريبي وبحيرات الشعاب المرجانية الساحلية القريبة، وهو ما يشير إلى أنّ هذه الحفرة ربما تكون متصلة بالمحيط الأطلسي عبر شبكة مخفية وضخمة من الأنفاق والكهوف.
والحفر الزرقاء -أو الثقوب الزرقاء- تُطلق على الكهوف العمودية الممتلئة بالماء، وتوجد في المناطق الساحلية حيث يتكوّن حجر الأساس من مواد قابلة للذوبان مثل الحجر الجيري أو الرخام أو الجبس. ويؤدي تسرّب الماء الموجود على السطح عبر الصخور إلى إذابة المعادن وحدوث انهيارات صخرية. وهناك العديد من الأمثلة لتلك الثقوب الزرقاء مثل حفرة "دين الزرقاء" في جزر الباهاما، وحفرة "دهب الزرقاء" في مصر، والحفرة الزرقاء العظيمة في بليز (شمال أميركا الوسطى).
وصدرت القياسات الأولية لحفرة "تام جا الزرقاء" عام 2021 باستخدام مسبار الصدى، وهو جهاز يرسل موجات صوتية إلى قاع المسطحات المائية فيقيس سرعة عودتها لحساب المسافات. لكنّ هذا الجهاز يواجه مشكلات عدّة في قراءة التقلبات والتغيرات في كثافة الماء والأسطح الجانبية للحفرة، وكثيرا ما تكون الحفر الزرقاء عمودية تماما فلا يمكن الوصول إلى أي تصوّر عن جدرانها.
ولم تكن الفرصة مواتية في المرّة الأولى للوصول إلى قاع الحفرة بسبب قيود الأدوات المستخدمة، وحتى في هذا العام فشل جهاز "قراءة الموصلية الكهربائية ودرجة الحرارة والعمق" في الوصول إلى قاع الحفرة، لأنّ هذا الجهاز لا يعمل إلا على عمق 500 متر تحت سطح البحر فحسب.
ويعتقد الباحثون أنّه بسبب انجراف الكابل تحت الماء وربّما اصطدامه بحافة ما، توقف الجهاز في مساره عند عمق 420 مترا. ويخطط الباحثون لإعادة الكرّة مجددا للوصول إلى العمق الحقيقي للحفرة الزرقاء ودراسة السطح وتشكيلات الجدران، وربما استكشاف التنوّع البيولوجي في تلك البقعة.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
الدور السابع
عانى بلال- رضي الله عنه- ما لا يطاق، فقد بطحه أميّة بن خلف تحت عذاب الشمس في مكة، ووضع صخرة فوق صدره العاري، لكنّ ذلك لم يصدّه عن أن يكرر بلكنته الحبشية “أحد أحد”. وقد توقف المفكر الجزائري مالك بن نبي هنا، وهو يقرأ في السيرة النبوية فقال: الروح هي التي تتكلم لا الجسد؛ لأن الجسد لا يتحمل هذا النوع من العذاب. الجسد يقول: اعط أميّة بن خلف ما يريد، ثم استغفر الله.
وقد كتبت ذات يوم تفسيرًا للحضارة؛ فقلت: إن الماء هو سرّ الحياة، وأما سرّ الحضارة فهو كيف تتصرف مع الماء بعد استهلاكه. فالحضارة تعتمد على بئر ماء، ثم شبكة مجاري صحية لتصريف الماء المستهلك، وأيضًا شبكة طرق للسيارات بديلة عن المسالك، أو الطرق الضيقة التي خصصها أجدادنا للخيل والبغال والحمير والجمال. هذا هو التفسير المادي للحضارة.
ومع ذلك، فنحن لم نكتسب الحضارة غنيمة باردة، ومن شك فليسأل البلديات. وأذكر في هذا الصدد قصة سمعتها عندما زرت جنوب المملكة قبل ثلاثين سنة. فقد قررت مصلحة الطرق تمهيد وسفلتة طريق في إحدى القرى الواقعة في أحد الشعاب. وكان الطريق الجديد مجدولًا؛ لكي يمر على قرية أخرى، لكن سكان قرية ثالثة اعترضوا، وقالوا: قريتنا لا تبعد عن الطريق الجديد سوى بضع كيلومترات، فلا بد أن تمدوا الطريق إلينا لكي ننتفع به، وهكذا تعطل الطريق عدة سنوات.
وواقعة أخرى في صنعاء قبل ثلاثين سنة أيضًا، فقد قررت البلدية هناك توسعة شبكة المجاري، وخصصت أرضًا واسعة خارج صنعاء لتصريفها، لكن القبيلة التي تقيم على هذه الأرض وقفت ضد المشروع، وقالت: ألم تجدوا سوى الأرض التي نعيش عليها لتصريف الأوساخ يا أهل صنعاء؟
وقد اطّلعت على اختبار معلمة في الغرب؛ إذ سألت طلبتها.. ما أول علامة على ظهور الحضارة؛ فذكروا لها المنحوتات والأدوات الفخارية وغيرها من الماديات. فقالت: إن أول دليل على الحضارة هو عظم فخذ مكسور قد شفي، ففي عالم الحيوانات إذا انكسرت ساقك فأنت ميت لا محالة؛ إذ لا يمكنك الفرار من خطر، ولا الحصول على طعام أو ماء، والقطيع لن ينتظرك، وستبقى غنيمة سهلة للكواسر، أو لجوارح الطير. لكن اكتشاف عظم فخذ معافى يعني أن هناك من توقف عند الحيوان الكسير وعالجه وصبر عليه خلال نقاهته، ذلك هو دليل الحضارة. إنه الروح التي اصطبرت مع الضعيف رغم الخطر الذي يساوره حتى نجا، هذا هو التفسير المعنوي للحضارة.
ذكرت في مقال الأسبوع الماضي، أن العقل هو الدور السادس في الآدمي، لكن الروح هي الدور السابع. وهي التي تتحمل المشاق الرهيبة، كما فعل بلال- رضي الله عنه. قال تعالى:” وأحضرت الأنفس الشح”.