بينما تتفكك الروابط بين الحكومات والشباب
تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT
تفاجأت الإدارة الأميركية عندما تمّ اعتقال 2900 طالب، و50 أستاذًا وعدد كبير من الأكاديميين في الولايات المتحدة خلال الاحتجاجات المناصرة لفلسطين. لقد اعتقدوا أن هذه الاحتجاجات كانت منظمة من قبل الجالية الفلسطينية والطلبة المسلمين. لكن الحقيقة أن الغالبية العظمى من المعتقلين لم يكونوا فلسطينيين أو مسلمين.
فالمسلمون، والمسيحيون، واليهود المعادون للصهيونية، واليساريون، والسود، واللاتينيون، وجميع فئات المحتجين توحّدوا حول قضية غزة، لكن هدفهم لم يكن فقط إسرائيل، بل جميع مؤسّسات النظام العالمي الظالم، وفي المقام الأوّل الإدارة الأميركية.
كانت هناك حالة مماثلة في مئات الجامعات الغربية، بما في ذلك الجامعات الرصينة، مثل: أمستردام، وكامبريدج، وأكسفورد. الشباب ينفصلون عن السلطات التي تدير بلادهم، والاحتجاجات تتّجه نحو القيم غير العادلة التي يتبنّاها الغرب.
تمرّد على جميع المشاكل المتراكمةالأزمة التي عاشتها الدول الغربية في السنوات العشر الماضية كانت في الواقع تزلزل أعمدة الحضارة الغربية. كانت هناك موجةٌ عميقة تضرب بشدة تحت أركان الرأسمالية والإمبريالية والعولمة، وتوزيع الدخل الظالم والعنصرية. هذه الموجة برزت بشكلها المتطرّف في شكل القومية المفرطة، ورهاب الإسلام، وعداء الأجانب، وتأييد العنف، والانغلاق على الذات.
لذلك؛ حصلت الأحزاب اليمينية المتطرّفة في العديد من البلدان، إما على السلطة أو أصبحت شريكة في الحكم، أو تحوّلت إلى حزب قوي. هذا الارتفاع الخطير تم تهدئته؛ بسبب قيود التنقل وحظر التجول الذي بدأ مع جائحة كورونا.
الآن، يشهد العالم حركة اجتماعية أخرى ضد النظام الحالي والحياة القاسية التي تفرضها الرأسمالية. فقد فاجأ الشبابُ الجميعَ من خلال هذه التحركات الأخيرة في الجامعات.
الموجة الفلسطينية ضد القومية المفرطةرغم أنهم ليسوا من نفس الديانة، أو العِرق، أو الفكر، أو الجغرافية، أو الحضارة، فإن طلاب الجامعات الغربية جميعًا يقومون بتنظيم احتجاجات مناصرة لفلسطين، مما يُعتبر بمثابة تحدٍّ لعداء الأجانب والقومية المفرطة في الواقع الغربي. هذه الاحتجاجات كانت عبارة عن موجة كسرت العنصرية المتصاعدة والقومية المفرطة.
في أميركا، وبينما يسعى تجار الخرفان البيض في تكساس، لطرد جميع الأجانب والمهاجرين والمسلمين حتى السود من البلاد، قام طلاب جامعة تكساس بالدفاع عن حقوق الفلسطينيين بطريقة مدهشة. وليس الطلاب فقط، بل أيضًا الأساتذة مثل البروفيسور نويل مكافي، رئيس قسم الفلسفة في جامعة إيموري في أتلانتا، قدموا دعمهم للطلاب وانتهوا بالقبض عليهم، وإرسالهم إلى السجن من قبل الشرطة.
التمرّد الطلابي الذي يستشري في العالمالاحتجاجات في جامعة كولومبيا، التي كانت مركز حركة الطلاب عام 1968، انتشرت إلى جميع أنحاء العالم، وأطلقت حركة يسارية تُعرف باسم "جيل 68". الآن، انتشرت الاحتجاجات الفلسطينية التي بدأت في نفس الجامعة إلى جميع أنحاء العالم بنفس الطريقة. من آسيا إلى أستراليا، ومن اليابان والهند وبنغلاديش، إلى الغرب، بما في ذلك بريطانيا، وهولندا، وبلجيكا، يتم تنظيم مظاهرات مماثلة في العديد من البلدان.
على الرغم من أن فلسطين هي النقطة المشتركة بينهم، إلا أنّ غضبهم موجّه نحو الرأسمالية، والإمبريالية، والتمييز، والاستغلال، والنظام العالمي غير العادل.
وعلى الرغم من تدخّل الشرطة بعنف لقمع الاحتجاجات الطلابية في الحرم الجامعي في أغلب البلدان، إلا أنّهم لم يتمكنوا من إيقاف أي منها. بالعكس، أدّى ذلك إلى انتشارها أكثر.
صمت غير مألوف في الدول الإسلاميةإذا قلنا؛ إن العلم الفلسطيني يرفرف بشكل أوسع في الدول الغربية، فلن نكون مخطئين في اعتقادي. فلم يشهد التاريخ دعمًا كبيرًا مثل هذا من الشعوب الغربية لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي.
ومع ذلك، فإنّ الجامعات في الدول الإسلامية أكثر هدوءًا، وتقلّ فيها الاحتجاجات في الشوارع. فما هو سبب هذا الوضع الغريب؟
في بعض الدول الإسلامية، يُحظر تنظيم مظاهرات مناصرة لفلسطين. وتعتبر الدولُ المناهضة لحماس على الصعيدَين الأيديولوجي والسياسي أيَّ نوع من المظاهرات تهديدًا لسلطتها. ومن جهة أخرى، تُطبق بعض الدول ضغطًا خفيًا، بسبب قلقها من نشاط الشوارع والجامعات.
وبالتالي، تبقى الشوارع خالية، والحَرم الجامعي هادئًا. على الرغم من ذلك، يحافظ الطلاب على غضبهم الداخلي تجاه قضية فلسطين، ويشاركون جزئيًا في إبداء هذا الغضب عبر وسائل التواصل الاجتماعي. هذا الغضب يؤدي أيضًا إلى تباعد بين الطلاب والحكومات، وإلى الانقسام. ولكن لا يُمكن التنبؤ بالوقت الذي سينتقل فيه هذا الغضب إلى الشوارع.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات جمیع ا
إقرأ أيضاً:
السلطات السورية تمنح الضوء الأخضر لاستعادة ممتلكات يهودية صادرتها الحكومات السابقة
تشير تقارير إعلامية إلى أن السلطات السورية تسعى للتقرب من الجالية اليهودية المتبقية، بما في ذلك السماح بزيارات مجموعات يهودية دولية، على غرار زيارة رئيس تحرير صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" دافيد هوروفيتس في سبتمبر، والتي تمت بموافقة الخارجية السورية.
منحت السلطات السورية ترخيصًا رسميًا لمنظمة يهودية سورية تعمل على استعادة الممتلكات التي صادرتها الحكومات السورية السابقة.
وقالت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، هند قبوات، لوكالة فرانس برس: "هذه رسالة قوية من الدولة السورية مفادها أننا لا نميز بين دين وآخر.. سوريا تساعد جميع السوريين من كل دين وطائفة الذين يريدون بناء دولتنا الجديدة".
ويترأس المنظمة، التي تحمل اسم "مؤسسة التراث اليهودي في سوريا"، هنري حمرا، الذي غادر سوريا إلى الولايات المتحدة في التسعينيات مع والده يوسف حمرا، آخر حاخام سوري غادر البلاد بسبب القيود التي فرضها نظام الأسد السابق.
وذكر حمرا أن المنظمة ستعمل على حصر الممتلكات اليهودية وإعادتها، إضافة إلى حماية واستعادة الكنائس والمعابد لتكون متاحة لليهود حول العالم.
Related ترحيب في دمشق.. كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهابالأمم المتحدة تحذّر من انتهاكات خطيرة تستهدف الأقليات في سوريا وتدعو إلى تحقيقات مستقلةسوريا الانتقالية.. مكاسب دبلوماسية في الخارج وتحديات كبيرة في الداخلوالتقى حمرا بوزيرة الشؤون الاجتماعية في دمشق، كما زار كنيس الفرنج مع ابنه جوزيف، وهو المكان الذي كان والده يشغله كحاخام سابق، وفق صور نشرها معاذ مصطفى،المدير التنفيذي لـ"منظمة السورية للطوارئ".
وكشف مصطفى أن المنظمة أحصت حتى الآن "عشرات المنازل من ممتلكات اليهود المصادرة من قبل نظام بشار الأسد".
وزارت مجموعة يهودية تضم حاخامين إسرائيليين كنيسين مغلقين في حلب منذ عقود، وسط حراسة مشددة، بهدف تفقد ممتلكات السوريين اليهود.
وأكد محافظ حلب للوفد دعمه لاستعادة الممتلكات المصادرة لأصحابها.
وتحمل مدينة حلب أهمية تاريخية للتراث اليهودي، إذ كانت مقرّ "مخطوطة حلب" الشهيرة للكتاب المقدس العبري، التي أُخذت لاحقًا إلى إسرائيل بعد أعمال شغب عنصرية في 1947.
ويشير المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن الجالية اليهودية في سوريا، التي كانت تقدر بخمسة آلاف نسمة قبل التسعينيات، تقلصت بشكل كبير بعد السماح لها بمغادرة البلاد عام 1992، لتصبح اليوم أقلية ضئيلة.
وكان وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، قد رحب مطلع العام الحالي بـ"عودة بعض اليهود السوريين إلى بلدهم بعد سقوط النظام"، معتبرًا أن عودتهم "جزء من استعادة سوريا لدورها الطبيعي وفضائها الاجتماعي المتعدد".
وتشير تقارير إعلامية إلى أن السلطات الجديدة في سوريا، التي احتفلت هذا الأسبوع بالذكرى السنوية الأولى لإطاحة بشار الأسد، تسعى إلى التقرب من الجالية اليهودية القليلة المتبقية في البلاد، بما في ذلك السماح بزيارات مجموعات يهودية دولية.
ومن بين هذه الزيارات، سجلت زيارة سبتمبر الماضي لمجموعة ضمت دافيد هوروفيتس، رئيس تحرير صحيفة تايمز أوف إسرائيل، بموافقة صريحة من وزارة الخارجية السورية.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة