حقيقة تحريم الاحتفال بشم النسيم .. دار الإفتاء توضح
تاريخ النشر: 5th, May 2024 GMT
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونه: "الاستعلام على وجه رسمي من دار الإفتاء المصرية بالقاهرة، عما إذا كانت الفتوى رقم 10/ 311، صادرة من دار الإفتاء المصرية من عدمه- ومفادها تحريم الاحتفال بشم النسيم-، وفي الحالتين، بيان مدى صحة تلك الفتوى من عدمه، وطلب الإفادة بذلك على وجه رسمي؟".
وردت دار الإفتاء موضحة: أن تلك الفتوى لا وجود لها على الإطلاق في فتاوى دار الإفتاء المصرية منذ إنشائها إلى الآن، بل جميع الفتاوى الصادرة من دار الإفتاء المصرية واضحة في إباحة الاحتفال بشم النسيم والمشاركة فيه شرعًا؛ سواء في ذلك الفتوى الصادرة في عهد المفتي الأسبق فضيلة الأستاذ الدكتور نصر فريد واصل، برقم 314 لسنة 2001م، أو الفتوى الصادرة في عهد المفتي السابق فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة، برقم 212 لسنة 2012م، أو الفتوى الصادرة برقم 208 لسنة 2017م.
وسبق لدار الإفتاء المصرية أن أصدرت في ذلك الشأن، الفتوى التالية: “شم النسيم عادة مصرية ومناسبة اجتماعية ليس فيها شيء من الطقوس المخالفة للشرع، ولا ترتبط بأي معتقدٍ ينافي الثوابت الإسلامية، وإنما يحتفل المصريون جميعًا في هذا الموسم بإهلال فصل الربيع؛ بالترويح عن النفوس، وصلة الأرحام، وزيارة المنتزهات، وممارسة بعض العادات المصرية القومية؛ كتلوين البيض، وأكل السمك، وكلها أمور مباحة شرعًا: فبعضها مما حث عليه الشرع الشريف ورتب عليه الثواب الجزيل؛ كصلة الأرحام، وبعضها من المباحات التي يثاب الإنسان على النية الصالحة فيها؛ كالتمتع بالطيبات، والتوسعة على العيال، والاستعانة على العمل بالاستجمام”.
وكان الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه -والي مصر من قِبل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه- يخطب المصريين في كل عام ويحضهم على الخروج للربيع؛ وذلك في نهاية فصل الشتاء وأول فصل الربيع؛ كما أخرجه ابن عبد الحكم في "فتوح مصر والمغرب"، وابن زولاق في "فضائل مصر وأخبارها"، والدارقطني في "المؤتلف والمختلف".
والأصل في موسم "شم النسيم" أنه احتفال بدخول الربيع، والاحتفال بالربيع شأن إنساني اجتماعي لا علاقة له بالأديان؛ فقد كان معروفًا عند الأمم القديمة بأسماء مختلفة وإن اتحد المسمَّى؛ فكما احتفل قدماء المصريين بشم النسيم باسم "عيد شموس" أو "بعث الحياة": احتفل البابليون والآشوريون "بعيد ذبح الخروف"، واحتفل اليهود "بعيد الفصح" أو "الخروج"، واحتفل الرومان "بعيد القمر"، واحتفل الجرمان "بعيد إستر"، وهكذا.
ولم يكن من شأن المسلمين أن يتقصدوا مخالفة أعراف الناس في البلدان التي دخلها الإسلام ما دامت لا تخالف الشريعة، وإنما سعوا إلى الجمع بين التعايش والاندماج مع أهل تلك البلاد، مع الحفاظ على الهوية الدينية.
ولَمّا كان الاعتدال الربيعي يوافق صوم المسيحيين، جرت عادة المصريين على أن يكون الاحتفال به فور انتهاء المسيحيين من صومهم؛ وذلك ترسيخًا لمعنًى مهم؛ يتلخص في أن هذه المناسبة الاجتماعية إنما تكتمل فرحة الاحتفال بها بروح الجماعة الوطنية الواحدة.
وهذا معنًى إنسانيٌّ راقٍ أفرزته التجربة المصرية في التعايش بين أصحاب الأديان والتأكيد على المشترك الاجتماعي الذي يقوي نسيج المجتمع الواحد، وهو لا يتناقض بحال مع الشرع، بل هو ترجمة للحضارة الإسلامية الراقية، وقِيَمِها النبيلة السمحة.
وأما ما يقال من أن مناسبة "شم النسيم" لها أصولٌ مخالفةٌ للإسلام، فهذا كلامٌ غير صحيح ولا واقع له؛ إذ لا علاقة لهذه المناسبة بأي مبادئ أو عقائد دينية، لا في أصل الاحتفال ولا في مظاهره ولا في وسائله، وإنما هو محض احتفال وطني قومي بدخول الربيع؛ رُوعِيَ فيه مشاركة سائر أطياف الوطن، بما يقوي الرابطة الاجتماعية والانتماء الوطني، ويعمم البهجة والفرحة بين أبناء الوطن الواحد، والسلوكيات المحرمة إنما هي فيما قد يحدث في هذه المناسبة أو غيرها من سلوكيات يتجاوز بها أصحابها حدود الشرع أو يخرجون بها عن الآداب العامة]انتهت الفتوى.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الاحتفال بشم النسيم شم النسيم دار الإفتاء المصریة بشم النسیم
إقرأ أيضاً:
دار الإفتاء تستقبل وفدًا ماليزيًّا لتعزيز التعاون الديني والعلمي
استقبلت دار الإفتاء المصرية، وفدًا ماليزيا رفيع المستوى ضم ممثلين عن سفارة ماليزيا بالقاهرة وجامعة ملايا وعددًا من طلاب الشريعة، وكان في استقبال الوفد مجموعة من علماء ومشايخ الدار نيابةً عن فضيلة الأستاذ الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم.
جاء هذا في إطار تعزيز التعاون العلمي والديني بين دار الإفتاء المصرية والمؤسسات الدينية والتعليمية في ماليزيا.
وفي مستهل اللقاء نقل علماء دار الإفتاء تحيات فضيلة أ.د نظير محمد عياد مفتي الجمهورية، وتمنياته أن يُثمر هذا اللقاء عن مزيد من التعاون بين البلدين، مؤكدين عمق العلاقات التاريخية بين مصر وماليزيا، والتي تقوم على التعاون العلمي والديني والفكري، و أن ماليزيا من الدول الرائدة في التعليم الديني ولذا يعد التعاون معها إضافة نوعية للعمل الإفتائي المشترك.
هذا وقد تناول اللقاء جهود دار الإفتاء المصرية في تعزيز الشراكات مع المؤسسات الدينية الرصينة في مختلف دول العالم من أجل دعم الفهم الصحيح للدين وتأهيل الكوادر الإفتائية وفق منهج علمي رصين، إضافة إلى حرصها على تقديم منظومة متكاملة من البرامج التدريبية التي تستهدف إعداد المفتين وتزويدهم بالأدوات العلمية والمنهجية التي تمكنهم من التعامل مع قضايا الواقع باحترافية ووعي.
كما شمل عرضًا موسعًا لإدارات دار الإفتاء المصرية ومهامها المتنوعة وفي مقدمتها مركز سلام لدراسات التطرف والإسلاموفوبيا، ووحدة حوار، وإدارة الفتوى الشفوية، وإدارة الفتوى الإلكترونية، والتعليم عن بعد، والمؤشر العالمي للفتوى، إلى جانب الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم التي تعمل على التنسيق بين المؤسسات الإفتائية وتعزيز التكامل في مواجهة التحديات المعاصرة.
وأجرى الوفد جولة ميدانية داخل عدد من إدارات الدار للتعرف عن قرب على منظومة العمل المؤسسي وآليات إصدار الفتوى والتدريب حيث شملت الجولة إدارة الفتوى الشفوية وإدارة الفتوى الإلكترونية والمؤشر العالمي للفتوى، كما شهدت الزيارة نقاشات علمية مثمرة تناولت فرص التعاون المشترك وإمكانية التحاق طلاب الشريعة من ماليزيا ببرامج التدريب والتأهيل التي تقدمها دار الإفتاء، حيث عبر أعضاء الوفد عن إعجابهم الشديد بالمستوى العلمي والتنظيمي الذي لمسوه خلال الزيارة وحرصهم على استمرار التعاون وتبادل الخبرات.
وفي ختام اللقاء أعرب أعضاء الوفد الماليزي عن بالغ شكرهم وتقديرهم لحفاوة الاستقبال مؤكدين اعتزازهم الكبير بما تمثله دار الإفتاء المصرية من مرجعية علمية رائدة في العالم الإسلامي، كما نقل الوفد تحيات فضيلة مفتي ماليزيا إلى فضيلة مفتي الجمهورية الدكتور نظير عياد، وعلماء دار الإفتاء المصرية، كما أكد الوفد على تقدير المؤسسة الدينية الماليزية للدور الريادي الذي تقوم به دار الإفتاء في نشر قيم الوسطية والتسامح ومكافحة الفكر المتطرف، معربين عن تطلعهم لتعزيز التعاون مع دار الإفتاء المصرية.
يذكر أن اللقاء شهد مشاركة عدد من أمناء الفتوى بدار الإفتاء المصرية وفى مقدمتهم الدكتور عويضة عثمان، والدكتور أحمد العوضي، والدكتور هشام ربيع، والدكتور طاهر زيد، والدكتور علي السعيد، والدكتور أحمد بسيوني، إلى جانب مشاركة الدكتور حسن محمد مدير مركز سلام لدراسات التطرف والإسلاموفوبيا، و الأستاذه هدير عبدالمقصود الباحثة بالمؤشر العالمي للفتوى.
كما مثل اللقاء من الجانب الماليزي الدكتور محمد شهيد محمد نوح رئيس قسم الشريعة والاقتصاد بجامعة ملايا، وأمير إخوان زيني السكرتير الثاني للشؤون الدينية بسفارة ماليزيا بالقاهرة.