بعد إطلاق تكوين في مصر.. هل رد شيخ الأزهر؟
تاريخ النشر: 13th, May 2024 GMT
عقب الجدل الذي تلى في الآونة الأخيرة إعلان عدد من الشخصيات الفكريّة في مصر إطلاق مؤسّسة باسم "تكوين" تُعنى بـ"الإصلاح الفكري" و"الفكر الديني المستنير"، تداولت صفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو قيل إنّه يُظهر شيخ الأزهر أحمد الطيب وهو يردّ على هذه المؤسسة والقائمين عليها.
لكنّ الادّعاء غير صحيح فالفيديو منشور قبل سنوات وليس حديثاً، ولا علاقة له بظهور مؤسسة "تكوين" في الأيام الماضية.
ويُظهر الفيديو شيخ الأزهر وهو يتحدّث منتقداً من يتناولون المسائل الدينيّة الإسلاميّة من دون أن يكونوا من أهل الاختصاص.
وجاء في التعليقات المرافقة للفيديو على موقعي فيسبوك وأكس أن شيخ الأزهر يردّ فيه على مؤسسة "تكوين".
وأتي ظهور هذه المنشورات بعد أيّام على إعلان عدد من الشخصيات الفكريّة، على غرار إسلام البحيري ويوسف زيدان وإبراهيم عيسى، إطلاق مركز "تكوين" الرامي إلى "دعم الفكر المستنير والإصلاح الفكريّ (..) والفكر الدينيّ المُستنير"، مطلع شهر مايو الجاري.
وتثير الشخصيات المشرفة على مؤسّسة "تكوين" جدلاً كبيراً، في ظلّ نقاش كبير تشتدّ حدّته في السنوات الماضية في مصر والعالم العربي بشأن الإصلاح الديني.
ويتواجه في هذا النقاش تيّاران، الأوّل يدعو إلى "تجديد" الخطاب الإسلامي و"تنقيته" من الشوائب التي طرأت عليه تاريخياً، فيما يعتبر التيار الثاني هذه الدعوات طعناً في التراث الفكريّ والفقهيّ الإسلاميّ.
وقبل سنوات، وصف مسؤول رفيع في جامعة الأزهر إسلام البحيري بأنّه "مرتّد"، لأنه انتقد أئمّة الفقه الإسلامي، الأمر الذي دفع شيخ الأزهر إلى إعفاء المسؤول الأزهري من منصبه.
وكذلك تثير آراء لإبراهيم عيسى والروائي يوسف زيدان جدلاً واسعاً على صفحات مواقع التواصل وردوداً عنيفة من جانب المحافظين، ونقداً لاذعاً أيضاً من شخصيات فكريّة إصلاحيّة.
وعقب الإعلان عن إطلاق مؤسّسة "تكوين" في الرابع من مايو الجاري، ارتفعت أصوات في مصر داعية لإغلاقها أو للتصدّي لأفكارها.
هل ردّ شيخ الأزهر على مؤسسة "تكوين"؟لكنّ هذا الفيديو المتداول لشيخ الأزهر ليس جديداً، بل هو منشور قبل سنوات، ما ينفي أن يكون ردّاً على مؤسّسة "تكوين" التي انطلقت في الرابع من مايو الجاري.
ونشرت الفيديو وسائل إعلام مصريّة في مايو من العام 2020، في ظلّ انتشار فيروس كورونا. وانتقد شيخ الأزهر في كلمته هذه ما اعتبره "الجدال المنفلت من ضوابط المعرفة والحوار الثقافيّ"، ودعوات "الإصلاح" الديني من دون خلفيّة علميّة.
"بيان"وقبل أيام، نفى مسؤول رفيع في الأزهر لوكالة فرانس برس صحّة منشورات تحدّثت عن إنشاء وحدة خاصّة ضمن الأزهر للردّ على أفكار "تكوين".
لكن منشورات متداولة على نطاق واسع على موقعي فيسبوك وإكس نشرت قرار شيخ الأزهر بـ"إنشاء وحدة تسمى (بيان)، وذلك للإجابة على كل الأسئلة التي تثيرها +تكوين+".
لكن هذا الادّعاء غير صحيح أيضا، فوحدة "بيان" أنشأها الأزهر عام 2019 وليس حديثاً، ولا علاقة لتأسيسها بظهور مؤسسة "تكوين" في الأيام الماضية.
ونفى مسؤول رفيع في الأزهر لصحفيي خدمة تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس صحّة ما جاء في المنشورات.
وقال مدير مركز الأزهر العالمي للفتوى أسامة الحديدي "وحدة +بيان+ هي وحدة أطلقها مركز الأزهر العالمي للفتوى في مارس من العام 2019"، ولا صحّة بالتالي للشائعات المتداولة عن تأسيسها حديثاً للردّ على "تكوين".
وأضاف الحديدي لوكالة فرانس برس أن هدف وحدة "بيان" هو "توعية جيل الشباب بكافة الأفكار الإلحادية التي انتشرت في عالمنا بشكل كبير في السنوات الأخيرة".
وتابع قائلا: "هدفها فتح حوارات آمنة لا ترفض الآخر أو تكفّره، بل تردّ على كافة أفكاره بشكل دينيّ سليم".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: شیخ الأزهر على مؤس فی مصر
إقرأ أيضاً:
ما قصة تماثيل عين غزال الأردنية التي احتفل بها غوغل؟
احتفى محرّك البحث العالمي "غوغل" بتماثيل "عين غزال" الأردنية، مسلطًا الضوء على واحدة من أقدم الشواهد الفنية في تاريخ البشرية.
هذا الاحتفاء أعاد هذه التماثيل إلى الواجهة، حيث تعتبر تماثيل عين غزال، نافذة على بدايات التفكير الرمزي والديني لدى الإنسان في العصر الحجري الحديث.
تماثيل عين غزال تعد شاهدة على مجتمع استقر قبل نحو تسعة آلاف عام على أطراف عمّان الحالية، وترك خلفه إرثًا فنيًا وروحيًا ما زال يثير أسئلة العلماء والمؤرخين حتى اليوم.
موقع عين غزال
يقع موقع عين غزال الأثري في الجزء الشرقي من العاصمة الأردنية عمّان، قرب مجرى سيل الزرقاء، في منطقة كانت تُعدّ من أكبر المستوطنات البشرية في العصر الحجري الحديث قبل الفخاري.
وتشير الدراسات الأثرية إلى أن الموقع كان مأهولًا بشكل متواصل تقريبًا بين عامي 7200 و5000 قبل الميلاد، أي في مرحلة مفصلية من تاريخ البشرية شهدت الانتقال من الصيد وجمع الثمار إلى الزراعة والاستقرار.
ما يميّز عين غزال عن غيره من المواقع المماثلة في المنطقة، هو ضخامته نسبيًا؛ إذ قُدّر عدد سكانه في ذروة ازدهاره بالآلاف، وهو رقم كبير جدًا بمقاييس تلك الفترة. هذا الاستقرار السكاني الكثيف أتاح نشوء أنماط اجتماعية ودينية معقدة، انعكست لاحقًا في طقوس الدفن والعمارة والفنون، وعلى رأسها تماثيل الجص الشهيرة.
اكتشاف تماثيل عين غزال عام 1983
بدأت قصة الاكتشاف في عام 1983، عندما كانت أعمال توسعة عمرانية تجري في المنطقة. وخلال حفريات إنقاذية، عثر فريق من علماء الآثار على مجموعة غير متوقعة من التماثيل المدفونة بعناية تحت أرضية أحد المباني السكنية القديمة. لاحقًا، كشفت حملات تنقيب إضافية عن مجموعتين رئيسيتين من التماثيل، يعود تاريخ دفنهما إلى نحو 6500 قبل الميلاد.
شكّل هذا الاكتشاف صدمة علمية حقيقية، إذ لم يكن معروفًا آنذاك وجود تماثيل بشرية كاملة الحجم تقريبًا تعود إلى هذا الزمن السحيق. ومنذ ذلك الحين، أصبح اسم «تماثيل عين غزال» حاضرًا في أبرز المراجع الأكاديمية، وغالبًا ما يُشار إليها بوصفها من أقدم التماثيل البشرية في العالم.
تماثيل من الجص
صُنعت تماثيل عين غزال من مادة الجص (الجبس الجيري)، وهي مادة كانت تُحضّر عبر حرق الحجر الجيري ثم خلطه بالماء لتكوين عجينة قابلة للتشكيل. وقد بُنيت التماثيل حول هيكل داخلي من القصب أو الأغصان، ثم جرى تغليفها بطبقات من الجص المصقول بعناية.
تتراوح أطوال التماثيل بين نصف متر ومتر تقريبًا، وبعضها تماثيل كاملة، فيما صُنعت أخرى على شكل أنصاف تماثيل (بوست). اللافت للنظر هو التركيز الشديد على ملامح الوجه، ولا سيما العيون الكبيرة المصنوعة غالبًا من القار أو الصدف، والتي تمنح التماثيل نظرة حادة ومقلقة، كأنها تحدّق في المشاهد عبر آلاف السنين.
ملامح بلا أفواه
من أكثر ما يثير الجدل العلمي حول تماثيل عين غزال، هو غياب الفم في معظمها، مقابل إبراز واضح للعيون والرؤوس. هذا الاختيار الفني المتكرر دفع الباحثين إلى طرح تفسيرات متعددة، من بينها أن التماثيل لم تكن تمثّل أفرادًا بعينهم، بل كائنات رمزية أو أسلافًا مقدسين، أو ربما آلهة مرتبطة بالخصوبة والحياة والموت.
كما يرى بعض العلماء أن غياب الفم قد يرمز إلى الصمت الطقسي، أو إلى عالم روحي لا يحتاج إلى الكلام، فيما تبقى العيون وسيلة الاتصال بين العالم المرئي والعالم غير المرئي.
لماذا دُفنت تحت الأرض؟
لم تُترك التماثيل معروضة أو مهجورة، بل دُفنت بعناية فائقة داخل حفر خاصة تحت أرضيات المنازل، وهو ما يفتح بابًا واسعًا للتأويل. فالبعض يرى أن الدفن كان جزءًا من طقس ديني دوري، حيث تُصنع التماثيل وتُستخدم في شعائر معينة ثم تُوارى الأرض بعد انتهاء دورها الرمزي.
ويذهب رأي آخر إلى أن هذه التماثيل كانت مرتبطة بطقوس حماية المنزل أو الجماعة، وأن دفنها تحت الأرضية يهدف إلى ضمان البركة أو الحماية الروحية لسكان المكان.
وعُثر في موقع عين غزال على ما يقارب 32 تمثالًا وتمثالًا نصفيًا، وهو عدد كبير قياسًا بالفترة الزمنية التي تعود إليها.
أين توجد تماثيل عين غزال اليوم؟
تتوزع تماثيل عين غزال اليوم بين عدد من المتاحف العالمية، أبرزها متحف الأردن في عمّان، الذي يضم مجموعة مهمة تُعدّ من أثمن معروضاته الدائمة.
كما توجد تماثيل أخرى في متاحف عالمية مثل المتحف البريطاني في لندن، ومتحف اللوفر في باريس، ضمن سياق التعاون العلمي الذي رافق عمليات التنقيب والدراسة.
ويُنظر إلى عرض هذه التماثيل في متحف الأردن على وجه الخصوص بوصفه استعادة رمزية للإرث الحضاري المحلي، وربطًا بين سكان عمّان المعاصرين وأحد أقدم فصول تاريخ مدينتهم.