شباب لا يشتغلون..ليسوا بالمدرسة ولا يتابعون أي تكوين"!
تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT
نشر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي مؤخرا تقريرًا بعنوان: « شباب لا يشتغلون، ليسوا بالمدرسة، ولا يتابعون أي تكوين: أي آفاق للإدماج الاقتصادي والاجتماعي؟ ». يأتي هذا التقرير، الذي يستند إلى معطيات المندوبية السامية للتخطيط لسنة 2022، ليلفت انتباه السلطات العمومية مرة أخرى إلى موضوع لا يمكن إلا أن يكون مثيرا للقلق لأنه يتعلق بفئة من الساكنة يتراوح عمرها بين 15 و24 سنة، هشة بشكل خاص ومعرضة للانخراط في مغامرات محفوفة بالمخاطر.
الموضوع ليس جديدا، فقد كان موضوعا لعدة تقارير في الماضي: بالإضافة إلى الأبحاث المنتظمة التي تقوم بها المندوبية السامية للتخطيط حول التشغيل، والتي تشير إلى حالة هذه الفئة، ينبغي الإشارة إلى الدراسة التفصيلية التي أجراها المرصد الوطني للتنمية البشرية ONDH) ) بتعاون مع منظمة اليونيسف، وهي دراسة علقنا عليها باستفاضة في مقالة نشرت في شهر يونيو 2021 تحت عنوان: « الشباب خارج المدرسة وخارج سوق الشغل مشكلة مجتمعية تتطلب حلولا استعجالية »، مع عرض مختصر لبعض الحلول التي نجدها في مقترحات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
من حيث وصف الظاهرة، فإن الدراسات التي أجرتها المندوبية السامية للتخطيط والمرصد الوطني للتنمية البشرية أكثر تفصيلا بكثير من تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي للتنمية وذلك لسببين على الأقل: أولا على مستوى « تعريف الفئة المستهدفة »، فإن دراسة المرصد الوطني للتنمية البشرية هي أكثر تحديدًا ويدخل في التفاصيل من خلال التمييز بين خمس فئات من الشباب الذين لا يشتغلون وليسوا بالمدرسة ولا يتابعون أي تكوين، وهي: النساء القرويات في المنزل مع مسؤوليات عائلية (54.3%)، الشباب المحبطين من سكان المناطق الحضرية (25%)، شباب لا يشتغلون وليسوا بالمدرسة ولا يتابعون أي تكوين يمرون بمرحلة انتقالية (7.8%)، شباب لا يشتغلون وليسوا بالمدرسة ولا يتابعون أي تكوين عن طواعية واختيار (7.5%)، وشباب يعانون من مشاكل صحية (5.1%). ثم على مستوى التوزيع الجهوي والمحلي، يقدم بحث المندوبية السامية للتخطيط مؤشرات مفيدة لتحديد وتنفيذ السياسات الجهوية والمحلية في هذا المجال. ولذلك يمكننا أن نتساءل حول مدى أهمية دراسة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الجديدة وقيمتها المضافة مقارنة بما هو موجود؟
في الواقع، هذه الدراسة، المنبثقة عن هيئة دستورية مكونة من ممثلين عن العمال وأرباب العمل والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية، تجد أهميتها في كونها جاءت لتحريك المياه الراكدة من جهة، وتقديم مقترحات لإدماج اجتماعي واقتصادي لهذه الشريحة من السكان من جهة أخرى.
دعونا نذكر، لطمأنة رئيس الحكومة الذي يبدو أنه غير راض ومنزعج بتقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والذي تزامن مع النقاش البرلماني حول الحصيلة الحكومية في منتصف ولايتها، بأن « شباب لا يشتغلون وليسوا بالمدرسة ولا يتابعون أي تكوين » لا تشكل ظاهرة خاصة بالمغرب وليست نتاجا لتوجهات الحكومة الحالية. نحن لا نلوم الحكومة على إنجابها لهذه الفئة، لكننا نلومها على عدم إعطاء كل الاهتمام اللازم لمشكلة مجتمعية قد تنفجر في أي لحظة.
في الواقع، فإن وضع فئة « شباب لا يشتغلون وليسوا بالمدرسة ولا يتابعون أي تكوين »، وهي ترجمة للعبارة الإنجليزية « Not in Education, Employment or Training » (NEET يهم واحد من كل أربعة شباب في الفئة المتراوحة أعمارهم ما بين 15 و24 سنة. وهو ما يمثل إجمالي 1.502 مليون شاب في سنة 2022. وعلى مدار ما يقرب من عقد من الزمن، انخفض معدل فئة « شباب لا يشتغلون وليسوا بالمدرسة ولا يتابعون أي تكوين » ضمن مجموع الشباب من 29% إلى 25.2%، مما يعكس انخفاضًا قدره 4 نقاط. ومع ذلك، على الرغم من أن هذا المعدل أقل من المتوسط في البلدان ذات الدخل المتوسط الأدنى (28٪)، فإنه لا يزال أعلى من المتوسط في البلدان ذات الدخل المتوسط الأعلى (19.6٪) وبلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية(14.8٪).
الخصائص الرئيسية لفئة « NEET » هي: التأنيث (ما يقرب من ثلاثة أرباع من الفتيات الصغيرات أو النساء المتزوجات في وقت مبكر). انخفاض مستوى التعليم (حوالي 40% منهم لديهم تعليم ضعيف أو أقل من سلك الاعدادي، و8% فقط لديهم مستوى عالي). الاستدامة (الشاب الذي ينضم إلى فئة « NEET » يظل فيها لفترة طويلة، وخاصة في المناطق القروية).
بشكل عام، تقتصر مشكلة هذه الظاهرة على إشكالية العالم القروي (مع الهدر المدرسي) وإدماج المرأة المغربية في النشاط الاقتصادي. وإذا كانت الحكومات المتعاقبة، الحالية والتي سبقتها، لم تتمكن من تحسين معدل النشاط لدى النساء، ذلك لأنهم لم يأخذوا هذه البيانات الهيكلية بعين الاعتبار الكافي لمعالجة الموضوع بتصميم ومتابعة. على هذا النحو، بدلاً من تجاهلها بحجة أنها «صعبة التطبيق»، من المهم مراعاة مقترحات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي التي لها ميزة إثراء النقاش. إن تغيير المسار هو بحكم طبيعته عمل شاق وصعب، ونادرًا ما يكون الطريق المؤدي إليه بدون مزالق.
ولنعترف بأن الحكومة الحالية كانت لديها الشجاعة لتضع لنفسها هدف زيادة معدل النشاط لدى النساء إلى 30% في نهاية الولاية (2026) بدلاً من 20% في سنة 2021. ولكن حدث العكس: حيث انخفض المعدل إلى 19% في سنة 2023. وسبب هذا النكوص واضح: لقد وضعنا هدفا جديرا بالثناء وجذابا دون التفكير في وسائل تحقيقه. ولحسن الحظ، لم يفت الأوان أبدًا لتصحيح الوضع، وذلك باستلهام العمل الذي قام به المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي قدم خمسة مقترحات: تعزيز قدرات تحديد ورصد الشباب الذين لا يشتغلون وليسوا بالمدرسة ولا يتابعون أي تكوين، وتنفيذ التدابير الوقائية لمنع فئات جديدة من الشباب من أن يجدوا أنفسهم في وضع NEET، وإنشاء نظام بيئي موسع لاستقبال وتوجيه الشباب المعني نحو خيارات شخصية تلبي احتياجاتهم الخاصة، وتحسين نوعية وفعالية خدمات وبرامج إدماج هؤلاء الشباب، وتحديد إطار واضح للحكامة. تستحق هذه المقترحات مزيدا من الدراسة والإثراء.
ومع ذلك، كان ينبغي على المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن يربط بين مقترحاته وما هو موجود بالفعل، وذلك لخلق التكامل واختصار وقت الإنجاز. لقد أظهرت التجربة أنه في بعض القضايا، يكفي إجراء تعديل بسيط لتحقيق نتائج ملموسة.
في جميع الحالات، نحن لاننطلق من العدم: هناك سياسات تتطلب المراجعة والتصحيح، وهناك هياكل وبنيات (ترجمه للعربية عبد العزيز بودرة).
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: المجلس الاقتصادی والاجتماعی والبیئی المندوبیة السامیة للتخطیط
إقرأ أيضاً:
حظر وسائل التواصل الاجتماعي يهدد وعي شباب أستراليا بالأخبار والسياسة
قال الصحفي الأسترالي ليو بوجليسي، إن حظر وسائل التواصل الاجتماعي لمن هم دون سن 16 عاما في أستراليا سيجعل الشباب في جهل تام بالأخبار والسياسة، كما سيحرمهم من متابعة برامجهم المفضلة.
وأصبحت أستراليا أول دولة تحظر دخول الأطفال دون سن 16 عاما على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصدرت أوامر لـ10 من أكبر المنصات الرقمية بحظر دخولهم ابتداء من اليوم الأربعاء، أو مواجهة غرامات مالية تصل إلى 33 مليون دولار بموجب القانون الجديد.
وقال رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز، إن الهدف من الحظر يتمثل في دعم الشباب وتخفيف الضغط الناجم عن التعرض المتواصل للبث والخوارزميات، وأضاف مخاطبا الشباب "استفد إلى أقصى حد من العطلات المدرسية المقبلة، فبدلا من أن تقضيها في تصفح هاتفك، ابدأ رياضة جديدة، تعلم آلة موسيقية جديدة، اقرأ ذلك الكتاب الموجود على الرف منذ فترة، والأهم من ذلك، اقض وقتا ممتعا مع أصدقائك وعائلتك وجها لوجه".
Australian Prime Minister Anthony Albanese seemingly explaining why the government believes it is actually your child’s parent. pic.twitter.com/5V9gGzNIzi
— ZeeeMediaOfficial (@zeeemedia) December 9, 2025
وأشار بوجليسي في مقال نشرته صحيفة غارديان البريطانية إلى أن ما لم يُناقش كثيرا هو تأثير الحظر على وصول الشباب إلى الأخبار والمعلومات، في عالم يتطور باستمرار، حيث يتصفح الناس من جميع الأعمار والخلفيات الإنترنت للبقاء على اطلاع.
وقال إن المخاوف التي أثيرت بشأن الحظر منذ طرحه لأول مرة كفكرة العام الماضي، تمثل بعضها بالخصوصية، وعدم التشاور مع الشباب، والتأثير السلبي المحتمل على المراهقين، وعدم وجود استثناءات للآباء.
وأكد الكاتب أن الطريقة التي يحصل بها الشباب على المعلومات هي في الغالب أثناء تصفحهم منصتي إنستغرام وتيك توك، مؤكدا أنهم يستهلكون الأخبار عبر مقاطع الفيديو القصيرة، رغم تأثيراتها السلبية المحتملة في عصر المعلومات المضللة والتضليل، خاصة مع الارتفاع السريع في المحتوى المولّد بالذكاء الاصطناعي.
إعلانوأوضح أن من الأخبار التي يشاهدها الناس عموما على المنصات الرقمية هي الأخبار السياسية، مضيفا "لا أشك في أن معظم الشباب يرغبون في متابعة الأخبار السياسية يوميا".
واستحضر بوجليسي تجربته باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لأول مرة حين كان مراهقا، مشيرا إلى أن السياسة الأسترالية كانت أحد أقوى اهتماماته الشخصية، ومكنته من التحدث مع شباب آخرين عنها، وتكوين صداقات وعلاقات مميزة مع ذوي خبرة في المجال.
وخلص "من المهم للغاية أن يظل الشباب على اطلاع على السياسة المحلية، وسواء كان ذلك جيدا أم سيئا، غالبا ما يبدأ بوسائل التواصل الاجتماعي".
ولفت الكاتب الذي يدير موقع الإخبار "6 News Australia" إلى الانتخابات الفدرالية الأسترالية لهذا العام، حيث كان الناخبون من جيل "زد" مستهدفين أكثر من أي وقت مضى على منصات التواصل الاجتماعي، متوقعا استمرار الحال ذاته في الانتخابات المقبلة.
وشدد "يجب أن يتمكن الشباب من المشاركة في القضايا التي تهمهم أكثر عبر الإنترنت بطريقة آمنة وذات مغزى، بدلا من عزلهم عن المنصات التي تقدم هذه المعلومات".
وفي الوقت الذي يدخل فيه هذا الحظر حيز التنفيذ، تدور مناقشات في أستراليا عن خفض سن التصويت إلى 16 عاما، ويعلق الكاتب "تخيلوا موقفا يُحظر فيه على مراهق أن يكون له حساب على يوتيوب في يوم ما، ثم يصبح قادرا على التصويت في اليوم التالي".
ونبّه بوجليسي في اختتام مقاله إلى خطر تحكم الحكومة بأولويات الشباب واهتماماتهم، مجددا التأكيد على حق الشباب بالوصول إلى الأخبار على المنصات التي يستخدمونها -رغم بعض مساوئها- لا أن تُفرض عليهم قيود شاملة.