عصر جيميناي.. أهم ما أعلنت عنه غوغل في مؤتمر المطورين آي/ أو 2024
تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT
استمرارا لصراع الذكاء الاصطناعي الحالي، ركزت غوغل في مؤتمرها للمطورين "آي/ أو" لعام 2024 على أحدث مميزات نموذجها للذكاء الاصطناعي التوليدي "جيميناي".
واختتم سوندار بيتشاي، الرئيس التنفيذي لغوغل، الكلمة الافتتاحية بأنه "ذكر كلمة الذكاء الاصطناعي في أثناء حديثه على مدار الحدث 121 مرة"، وهو ما يؤكد أهمية هذا المجال وتحديثاته وتطوراته بالنسبة للشركة العملاقة.
أعلن بيتشاي أن نسخة "جيميناي 1.5 برو" ستضيف إطارا أوسع للسياق يصل إلى 2 مليون "توكين" (Token)، وهي كمية المعلومات التي يمكن لنموذج الذكاء الاصطناعي فهمها، بينما تملك النسخة الحالية مليون توكين.
أضافت غوغل مجموعة من الميزات الجديدة إلى نموذج "جيميناي" للذكاء الاصطناعي، ومن أقوى تلك الميزات خيار التخصيص المسمى "جيمز" (Gems)، الذي يتيح للمستخدمين إنشاء نسخ مخصصة من النموذج بشخصيات مختلفة.
يتيح "جيمز" إنشاء نسخ من روبوتات المحادثة التي يمكنها المساعدة في مهام معينة والاحتفاظ بخصائص محددة، وهو يشبه إلى حد ما إنشاء الروبوتات المخصصة في موقع "كاراكتر إيه آي" (Character.AI)، وهي الخدمة التي تتيح التحدث إلى نسخ افتراضية من الشخصيات العامة والمشاهير أو حتى طبيب نفسي افتراضي.
تبدو تلك الميزة مشابهة لمتجر "جي بي تي" الخاص بشركة أوبن إيه آي الذي يتيح إنشاء نسخ روبوتات محادثة مخصصة من "شات جي بي تي".
كما سيحصل مساعد الذكاء الاصطناعي "جيميناي" على إمكانات المحادثة الصوتية الجديدة لمشتركي خدمة "جيميناي أدفانست" خلال هذا العام.
ستتيح هذه الميزة، التي تحمل اسم "جيميناي لايف" (Gemini Live)، إمكانية إجراء محادثة بالكلام مع روبوت المحادثة، بالإضافة إلى منحه قدرات المساعد الذكي ومميزات الرؤية، وهو ما يشبه كثيرا ما أعلنت عنه "أوبن إيه آي" لنموذجها الجديد "جي بي تي-4 أو".
وتذكر غوغل أن المساعد الذكي سيتكيف مع أنماط كلام المستخدمين، وسيوفر ردودا موجزة ومختصرة أكثر من الردود النصية الطويلة التي عادة ما يقدمها.
وستوفر هذه الميزة 10 خيارات صوتية، كما تقول الشركة إن الميزة ستكون قادرة على استخدام كاميرات الهواتف الذكية لرؤية وتفسير مقاطع الفيديو في الوقت الفعلي.
ويمكن استخدامها أيضا في تنفيذ مهام المساعد الرقمي، مثل تحديث التقويم الشخصي، عبر الاستعانة بمعلومات من منشور لحفل موسيقي التقط المستخدم صورة له على سبيل المثال.
كما ذكرت الشركة أن بإمكانه أيضا البحث في حسابات المستخدمين في بريد "جيميل" (Gmail) لجمع معلومات خطة السفر مثل مسارات الرحلات الجوية أو البحث عن بعض المعلومات مثل عناوين المطاعم القريبة من الفندق.
كما أعلنت غوغل أنها تعمل على تحديث نموذج "جيميناي" على نظام أندرويد لتتيح للذكاء الاصطناعي الاستفادة مما يظهر على شاشة الهاتف بصورة أفضل.
مثلا، إذا حدد المستخدم "جيميناي" مساعدا رقميا افتراضيا على هاتف بنظام أندرويد، فيمكنه تلخيص أو الإجابة عن أسئلة حول صفحة الويب التي يتصفحها أو لقطة شاشة يفتحها أمامه. قريبا، سيتمكن أيضا من معرفة إذا كان هناك مقطع فيديو على الشاشة وسيطلب من المستخدم طرح أسئلة حول هذا المقطع.
يستخدم النموذج الكلمات النصية التلقائية للفيديو لإيجاد الإجابات، وهو أمر يمكنك الحصول عليه فعلا بطرق أخرى.
منذ عام وفي نسخة المؤتمر 2023، ذكرت غوغل أنها ترى الذكاء الاصطناعي مستقبل البحث على الإنترنت. وفي نسخة هذا العام، بدأت الرؤية تتضح أكثر، إذ ستبدأ غوغل في طرح "ملخصات الذكاء الاصطناعي" (AI Overviews)، التي كانت تُعرف سابقا باسم "تجربة البحث التوليدية" (SGE)، للمستخدمين في الولايات المتحدة وقريبا في جميع أنحاء العالم.
في المستقبل القريب، سيشاهد المليارات من مستخدمي غوغل ملخصا مولدا بالذكاء الاصطناعي في أعلى صفحة نتائج البحث، وربما تكون هذه هي البداية لكيفية تغيير الذكاء الاصطناعي لتجربة البحث على محرك غوغل.
وفي المؤتمر، عرضت غوغل نسخة أولية لما تأمل الشركة أن يصبح المساعد الشخصي الشامل، وأطلقت عليه "مشروع أسترا" (Project Astra)، وهو مساعد ذكي متعدد الوسائط يعمل بالذكاء الاصطناعي في الوقت الفعلي وتمكنه رؤية العالم ومعرفة أماكن الأشياء وأين تركتها، كما تمكنه الإجابة عن الأسئلة أو مساعدتك في القيام بأي شيء تقريبا، وهو نوع من وكلاء الذكاء الاصطناعي (AI Agents)، وهي روبوتات لا تكتفي بالردود على الأسئلة لكنها تنفذ المهام المختلفة نيابة عن المستخدم.
كما أعلنت الشركة عن نموذج جديد، يسمى "جيميناي 1.5 فلاش" (Gemini 1.5 Flash)، مصمم لكي يعمل بسرعة أكبر للمهام العامة، مثل تلخيص المحتوى والتعليق على مقاطع الفيديو. بجانب نموذج جديد آخر يسمى "فيو" (Veo)، يستطيع توليد مقطع فيديو من توجيه نصي من المستخدم.
أما بالنسبة لنموذج "جيميناي نانو"، وهو النموذج المصمم ليُستخدم داخليا على الأجهزة كالهاتف الذكي وجهاز الحاسب الشخصي، فمن المفترض أن يصبح أسرع من السابق أيضا.
وستضيف الشركة هذا الإصدار الخفيف من "جيميناي" إلى متصفحها كروم على أجهزة الحاسوب، إذ سيستفيد من الذكاء الاصطناعي على الجهاز لمساعدة المستخدم في إنشاء نصوص لمنشورات وسائل التواصل الاجتماعي ومراجعات المنتجات وغيرها من داخل متصفح كروم مباشرة.
أعلنت الشركة في مؤتمر المطورين أنها ستوفر نموذجها الأحدث "جيميناي 1.5 برو" في الشريط الجانبي لتطبيقات مستندات غوغل وجداول البيانات والعروض التقديمية وخدمة "جيميل". سيكون المساعد الرقمي نفسه في كل هذه التطبيقات، والأهم أنه سيعرف كل ما حفظه المستخدم في أي مكان. وتهدف هذه الفكرة إلى استخدام "جيميناي" لربط كافة تطبيقات العمل "وركسبيس" بسلاسة أكبر.
كما سيحصل تطبيق جيميل على الهواتف الذكية على نسخة من المساعد الرقمي "جيميناي"، بداية من الشهر القادم، لمشتركي خدمة "وركسبيس" وخدمة "إيه آي بريميوم" ضمن اشتراك "غوغل وان"، وتشير الشركة إلى أن بإمكان المستخدمين طرح أسئلة على النموذج حول رسائل البريد الإلكتروني أو أن يكتب ردودا بناء على سياق تلك الرسائل.
وبينما تتمتع خدمة "صور غوغل" بقدرات بحث مميزة، فإن غوغل ستستعين بروبوت "جيميناي" للارتقاء بهذه القدرات إلى المستوى الأعلى، عبر إضافة ميزة "اسأل الصور" "Ask Photos"، وهي ميزة جديدة قادمة بحلول هذا الصيف للتطبيق ستجعله أكثر ذكاء عندما يتعلق الأمر بفهم ما يبحث عنه المستخدم، وذلك عبر استخدام الذكاء الاصطناعي للربط بين العناصر للحصول على نتائج أكثر تعقيدا.
كما تتيح ميزة جديدة في خدمة "غوغل لينس" (Google Lens) إمكانية البحث في شبكة الإنترنت عن طريق تصوير فيديو بكاميرا الهاتف وطرح سؤال على النموذج ليبحث عن إجابة على الإنترنت. ويعود الفضل في هذا الأمر إلى إطار السياق الكبير الذي يتمتع به نموذج "جيميناي"، مما يعني أن بإمكانه الوصول إلى كم هائل من المعلومات في وقت واحد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الذکاء الاصطناعی ما أعلنت غوغل أن إیه آی
إقرأ أيضاً:
هل تنفجر معدلات النمو الاقتصادي في زمن الذكاء الاصطناعي؟
منذ آلاف السنين، لم يكن النمو الاقتصادي العالمي سوى زحف بطيء يُلاحظ بالكاد. فحتى عام 1700، لم يتجاوز متوسط نمو الناتج العالمي نسبة 0.1% سنويًا، أي ما يعني أن الاقتصاد كان يحتاج نحو ألف عام ليتضاعف، لكن الثورة الصناعية غيّرت ذلك المسار، وتوالت القفزات في معدلات النمو حتى بلغ متوسطه 2.8% في القرن العشرين.
واليوم، يقف العالم أمام وعود جديدة -وربما مخيفة- بانفجار اقتصادي يفوق كل ما عرفه التاريخ، مدفوعًا بما يُعرف بالذكاء الاصطناعي العام، وفقًا لتقرير موسّع نشرته مجلة إيكونوميست.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إسبانيا تعلّق شراء صواريخ إسرائيلية بـ327 مليون دولارlist 2 of 2الذكاء الاصطناعي لتحديد قيمة للعقارات في تركياend of list نمو سنوي يصل إلى 30%؟وفقًا لمتفائلين من أمثال سام ألتمان، المدير التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي"، فإن الذكاء الاصطناعي قادر في المستقبل القريب على أداء معظم المهام المكتبية بكفاءة أعلى من البشر.
هؤلاء يرون أن النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي العالمي قد يقفز إلى ما بين 20% و30%، وهي نسب غير مسبوقة تاريخيًا، لكنها من وجهة نظرهم ليست أكثر جنونًا من فكرة "النمو الاقتصادي" التي كانت نفسها مرفوضة في معظم تاريخ البشرية.
ومع تسارع تطور نماذج الذكاء الاصطناعي، لم يعد التهديد الأكبر يكمن فقط في إحلالها مكان العاملين، بل في احتمال أن تقود انفجارًا إنتاجيًا شاملًا، يبدّل ليس فقط سوق العمل، بل أسواق السلع والخدمات والأصول المالية أيضًا.
من نمو السكان إلى نمو الأفكار.. والآن نمو الآلاتويعتمد جوهر نظرية النمو الكلاسيكية على زيادة السكان، التي كانت تسمح بإنتاج أكبر، لكن دون تحسن جوهري في مستوى المعيشة. ومع الثورة الصناعية، تغير هذا النمط، حيث أظهرت الأفكار -لا الأجساد- أنها قادرة على توليد الثروة، وفق ما أوضحه الاقتصادي مالتوس ثم دحضه الواقع لاحقًا.
وبحسب ما نقله التقرير عن "أنسون هو" من مركز "إيبوخ إيه آي"، فإن الذكاء الاصطناعي العام قد يحقق قفزة شبيهة، حيث لا تعود الإنتاجية مرتبطة بزيادة السكان، بل بسرعة تحسين التقنية ذاتها. فحين تصبح الآلات قادرة على تطوير نفسها ومضاعفة قدراتها، فإن النمو يصبح نظريًا غير محدود.
لكن بعض الباحثين -مثل فيليب تراميل وأنتون كورينيك -يشيرون إلى أن أتمتة الإنتاج وحدها لا تكفي لإحداث نمو متسارع ما لم تُستخدم لتسريع الابتكار ذاته، وهو ما قد يُحقق عبر مختبرات ذكاء اصطناعي مؤتمتة بالكامل بحلول 2027، وفقًا لتوقعات "إيه آي فيوتشرز بروجكت".
إعلان الانفجار الاستثماري ومفارقة الفائدة المرتفعةوإذا صدقت هذه النماذج، فإن العالم سيشهد طلبًا هائلًا على رأس المال للاستثمار في الطاقة، ومراكز البيانات، والبنية التحتية. فمشروع "ستارغيت" من أوبن إيه آي الذي يُقدّر بـ500 مليار دولار، قد يُعتبر مجرد بداية.
ووفقًا لنموذج "إيبوك إيه آي"، فإن الاستثمار الأمثل في الذكاء الاصطناعي لعام 2025 وحده يجب أن يبلغ 25 تريليون دولار.
لكن هذه الوتيرة ستؤدي أيضًا إلى ارتفاع كبير في أسعار الفائدة الحقيقية. فمع توقع ارتفاع الدخول المستقبلية، قد يفضّل الأفراد الإنفاق بدل الادخار، مما يتطلب رفع العوائد على الادخار لجذب الأموال مجددًا. وهذا ما أشار إليه الاقتصادي فرانك رامزي منذ أوائل القرن العشرين، وأكدته النماذج الحديثة التي حللها التقرير.
وفي ظل هذه الديناميكيات، تبقى الآثار على أسعار الأصول غير محسومة. فرغم النمو السريع في أرباح الشركات، فإن ارتفاع أسعار الفائدة قد يقلل من القيمة الحالية للتدفقات النقدية المستقبلية، مما يخلق صراعًا بين عاملَي النمو والعائد.
أين يقف العامل البشري في كل ذلك؟لكن ماذا عن العمال؟ وهنا، يبرز التحدي الحقيقي، فالذكاء الاصطناعي قد يجعل من التوظيف البشري خيارًا ثانويًا، إذ تضعف الحاجة للعمالة إذا باتت الآلة أرخص وأكثر كفاءة. ومع تقدم التقنية، تنخفض كلفة تشغيل الذكاء الاصطناعي، مما يُضعف الحد الأعلى للأجور التي يمكن دفعها للبشر.
وبحسب دراسة ويليام نوردهاوس الحائز جائزة نوبل، فإن جميع العوائد ستتجه في النهاية إلى مالكي رأس المال، وليس إلى العمال. لذا، فإن من لا يمتلك أصولًا رأسمالية -شركات، أرضا، بيانات، بنية تحتية- سيكون في وضع هش، اقتصاديًا.
رغم ذلك، لا يعني هذا أن الجميع سيخسر. إذ من الممكن أن تنشأ "أمراض باومول المعكوسة" -وهي ظاهرة اقتصادية تشير إلى ارتفاع أجور الأعمال التي يصعب أتمتتها، رغم بطء نمو إنتاجيتها-، حيث ترتفع أجور الأعمال التي يصعب أتمتتها، مثل التعليم، الطهي، ورعاية الأطفال، فقط لأنها تتطلب تفاعلًا بشريًا لا يمكن تعويضه بالكامل.
لكن بالمقابل، فإن أي شخص ينتقل من وظيفة مكتبية تقليدية إلى قطاع يدوي مكثف بالعمل قد يجد أن قوته الشرائية تنخفض، رغم ارتفاع أجره، لأن كلفة هذه الخدمات سترتفع أكثر من أسعار السلع المؤتمتة بالكامل.
هل يتحرك العالم فعلًا نحو "التفرّد الاقتصادي"؟"التفرّد" -أو لحظة التحول حين تصبح المعلومات تُنتج المعلومات بلا قيود مادية- يبقى مفهومًا جدليًا، لكنه، بحسب نوردهاوس، يمثل الحد النظري النهائي لمسار الذكاء الاصطناعي.
وبعض الاقتصاديين يرون هذا المفهوم دليلا على أن النماذج نفسها ستثبت خطأها، لأن اللانهاية في النمو مستحيلة نظريًا. لكن الوصول إلى مجرد نمو بنسبة 20% سنويًا، وفقًا لإيبوك إيه آي، سيكون حدثًا مفصليًا غير مسبوق في تاريخ البشرية.
مع ذلك، تشير المجلة إلى أن الأسواق لم تُسعّر بعد هذا السيناريو بالكامل. فعلى الرغم من تقييمات التكنولوجيا المرتفعة، فإن عوائد السندات تنخفض غالبًا عقب الإعلان عن نماذج ذكاء اصطناعي جديدة، كما وجدت دراسة لباحثين من معهد ماساتشوستس. بكلمات أوضح: وادي السيليكون لم يُقنع العالم بعد.
إعلان ماذا على الأفراد فعله إذا وقع الانفجار؟التوصية التي تتكرر في جميع النماذج بسيطة، امتلك رأس المال. ومع ذلك، يبقى من الصعب تحديد أي نوع من الأصول هو الأفضل. الأسهم؟ الأراضي؟ النقد؟ كلها تواجه مفارقات في ظل مزيج من الفائدة المرتفعة، والتضخم المحتمل، والانفجار الاستثماري.
وفي ختام التقرير، تستحضر إيكونوميست قول روبرت لوكاس، أحد أبرز منظّري النمو: "بمجرد أن تبدأ في التفكير في آثار النمو على الرفاه البشري، يصعب التفكير في أي شيء آخر". ومع الذكاء الاصطناعي العام، تضاعف هذا الشعور، وازداد إلحاحه.