نصّ المقترح الفرنسي للترتيبات الأمنية بين إسرائيل ولبنان
تاريخ النشر: 3rd, May 2024 GMT
نشرت «الأخبار» ترجمة غير رسمية لنص الورقة الفرنسية «المُعدّلة» التي تسلّمها لبنان رسمياً قبل أيام، وكانت أيضاً محور لقاءات وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في تل أبيب:
أثّر تصاعد التوترات العسكرية منذ 8 تشرين الأول بالقرب من الخط الأزرق بشدة على أمن المدنيين وحياتهم ودمّر مختلف البنى التحتية. ومن أجل منع التصعيد الذي يهدد بالخروج عن السيطرة، ما قد يؤدي إلى صراع إقليمي، وتذكيراً بتفاهم وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان الموقّع في 26 نيسان 1996، يمكن اتخاذ الخطوات التالية لوقف التصعيد.
ويمكن تشكيل مجموعة مراقبة تتألف من الولايات المتحدة وفرنسا ولبنان وإسرائيل، ستكون مهمتها مراقبة التنفيذ والتعامل مع الشكاوى التي يمكن أن تقدّمها الأطراف، وفق الترتيب المؤقّت التالي:
المرحلة الأولى
■ المجموعات اللبنانية المسلحة
- وقف العمليات العسكرية من قبل الجماعات المسلحة اللبنانية داخل إسرائيل وفي المناطق المتنازع عليها.
- الامتناع عن شن هجمات ضد أفراد قوات الطوارئ الدولية (اليونيفل) أو منشآتها.
- ضمان حرية حركة اليونيفل. ويشمل ذلك السماح لها بالقيام بدوريات في جميع المناطق المأهولة وغير المأهولة في جنوب الليطاني من دون أي قيود.
■ إسرائيل
- وقف العمليات العسكرية داخل لبنان، بما في ذلك الغارات الجوية على الأراضي اللبنانية.
- الامتناع عن أي أعمال تعرّض للخطر أفراد اليونيفل أو منشآتها.
- ضمان حرية حركة اليونيفل، ويشمل ذلك وقف إقفال رادارات الطائرات على سفن قوات اليونيفل البحرية.
■ اليونيفل
- مراقبة وقف الأعمال العدائية على الأرض.
- زيادة عدد الدوريات وإعادة الانتشار على طول الخط الأزرق لضمان الاحترام الفعّال لوقف الأعمال العدائية والالتزامات اللاحقة من قبل الأطراف.
المرحلة الثانية
(التنفيذ خلال 3 أيام)
■ المجموعات اللبنانية المسلحة
- تفكيك كل المنشآت والمرافق والمراكز القريبة من الخط الأزرق، ويشمل ذلك الحاويات والأبراج الصغيرة والخيام.
- سحب القوات المقاتلة بما فيها «ميليشيا» الرضوان والقدرات العسكرية، بما في ذلك قدرات إطلاق النار في العمق والأنظمة المضادة للدبابات، لمسافة لا تقل على 10 كيلومترات شمال الخط الأزرق.
■ إسرائيل
- وقف الطلعات الجوية فوق الأراضي اللبنانية
■ لبنان
- يستأنف لبنان مشاركته في اجتماعات الآلية الثلاثية لليونيفل.
- البدء بنشر ما يقارب 15 ألف جندي من القوات المسلحة اللبنانية في جنوب نهر الليطاني، بما في ذلك على طول الخط الأزرق بدعم من اليونيفل والشركاء الدوليين المعنيين.
- دعم انتشار الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني وفقَ القرار 1701 وتقديم الدعم اللوجستي له (الوقود، الغذاء والدواء).
■ اليونيفل
- استئناف مشاركتها في اجتماعات الآلية الثلاثية.
- إعادة انعقاد الآلية الثلاثية.
- دعم انتشار الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني وفق القرار 1701، وتقديم الدعم اللوجستي له (الوقود، الغذاء والدواء).
المرحلة الثالثة (خلال 10 أيام)
- يستأنف كل من لبنان وإسرائيل (بدعم من اليونيفل) المفاوضات حول ترسيم حدود لبنان البرية بطريقة تدريجية، على أساس المفاوضات التي جرت عام 2017، مع التركيز أولاً على المناطق التي تمّت مناقشتها بالفعل في إطار الآلية الثلاثية لليونيفل عام 2018.
- الدخول في مفاوضات حول خريطة طريق لضمان إنشاء منطقة بينَ الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي أفراد أو مجموعات مسلحة وأصول وأسلحة، باستثناء تلك التابعة للحكومة اللبنانية واليونيفل.
وبالتوازي مع ذلك، يمكن بذل جهد دولي على شكل مجموعة دعم تتألف من شركاء مهتمين بهدف:
- دعم انتشار القوات المسلحة اللبنانية في جنوب لبنان (التمويل، المعدات والتدريب).
- دعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية في جنوب لبنان.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الخط الأزرق فی جنوب بما فی
إقرأ أيضاً:
بيت جن.. هل تعيد إسرائيل رسم استراتيجيتها الأمنية في سوريا؟!
منذ سقوط نظام بشار الأسد قبل عام تقريبا سارعت الحكومة الإسرائيلية اليمينية إلى بناء استراتيجية عسكرية وأمنية لها في داخل الأراضي السورية، من خلال سيطرتها على مساحات واسعة في الجنوب السوري ومرتفعات جبل الشيخ الاستراتيجية، لتشكل بذلك منطقة أمنية عازلة قالت إنها تأتي في إطار حماية أمنها من أي تهديد قد يشكله الرئيس الشرع والقيادة السورية الجديدة ضد "إسرائيل".
لكن حدود هذه الاستراتيجية والواقع الأمني الإسرائيلي الجديد في سوريا لم يتوقف عند حد السيطرة على هذه المساحات الجغرافية الكبيرة في الجنوب السوري وتنفيذ حملات اعتقال واعتداء على الأهالي في هذه البلدات، بل تعدى ذلك إلى عدوان إسرائيلي على العاصمة السورية دمشق في أكثر من انتهاك قوبل بإدانات عربية وإسلامية ودولية.
ولم تتوقف "إسرائيل" هنا، بل تدخلت بالشأن السوري الداخلي مستغلة ورقة الطوائف والأقليات لصالح تعزيز الاستراتيجية الأمنية الإسرائيلية في سوريا، تماما كما يحدث في ملف السويداء والتدخل الإسرائيلي واستهداف قوات الجيش والأمن السوري بحجة الدفاع عن شريحة من دروز السويداء؛ تطالب بالانفصال عن الدولة السورية.
هذا الواقع الأمني الذي بنته حكومة نتنياهو وفرضته على الدولة السورية الجديدة والشعب السوري منذ عام، معتقدة أنها نجحت في خلق نظرية أمنية قائمة على قدرة الجيش الإسرائيلي وتحكمه في تنفيذ توغلات واعتداءات وانتهاكات داخل الأراضي السورية، انطلاقا من الجولان السوري المحتل إلى المنطقة العازلة الجديدة وصولا إلى بلدات في ريف العاصمة السورية دمشق، دون أن تكون هناك ردة فعل سوريا في مواجهة هذه الاعتداءات الإسرائيلية؛ تغيّر مع أول حالة مقاومة شعبية سوريا للتوغلات الإسرائيلية في بلدة بيت جن في ريف العاصمة دمشق، والتي أسفرت عن 13 شهيدا سوريا منهم أطفال ونساء، وإصابات في صفوف القوة الإسرائيلية المقتحمة للبلدة، من بينهم ضابط وفق تصريحات الجيش الإسرائيلي.
هذه الحادثة دفعت بالجيش الإسرائيلي لفتح تحقيق في فشل العملية العسكرية الإسرائيلية في بلدة بيت جن، وإن كان هناك خرق أمني أدى إلى تسريب معلومات عن العملية، انطلاقا من تبني الجانب الإسرائيلي لرواية نصب كمين لقواته في البلدة.
في البحث في دلالات توقيت هذه العملية العسكرية والأمنية الإسرائيلية في بلدة بيت جن، التي قال الجيش الإسرائيلي إنها جاءت لاعتقال عدد من المطلوبين المتهمين بالتخطيط لاستهداف جنوده، فقد كانت بعد زيارة رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو مع عدد من زوراء حكومته اليمينية إلى المنطقة العازلة في الأراضي السورية والتي اعتُبرت زيارة استفزازية للدولة السورية الجديدة، وقوبلت بمواقف رسمية عربية وإسلامية ودولية رافضة، كونها تأتي في إطار تثبيت السيطرة الأمنية الإسرائيلية على هذه الأراضي السورية.
كما أن عملية بيت جن تأتي بعد إعلان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير قبل أيام عن مناورات عسكرية لجيش الاحتلال على مستوى قيادة الأركان في الجولان السوري المحتل والجليل الأعلى للتعامل مع حالة حرب، بالنظر إلى حالة التصعيد الإسرائيلي على الجبهة الشمالية مع لبنان، بالتالي هل هناك مخاوف إسرائيلية أو معلومات استخباراتية عن تشكل مجموعات للمقاومة السورية أو أن صبر القيادة السورية على الاعتداءات الإسرائيلية قد نفد بالفعل؟
أيضا عملية جيش الاحتلال في بيت جن ورد الفعل السوري المقاوم جاء بعد تصريحات نشرت في عدد من وسائل الإعلام حول وصول المفاوضات السورية الإسرائيلية برعاية أمريكية إلى طريق مسدود، بعد إصرار سوريا على العودة إلى اتفاق فصل القوات لعام 1974، بينما تصر "إسرائيل" على جعل المنطقة الأمنية التي سيطرت عليها منزوعة السلاح وهذا ما ترفضه دمشق.
أما فيما يتعلق بالتوقيت الزمني لعملية بيت جن، فقد كانت في توقيت وطني مهم يعيشه السوريون في إحياء ذكرى معركة ردع العدوان التي أدت إلى إسقاط نظام بشار الأسد قبل عام، لذلك تقرأ كرسالة إسرائيلية إلى الداخل السوري بأن الاحتلال فاعل مهم في الشأن السوري الداخلي، ومحاولة إسرائيلية لضرب ثقة الشعب السوري بقيادته الجديدة وبأنها قادرة على حمايته والدفاع عنه أمام التهديدات الإسرائيلية.
لكن الرياح جاءت بعكس ما أرادته الحكومة الإسرائيلية من العدوان على بيت جن، حيث ظن جيش الاحتلال أنه تمكن من بناء استراتيجية أمنية في سوريا قائمة على الردع الذي يمارسه في جبهات أخرى، فكان ما هو مخالف للتوقعات لتعيد "إسرائيل" التفكير في إعادة بناء الواقع الأمني واستراتيجيتها المتعلقة بسوريا.
لذلك نتحدث عن تطورات أمنية وعسكرية في المشهد السوري الإسرائيلي، ستكون على سلم أولويات الحكومة الإسرائيلية في التعاطي مع الواقع الأمني الجديد في سوريا، وإعادة رسم الاستراتيجية الأمنية الإسرائيلية بناء على هذه التطورات بعد عملية بيت جن.
لعل من أبرز هذه التحولات هو رد الفعل السوري المقاوم من أبناء بلدة بيت جن، والتصدي لاقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي للبلدة، هذه التحول الذي كان خارج حسابات جيش الاحتلال الذي رسم لنفسه على مدار عام كامل أن الدخول إلى سوريا نزهة وأنه قادر على فعل ما يريد وقت ما يشاء.
بالتالي، نتحدث عن حالة من المقاومة الشعبية السورية للعدوان الإسرائيلي بدأت تتشكل، كما أن حالة الحفاوة والترحيب من الشعب السوري بشهداء بلدة بيت جن الذين تصدوا لقوات الاحتلال، تشكل رافعة لعمل سوري مقاوم بدأت ملامحه بالظهور إلى العلن.
الفعل الشعبي السوري المقاوم اليوم مدعوم بموقف شعبي رافض للاعتداءات الإسرائيلية في سوريا، ومحمي بالقانون الدولي الذي عبرت عنه مواقف دولية وعربية وإسلامية منددة بجريمة الاحتلال في بلدة بين جن.
كما أنه مدعوم بموقف رسمي سوري من خلال التأكيد في بيان وزارة الخارجية السورية على حق الشعوب المكفول بالقانون الدولي على مقاومة الاحتلال، ومن خلال تحركات الدولة السورية لتضميد جراح أهالي بلدة بيت جن بعد هذه الجريمة الإسرائيلية.
لذلك من الواضح أن المقاومة التي شهدتها بلدة بيت جن ستشكل حالة ملهمة لبقية المناطق السورية لمقاومة جيش الاحتلال، وذلك بالنظر لطبيعة الشعب السوري الذي قاد ثورته طيلة أعوام ضد الظلم وقدم التضحيات الكبيرة، وهو يرى أن المعركة مع "إسرائيل" معركة كرامة والأقل كلفة.
بناء على ذلك يجد الاحتلال الإسرائيلي نفسه أمام تحول مهم في طبيعة المواجهة السورية الإسرائيلية، خاصة مع تعثر المفاوضات الأمنية بين الجانبين، وتصاعد حالة المقاومة الشعبية السورية ضد الاحتلال، وتلاشي وهم تطبيع العلاقات السورية الإسرائيلية الذي يريده الرئيس الأمريكي ترمب.
لذلك فإن إعادة رسم الاستراتيجية الأمنية الإسرائيلية في سوريا من أهم التحديات التي ستواجه نتنياهو وحكومته وأجهزته الأمنية والعسكرية في المرحلة المقبلة، مع بروز مخاطر حقيقية على قواته في المنطقة العازلة في الجنوب السوري، في حال انتقل العمل السوري المقاوم من ردة الفعل إلى الفعل.